الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
رالف الحاج: نتأكد على الأرض من وصول مساعداتنا... وسنفتتح مكتباً كبيراً في الحديدة
الساعة 19:17 (الرأي برس - عربي )


يؤكد أن المتضررين الأساسيين في النزاع المسلح الحاصل في اليمن هم الفقراء. ويقول إن 70 في المائة من السكان في اليمن باتوا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، لذا فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ضاعفت ميزانية المساعدات لهذا البلد، وفق مسؤول العلاقات العامة والمتحدث الرسمي للجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في منطقة الشرق الأوسط والأدنى، رالف الحاج. وفي حوار مع «العربي»، يقارن الحاج بين الأوضاع المأساوية في بلدان عربية شبيهة بوضع اليمن تعاني صراعات، كسوريا والعراق، متطرقاً إلى أوضاع السجون اليمنية، وغيرها من القضايا الراهنة.


بداية، حدثنا عن طبيعة تواجدكم في اليمن في الوقت الراهن؟
تأتي زيارتنا إلى اليمن ضمن سلسلة الجهود والمهام التي تقوم بها اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في اليمن، وضمن تركيزنا أكثر على التداعيات الخطيرة الناتجة عن النزاعات المسلحة والأحداث الإنسانية المأساوية التي يعاني منها اليمنيون اليوم. قمنا بزيارات متعددة لمختلف المنشآت الطبية في صنعاء والحديدة، المدينة التي يعاني ساكنوها من الفقر والعوز والجوع. شاهدت الناس في الشوارع وهم يبحثون عن الطعام والمأكل. تفاجأت كثيراً بالوضع العام في المدينة؛ انتشار النفايات وانتشار الأمراض، والتقيت شخصياً بعدد من المرضى، ومن ضمنهم الطفلة جميلة، التي توفيت الأسبوع الفائت، وهي الطفلة التي هزت العالم. كانت جميلة قد وعدتني أنها ستتحسن، ولسوء الحظ إنها لم تستطع. كانت مشكلة جميله عدم استطاعة أهلها أن يأخذوها من مكان سكنها إلى المدينة لتلقي العلاج، لفقرهم، فوالدها نفسه مريض بالفشل الكلوي، والمشكلة الأخرى أن الأطباء كانوا غير قادين على تشخيص حالتها، وهذا بسبب عدم توفر كوادر قادرة على تشخيص الحالات المرضية، ولسوء الحظ إن جميلة وصلت لمستشفى الثورة بالحديدة متأخرة، بسبب ظروفهم المادية الصعبة. وفي الحديدة، وجدت مرضى ينتظرون دورهم على أبواب المستشفيات حتى يتلقوا العلاج والرعاية الطبية لفترة طويلة، كما وجدت الطواقم الطبية المنهكة، والتي تعمل فوق طاقتهم دون رواتب.


في كل يوم تصدرون إحصائيات عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن، ماهي جهودكم للحد من انتشار هذا الوباء؟
تدخلنا بالإستجابة السريعة لأكثر من ستة مستشفيات في العاصمة صنعاء وزودناها بالمستلزمات العلاجية، ونعمل سوية مع السلطات المحلية للحد من انتشار الكولرا والحد من تفشيه بشكل أكبر، ونبحث عن المشكلة الأساسية المسببة لانتشار الوباء. الشيء الذي فاجأني أن الناس الذين يتوافدون على المستشفيات يأتون من مناطق الريف والمناطق النائية البعيدة، والكل يبحث عن التطبيب ويبحث عن فرص بقائه على قيد الحياة.


