الاثنين 01 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عماد زيد
الأنظمة العربية.. ديمقراطية أم ديكتاتورية!
الساعة 20:14
عماد زيد

"حكم الشعب نفسه بنفسه " هكذا تُعرف الديمقراطية، غير أننا نستشعر بأننا أمام شعار مبالغ فيه، من جوانب مختلفة أقلها إذا ما تطرقنا للخوض فيما يتعلق بنظريات الحكم.

وحتى لا نكون بمنأى عن الواقع، فإن لكثير من الشعارات أعمار معينة وبيئات مختلفة، فثمة شعارات لنظرية حكم معينة كالاشتراكية مثلاً.. ليس بإمكاننا ترديدها في دولة تمثل قلب الرأسمالية وهكذا.. فضلاً عن أن بعض الشعارات داخل النظرية نفسها قد تموت في بيئتها لانتهاء الأجل الذي تخلقت وبيئته الزمانية والمكانية.

نستطيع القول أن حكم الشعب نفسه بنفسه قد يبدوا في بعض الأحيان معنى مفرغ بالذات لتسيد قوى عظمى في صنع قرارات كثير من دول العالم الثالث.

ليبقى الحاكم العربي أحدى ألسنة تلك القوى بحيث تصبح الشعوب كجدران مقيدة في أماكنها، جدران لا تعدو عن كونها حوائط عديدة لارتداد أصوات الحاكم بما ُيملى عليه.

قد تطرأ أثناء كتابتك الآنية مقولة " الحكومات لا تعدوا عن كونها نتاج شعوب".
على اعتبار أن شخص الحاكم العربي يمتلك نفس القسمات الأثنوغرافية التي تمتلكها.
قد تجد نفسك مصمت لفترة وجيزة لأن المقولة فيها صوابية إلى حد معين.

غير أننا سنتكلم هنا عن الآليات التي أوصلتهم سدة الحكم، سنتكلم عن الممارسات الديمقراطية المعتبرة والتي من خلالها نحكم على نجاح العملية الديمقراطية من عدمها.
هناك علامات استفهام كثيرة تظل في ذهن القارئ العربي خصوصاً وأن طريقة وصول كثير من الحكام إلى كرسي الحكم مملوءة بجماجم الاستفهام.

لسنا مضطرين هنا التحدث عن الغياب التام للرقابة على تصرفات الحاكم العربي لغياب المؤسسية الحاكمة، بالذات إذا ما أدركنا أن هناك إله صغير له أمزجته ومن حوله السلطة الدينية تبارك قراراته وعلى أطراف مائدته بعض قوى معارضه تم خلقها بصورة بعيدة عن وعي الشعوب.
قد تجد نفسك مطرق التفكير عن حقيقة وجود ديمقراطيات عربية وثروة الحاكم تتجاوز ميزانيات دولته لسنوات عديدة.

والأشد نكاية للوعي أن حالة تقاعسية مؤكدة من قبل الحاكم لتحقيق حالة تقدمية.. لذا تجد أن ثمة عوامل كثيرة أمام تخلف الأنظمة العربية يقف في مقدمتها الحاكم العربي وحاشيته.
قد تجد ذاتك ملزم البحث عن حالة إنصاف للحاكم العربي، خصوصاً إذا ما طرأت على مخيلتك مقولة

"فاقد الشيء لا يعطيه". 
خاصة إذا ما نظرنا إلى أن العوامل المؤهلة للوصول إلى سدة الحكم في البلدان النامية لا تبتعد عن حكم العسكر أو العصبوية القبلية أو المناطقية أو التسلل إلى سدة الحكم من خلال أوضاع غير مستقرة لحقبة زمنية معينة مع عدم تغييب اليد الخفية وراء ذلك سواء كانت إقليمية أم خارجية.
وهذا يعني أن هناك إشكالية كبيرة لا تقتصر على كيفية الوصول إلى سدة الحكم، بل يجاورها جهل الحاكم وعدم تأهيله التأهيل الكافي لقيادة بلد.

فعندما يصل الحاكم إلى سدة الحكم بعقلية فئوية ضيقة فهناك إشكالية كبيرة ولكم في الانقلاب الأخير في اليمن عبرةً، كيف أن العصبية المناطقية جعلت قوى الانقلاب تحارب الداخل تحت مسميات مختلفة وتحاصر أبناء جلدتها بغية تحقيق حالة رضوخ للحالة الطارئة، وهنا دلالة واضحة على ما تم التطرق إليه في بداية المقال من الزيف النسبي لمقولة حكم الشعب نفسه بنفسه، فها هو الشعب يرفض استمرار الحاكم السابق لكنه يعود بقوة النار والحديد متجاوزاً الإرادة الشعبية المعبرة عن رفضه.

