الخميس 28 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
التدوين المختلف لسيرة المكان..
لقطات عالية الخصوصية من عوالم شارع المطاعم - زياد القحم
الساعة 11:47 (الرأي برس - أدب وثقافة)





المكان.. البطل
***

 

شارع المطاعم هو مساحة صغيرة في مدينة صنعاء يرتادها كثير من المشتغلين في الثقافة والإعلام والفنون، وتمثل المطاعم الشعبية والمقاهي البسيطة المفتوحة على هذه المساحة ملتقيات متنوعة، تجمع الكثير من البشر من مستويات اجتماعية مختلفة ، وتنويعات من أصحاب المهن ، والعسكريين القدامى ، والمبدعين والشحاذين والمختلين، وعموم الناس ..
 

في هذا الكتاب اثنا عشر نصا قصصيا متقن اللغة، قوي الفكرة ، مدهش في الاشتغال على الشخصيات، وبمناسبة ذكر الشخصيات فإن كل قصة تحتوي على بطلها الخاص، مع البطل المشترك بين جميع القصص وهو المكان : شارع المطاعم.. يقول حسن القوطي _بطل القصة العاشرة _ عن هذا المكان: " لقد أحببت هذا المكان.. إن فيه روحا تواسي الحزانى والمتعبين من الحياة.. الذين يأتون إلى هذا الشارع هم غالبا أشخاص خسروا شيئا ما ، وحين يجد المرء أمثاله تستريح نفسه وتهون عليه خسارته .... إنه شارع المهزومين"
.. أما بطل القصة الأولى "مكي" فيقول:
" ومن الناحية الفلكية يقع شارع المطاعم تحت تأثير برج الدلو الذي يجذب الشباب المحب للحرية . والطبقة المثقفة ، ويكون الجو في هذا النطاق مولدا للأفكار الجديدة والصرعات الغريبة "
تقدم العبارة السابقة وصفا جيدا لمكانة المكان، لكن ورغم كونه مكانا ذا أهمية إلا أن شارع المطاعم سيحمل من الآن دلالة مختلفة .. بمعنى أن صدور كتاب: "ناس شارع المطاعم " للروائي والقاص والكاتب المعروف/ وجدي الأهدل.. يمثل متغيرا كبيرا وفارقا في سيرة هذا الشارع، والكتاب في الوقت نفسه هو أهم الآثار التي أفرزها هذا الملتقى التلقائي المميز .

***
 

مهارة نحت اليوميات
***

من خلال العنوان ندرك أن هذا الكتاب هو تحد كبير لتقديم عينة من يوميات ذلك المكان في عمل فني حقيقي .. من خلاله يقدم المؤلف مادته السردية المدهشة المختلفة ، ويلتفت إلى مناطق في الروح وإشارات في العقل ربما يراها الناس ولكنهم لا يتمكنون من إقامة عبادة التأمل الخالص معها. . أو لا يمتلكون أن يستشعروا التفاصيل الحساسة والخطيرة فيها.
 

أبرز نقاط القوة في هذه النصوص المنحوتة على صخور الوجدان وجدران الوعي هو ذلك التمكن اللافت من نفسيات الشخصيات .. وما يمثله ذلك من مقدرة غير عادية يمتلكها المؤلف في الإمساك بأرواح الشخصيات من أبعد سر وأقرب أثر.
***

 

 

تحالفات الواقعية والفنتازيا
***

فكرة بناء هذه النصوص، والمشترك بينها يوجهها في اتجاه إجباري واحد يؤدي إلى الواقعية، يكتب عن مكان نعرفه، وأحداث ليست غرابتها كبيرة، وشخصيات هي نحن بدرجة ما ومن زاوية ما ، ومع ذلك فإن النص يقودك بسلاسة ومهارة وهدوء في اتجاه مغاير تماما ، إذ تكتشف في لحظة ما بأنك تقرأ فانتازيا جلية .. خلطة السرد الجميلة بين الواقعي والغرائبي في حالة انسجام تخدم الفكرة وتميز خط المعنى ..
 

في نص "ثورة الريحان" يستثمر الكاتب أحداثا معروفة ويرويها على لسان شخصية حقيقية ، تحكي الشخصية ما كان وما هو قابل للحدوث .. ثم يتفاجأ القارئ بأن السارد وهو يحكي أحداثا بدأت منذ فبراير 2011 .. يتجاوز وفاته شخصيا في ديسمبر من نفس العام ، ويستمر في سرد سيرته حتى فبراير 2021. .
 

وكذلك تستمر الانتقالات المفاجئة من واقعية قوية إلى غرائبية بعيدة أو غير بعيدة في "حياة بلا ثقوب" و "نيما الكاتب" وخاتمة قصة "عبير" وكذلك في "الانتحاري" 
تلك إشارات إلى المزج بين الواقعية والغرائبية. . مع وجود قصص خالية من الفانتازيا مثل "حسن القوطي" وقصص فانتازيا لم تكن واقعية إلا بما يخدم السياق الفانتازي مثل : "الوضع الأخلاقي في عام 2100" و "سكان كوكب نبتون"

منقولة من مجلة أقلام عربية...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24