لماذا تركز اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» على دعم المستشفيات والمراكز الطبية في اليمن فقط في الوقت الراهن؟
نحن نعمل في مجالات إغاثية متعددة في اليمن، ليس من اليوم؛ نحن نعمل في اليمن منذ عام 1962ولدينا مكاتب في صنعاء وتعز وعدن وصعدة، وفي القريب العاجل في الحديدة، نعمل في مجال توفير المياه النظيفة وتحسين خدمات الصرف الصحي وفي تقديم المساعدات الغذائية والمواد الأساسية ودعم الأنشطة الزراعية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، في حالات الطوارىء وغيرها، لكننا اليوم مهتمون بدعم مراكز إعادة التأهيل الحركي لذوي الإعاقة، لأنه بواسطة التطبيب والرعاية الصحية يستطيع الإنسان أن يواصل الحياة والمعيشة، إنقاذ الإنسان من الموت المحقق له هي رسالة سامية.


قبل مجيئك إلى اليمن، كانت لك زيارات لمناطق تشهد نزاعات مسلحة في سوريا والعراق، وأوضاعهم مشابهة للوضع اليمني، ما أوجه التشابه والإختلاف بين هذه الدول؟
سؤال ممتاز جداً. فعلاً أنا زرت مناطق النزاعات المسلحة في سوريا والعراق، والنقاط المشتركة بين سوريا والعراق واليمن هي أن المتضرر الأول والأساسي هم الفقراء الذين لا يملكون أي إمكانيات للتأقلم على وضع النزاع المسلح. عندما ينزحون لمناطق آمنة لا يوجد لديهم إمكانيات لاستئجار أماكن بديلة، تاركين كل شيء كانوا يمتلكونه من دخل مادي ومصدر رزق ومدخرات وكل شيء، مضطرين للإستعانة بالمساعدات، سواء من المجتمعات المستضيفة أو من الدولة والسلطات المحلية، أو من المنظمات الإنسانية.


هل وضع اليمن يعتبر الأسوأ مقارنة بسورية والعراق؟
لا، لا يمكن المقارنة أبداً، اليمن أفضل حالاً من كلا البلدين. مثلاً: حجم الدمار في مناطق ومدن سوريا كبير جداً، يفوق كل التوقعات. وفي العراق، نفس الحال، هناك مدن، مثل الفلوجة والرمادي، مدمرة بشكل شبه كامل، وهناك مدن في سوريا والعراق ملوثة بأسلحة جرثومية خطيرة. وحتى يستعيد الناس حياتهم الطبيعية في تلك المدن يحتاج ذلك إلى جهود جبارة من الدول والمنظمات، حتى يتم تنظيف المدن من مخلفات الحرب القاتلة.


لكن في اليمن هناك دمار أيضاً للمدن والبنية التحتية؟
نعم، هناك دمار، لكن لم تدمر مدن بأكملها. صحيح تم استهداف مستشفيات ومدارس ومصانع ومحطات وخزانات مياه... مشكلة اليمن عن سوريا والعراق أن حالة الفقر في اليمن كانت قبل النزاع المسلح الأخير مرتفعة بشكل كبير، تدهورت الأوضاع بشكل أكبر.

أخيراً أعلنت «الصليب الأحمر» مضاعفة ميزانية المساعدات المقدمة منه لليمن، ما دلالات ذلك؟
كون أن 70 في المائة من السكان في اليمن يحتاجون إلى شكل أو آخر من أشكال المساعدات الإنسانية، فإن «الصليب الأحمر» ضاعفت ميزانية المساعدات إلى اليمن هذا العام إلى أربعين مليون فرانك سويسري، بالإضافة إلى الميزانية السابقة، وهي 45 مليوناً، فإن إجمالي الموازنة لليمن ستكون 90 مليون دولار كمساعدات إنسانية، وسنوسع مكاتبنا. سيكون لدينا مكتب كبير في الحديدة، وسيعمل فيه 15موظفاً أجنبياً، بالإضافة إلى 40 موظف يمني، وهذا الرقم يعتبر كبيراً بالنسبة لـ«الصليب الأحمر»، وهذا مؤشر على اهتمامانا القوي بالأوضاع التي يمر بها اليمنيون.
وجهت لكم اتهامات متبادلة بميلكم وانحيازكم إلى طرف ضد طرف في اليمن؟ ما هو ردك؟
دائماً يعقد مسؤولين في «الصليب الأحمر» لقاءات فردية بين مسؤولين من كل أطراف النزاع المسلح في اليمن. ونحن كما يعلم الجميع منظمة محايدة إنسانية مستقلة، تتواصل مع كل الأطراف لكي تستطيع الوصول إلى المتضررين بغض النظر أين وجد أولئك المتضررون، سواءا كانوا تحت سيطرة حكومة ما أو جماعة معينة، نركز على المتضررين النازحين ومن يعيشون على خطوط التماس في أي منطقة، ولمن هم بحاجة لمساعدة، إذ إن أكثر من 16 مليون يمني هم بحاجه ماسة اليوم للمساعدة، منهم النازحون أو من يعانون من أمراض مستعصية، أو من تضرروا مباشرة جراء اقتتال أو قصف، وهم أولوياتنا.


