السبت 27 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
العلماء كشخصيات روائية وممسرحة - هيثم حسين
الساعة 15:57 (الرأي برس - أدب وثقافة)


هناك روائيّون وظّفوا شخصيّات مفكّرين وفلاسفة آخرين كفرويد وسارتر وغيرهما في أعمالهم باحثين عن تجديد خطابهم من خلالهم.

قد يتّخذ الروائيّ أو المسرحيّ من حياة وأفكار وإنجازات شخصيّة علميّة أو فكرية أو فلسفية ميداناً لعمله، بحيث يجعله وسيلة لتقديم تصوّراته المعاصرة، أو ما يفترض أنّه كان ليؤمن به أو يناضل في سبيله، لو قيّض له الانبعاث أو الوجود في زمن الروائيّ الذي يكون زمناً معاصراً عادة، أو مستدرجاً إلى عصره.
يتمّ تحيين الزمن بالنسبة إلى الشخص المبتعث في العمل الأدبيّ، بغية إضفاء تجديد على صورته، أو للحاجة إلى إعادة تفعيل آرائه وأفكاره وما أثاره في زمنه، يكون محطّة للكاتب الذي يقوم بتوظيف اسمه وحياته وأفكاره في عمله الجديد.
كان الأميركي إرفين د. يالوم قد اتّكأ في روايته “عندما بكى نيتشه” على محطّات من حياة الفيلسوف الألمانيّ فريدريك نيتشه (1844 – 1890)، موظّفاً جوانب من أفكاره ومتخيّلاً مشاعره المفترضة في مواقف يضعه فيها، وهناك روائيّون وظّفوا شخصيّات مفكّرين وفلاسفة آخرين كفرويد وسارتر وغيرهما في أعمالهم باحثين عن تجديد خطابهم من خلالهم.
ربّما تكون شخصية العالم الفيزيائي الألماني ألبرت أينشتاين (1879 – 1955) الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1921، من الشخصيات البارزة الحاضرة في الأدب، وقد احتلّ دور البطولة في أكثر من عمل أدبي، من ذلك مثلاً “أحلام أينشتاين” للروائي والفيزيائي الأميركي آلان لايتمان الذي تخيل أينشتاين في مرحلة شبابه، في الشهور السابقة لإتمامه اشتغاله على نظريته النسبية.
هناك الفرنسي إيريك إيمانويل شميث اختار أينشتاين ليكون بطل مسرحيته “خيانة أينشتاين” التي يقدم فيها تصوّراته التي يلبّسها لأينشتاين، أو تصوّرات أينشتاين التي يوظّفها في خدمة عمله، لتقديم رؤاه عن السلام والتسامح والقيم الإنسانية السامية في زمن الحرب والتدمير والعنف، وذلك من خلال التذكير بآرائه المناهضة للحرب ونزوعه إلى الدفاع عن السلام العالمي الذي كان ينشده.
يشير شميث في عمله إلى دور العلماء في تنبيه الساسة إلى خطورة ما يقدمون عليه في الحروب، ووجوب إبداء موقف صارم تجاه النزاعات والعنف، وتسخير التقدم العلمي في خدمة الإنسانية وتطويرها، وتحقيق رفاهية الإنسان، لا التنكيل به وتدمير الكوكب الأرضي وجعل العلم وسيلة للدمار لا للبناء والتقدم.
لا يمكن القبض على غايات الكاتب المستعين بشخصيات علمية أو فلسفية أو تاريخيّة في عمله بالضبط، لكن من الممكن الإشارة إلى أنّه ربّما لا يسعى إلى تجديد خطاب الشخصيّة المبتعثة التي يوظّفها في عمله فقط، بل يتّخذها وخطابها كوسائل أدبيّة وتقنيات مشروعة لإرسال خطاب جديد باسمها، ومن خلالها، وربّما يبقيها عتبة على سلّم البحث عن الشهرة التي يحلم بها من خلال الاتّكاء على شهرة سابقة لشخصية حقّقت إنجازات لافتة وتمتّعت بشهرة ذائعة عابرة للأزمنة والأمكنة.
كاتب سوري

منقول من صحيفة العرب ...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24