السبت 20 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
"الرمح الذهبي" ومعركة الساحل: الإمارات تجرّب حظّها بلا "المقاومة"
الساعة 15:09 (الرأي برس - عربي )

ليست المرة الأولى التي يطلق فيها "التحالف العربي" عملية للسيطرة على السواحل الغربية لتعز. فقد سبق وأطلقت أكثر من عملية "تحرير"، كانت آخرها "السهم الذهبي" التي تأجلت في ديسمبر من العام الماضي، بعد أن حشد "التحالف" قواته إلى باب المندب، المنفذ البحري الاستراتيجي الرابط بين أفريقيا وآسيا، تاركة معها أكثر من علامة استفهام. 


اليوم، يتزايد الحديث عن "تحرير" المناطق الغربية، والشريط الساحلي لتعز، أكثر من أي وقت مضى، ولاسيما بعد التطورات الميدانية الأخيرة في محور ذباب وباب المندب، والتصريحات من قبل الرئيس عبده ربه منصور هادي بهذا الخصوص، إضافة إلى تواصله مع نظيرة السوداني، عمر البشير، في إشارة إلى أن السودان مشاركة في هذه العمليات العسكرية ضمن قوات "التحالف العربي"، والتي بدأت يوم السبت الماضي عمليات عسكرية أطلقت عليها "الرمح الذهبي" لتحرير الساحل الغربي من البحر الأحمر والمناطق الغربية من محافظة تعز.


بعض المتابعين للمشهد اليمني يرجحون أن معركة الساحل الغربي اليوم ستكون فاصلة من الناحيتين الاستراتيجية والسياسية، وذلك لما تتعرض له حكومة الرئيس هادي من ضغوطات بشأن خطة السلام، ولقناعة "التحالف العربي" بأن لا بديل عن الحل العسكري. 


الناشط السياسي، محمد الحميري، أكد في حديث إلى "العربي" أن "الشرعية أصبحت اليوم بحاجة ماسة وملحة إلى الانتصار في هذه المنطقة الإستراتيجية التي تشرف على خط الملاحة الدولية، لغرض تخفيف الضغط الذي لا تزال الحكومة الشرعية تتعرض له من جانب المجتمع الدولي، بشأن خطة السلام المفروضة من الأمم المتحدة، وبدعم أمريكي وغربي كبير". اللواء هيثم طاهر قاسم يتولى قيادة المعركة


وأشار إلى أن المعلومات المؤكدة "تقول إن الرئيس عبد ربه منصور هادي يشرف على عملية الرمح الذهبي بنفسه، وكل المعطيات الميدانية على الصعيد العسكري، في ذباب وباب المندب اليوم، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المعركة معركة تحرير تعز".


ولفت إلى "قناعة التحالف العربي الذي أصبح مدركاً اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه لا بديل للحل العسكري من أجل احتواء الخطر الإيراني في اليمن، خاصة في السواحل الغربية لتعز المطلة على مضيق باب المندب". 


ليست المرة الأولى التي تعلن فيها القوات الموالية للرئيس هادي سيطرتها على مديرية ذباب، ومعسكر العمري، فقد سبق ذلك إعلان مماثل عن "تحرير" المواقع العسكرية، وعادت إليها جماعة "أنصار الله" والقوات المتحالفة معها، وسر ذلك، بحسب خبراء، في احتفاظ الجماعة بخط إمداد مفتوح من مواقع تمركزهم الجبلية، منحهم قدرة كبيرة على المناورة والاستمرار بهذا القدر من الفعالية.
القيادي في جبهة ذباب، محسن علي العيني، أوضح في حديث الإستراتيجية التي اعتمدت عليها "أنصار الله" والقوات المتحالفة معها، قائلاً إن "الحوثيين أدركوا منذ وقت مبكر إمكانية وصول التحالف إلى باب المندب، فالتحرك على أرضية ساحلية مفتوحة، بمعدات عسكرية ضخمة، وتغطية جوية ستؤدي حتماً إلى تحقيق أهدافها بالسيطرة على المضيق، وقد تحقق ذلك بالفعل في صيف 2015".


وأشار إلى أن "قوات المليشيات لجأت إلى الإنتشار والتموضع في سلسلة الجبال المحاذية للساحل من الناحية الشرقية، في جبال كهبوب الواقعة في محافظة لحج، ومديرية الوازعية الواقعة في محافظة تعز، إلى جانب سيطرتهم القوية على مدينة وميناء المخا التاريخي، وهذا الإنتشار في الحقيقة هو الذي أدى إلى استمرار إحكام سيطرتهم على مضيق باب المندب، على الرغم من تواجد التحالف في هذا المضيق".


