الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
نجيب إبراهيم سلمان: «إعلان عدن» جنبنا الصدام المسلح
الساعة 21:18

يرى الباحث في التاريخ السياسي المعاصر، الدكتور نجيب إبراهيم سلمان، أن «إعلان عدن» كان نتيجة طبيعية لتراكمات فجرتها القرارات الرئاسية الأخيرة «غير المدروسة»، معرباً عن اعتقاده بأن «الإعلان جنبنا الصدام المسلح وقطع دابر التشرذم». ويرسم سلمان، في الحوار التالي

، خارطة الطريق لتحويل «إعلان عدن» إلى واقع عملياتي، محاولاً تشخيص الموقف الإقليمي، لا سيما من قبل الدولتين الرئيستين في «التحالف»، أي السعودية والإمارات، من القضية الجنوبية.


ما هي قراءتكم لـ«إعلان عدن التاريخي» من ناحية سياسية؟
إعلان عدن لا يحتاج إلى قراءة، فهو يقدم نفسه كحدث ناتج من تراكمات أفرزتها طبيعة التطورات في الساحة الجنوبية التي تأخرت في استيعاب متطلبات التطور الناتجة من الأحداث المتسارعة، كما تأخر التقاط المتغير السياسي في ظل حالة تأزم المزاج الشعبي واستعداد القوى الجنوبية الحية لمواجهة العبث السياسي والفساد المتمادي في غيه ليشمل كل مناحي الحياة في المجتمع الجنوبي. لقد كانت الحسابات السياسية يجري حلها على آلة حساب معطوبة تعطي نتائج مغلوطة عن إمكانية السيطرة والالتفاف على ما تبقى من الحراك الجنوبي والمقاومة، وتطويع المزاج الثوري تحت ضغط الحاجة والفاقة والتجهيل الإعلامي وإخفاء التحالفات بتوجهات حزبية مموهة تلتهم السلطة والمال، وتبقي على الفساد في القيادة والإدارة وتعطيل الحياة. هذه الملامح كانت محور الإحتقان السياسي والشعبي الذي يتنفس بقرارات رئاسية غير مدروسة افتقدت إلى صوابية المبرر، في وقت تستعد فيه القوى الجنوبية إلى صياغة نمط جديد من التحرك في ذكرى اجتياح الجنوب عام 1994 عسكرياً.


برأيك ما هي تداعيات النزاعات الداخلية، ومن ورائها الخلافات الإقليمية، على السلطة في عدن، لاسيما بعد صدور القرارات الرئاسية الأخيرة؟
لقد ظهرت القرارات الرئاسية مثبطة لتحالف المقاومة مع الشرعية، وكأنها اجتياح سياسي لسلطة المقاومة الجنوبية على محدودية التعيين، ولم يكن مبرر الفشل واقعياً في ظل فشل الحكومة بكل وزرائها في إدارة حياة المجتمع في المناطق المحررة. اليوم، الخروج إلى الميدان للتعبير عن الحاجة إلى التغيير وإثبات استحقاق جنوبي كان مرحلاً لاعتبارات سياسية وعسكرية وتوجهات إقليمية، (إلا أنه) لم يعد قابلاً للتأجيل؛ لأن الإستهداف مس الخيار الجنوبي برمته، وأمام مخاطر هذا الإستهداف كان الحشد الشعبي وما خرج به من «إعلان عدن» الذي شكل ردة فعل جنبت البلاد مخاطر الصدام المسلح، وحمل تفويضاً عكس الوجه الحضاري لشعب الجنوب، وفي نفس الوقت قطع دابر التشرذم السياسي وحقق التفافاً واعياً لكل قيادات الجنوب لاختيار رأس الهرم القيادي المعبر عنه بخيارات شعب الجنوب.


كيف ترى مستقبل الجنوب في المرحلة القادمة؟
لقد فوض إعلان عدن قيادة مسماة، كما حدد حدود الشراكة في التحالف مع السعودية ودولة الإمارات، وجدد تأكيد خيارات شعب الجنوب بالاستقلال، ولم يترك التفويض للتأويل أو التحوير أوالتفسير أو المزاج أو الإنحراف عن الهدف. وفي الوقت الذي حدد فيه إعلان عدن خيار شعب فإنه


إعلان عدن يشكل فعلاً مرحلاً تتوقف عليه المتغيرات اللاحقة لتطور الصراع في الجنوب
حدد مستقبل وطن، وبهذا يقترب شعب الجنوب من الهدف، ولكن هذا الإقتراب تصطدم مسالكه وسبله ووسائله بمخاطر القوى التي تقاوم هذا الخيار الجنوبي انطلاقاً من شبكة مصالحها التي تخفي وراءها أطماع السيطرة والاستحواذ والاحتلال، وعليها يتوقف شكل وأسلوب المواجهة.


