الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
"أمير السناء" - هشام المعلم
الساعة 09:34 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


تموت ..
لربما يجديك حقا أن تموتَ.. كساعة البرج القديم ..كطيف خل في الضباب.. كبهجة العمرالقصير .. و ومضة البرق الشهاب ..

 

تموت... 
توزع الحلوى لنمل الارض و الذكرى ..وللجسد اليباب .. كريمة تلك الخطى ، كانت تقود الخيرين ، صارت تعود الخيرين .. لا زحمة في القبر ترهقنا ، ولا الاموات محدودي الخيال ، 
قالوا هناك النور من كل اتجاه ..  
يتحدث الأحياءُ للأموات أحياناً..
 و أحيانا يكون الصمت موكبهم ،و هول الفقد ، يذوي في انسياب .. 
لذا بكاك الطيبون .. الشامتون بكوك أيضا..
كل الرجال رأوك في أحلامهم.. كل النساء ..تتوزع الكلمات فيما بينهم بيتا فبيتا ..يتناقلون حديث أولهم فتاليهم فآخرهم ليكتمل العزاء .. كل الحكايات الجميلة عن صباحات البلد و عن الرغيف و لمة الاصحاب ، و العمال و الازهار والكدح الطويل.. والصبر والركض المرير.. و الاغنيات ذوت ، كما تذوي ازاهير المنى عطشاً ، ليختنق السرير ... 

 

تموت....
 وخلف رحلك ينطوي حلم حبيب.، و لربما أجر الطبيب.، و لربما ليل يطول كأول الحزن الغريب.
تريث... 
 لأوصد نافذة الليل ، قبل الرحيل.
تريث .. ولا ترشف الحزن إن الدموع تخفف وطأة هذا الرحيل المهيب..
 و لا تطرق الان مجلسنا بابتسامك..
 لا صوت دندنك المستطاب .. 
لكم عذبتنا صبايا النخيل 
على رسلك الآن  ...إن شئت فافتح كتابا لنا من جديد،  و إن شئت لا تفتح الباب ، عند الأصيل.... ستدركنا سُنة من نعاس ، و نغفو علي وقع ظل ظليل .. 
علي رسلك الآن ...
إن الغياب عذااب طويل ..
 اتعرف ؟!.. كم عللتنا  الأماني نجمع أحلامنا  من أضاحي السراب .. و نعشق حتي الفناء و نعشق حتي نظن الفناء... لقاء الاحبة ، أنس و باب.
و وصل و هجرٌ و خبز و ماء..  
و ظل و حقل و عطر السحاب...
 نلملم اشلاءنا في يقين ،  بأن الصباح صديق الأمل ..فلا الليل ولى ولا القهر غاب ..     

 

 تموت ..؟!
 أيجديك  حقاً اذن أن تموت ..
 وتترك خلفك عشرين عام من الحلم  و الضيم و الاغتراب ..
و تسكن  حيث تشاء السماء.. 
أتعرف؟! ..
إن الذي قدس الروح سوف يضم إليه  الاهاب..
و إن الذي قدس الروح يعرفها جيدا ..
 و لا بد  أن تلتقي أصلها دون ذكر السبب.. علي أي شيئ سنأسى إذا كان من يمطر الدمع طي التراب..    

 اتعرف شيئا .. متى ما أردت تعال إلينا و رتب ثيابك .. 
لكم كنت يوما غصنا جميلاً... 
فتياً و غضاً ندياً كضوء تسرب بين السحاب...
تحب الثياب النظيفة والعطر و الدندنات .        
متى ما اردت تعال .. 
كنت أنيقا تحب الضياء ..
تلملم  للفجر شوق "الشذف" وتنثره في دروب العناء .. 
لذا عشقوك،  كقطر الهثيم ، وضوء القمر.. كعطر الوضوء و صوت الصلاة..
تعال قليلا سيغمرك الكل بالاغنيات و بالأمنيات ...تبسم لرفقتك الطيبة فهم بانتظارك في كل آن.. و وزع عليهم رقيق الكلام ، و وزع عليهم نكات خفيفة .. 
أتذكر كم كان يسلو لضحكتك "الشيخ" حين تشاكس ضيق "السمير "؟!
 و كيف تقابل سخرية الشيخ بقهقهة عالية .. ؟
لك الله ما اطيبك .. 
أتعرف شيئا؟! ..
اذا مابكوك فلا ثم لوم.. فإن حرك الوجد قلب المريد ، صار لنا الدمع مائدة ثانية.. و إن أدهش الحسن حس المريد  ، انجذب...
 فلا ضير إن خالطنا من جافك العجب.. 
أتعرف أيضا ؟!
 اذا ما أردت المضي فلا بأس .. سنمضي تباعا فللأرض سوسنة الذكريات ، و للعاشقين النصب .. 
يقولون من فات مات .. و من غادر الحي نسلو جفاه ... يقولون أجملنا قد مضى و انقضى ..لن يعود ... و ابتسم الآن من قولهم .. 
 أيعقل أن تترك "الفوز"  لو ثانية!! 
أيعقل أن تهجر الدار و الجار و الغار و الوحي و الصحبة الغالية..
اتسلو "فؤادك " ...
أتهجر "نجلاءك" الحانيه.. ؟!  
ستبقى قريبا  بلا أي شك.. 
 فلا الروح تفنى و لا الموت آخرة ثانية.. و لا الحب يسلا ولا الرب ينسى و لا الروح صلصالة فانية.. 

  أدري بأنك لم تمت  إلا كنوم الاولياء.. 
يدعوّن باب البئر مفتوحاً لكي يرد السقاة .. 
يتواطؤون مع السنابل و الشجر ليظل للفقراء  قوت .. 
يتواطؤون مع المواسم و الورود..
 يتواطؤون مع الفصول ، ليظل للاحباب عطر ، و يزدهي شهر العسل.. 
يتواطؤون مع الحجر ، كي تغمر البركات أسراب الحجيج ..
 أتذكر...
 كم ضمختك "المشاقر "  ، كم  رتلت  باسمك "الأقحوان"  ..
  اتذكرنا؟! ..
يا لسخف السؤال لكم تصبح الاسئلة غابة من غباء ، اذا ما غرقنا ببحر الذهول.. فما كنت تنسى لننسى و ما كنت تنسى ليبقى  السؤال... 

 

 23/3/2017 
—————— 

 

"الشذف" : جبل قربتنا  ، جبل نحبه و يحبنا. 
الأسماء الواردة في النص : أحبة "أمير السناء" محمد العزي. 
"المشاقر: الريحان

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24