الاثنين 01 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
د/عبدالله أبو الغيث
أربعة أشهر على حرب اليمن.. هل من سلام يلوح في الأفق؟
الساعة 20:12
د/عبدالله أبو الغيث

   بعد أسبوع من اليوم ستكمل حرب اليمن عدة أربعة أشهر منذ انطلاق أول غارة لطيران عاصفة الحزم، ونحن عندما نتحدث عن حرب اليمن إنما نقصدها بشقيها الخارجي والداخلي: الخارجي متمثلاً بالهجمات التي ينفذها التحالف العربي ضد حلف الحوثي وعفاش، والداخلي الذي ينفذه الحلف الحوثي العفاشي ضد بعض المحافظات اليمنية مثل عدن وتعز ومأرب وغيرها من المحافظات الأخرى.

   ودعونا نعترف بأن طرفي الحرب قد تجاوزوا في حربهم كل الخطوط الحمراء والمعايير الأخلاقية، وصاروا يتعاملون وفقاً لشعار (الغاية تبرر الوسيلة) وذلك بعد أن أمّن كل طرف كبار قادته والمناصرين له؛ سواء بتسفيرهم خارج اليمن، أو بدخولهم في تحصينات حصينة تحت الأرض، وصار معظم ضحايا هذه الحرب القذرة إن لم يكن كلهم من المواطنين البسطاء؛ سواء كانوا من المغرر بهم المشاركين فيها، أو من أولئك الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

   ومن يشاهد الدمار الذي صارت عليه مدن مثل عدن وتعز وصعدة، إلى جانب التدمير الذي لحق بالبنية التحتية – على ضعف ما كان موجود منها - في طول اليمن وعرضها على يد طرفي الحرب سيدرك بأن اليمن لم تعد إلى ما كانت عليه قبل ثورة سبتمبر الجمهورية 1962م كما كان يهدد البعض، لكنها قد عادت كما استلمها الإمام يحيى إثر الحرب العالمية الأولى من الأتراك.

   ويكاد ينفلق رأسك وأنت تسمع دول التحالف العربي والقوى اليمنية المؤازرة لها تتحدث عن إعادة الإعمار، من غير ان يقولوا لنا كيف سيتم ذلك؟ وكم سيستغرق؟ وما الثمن الذي سيتحتم على اليمن تقديمه؟ خصوصاً ونحن نشاهدهم وقد عجزوا عن إغاثة عشرات الآلاف من اللاجئين في جيبوتي ومعهم آلاف العالقين في بعض العواصم العالمية.

   وينفلق رأسك أكثر وأنت تسمع قادة الحلف الحوثي العافشي يتحدثون بأن الحرب لم تؤثر عليهم بعد! وأنها لم تزدهم إلا قوة وشعبية! وتكاد تصرخ في وجه أحدهم متسائلاً ما هو معيار التأثير والتأثر بالنسبة لهم؟ فإن كان الوطن هو معيارهم فقد صار كومة من خراب بمنشآته العسكرية والمدنية والتاريخية، وإن كان المعيار في نظرهم يتمثل ببقاء قادتهم على قيد الحياة.. فتباً له من معيار.

   ثم تجد بعد كل هذه المدة التي مرت على الحرب وكل الخراب الذي أحدثته بأن الأمم المتحدة ومعها بعض قادة الدول الكبرى والصغرى يخرجون ليطالبوا بهدنة تتوقف خلالها الحرب، بدلاً من مطالبتهم بإنهاء هذه الحرب القذرة والبشعة، وكأنهم فقط يريدون لأطراف الحرب أن تلتقط أنفاسها، وتعيد ترتيب أورقها، لتعود الحرب بصورة أكثر قوة ونشاطاً، فلعنة الله على هذه المنظمة ومجلس أمنها الذي تحول لمجلس يشعل الحروب ويديرها بدلاً من رفضها ووقفها.

   يا هؤلاء لا نريد هدن واستراحات فنحن لا نخوض مباراة في كرة القدم، لكننا نريد قرارات شجاعة وحازمة توقف هذه الحرب بكل دمارها وخرابها، خصوصاً وقد صار في حكم المسلمات بأن أي من الطرفين لن يكون بمقدوره حسم الحرب لصالحه مهما طالت الحرب، وذلك ما سيجعلهم يدركون بأنهم يوماً ما سيجلسون على طاولة يتصافحون بعد أن يوقعوا اتفاقية سلام بينهم، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يتم ذلك الآن وفي الحال؟ أم أن دراكولات هذه الحرب لم يرتووا من الدماء بعد.

   القوى المحلية صارت تعرف بأنه لا يمكن لأي منها إزاحة من تعتقدهم خصوماً لها، والحل إذاُ يكون بالتعامل مع شراكة وطنية صادقة وكاملة فلسنا بدعة بين الشعوب والأمم. أما القوى الإقليمية الرئيسية التي تتحكم بأوراق هذه الحرب فنعتقد أنها قد حققت أهم أهدافها من الحرب، فإيران تمكنت أخيراً من توقيع اتفاقها النووي مع القوى الكبرى بعد أن أقنعتها بأنها تتحكم بأهم الملفات في الشرق الأوسط؛ بما فيها الملف اليمني، وصار من مصلحتها إيقاف الجوانب العسكرية لهذا الملف وتحويل أوراقها صوب جوانب أخرى خصوصاً بعد الطفرة الاقتصادية التي من المتوقع أن تشهدها الدولة الإيرانية.

   والسعودية تمكنت عن طريق حرب اليمن من تمرير قرارات مصيرية فيما يخص شؤونها الداخلية، مع تدميرها للأسلحة التي كانت تخشى وجودها في يد جيرانها اليمنيين، إلى جانب تقديمها لرسالة للقوى الإقليمية والدولية بأنها ليست ذلك الحمل الوديع الذي يمكن التحكم بمصيره من قبل هذا الطراف أو ذاك، وصار من مصلحتها أيضاً وقف حربها في اليمن، لأن استمرارها أكثر من ذلك سيكون له عواقبه الاقتصادية عليها والتي لم تعد تخفى على أحد، إلى جانب أن هذه الحرب ستشغلها عن التعامل مع ملفات أخطر، على رأسها داعش.

 أما القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة فنحن نتمنى عليها أن تكشف أوراقها عالمكشوف فيما يخص استراتيجياتها على الساحة اليمنية، لنعرف كيف يمكن لليمنيين التعامل معها، بدلاً من سياستها الحالية القائمة على أساس اللعب على الحبلين بطريقة انتهازية تثير التقزز.

   سؤال نختتم به المقال: ترى ما الذي تبقى أمام القوى المحلية والإقليمية والدولية لتنهي حربها القذرة في اليمن؟ وهل يمكن لها أن تفكر بالأمر بصورة أخلاقية حتى لوقت قصير توقف خلالها هذه الحرب وتوقع اتفاقية سلام؟ حتى لو عادت مرة أخرى لممارسة قذاراتها من باب السياسة والاقتصاد!!
   اللهم إني لا أملك إلا قلمي .. اللهم فبلغ عني.

 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24