إذن، كيف سيتم تحويل محتوى «إعلان عدن» إلى واقع على الأرض؟
أولاً: تثبيت السيطرة على الأرض وبناء هياكل وأدوات سلطة الواقع للمقاومة في جميع المحافظات، من خلال مجالس المحافظات للمقاومة الجنوبية، وتحديد صلاحيات هذه المجالس في إدارة حياة الناس في جميع المجالات.


ثانياً: إحكام الرقابة على سير عمل السلطات المحلية وأجهزتها الإدارية والأمنية.
ثالثاً: السيطرة على الأرض: عسكرياً وعملياتياً، يعني حرمان العدو من حرية الحركة والمناورة، وإعادة التموضع في المساحة الجغرافية السيادية للجنوب، وسياسياً يعني فرض السلطة والسيطرة والنجاح في إدارة حياة الناس على الأرض في جميع المجالات والمستويات بحنكة ودراية تامة.


ما هو المصير الذي ينتظر «الشرعية اليمنية» برأيكم؟
على الجميع أن يدرك تماماً أن «الشرعية» ظرف سياسي وليست نظاماً أو سلطة، كونها محكومة بمسماها كغطاء قانوني لمواجهة خطر التدخل الإيراني وليس تغليب طرف على طرف آخر في النزاع على السلطة. لذا فإن الإنقلاب لو لم يحمل ذلك الطابع التوسعي الإقليمي لما كان للشرعية معنىً في هذا الصراع، لذا فإن الشرعية ستنتفي مقومات وجودها بانتفاء الحاجة السياسية إليها دولياً. هنا تستغل هذه الحاجة لدول الإقليم من قبل الأحزاب والقوى السياسية الشمالية وقوى جنوبية الهوية وشمالية الهوى السياسي لارتباطها بمصالح يصعب الفكاك منها.


وأمام هذا الوضع تجد دول الإقليم نفسها أمام مسؤوليات ترتبط بأمنها القومي ومتطلباته، والتعامل مع هذا الواقع المتداخل بوجودها على الأرض عسكرياً وضبط علاقاتها بأطراف الأزمة شمالاً كقوى غير متجانسة سياسياً واجتماعياً ومتنافرة مذهبياً وولائياً، في حين أن الجنوب محرر ومتجانس اجتماعياً وثقافياً ومذهبياً، وهذا الحال جعل دول التحالف وبالذات السعودية والإمارات تتوخى الحذر في علاقاتها مع القوى التقليدية القبلية العسكرية في مواجهة المشكلات على الأرض في ما يتعلق بالشمال وأطماع هذه القوى في الجنوب. نرجو أن لا يذهبوا مذهب العقل السياسي التقليدي القبلي العشائري المتصلب، وأن يحتكموا لأعقلهم سياسياً في حل المشكلة الشمالية - الجنوبية على طاولة الندية والاستجابة لمصلحة الشعبين وحسن الجوار.


كمراقب سياسي، كيف تشخص موقف دول «التحالف» من الوضع في الجنوب؟
دول التحالف تعيش حالة ازدواج في الموقف من المشكلة الجنوبية، فهي ترى في الجنوب قوة ردع إقليمي لمتغير دولي محتمل ومنطقة أمان وتوازن في المنطقة، وهذا لن يتحقق بدون قيام الدولة الجنوبية المستقلة التي تؤجل دول التحالف الإفصاح عن موقفها السياسي الصريح منها أو من الدولة الجنوبية المتدرجة عبر الأقاليم تفادياً لحالة المراوحة في الموقف العسكري في الشمال.


وانطلاقاً مما سبق، فإن التحالف يحكم قبضته على طرفي العصا، السعودية بطرف، والإمارات بالطرف الآخر، ويسمح التحالف لمكونات الأزمة باللعب السياسي بين القبضتين تحت الوصاية غير المعلنة. وعودة على بدء، يمكننا القول إن إعلان عدن بما احتواه من خطوات يشكل فعلاً مرحلاً تتوقف عليه المتغيرات اللاحقة لتطور الصراع في الجنوب مع القوى التقليدية المهيمنة.


كلمة أخيرة؟
ختاماً، إن كل ما جرى حتى هذه اللحظة هو مخاض لولادة نرجو أن تكلل بمولود سليم ومعافى.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24