الثلاثاء 23 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
تيمة الماء في ديوان"فاتحة الشمس" للشاعرمحمد الشيخي - مصطفى لغتيري
الساعة 16:15 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


نكاية في العنوان المشتعل حد اللهب"فاتحة الشمس" وفي التضاد المؤسس على ثنائية الحرارة والبرودة، الذي انتظم قصائد الديوان من بدايته حتى نهايته معجما وتركيبا وصورة شعرية ، فإن الماء لا يعدم طريقة ليطفو على سطح القول الشعري في ديوان "فاتحة الشمس" للشاعر المغربي محمد الشيخي الصادر عن فضاءات مستقبلية عام 2015ضاما بين دفتيه عددا من القصائد، بلغت العشرة بالتمام والكمال، وقد التأمت في أربع وسبعين صفحة من الحجم المتوسط.
 

ولا شك أن المتأمل في هذا الديوان الجميل سيلمس أن روح القصائد امتداد للتجربة الشعرية للشاعر محمد الشيخي، التي تجاوزت عشرين عاما، إذا ما اعتبرنا صدور ديوان" حينما يتحول الحزن جمرا" الصادرعام 1983 انطلاقا لهذه التجربة، رغم أن هذا التاريخ يعد فقط إعلانا عن معانقة النور لبداية التجربة في كتاب، فيما أن النصوص المنشورة به تتوسم بتاريخ أعرق.
 

ولا أخفي أنني كلما أعدت قراءة هذا الديوان الجميل لاحظت أن الماء في القصائد معبر بوجوده القوي الذي يكتسح لغة الشاعر وصوره الشعرية ورؤياه،  وأول ما يسجل هذا الاكتساح الاللفظي والدلالي على معجم القصائد سواء بشكل مباشر عبر تسميته بشكل سافر، أو عبر التلميح له  أو توظيف بعض صفاته أو خصائصه أو وظائفه، يقول الشاعر في الصفحة 15:
 

تجبئين كالموج
ها أنذا أملأ الكأس
من زبد العمر
في البحر متسع للرحيل
قد لا تجيئين
في الأرض متكأ للحينن
والدمعة الشاردة.

 

في هذا المقطع الجميل من قصيدة "فاتحة الشمس"حضر الماء من خلال الموج والكأس والبحر والدمعة. وهو حضور كثيف في مقطع صغير يدل على أن ثيمة الماء  حاضرة بقوة في باقي قصائد الديوان حتى أن إحدى القصائد اتخذته لها عنوانا "وجه الماء" ، وفي هذه القصيدة يترقرق الماء سلسلا عذبا يصب مباشرة في وهاد الروح فيطفئ غلتها، يقول الشاعرفي الصفحة 50:
 

-    للصبح الذي
يمشي على تنهيدة الضوء
وجه الماء
وإذا كان المعجم ومع تركيب الجمل قد احتفى بالماء وتشكلاته اللفظية والدلالية، فإن الصور الشعرية، التي ترصع بها جميل القول، أوغلت في الافتتان به  جاعلة منه مدمكا أساسيا للمجاز في القصائد، يقول الشاعر في الصفة 51:
توهجي
يا ضحكة الدمع الذي
ينساب في غضب الشوارع.
وفي مكان آخر من نفس القصيدةفي الصفحة 52:
فافتح كتاب القلب
هل هيأت للعشق العنيد
سرير هذا الماء.

 

وإذا كان الشعرالحديث لا تقوم له قائمة دون رؤيا عميقة تسنده، فالشاعر محمد الشيخي لا يتعامل مع الماء كزخرف خارجي للقصائد بل كان توظيفه في القصائد عميقا في صلب رؤياه الشعرية، التي تجمع كباقي دواوينه السابقة ومنها ديوان "الأشجار" الصادر عام 1988 ما بين الحزن والحنين والرغبة الرومانسية العميقة في التغيير، يقول الشاعر في الصفحة 41:
لا تبتئس
إن هذا الشجر
سوف لا ينحني
ويضيف في نفس القصيدة من الصفحة 42:
سأخبئ في بؤبؤ العين
أنشودة الشمس
ذاكرة الورد
أجنحة الفجر.

 

ليختمها بأمل رومانسي يزهر في دم الشاعر كلما حط الربيع الرحال في الربوع، يقول الشاعر في الصفحة 66:
يا كمنجة ذاك الربيع
قطري في خريف دمي
وهرة العشق
أغنية السماء.
وتبقى هذه الوقفة المختزلة عند الديوان أبعد من أن تعطيه حقه، فهي – أولا واخيرا- ليست سوى دعوة لقراءة قصائد والاستحمام تحت رذاذه الناعم الشفاف صنف الحلم حذو النعل بالنعل، يقول الشاعرفي الصفة 24:
ما قد تبقى
يؤسسه الصمت
وافتنة النائمة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24