هل تملي عليكم بعض الدول شروطها عندما تقدم لكم مساعدات مالية، كالسعودية مثلاً عن طريق «مركز الملك سلمان» الذي أعلن أخيراً أن أكثر من 70 في المئة من قيمة المساعدات الدولية لليمن تقدم منهم؟
شكراً على هذا السؤال. لكي نستطيع أن نوضح المبدأ الأهم الذي نعمل عليه، وهو الإستقلالية، وماذا تعني الاستقلالية، مرة أخرى أقول نحن منظمة محايدة ومستقلة، بمعنى أن كل الهبات والتمويل الذي يأتي إلينا من الدول المانحة أو الحكومات أو الأفراد أو أي شخص، أؤكد لكم أن أي أحد لا يستطيع أن يملي علينا أو يفرض علينا شيئاً معيناً أو يوجهنا، لا يستطيع أحد أن يفرض علينا أن نقدم مساعدات لفئات ديموغرافية معينة، نحن نحدد ما هي الحاجات الإنسانية الطارئة والعاجلة.


يشكو البعض في الشمال أو الجنوب من أن المساعدات لا تصل لمستحقيها، كيف يمكنكم أن تتأكدوا من ذلك؟
طبعاً عملنا في «الصليب الأحمر» غير بقية المنظمات العاملة في اليمن، نحن دائماً على الأرض ونقترب من الناس التي تحتاج للمساعدة، نقوم بزيارة للمستشفيات ولدينا طواقم طبية دائمة متواجدة على مدار العام، ونقدم المساعدات الإغاثية للمجتمعات النازحة، نتحدث معهم لكي نعلم ما هي احتياجاتهم، نذهب لتقديم المساعدات، على سبيل المثل لإعادة تأهيل البنية التحتية للمضخات ومراكز المياه وشبكات المياه والصرف الصحي، ولدينا تعاون وثيق مع السلطات المحلية، لنعاين بأعيننا ما هو الوضع، لا نتكل على تقارير تم رصدها في مؤسسات ومنظمات أخرى، نقيم الوضع بأنفسنا ثم نقدم المساعدات بأنفسنا.


أنتم المنظمة الدولية الوحيدة في اليمن التي لها حق القيام بجهود في قضية تبادل الأسرى، حدثنا عن العراقيل التي تواجهكم في ذلك؟
في آخر بيان صحافي أصدرته اللجنة الدولية لـ«الصيب الأحمر»، طالبنا أطراف النزاع في اليمن بالسماح لنا بزيارة المرضى القابعين في السجون، ولنا أنشطة سابقة في هذا المجال، كون زيارة الأسرى والأشخاص المحرومين من حريتهم تعتبر أولوية لنا، حيث رعينا عدة عمليات لتبادل الأسرى، وراقبنا ظروف المعيشة في مختلف السجون، وقدمنا مساعدات ومستلزمات عينية لهم، ونحن المنظمة الوحيدة التي تزور السجون ومراكز الإصلاح والتأهيل في جميع أنحاء العالم.


