الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد حجر: لاعتماد خطة «الإقتصاد المقاوم» على غرار سوريا
الساعة 20:23 (الرأي برس - عربي )

أكّد وكيل وزارة المالية في صنعاء، أحمد حجر، أن اليمن يواجه «حرباً اقتصادية شاملة مخططة مسبقاً، هدفها الأساسي تدمير الإقتصاد اليمني، ودفع المجتمع اليمني إلى الإستسلام». حجر، الذي تحدث بالأرقام عن حجم الخسائر التي تكبدها الإقتصاد اليمني منذ أواخر مارس 2015، دعا، في حوار  إلى «مواجهة الحرب الإقتصادية التي يشنها التحالف على الشعب اليمني، بوضع خطة اقتصادية طارئة لإنعاش الوضع الإقتصادي، وتبني سياسة الإقتصاد المقاوم».


تصاعدت تهديدات «التحالف» لميناء الحديدة، ما التداعيات المحتملة لإغلاق الميناء، وكيف يمكن مواجهتها؟
إستهداف دول العدوان لميناء الحديدة ستكون له تداعيات كارثية على الصعيد الإنساني، ولذلك يجب على حكومة الإنقاذ والمجتمع اتخاذ خطوات جادة ومدروسة وسريعة تبطل الآثار السلبية المتوقع حدوثها نتيجة إغلاق الميناء. ومن تلك الخطوات إنعاش الإقتصاد المحلي بهدف الحد من الإعتماد على العالم الخارجي، وإنعاش الأنشطة الإقتصادية المتوسطة والصغيرة المعتمدة على مدخلات وعناصر إنتاج محلية، ووضع سياسة تجارية تحارب إغراق السوق المحلي بسلع ومنتجات غير ضرورية وبالأخص الخليجية منها، ونشر ثقافة الإقتصاد المنزلي والمجتمعي.


ما مدى قدرات طرفي الصراع على وقف التدهور الإقتصادي في اليمن؟
هناك فرق كبير بين ما تقوم به القوى الوطنية المناهضة للعدوان والقوى المشاركة في العدوان. فالقوى الوطنية المناهضة تعمل على الحد من آثار التدهور الإقتصادي الناتج من الحرب والحصار، من خلال حشد الموارد المحلية المتاحة، وحشد الطاقات الإنتاجية المرتكزة على عوامل إنتاج داخلية للحد من الإعتماد على الخارج، إلى جانب تعميق وتوسيع ثقافة الترشيد لكافة مجالات الإستهلاك، والتكافل والتراحم بين مختلف فئات المجتمع، وهو ما سوف يساهم في الحد من التدهور الإقتصادي ويعزز من قدرات الصمود. أما حكومة عدن فتسعى لتوظيف كافة الفرص التي تساهم في إحداث تدهور اقتصادي متسارع، كون ذلك أحد أهم أدوات الحرب التي تعول عليها دول العدوان في إيصال المجتمع إلى حالة المجاعة والاستسلام.


كم بلغ إجمالي خسائر الإقتصاد اليمني خلال الفترة الماضية من الحرب والحصار؟
لا يمكن حصر الخسائر الإجمالية حتى الآن بسبب استمرار الحرب والحصار، ولكن هناك نتائج سلبية كبيرة سوف تترتب على الحرب والحصار، حتى بعد توقفها في مجال البيئة والأمراض النفسية والصحية والتفكك الأسري وارتفاع الأمية. وهناك بعض الخسائر لا يمكن تقييمها مالياً مثل الضحايا البشرية والمعاقين والأيتام وإعادة بناء المرافق التاريخية والأثرية. وبفعل العدوان والحصار، خسر الإقتصاد القومي طاقته الإنتاجية، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي، خلال الفترة 2015 - 2017 ما يقارب 54 مليار دولار، بما نسبته في المتوسط 52% من الناتج المحلي الحقيقي المتوقع خلال الفترة نفسها في حال عدم وجود حرب، وهو ما ترتب عليه انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2017 عما كان عليه عام 2014 بما نسبتة 58%.


