الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن .........والقلم
بائع السكريم !!! - عبد الرحمن بجاش
الساعة 09:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)




لمست حبيبات المطر وجهي , فاغرتني بالخروج من السياره , قلت لعبد العزيز : ساسير راجلا , ستجدوني امامكم , لم اترك له فرصه لان يستفسر عن السبب , اذ لم يوجد غير اغراء المطر الخفيف الذي تساقط على مول الجندول وما حوله سببا, الشوارع تشي حالتها بنوع من الاسترخاء المحبب , كانت الساعة تشير الى الثانية عشره قبل الظهر . 
 

انعطفت الى الشارع الجانبي الآخر , كانت هناك مدرسة آزال وتلك الطريق التي عبرتها جيئة وذهابا طوال سنوات عمر الطفوله للاولاد الاربعه ذكورهم وانثاهم , كنت احدث نفسي باشياء حميميه , دعمتها باستحضار خيالي في ذكريات دافئه , لا تزال آثارها ترتسم على جدران مررت بها , واخرى مرت بي . 
 

في شارع ايران الرئيسي تبدى الزحام في اوج حضوره !!! , لمحت من على البعد عربيه من تلك التي تجري بثلاث عجلات , ابتسمت عندما اقتربت مني , تذكرت عربية الروتي , وانا هنا اعيد تكرارها الممل قاصدا استفزاز من يخجلون من تاريخهم الشخصي , اذ بعضهم يحاول ان يوحي لك انه جاء على عربة من ذهب !!! , ويتناسى معاناته , وكانها امر معيب , بينما هي بالنسبة لي ولآخرين يحترمون القيمة الاخلاقيه للعمل وسام على صدورنا . 
 

افسحت للعربية الطريق الذي ضاق بيني وبين سيارة وقفت فجأة , لكنها توقفت بمحاذاتي , , وصوت: (( اهلا يا استاذ )) , يحيى , اشتغل يا استاذ , ابيع السكريم , ماذا افعل ؟ هل اموت واولادي جوعا ؟ امسكت براسه وقبلته : بالعكس انت هنا تعلي مقام العمل كقيمه اخلاقيه , وتعلي قيمة الانسان , وتقول للمتخمين : نحن ملح الارض , بددت خجله المشوب بالارتياح . 
 

يحيى لا يهمني من اين هو , من مطلع , من منزل , زيدي , شافعي , جني , ام الصُبيان , ما يهمني ان له كتابين هامين فاجأني بهما ذات يوم , فاكبرت به الكلمة وتألق به الحرف !!! , هو الآن يبيع السكريم حفاظا على كرامة حافظ عليها بدمه ولحمه , ولم يابه لسفر الراتب الى غير رجعه , الى بلاد تعرفها سلطتا الامر الواقع هنا وهناك !!! , هكذا اسميهما حتى تضمنان حق من حقوق الانسان لقمة كريمه بدون معايره !!! . 
 

اين الذين عينوا ابناءهم هناك يرون يحيى واولاده ؟ واين من ارتفعوا برتب الاولاد الى قمة التراتبيه العسكريه نهبا للحق العام ؟؟؟ , تعالوا شوفوا يحيى يضع كتبه في البيت ويترك القراءه مؤقتا , ويخرج بحثا عن الرزق على عربية بثلاث عجلات !!! . 
 

العمل شرف , بل قمة القمم الاخلاقيه , لكن ان تخرج لان هناك من حرمك من مرتبك هكذا بدون حق , فيصبح الامر مرهقا للذاكرة والتذكر , اولادك يموتون جوعا وهناك من ينبري يصفك بانك مجرد (( طرطور )) لانك قلت اريد راتبي لياكل اولادي , اعطاني يحيى واحد سكريم , التقطت للسكريم لقطة للذكرى , واصلت مسيري , وفي يدي احلى آيسكريم بلغة اسافل القوم وبلغة البسطاء سكريم من عرق المتعبين . 
 

شكرا يحيى , فقد اعليت القيمه للانسان , وقذفت بالمدعين جورا انهم يمثلونك الى قاع الخزي . 
لله الامر من قبل ومن بعد .

17 يوليو 2017

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24