الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أجانب في صنعاء: سياح أم جواسيس؟!
الساعة 19:35 (الرأي برس - عربي )

أن تجد أشخاصاً يقولون إنهم سواح أجانب في مدينة يُقتل فيها مئات الناس وتكتظّ مشافيها بمئات الجرحى بسبب القصف الجوّي شبه اليومي، وبسبب الحرب الأهلية الطاحنة، فإن الأمر يكون مبعث ريبة وتوقّف. وأن يؤكّد لك القائمون على السياحة في اليمن أن لا وجود لسائح واحد في البلاد منذ مارس من العام 2015 حتى يومنا هذا، فمعنى ذلك أن ثمة شيئاً غامضاً، وأن وراء الأكمة ما وراءها.


غيور راندو (70عاماً) يعرف نفسه بأنه سائح من المجر، يقول "لقد سلكنا طريق البر من حضرموت إلى صنعاء لمشاهدة الآثار السياحية الجميلة التي تتميز بها صنعاء، وأردنا المقارنة بين ناطحات السحاب القديمة في منطقة شبام حضرموت وبين مثيلاتها في صنعاء القديمة، رغم أن كثيرين نصحونا بأن زيارتنا لصنعاء ستكون محفوفة بالمخاطر، خصوصاً أنها تشهد قصفاً عنيفاً".


وتكمل ماريا، زوجة راندو، الحديث "كان قرار زيارة اليمن يراودنا منذ أربعة أعوام، وبالتحديد جزيرة سقطرى ومدينتي شبام و صنعاء، ولكننا تأخرنا وكنا نؤجل الزيارة أكثر من مرة، لظروف عدّة، ورغم الحرب التي تشهدها اليمن إلا أننا قررنا المغامرة وزيارة المدن التي حلمنا بزيارتها".


الجاسوس السائح! 
لم يكن حديث العجوز المجري وزوجته مقنعاً لنا ولغيرنا، ومنهم الباحث السياسي صقرعبد الله، الذي أكّد  أن البلدان التي تشهد حروباً واضطرابات يكثر فيها وجود مثل هؤلا، الذين وصفهم بـ"الجواسيس"، والذين يتستّرون بمهن متعددة، ومنها السياحة. ويضيف صقر "هناك أمثلة كثيرة لأجانب كانت لهم أدوار مشبوهة في مختلف بقاع العالم، وبالتحديد في اليمن، فقبل ما يزيد عن خمسة وثلاثين عاماً من اليوم ألقي القبض في الحديدة على الجاسوس الإسرائيلي باروخ مزراحي، الذي كان يدعي أنه سائح مغربي، متستراً باسم أحمد الصبّاغ، حيث كان يخطط لتفجير مقر منظمة التحرير الفلسطينية، رداً على تفجير سفينة إسرائيلية في باب المندب. كما عمل الجاسوس على جمع معلوماتٍ لمعرفة إن كان الفدائيون الفلسطينيون يتدربون لضرب ناقلات النفط الإسرائيلية في البحر الأحمر، وسلم الجاسوس الاسرائيلي للمخابرات المصرية وخضع لمحاكمة عسكرية، وحكم عليه بالسجن المؤبد، في العام 1972".


الحرب والأدرنالين
آخرون من السياح الأجانب الذين التقينا بهم كان لهم كلام مغاير. جورجيوبان، سائح إيطالي (48 عاماً) يقول لـ"العربي" إنه جاء إلى اليمن ضمن برنامج لسياحة الحرب، هو وعدد من زملائه، وحتى يشاهد آثار التدمير الذي لحق بالمنشآت والآثار التاريخية في اليمن، وكذا للتزوّد بأعلى درجات الأدرنالين (هورمون يقوم الجسم بإفرازه عندما يشعر الشخص بالخوف والتوتّر).


وفي هذا الصدد، تقول فاطمة الحريبي، المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي،  إن "عدداً لا بأس به من السياح الأجانب يفضلون زيارة الأماكن التي تشهد حروباً وصراعات مسلّحة، وفي اليمن، وبالتحديد في العام 2013، جاء إلى اليمن السائح الياباني توشيفومي فوجيموتو، وزار أماكن الصراع في أبين، والتي شهدت حروباً متقطعة بين الجيش اليمني وعناصر من تنظيم القاعدة، لكن عدداً من السواح الأجانب أخبرونا عن طريق مراسلتهم لنا عبر الايميلات بأنهم يواجهون صعوبة في الحصول على تأشيرة دخول إلى اليمن، وأن السفارات اليمنية في الخارج ترفض منحهم التأشيرات".


بديهي أن تنعدم السياحة في بلد يتعرض لحرب طاحنة أهلكت الحرث والنسل. وقد تعرض قطاع السياحية وحده لخسائر بلغت 12 مليار دولار، حيث استهدف طيران "التحالف" المنشآت والمواقع والمزارات والمدن والقرى السياحية والتاريخية والأثرية، وتوقّفت استثمارات سياحية يمنية وأجنبية، كما أدت الحرب إلى توقف العمل في أكثر من 15 ألف منشأة سياحية كبيرة ومتوسّطة وصغيرة تشمل كل النشاطات، وأدت إلى تدمير نحو 360 موقعاً ومزاراً ومنشأة سياحية وتاريخية وأثرية. 


سياح متهورون
ويقول مدير الإعلام بمجلس الترويج، أكرم الجولحي، "نحن نشجع سياحة الحرب للعوائد الاقتصادية الكبيرة التي سيستفيد منها اليمن في الوقت الراهن، لأن الحرب تسبّبت بانتشار البطالة وخسارة 250 ألف شخص وظائفهم في القطاع السياحي، وحيث غالبيتهم في مجالات النقل السياحي ومنشآت الطعام والشراب والإيواء، كما أن اليمن حُرم 1.2 مليار دولار من العائدات السياحية خلال العام الماضي، نتيجة إلغاء حجوزات السفر". ويضيف أن 24 وكالة سياحية فقط تكبّدت خسائر تراوحت بين 80 ألف دولار ومئة ألف، في مقابل مصاريف تشغيل وترويج للسياحة اليمنية في المعارض السياحية الدولية.


يذكر أن شركات أجنبية كانت قد أعلنت عن إطلاق رحلات للسفر إلى مناطق الحرب في عدة دول، لتعطي للمسافرين فرصة للنزهة عدة أيام على الخطوط الأمامية للحرب. وذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن شركة سفر روسية تخطط لنقل السياح المتهورين لقلب الحرب في سوريا وعدة دول، لذا بإمكانهم اختبار الجبهة الأمامية للحرب، موضحة أنه في الوقت الذي تشتعل الحرب ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية"، فإن الشركة خصصت رحلات تحت اسم "Assad Tour"، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الرحلات لا تتضمن تأميناً على الحياة، وستكون تكلفتها 990 جنيه إسترليني للشخص الواحد، الذي يرغب في قضاء عطلته في جحيم هذه الحرب، وستبدأ هذه الرحلات من موسكو!

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24