إنطلقت معركة الساحل الغربي من جديد بتشكيلات عسكرية يرى مراقبون أنها تحمل مسميات إماراتية، تسعى لهدف آخر لا يتطابق تماماً مع الأهداف المعلنة لـ"التحالف العربي" في اليمن. مصادر عسكرية مطلعة في "المقاومة الشعبية" بتعز، كشفت في حديث إلى "العربي" أن "معركة الساحل الغربي التي تجري حالياً في المناطق الساحلية بذباب، وعلى أطراف باب المندب، من الواضح أنها تتم بعيداً عن السيطرة الكاملة من جانب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الرئيس عبد ربه منصور هادي، فالتشكيلات العسكرية التي تخوض هذه المعركة مع ميلشيات الحوثي، تحمل مسميات إماراتية، وتخضع لقيادات عسكرية ميدانية، بالأحرى للقائد العسكري الإماراتي في عدن".


وأشارت إلى أن "اللواء هيثم طاهر قاسم وزير الدفاع الأسبق في أول حكومة يمنية بعد الوحدة، والمقرب من أبو ظبي، يقوم بدور بارز في قيادة هذه العمليات التي يبدو أنها حظيت بإمدادات عسكرية جيدة، حيث تشير المعلومات الميدانية إلى استعادة الجيش والمقاومة الجنوبية مدينة ذباب والمرتفعات الجبلية بالقرب من معسكر العمري، وهي مناطق مهمة بالقرب من مضيق باب المندب، وتتبع إدارياً محافظة تعز، ومن شأنها أن تُبعد خطر الانقلابيين عن هذا المضيق الاستراتيجي الهام".


وأكدت المصادر أن "هناك مؤشرات كبيرة تدل على تمرير أجندة الإنفصال عبر هذه المعركة المتعرجة الأهداف، والملتوية في النوايا"، وأن "الإمارات هي من تعد هذا السيناريو الذي لا يخدم التحالف ولا الشرعية، بقدر ما يزيد الأمور تعقيداً خلال الأيام القادمة".


تأتي هذه العملية العسكرية بغرض السيطرة على خط الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، الشريان التجاري الاستراتيجي لدول العالم كافة، من أجل منع أي تهديدات مستقبلية قد تقوم بها جماعة "أنصار الله" والقوات الموالية لحكومة الانقاذ في صنعاء، وليس الهدف منها تحرير محافظة تعز التي تحرص حكومة هادي و"التحالف العربي" على استخدامها ورقة ضغط إنسانية، ذلك ما أكده مصدر مقرب من الرئيس هادي لـ"العربي"، والذي قال إن "معركة تحرير الساحل الجنوبي والغربي لتعز ستبدأ انطلاقتها من مضيق باب المندب، وتأمين ميناء المخا، وصولاً إلى الخوخة والحديدة شريان جماعة الحوثي وصالح الذي استخدمته لتزويد نفسها لمواصلة الحرب، ولتهريب الأسلحة عبر هذا الشريان". 


ولفت المصدر إلى أن "عملية تحرير ذباب الواقعة على بعد 40 كيلومتراً شمال باب المندب تمتلك أهمية استراتيجية لقربها من ميناء المخا الذي يبعد 46 كيلومتراً عن ذُباب، الأمر الذي يسرع عملية تحرير الميناء، ويعزز من قدرة التحالف على تأمين كامل السواحل اليمنية على البحر تم استبعاد فصائل "المقاومة" عن العمليةالأحمر".


وكشف المصدر أن "المعركة ليست لتحرير تعز، فلو كان الغرض منها تحرير تعز لتحركت جبهة كرش والتي تعتبر من أهم الجبهات التي ستساعد على فك الحصار عن المدينة". وأشار إلى أن "قادة تعز مستبعدون تماماً من هذه المعركة وليس هناك أي قيادات مشاركة فيها، وكل من يقاتل هم ألوية و قيادات وأفراد جنوبية و بعض الكتائب من التحالف العربي".


المحلل السياسي، محمد الجباري، أكد في حديث إلى "العربي" أن "التحالف العربي لم يرد أن يخوض معركة تحرير تعز، لهذا استخدم نظام تجزئة المعركة، والتي لا تهدف على ما يبدو إلى هزيمة الانقلابيين وطردهم من محافظة تعز، بل من أجل إنهاء خطرهم على مضيق باب المندب، حيث تم التخطيط لهذه المعركة بأن تتم في معزل عن أي مشاركة من مقاومة محافظة تعز التي تدور المعركة على أراضيها، والسبب في ذلك، تفادي الأجندات الحزبية وبالأخص أجندة حزب الإصلاح".


ويضيف: "إجراء كهذا ليس الأول من نوعه، فقد حرصت الإمارات على عزل محافظة تعز تماماً عن معركة تخصها، والمؤلم أن الإمارات لا تريد من تعز سوى باب المندب، والمخيب للآمال أكثر أن الإماراتيين يخوضون معركة الساحل الغربي وأمامهم لائحة أعداء كثر بعض هؤلاء الأعداء يعتقدون أنهم جزء من المعركة ضد الانقلاب، وأن ظهرهم محمي بما فيه الكفاية من جانب التحالف".
ويبدو هذا التوجس من الإدارة الإماراتية للمعركة نابعاً من التباين الجلي بين الإماراتيين والفصائل المحسوبة على التيار الإخواني، ومن خلفه "حزب الإصلاح" ودولة قطر المشاركة في "التحالف"، والتي تحتفظ بعلاقات وطيدة مع طيف واسع من فصائل تعز.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24