كيف تردون على من يتواصل معكم من ذوي الأسرى والمحتجزين في مختلف السجون اليمنية؟
لكل حالة مقالة. هناك محتجزون في قضايا شتى، وكلها في إطار النزاع المسلح الحاصل في اليمن.


ما هو توصيف «الصليب الأحمر» للنزاع المسلح في اليمن؟
النزاع في اليمن يعتبر نزاعاً مسلحاً غير دولي، لأن الأطراف المتنازعة هي يمنية، والنزاع الدولي هو نزاع بين دولة ضد دولة أخرى.


وماذا تعتبرون ما تقوم به السعودية في اليمن هي وبقية دول «التحالف العربي»؟
طبعاً أنا لست قانونياً.


أنا أسألكم عن معاييركم وتوصيفكم أنتم في اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر»؟
هناك معايير كثيرة، ولكن لكل نزاع مسلح له حالة خاصة، وكلها تندرج ضمن إطار القانون الدولي الإنساني المعروف. مثلاً، دولة غزت دولة أخرى بجيش نظامي، هذا يعتبر نزاعاً مسلحاً دولياً، وطبعاً هناك معايير محددة: هل هو نزاع مسلح؟ أم لا؟ ولكن دورنا، سواء كان هناك نزاع مسلح دولي أو غير دولي، هو حماية ومساعدة ضحايا النزاعات المسلحة وأعمال العنف الداخلي على نحو يحفظ سلامتهم الجسدية وكرامتهم، وهذه هي الغاية من نشاط «الصليب الأحمر».
سؤالي هنا إنساني بحت: بعيداً عن السياسة، استوقفني موقف ناشدت فيه امرأة يمنية مسؤولة في «الصليب الأحمر» تطالبها مساعدة «الصليب الأحمر» بفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الإنسانية، هل هناك جهود في هذا الإطار؟
دائماً ما نطالب بحماية المرافق المدنية كالمطارات والموانىء، كميناء الحديدة، والتي تأتي من خلالها المواد الطبية ويتم سفر المدنيين. نطالب دوماً بحماية دور العبادة والمستشفيات وحماية البنية التحتية، كالمدارس أو أي شىء آخر، لأنه لا يجوز استهداف تلك المنشآت من قبل أي طرف، كونها ليست منشآت عسكرية.


جهودكم في إحلال السلام؟
هناك جهود، ولكن مهمتنا في الآونة الأخيرة مساعدة وحماية متضرري الحرب.


أخيراً، احتفلتم بذكرى يوم تأسيس اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر»، ما هو الدعم الذي تقدموه لـ«الهلال الأحمر» اليمني؟
هم شركاؤنا في الإنسانية والمساعدات الإغاثية. نعمل معهم في مجالات متنوعة، مثلهم مثل «الهلال الأحمر» العراقي، أو السوري، أو «الصليب الأحمر» اللبناني، وهذه ما تسمى بالجمعيات الوطنية، إن كانت «هلال» أو «صليب»، وهي جزء من الحركة الدولية لـ«الصليب» التي تعد أكبر حركة إنسانية في العالم.


في الختام، هل تغيرت الصورة الذهنية التي كانت مرسخة لديك حول اليمن بعدما زرتها؟
كنت أسمع أشياء إيجابية كثيرة عن اليمن، ولسوء الحظ أنني قمت بزيارتها في هذا الوقت. وبالرغم من ذلك، الشعب اليمني شعب طيب، استقبلوني بحفاوة وتقدير، واستطعت أن أعاين بعض المناطق في صنعاء والحديدة عن قرب. وإن شاء الله تقدّر لي العود إلى اليمن، لأرى كل المناطق الجميلة في البلد الجميل، وإن شاء الله يقدّر للشعب اليمني أن يتخطى النزاع المسلح.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24