الخميس 18 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الصنعانيّات والمياه... همّهنّ اليومي!
الساعة 21:28

أمّ نبيل، أرملة، وأمّ لأربعة اطفال، أُصيبت بانزلاق غضروفي بالعمود الفقري، نتيجة قيامها بنقل المياه على رأسها من مسافة بعيدة من المنزل. يحدث ذلك في العاصمة صنعاء، التي يلاقي فيها السكّان صعوبات في سبيل توفير المياه، ازدادت مع الأزمة الإقتصادية التي تكتوي بنارها أغلبية اليمنيّين. 


في العديد من أحياء صنعاء، تصطفّ طوابير من الأطفال والنساء أمام مواقع عادة ما تكون قريبة من المساجد، يوفّر فيها الماء متبرّعون، ليتسنّى للمحتاجين تعبئة الغالونات البلاستيكية أو ما يسمّى "الدباب"، يتمّ حملها على رؤوس النساء أو عربات متحرّكة لنقلها إلى المنازل، بما يوفّر أدنى الإحتياجات. 


يقول سكّان،  في أكثر من حيّ بالعاصمة صنعاء، إن المياه التي توفّرها شبكة المؤسّسة العامّة للمياه عبر خطوط الأنابيب الرئيسية، تراجع وصولها إلى المنازل إلى حدّ كبير. فبعدما كانت تتوفّر بصورة شبه يومية، تراجعت، منذ بدء الحرب والتدخّل العسكري لـ"التحالف العربي" بقيادة السعودية، إلى مرّة واحدة في الأسبوع، ثم مرّة في الشهر، قبل أن تغيب بشكل كامل عن بعض الأحياء منذ ما يقارب شهرين. 


ويلجأ أغلب السكّان للحصول على الماء إلى الناقلات المعروفة بـ"الوايتات"، ويتفاوت سعر الواحد منها حسب الأحجام بين 3000 و5000 ريال (10 إلى 17 دولار)، لكنّه وفي ظلّ الوضع الإقتصادي الصعب الذي تعانيه الغالبية من الأسر اليمنية، ليس بمقدور العديد من الأسر الحصول على "وايت" المياه، ما يضطرها لجلبه من أقرب "نقطة" سبيل إلى المنزل. وهو حال "أمّ نبيل" التي أصيبت بانزلاق غضروفي، نتيجة نقلها المياه على رأسها إلى المنزل من مسافة بعيدة، وهي واحدة من عدد كبيرٍ من النساء، يلاقين أوجه معاناة مختلفة في ظلّ الحرب والأوضاع الصعبة للكثير من الأسر. يلجأ أغلب السكّان للحصول على الماء إلى الناقلات المعروفة بـ"الوايتات"
وتشكو فاطمة العنسي، التي تسكن في العاصمة، من "قلّة المياه وندرة وجودها"، موضحة، لـ"العربي"، أنّه "في حيّنا (الحيّ الذي تسكنه) يصل المشروع في الشهر مرّة واحدة وبتوقيت سيّء للغاية من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حتّى الفجر، لا نستطيع استغلال قطرة منه". وتضيف فاطمة أن "جيراننا يعانون معاناة أشدّ، حيث العمارات تتكوّن من عدّة طوابق، ولا يوجد كهرباء لرفع الماء مما يضطرهم لتعبئته بواسطة الدبيب"، لافتة إلى أنّه "في الأسر التي لا يوجد لديها رجال، تضطر المرأة للذهاب للتعبئة من السبيل، وتحمل الدبيب على رأسها، وأحياناً يكون ذلك للدور الخامس أو السادس بنفسها". 


ويُعتبر حمل الماء على رؤوس النساء أو أكتاف الرجال الوسيلة التقليدية لجلب المياه في القرى والأرياف، وهو الأمر الذي لا يزال سائداً في الكثير من المناطق التي لم يصلها الماء عبر الأنابيب إلى المنازل، لكن الأمر يبدو غريباً في العاصمة، حيث تصطفّ نساء لم يعتدن على حمل الماء على رؤوسهنّ في السابق. ولا تقتصر المعاناة على حمله، بل تمتدّ إلى انتظار تعبئة "الجالونات" البلاستيكية، وتدنّي مستوى نظافتها، وكونها لا تفي سوى بالحدّ الأدنى لاحتياجات المنازل. 
ويرجع إبراهيم حمود، الذي يعمل في المؤسّسة العامّة للمياه، في تصريح لـ"العربي"، الأزمة إلى "الإنقطاع الكلّيّ للكهرباء التي تمثّل المصدر الرئيسي للتشغيل، وغياب الدعم الحكومي لقطاع المياه خصوصاً، مع أنّه أساس الحياة، وكذلك عدم توفّر مادّة الديزل بكمّيّات كافية، حيث يعتبر بدوره المصدر البديل للطاقة، وارتفاع أسعار الديزل كذلك". 


ويلفت حمود إلى أن من الأسباب أيضاً "تهالك الآلات والمعدّات نتيجة التشغيل المستمرّ في ظلّ عدم توفّر دعم للإحلال، وتدنّي تحصيل فواتير المياه من القطاع الحكومي والمنزلي، نتيجة الظروف الإقتصادية والأزمة الحاصلة في البلاد، فضلاً عن زيادة الطلب على المياه نتيجة نزوح المواطنين من أماكن الحرب إلى المحافظات الأخرى".


وفي بيان حديث لها، أشارت منظّمة اليونيسف في اليمن إلى أن 22000 مواطن يحصلون على مياه شرب توفّرها المنظّمة (240000 لتر يومياً) في مديريّتي بني الحارث ومعين في أمانة العاصمة صنعاء. وتتمّ عملية الإمداد بالمياه عبر الناقلات (الوايتات) إلى 40 نقطة توزيع في المديريّتين، للأحياء غير المرتبطة بشبكة المياه التابعة للمؤسّسة العامّة للمياه، التي تدعمها المنظّمة بالوقود لتتمّكن من ضخّ المياه للمنازل.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24