هل هناك أرقام محددة لخسائر البنية التحتية؟
الخسائر التي طالت البنى التحتية والخدمية والمساكن تصل إلى 150 مليار دولار. وبسبب الحرب والحصار خسر الإقتصاد القومي موارد الدخل بالنقد الأجنبي. وفقد اليمن خلال الفترة الماضية خسائر من عائدات النفط والغاز تقدر بحوالي 25.5 مليار دولار أمريكي أي ما نسبته في المتوسط 52% من إجمالي موارده من النقد الأجنبي المتوقعة. وكان لذلك دور أساسي في تدهور السعر التبادلي للعملة الوطنية. أما الخسائر المادية في جانب المالية العامة فتقدر خلال الثلاث السنوات الماضية بـ12 مليار دولار، وتمثل هذه الخسارة 54% من إجمالي الإيرادات المخطط لها خلال الفترة ذاتها.
حجر: غياب قيادة البنك المركزي في صنعاء له دور سلبي كبير في إرباك الوضع الإقتصادي

ما الأهداف التي كان يسعى إلى تحقيقها هادي من نقل البنك المركزي؟
قرار نقل مهام البنك المركزي اليمني من مقره الرئيسي في صنعاء إلى عدن هدفه إرباك الوضع الإقتصادي وإفشاله، وذلك من خلال شل قدرات البنك المركزي في تمويل قيمة الواردات من السلع الأساسية، وكذلك شل قدرة الحكومة على تمويل الإنفاق الحربي وصرف مرتبات الموظفين، والحد من قدرة البنك في إدارة السياسة العامة النقدية. يضاف إلى إحدى أهم أهداف ذلك القرار، العمل على إشعال فتيل ثورة جياع في الداخل، ودفع المواطن اليمني إلى العصيان والتمرد في العاصمة صنعاء والمحافظات، بما يربك الجبهة العسكرية والاقتصادية ويدفع المجتمع للاستسلام وهذا لن يتحقق.


بماذا أثر قرار النقل على أداء البنك المركزي في صنعاء؟
لا شك أن الأثر سلبي للغاية وواضح، وخصوصاً في ظل انتهاج قيادة البنك المركزي سياسة الحياد ومن ثم الإعتكاف في ما بعد، وهذا ما تجب معالجته في إطار رؤية متكاملة لإدارة الإقتصاد الوطني في ظل ظروف حرب اقتصادية شاملة وبعيدة المدى.

لكن هناك من يقول بأن بعض البنوك اليمنية انتقل إلى حالة الإعسار؟
القطاعان المالي والبنكي يمثلان محور الإقتصاد الحدث، واستهداف هذا القطاع كان له أثر بالغ على نشاط البنوك، لكنني لا أعرف حتى الآن حدوث حالة إعسار. واستهداف القطاع المالي يستوجب سرعة حل إشكالية قيادة البنك المركزي من قبل حكومة الإنقاذ ودون إبطاء.


ما أثر القيود المالية الخارجية التي فرضها «التحالف» على البنوك اليمنية؟
لا شك أن لتلك القيود على التحويلات المالية أثراً بالغاً وكبيراً، ليس على أداء نشاط البنوك المحلية وحسب، وإنما على الوضع الإقتصادي بشكل عام. فعدم قدرة البنوك التجارية على تغذية أرصدتها في الخارج، أو تحويل السيولة لديها بالريال السعودي إلى عملات دولية، أو تحصيل مستحقاتها من عوائد استثماراتها في الخارج، أو تحويلات العمالة اليمنية في الخارج، أضعف من نشاطها بدرجة كبيرة وأفقدها جزءاً هاماً من عوائدها، وأضعف إلى حد كبير مراكزها المالية.


كانت صنعاء تضع آمالاً كبيرة في روسيا للحد من أزمة السيولة، كونها تحتفظ بكتلة كبيرة من العملة المطبوعة في موسكو؟
أعتقد أن هناك خطأ ما في تقديرات صانع القرار الروسي تجاه اليمن وراء قضية تحويل الأموال المطبوعة في موسكو إلى عدن، وكذلك الثقة الروسية العمياء بمصداقية دول العدوان ووفائها بتعهداتها بصرف رواتب موظفي الدولة.


لا تزال أزمة السيولة النقدية مهيمنة على المشهد الإقتصادي في اليمن، هل هناك إمكانية لحلها؟
نعم، رغم كل ما حل بالاقتصاد اليمني من أضرار، فهناك إمكانية لتجاوز المشكلة المالية في حال تم توحيد جهود كافة مؤسسات الدولة، ووضع خطط اقتصادية شاملة في ظل الظروف الإستثنائية الطارئة، تكفل إيقاف التدهور الإقتصادي والانتقال به إلى مرحلة الإنتعاش الإقتصادي، وكذلك تفعيل السياسة المغيبة والمجمدة حالياً بقصد أو بدون قصد، إلى جانب قيام الحكومة باتخاذ سياسات فاعلة تحدّ من فاعلية سياسات وإجراءات دول العدوان الإقتصادية.


