الاربعاء 03 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
وحدة قياس الوطنية
الساعة 17:16
أحمد طارش خرصان

لم تصل به القافلة صوب الوجهة التي كان يتوق لأن يتخفف فيها من أوجاعه ، وكعاشق لم يستسلم لوهن الإخفاقات ، راح يرسم معالم أحلامنا من على دراجته النارية كمناضل نزيه وشريف ، ويقاوم كلّ ما منْ شأنه النيل من مروياته الخضراء والندية عن الغد والقيم والعدالة والمواطنة في بلدٍ ، يبدو أنه أدار ظهره - لنا ولأحلامنا - مستسلماً لفوهات البنادق والقذائف القادمة من القرون السحيقة .

قفل راجعاً صوب صومعة الخلود ، كي يؤدي فيها طقوسه الأخيرة ، ويسرد مروياته عن الأحلام ... الخيبات .....الحماقات.... الثورة ... وبلدٍ ...، صار نهْباً للفوضى والخراب والدمار .

خمس سنوات منذُ التقيته في ساحة خليج الحرية - ربما - كانت كافيةً - برأيي - لأنْ يتوغل في مسامات إب وتفاصيلها العامرة باليباس ، والجافة تماما من الرجال الجديرين بمدينةٍ ، كان الربادي آخر فرسانها ومناضليها الحقيقيين .

من الصعب على إب أن تمارس طقوسها الحياتية ، وهي تعرف أثر الغياب المباغت الذي تركه النزيه جداً أحمد السريحي ، في ذاكرتها وتفاصيل مروياتها عن الشرف والنزاهة والإنتماء للوطن ، ولعلها وهي تحاول إلتقاط صدى صوته من على الطرقات والأزقة والشوارع ، تشعر بفداحة ما نالها جراء هذا الفقْد المفاجئ .

على دراجته النارية كان الراحل الجميل أحمد السريحي ، يوزع تفاؤله وآماله الواعدة على الكثيرين - وأنا منهم - كلما داهمنا الخوَر وأعجزنا الإنكسار ، ولكم كنت آنس بروحه المتمردة على قوالب الإستسلام والإنهزام ، والرفض لكل ما قد يدفعنا إلى الإنحناء لأمراض العصور المنقرضة ، إذْ كيف لمنْ نذر حياته للقيم والمثل العظيمة ، أن يرتضيَ لنفسه النهاية غير اللائقة ، ولعل ذلك هو ما دفع بالفقيد الراحل البسيط أحمد السريحي لأن يكون بوصلة التحدي وجدار الرفض الذي تكسرت عليه ، سيوف الجهل ورماح الإستعباد الخاسرة .

مات رفيقي البسيط أحمد السريحي القيادي النزيه في الثورة الشبابية عام 2011م ، والإشتراكي المتفجر ثورية ونضالاً كما يموت الموجوعون والحالمون بأنفة وسموٍ ، رافضاً - كعادته - استجداء الشفقة من أحد ، وظل وفياً لكل ما آمن به من مبادئ وقيم ومثل سامية ونظيفة.

مات أحمد السريحي - رحمه الله - غير أن إب ستهدي الفيزيائيين - إضافة إلى الديسيبل - وحدة قياس أخرى لشدة ودرجة الصوت هي السريحي ، وسيكون بنظر النزيهين جداً وحدة قياس نظيفة للوطنية والنضال الشريف.

......

خاطرة

.....

يموت كثيرون يا صاحبي

ويحيا كثيرون

لكنك الآن

أقوى من الموت

أنقى من الإلتصاق بهذي الحياة

المليئة بالسيئين

تموت....

وتُبقى الكثيرين - خلفكَ - ملتصقين بذيل الحياة الرخيص

وتبقى هناك.....

وحيداً .....

ودون مساحيق ثورية

قبلةً للحياة التي كنتها

بعدما عكرت صفونا كل هذي البنادق

يا صاحبي

فلتعش مثلما كنت تهوى

فإنّا ....

وهذي الحياةْ بين أيديَنا

لم نزَلْ ميّتيين ..

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24