السبت 11 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
"التخزين" في زمن تأخر الراتب
الساعة 21:17 (الرأي برس - عربي )

لم يؤثر تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بسبب أزمة تأخر صرف الرواتب على أسعار "القات"، بوصفه النبتة التي يتعاطاها اليمنيون على نطاق واسع، بقدر ما أثر على نسبة توفره بالأسواق وانعكاسه على وضع البائعين، فيما تفاوتت الآثار لدى المتعاطين بين العزوف النسبي وتقليل الكمية المخصصة للتناول، وبين من يسعى لتوفيره مهما كانت الظروف. 


ويقول جمال (32 عاماً)، الذي يحرص على تناول "القات" بصورة يومية، إن "نسبة الإزدحام المعهودة للمتسوقين أو السيارات التي تصطف في العادة بالأسواق في فترة الظهيرة ابتداءً من الـ12 ظهراً وحتى الـ3 عصراً تراجعت بشكل واضح". ويضيف، لـ"العربي"، أن "هذا التراجع لم ينعكس بانخفاض الأسعار، بل أثر على نسبة توفر القات بالأسواق، بسبب الديون التي تثقل كاهل بعض المقاوتة البائعين، بالإضافة إلى محدودية توفر القات في مزارعه بفصل الشتاء". 


من جانبه، يشير سمير (28 عاماً)، إلى أن "المقوت الذي كان يتعامل معه غيّر سوقه من صنعاء إلى مأرب"، فيما عبد الله، وهو جندي يعمل حارساً في إحدى المؤسسات الحكومية، عزف عن تناول "القات" بصورة يومية ليقصر تناوله على يومي الخميس والجمعة فقط. كذلك، رصد "العربي" حالات مرتبطة بالعديد من الموظفين أو المتأثرين بالأزمة الإقتصادية بشكل عام، ممن خففوا نسبة تناولهم للقات، أو غيروا من نوعه، بحيث بات البعض منهم يشتري الأرخص سعراً حسب قدرته الشرائية. ينظر كثيرون إلى "القات" باعتباره "إدماناً" و"آفة اجتماعية


وفي العادة، يعد تناول نبتة القات المنبهة طقساً يومياً لا تخلو منه أغلب البيوت (أو المنازل)، ويتناوله الرجال بدرجة أساسية، ومع مواقيته وطقوسه تنتظم كثير من المواعيد والمجالس، بحيث يستهلك جزءاً كبيراً من الدخل المادي لمتناوليه، وخصوصاً من ذوي الدخل المحدود والمتوسط. 


وبسبب التكلفة المادية على وجه خاص، ينظر كثيرون إلى "القات" باعتباره "إدماناً" و"آفة اجتماعية"، يحرم بعض متناوليه أسرهم من حاجات أساسية مقابل توفيره،. وتضاف إلى التكلفة الآثار الصحية، مع انتشار "السموم"، التي يستخدمها المزارعون لتسريع عملية نمو أغصان القات. وفي مقابل ذلك، لا ينظر بعض الدارسين للقات على أنه أزمة على صعيد الإقتصاد الكلي للبلاد، باعتبار أن المنتج والمستهلك يمنيان، لكن الكلفة الأكبر تبقى على المستوى الشخصي.


ويبدأ سعر كمية القات التي يتناولها شخص عند الحد الأدنى المتمثل بـ500 ريال، ثم بنسبة ألف إلى 3 آلاف ريال، كمتوسط للغالبية من المشترين، حسب إفادة العديد منهم، غير أن الأمر يختلف بالنسبة للمسؤولين ورجال الأعمال الذين يصرفون مبالغ كبيرة لشراء القات، الذي يُزرع في نواح متفرقة من البلاد، ويصل إلى المدينة من مختلف المناطق الريفية.


ويلفت عبد الملك، أحد بائعي القات في صنعاء،  إلى أن "أزمة عدم صرف الرواتب أثرت بشكل كبير"، موضحاً أنه "كان هناك زبون يشتري مني بحدود 3000 آلاف والآن يشتري بين 800 و1500 (عوارض) بدلاً عن (الرؤوس)". أما جاره محمد فيرى أنه "على الرغم من التأثيرات التي تركتها الأزمة وتغيب معها بعض الزبائن، إلا أن عدداً غير قليل منهم حريصون على شراء القات"، مضيفاً أن "حق القات يوفرها (المشتري) من العدم". 


وفي تفسيره لهذه الجزئية، ينبه طاهر، الذي يحرص على توفير "القات"، إلى أن "المتناول لا يجد حرجاً كبيراً في أن يطلب من صديق له أن يتكلف بشراء القات له، كنوع من العادة لدى الرجال، على عكس الحاجات الأخرى التي يجد الشخص حرجاً في اقتراضها أو طلبها"، فيما يؤكد محمد حمصان أن "حق القات تدبَّر" (أي يتم تدبيره)، ويشير إلى أن "أغلب الأسر تصرف أكثر من الراتب الذي يتقاضاه موظف ما؛ بين 60 أو 70 ألف ريال يمني، بمعنى يدبرها الله"، ومع ذلك لا يخفي حمصان أنه يفكر بالإقلاع عن "القات" لأسباب اقتصادية.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24