هل كان لغياب قيادة جديدة للبنك المركزي دور في أزمة السيولة وتدهور سعر الصرف؟
غياب قيادة البنك المركزي في صنعاء له دور سلبي كبير في إرباك الوضع الإقتصادي، وليس في تدهور سعر صرف العملة الوطنية، ولذات السبب اتخذت بعض البنوك التجارية سياسات انفرادية بخصوص سقوف السحب من الودائع لديها، وهو ما دفع التجار والصرافين إلى الإحجام عن الإيداع في تلك البنوك. وكان لغياب رقابة البنك المركزي على نشاط الصرافة دور كبير في تفشي ظاهرة المضاربة في أسعار صرف العملة الوطنية وتدهور سعرها أمام العملات الصعبة، ولذلك لا بد من تعيين مجلس إدارة للبنك المركزي في أسرع وقت ممكن.


لكن البنك المركزي اتخذ نفس الإجراءات قبل قرار النقل؟
كان ذلك نتيجة غياب التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية في تحديد النفقات الضرورية لتشغيل الجهات الحكومية، وبالأخص الإيرادية منها والخدمية، ورفضه الصرف لها، مما أدى إلى توقفها عن توريد الإيرادات المالية إلى خزينة البنك المركزي، واتجهت تلك المصالح والمؤسسات إلى فتح حسابات خاصة بها لدى البنوك التجارية أو الإحتفاظ بتلك الإيرادات لدى أمناء الصناديق والصرف منها مباشرة.


هل ستحل البدائل التي أعلنتها حكومة الإنقاذ في تجاوز أزمة السيولة؟
الحلول التي أعلنت حكومة الانقاذ اتخاذها للتخفيف من أزمة السيولة النقدية والممثلة بالريال الإلكتروني والبطاقة الإستهلاكية، هي حلول جزئية يمكن أن تساهم في الحد من المشكلة على الأمد القصير، أما الحل الحقيقي فيكمن في وضع خطة اقتصادية شاملة لإدارة النشاط الإقتصادي في ظل استمرار الحرب والحصار، خطة الإقتصاد المقاوم كما في حالة سوريا، خصوصاً وأن هناك صعوبات مستقبلية ستواجه البلاد، وخاصة في تمويل قيمة واردات كبار المستوردين للسلع الأساسية بالعملات الصعبة، وكذلك عدم توفر السيولة المحلية الكافية لتغطية المبادلات الداخلية الصغيرة.


ما المخرج العملي لتجاوز أزمة السيولة؟
المخرج العملي للأزمة توسيع الأوعية الإيرادية القائمة، وإعادة جزء هام من السيولة النقدية المتواجدة لدى الجمهور إلى الدورة الإقتصادية، إلى جانب ضبط الموارد وتحصيل كافة مستحقات الخزينة العامة، وترشيد النفقات العامة، وتحمل رجال الدولة والأجهزة الإقتصادية المسؤولية الأخلاقية والوطنية وليس وزارة المالية ومصالحها فقط.


مؤخراً، تم وضع اليمن على القائمة السوداء بدعوى «غسيل الأموال»، ما تعليقكم؟
قرار مجموعة العمل المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «FATF» وضع اليمن في القائمة السوداء، يؤكد أن المؤسسات الدولية مجرد أدوات رئيسية تستخدمها أمريكا والدول الإستعمارية ضد الدول الخارجة عن سيطرتها ومنها اليمن. فهل يصدق عاقل أن الإمارات وقطر والسعودية والبحرين لا تعد مراكز لغسيل الأموال وتنظيفها قبل انتقالها إلى الأسواق الرأسمالية الدولية، إلى جانب تركيا التي تعد الممول الرئيسي لكافة الحركات الجهادية المتبنية للأعمال الإرهابية في العالم. ورغم معرفة مختلف دول العالم بذلك تأتي إلى اليمن ذات التحويلات المالية المحدودة والواضحة لتتهمها بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب كذباً وبدون أي دليل أو إثبات.


هل تخاطبتم مع مجموعة العمل المالية «FATF» بعد اتخاذ القرار؟
تم إبلاغنا من قبل المجموعة بضرورة التفاوض مع السعودية وحكومة هادي وليس مع هذه المؤسسات صاحبة الإختصاص، لكي ترفع العقوبات على التحويلات المالية، وهو ما يؤكد أن تلك القيود تندرج في إطار الحرب الإقتصادية على الشعب اليمني، ولا علاقة لتلك الإجراءات بغسيل الأموال ولا بتمويل الإرهاب.


ما دور البنك والصندوق الدوليين في ما يتعرض له القطاع المصرفي اليمني؟
إتضح أن كلاً من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات التابعة لتلك المؤسسات ليسوا محايدين، وإنما أداة عملية ورئيسية لرسم وتنفيذ الساسات التي تخدم أهداف وغايات مافيا الرأسمالية العالمية الكبرى، وتلك المؤسسات ليست سوى مركز استخباراتي اقتصادي تابع لها، وهو ما ظهر جلياً في الحرب الإقتصادية التي تواجهها اليمن منذ أكثر من عامين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24