مع ذلك لنا أن نوضح كيف أن بعض الحكام الذي دفع بهم الحظ إلى عرش الحكم لم ينالوا حظهم من التعليم وهذا يحتم غياب الإستراتيجية العصرية لديهم مما يبشر بمزيد من التأخر عن العجلة التقدمية.
السابق يجعلنا نخصف الخطى عائدين إلى ضرورة تأهيل المجتمع، إذا ما آمنا بمقولة (الحكومة نتاج مجتمع) عسانا نظفر بحاكم مؤهل لقيادة بلد تؤهله عوامل عديدة وتدفع به إلى واجهة البلد عملية ديمقراطية حقيقية ومسئولة.

غير أن الذاكرة تقرِئنا أن الحكام السابقين كان بإمكانهم الاستعانة بأصحاب الخبرات والكفاءات لبناء البلد في حالة عدم نيلهم قسط كافي من التعليم والتأهيل.
لتنبجس في هذه المساحة الكتابية العديد من التساؤلات..
لماذا لم يستعين الحاكم حينها بأصحاب التخصصات؟

لماذا يقف الولاء للحاكم وليس للوطن وراء عملية اختيار الشخص لمناصب قيادية؟
يجد المتلقي بأن الحاكم أمام هذه التساؤلات محاصر أخلاقياً وقيميّاً.
غير أن الحاكم يملك من الدفاعات ما يجعلنا محاصرين كشعب بأكمله.. الحاكم يمتلك في سبابته اليمني الفتوى، يمتلك في يديه المنابر وألسنتها، يمتلك الإغراءات الكبيرة لجعل أشباه المثقفين كوافير تجميل لأبهته.

الحاكم العربي يمتلك الترهيب والترهيب.
الحاكم العربي يمتلك أشياء كثيرة بما فيها أحلامنا.
وإذا ما أخذنا التجربة الغربية كحالة مقارنة نجد أن ثمة مؤسسية للحكم في تلك البلدان.
ولنأخذ على سبيل التوضيح الديمقراطية الأمريكية.. سنرى بأن الرئيس القادم تروس صغير ضمن آلة ضخمة، سيكون أحد الموظفين في المؤسسة الرئاسية، بحيث يعجز عن أحداث حالة تغيير تمكّنك كمتابع من رؤية أمريكا بملامح أخرى فيما يتعلق ببنية النظام.
فمؤسسة الحكم تسير وفق إستراتيجية ثابتة، مرسومة بقراءات متأنية وشاملة من قبل مراكز أبحاث متخصصة في شتى مجالات الحكم.

سترى أن هناك مصالح أساسية ليس بإمكان المؤسسة الرئاسية سوى الحفاظ عليها وتعزيزها.
لتبقى الحالة التنافسية بين الأحزاب مقتصرة على ما تحمله برامجها من تحسين الاقتصاد الأمريكي تعزيز علاقاتها وحضورها العالمي، تحسين صورتها، تعزيز شبكة الضمان الاجتماعي، التامين الصحي، توفير فرص عمل، مزيد من التسهيلات لليد العاملة.

فضلاً عن تركيز المؤسسة الأمريكية الحاكمة عبر قنوات معينة على استقدام العقول من شتى بقاع الأرض، بعيداً عن معيارية الهوية أو الديانة أو المعتقد الفكري.. الخ 
كل همهم كيفية الاستفادة من قدرات هذا الشخص لخدمة البشرية في مجالات معينة وهكذا.. لذلك تجد أن الفلبيني أمريكي أن الهندي أمريكي أن اليمني أمريكي أن الصيني أمريكي ليس هناك حاجز عرقي أو ديني أو لون في حصولك على الجنسية الأمريكية.

فتوسيع دائرة الانتماء يجعل من المتواجد في الولايات المتحدة لا يشعر بالتمايز خصوصاً وقوانين البلد الذي يتواجد فيه تعطيه نفس الحماية والأمان النفسي والاجتماعي الذي يشعر به أبن البلد.
وهنا نرى في الجهة الأخرى كيف أن الأنظمة العربية تضع العديد من الحواجز للحصول على جنسية أخرى.. ولنا في المملكة السعودية مثال واضح ليس للوقوف على تلك الحواجز بل لحالة الامتهان لآدمية المتواجد فيها من بلدان مختلفة وازدواجية التعامل مع المواطن السعودي من غيره في الدوائر الحكومية وبشكل يبعث على التقزز. 

وبتوسيع النظرة نجد أن العالم ينحو إلى التكتل كالاتحاد الأوربي على سبيل المثال، خصوصاً وأننا في عصر الكوكبية أو الكسمبوليتيه أو العالمية غير أن النزعة الذاتية للدول العربية تجسد الصورة الطبيعية لواقعها الذي يذهب نحو مزيد من التشظي والتفكك إلى كانتونات يحكمها البعد المذهبي أو الطائفي أو السياسي أو ما قرب منهما.

ولا ننسى هنا أن ثمة قوى تعزز من تلك العزلة والانكفاء على الذات عن تحقيق الوحدة العربية أو التكامل تحت مسمى العالم الإسلامي.. لأسباب عديدة لا تكتفي بالسبب الرئيسي المتمثل بزرع إسرائيل ضمن النسيج الجغرافي للمنطقة بل يتحدر من ذلك جعل هذا النطاق الجغرافي منطقة استهلاكية لاقتصاديات الدول العظمى.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24