الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أدفع الآن ثمن سرقاتي - جلال الأحمدي
الساعة 13:45 (الرأي برس - أدب وثقافة)


   
جلال الأحمدي، ولد عام 1987 في تبوك بالمملكة العربية السعودية، لأسرة يمنية كبيرة، وبسيطة، بين عشرة أخوة متراصين كتفا إلي كتف في غرفتين وممر ضيق في بيت شعبي وسط حي نصفه صنادق من الصفيح والخشب. ورغم أنه لا علاقة لعائلته بالكتابة أو بالأدب لا من قريب أو من بعيد، إلا أنّ الصدف شاءت أن تجمعه بهما. 

 

كانت بدايته مبكرة جدا، في عمر التاسعة، يتذكر الأحمدي: »كنت ألعب حافياً في الشارع بينما ينقل »‬أبومعتصم»‬، والذي كان قد انتقل للتو مع عائلته، صناديق من الكارتون، وبين حين وآخر تسقط منها بعض الكتب، كان المنظر غريبا بالنسبة لي وغير مفهوم، فأنا لم يسبق أن رأيت هذا الكم الهائل من الكتب كما أنني اعتقدت في بداية الأمر أنها مجموعة مصاحف، مثل تلك التي توجد في مسجد الحي. مع مرور الوقت صرنا تقريبا عائلة واحدة، صار مسموحا لي أن أتنقل في منزلهم الكبير  مقارنة ببيتنا  بحرية، ففي منتصف وقت الظهيرة تحديدا، حين تصبح الشمس في أصعب مزاجاتها أنتظر إلي أن تنشغل أم معتصم بإعداد الطعام وأتسلل إلي غرفة النوم، ودون تفكير أفتح أول صندوق وأسرق أقرب كتاب أخبئه تحت ملابسي، أو أرميه من نافذة الطابق الثاني، ثم أنزل وألتقطه وأهرب به إلي سطح منزلنا، حيث خزان ماء فارغ من الزنك، وفي شدة الشمس أقعد هناك أتصبب عرقاً و أقرأ، لم أفهم أغلب ما قرأته، كنت أعتقد أن العلة بي، مع ذلك كنت مستمتعا، ومنجذبا بلا هوادة أو توقف. وهكذا من كتاب إلي آخر، من (الرحيق المختوم) إلي (ألف ليلة وليلة)، ومن (المستطرف في كل فن مستظرف) إلي (حادي الأرواح في بلاد الأفراح) ومن (الروح) إلي (المتنبي)، الأخير استوقفني أكثر من سابقيه، ومن هنا صرت أكثر انتقاء في سرقاتي القادمة. الحكاية باختصار هي أنني يوما ما سرقت كتاباً وها أنا أدفع ثمن ذلك الآن».
 

نُشر للأحمدي أول نص حين كان في السابعة عشرة، وفي نفس العمر فاز بأول جائزة في الشعر. تدرج علي الأشكال الثلاثة، العامود والتفعيلة قبل أن يدخل في النثر، حيث لم يكن مدركا ما يريد الوصول إليه، لكن بعدما قطع شوطا كبيرا في كتابة الشكل العامود والتفعيلة، ساعده ذلك في فهم التداخل والاختلاف بين الأشكال الثلاثة والابتعاد عن المشاركة في الخلاف حول الأمر، وأثناء ذلك كان قدر الإمكان يسعي لقراءة الموروث الشعبي والتراث، ثم انتقل إلي اليمن منذ 2007 بشكل شبه دائم وواصل الأمر، وكان هذا المنعطف هو نقطة التحول في أفكاره وحياته وكتابته.
 

منذ شهور، أرسل له صديق رسالة عبر الفيس بوك، تحمل رابط مسابقة عفيفي مطر للشعر، فكر مليا ثم شعر بالسرور وأخذ قراره بعد قراءته للأسماء التي ستُحِّكم الأعمال، فضلا عن أنها تحمل اسماً واحداً من أهم وأكبر الشعراء، فحسمه أمره وتقدم قبل شهر من غلق باب المشاركة بديوان »‬درج البيت يصعد وحيداً»، الذي فاز بمخطوطه من قبل بجائزة »‬عبدالعزيز المقالح» في اليمن، وهو كتاب من القطع المتوسط، صادر عن دار مسعي »‬كندا  البحرين»، حاول فيه أن يقدم تسلسلا لرؤيته في رواية الأحداث بشكل شعري، أمور متداخلة ومرتبطة بفصول مختلفة، موقعا بإهداء إلي حبيبته نور. يعد الديوان الإصدار الرابع له، بعد »‬أن أخرج الغابة من صدري»، »‬لا يمكنني البكاء مع أحد»، »‬شجرة للندم أو أكثر».
 

بعد فترة فوجئ باسمه بين الفائزين، بل وبالمركز الأول، غمرته السعادة، وقال لنفسه »‬شيء من الفرح في ظل ما نعيشه لن يضر»، خاصة عندما تحمل اسم مطر، يقول الأحمدي: »‬يجب أن أشكر القائمين علي الفكرة، شاعر بقامته وأهميته كان يجب أن يُكرَّم اسمه وأن تهتم الجهات المسئولة بهذا الأمر، لكن رغم الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة عموما ومصر خصوصا ورغم الإهمال الحاصل في حق الشاعر، إلا أنهم استطاعوا أن ينجحوا في مسعاهم وأن يتركوا أثرا جميلا نتمني لو يستمر، شاعر بحجم عفيفي مطر أو أمل دنقل أو صلاح عبدالصبور مثلا، ظاهرة ليس من السهل أن تتكرر، والتكريم باسمه وفي الدورة الأولي، حكاية ستبقي عالقة في ذهني وحياتي وتجربتي».
 

يقيم جلال الأحمدي في ألمانيا حاليا، حيث بدأ مؤخرا في تعلم اللغة، وشارك في أكثر من ورشة من أجل الترجمة بين شركاء كتاب من ألمانيا ومن الكتاب العرب من أجل التحاور والتعرف بين الشعر الألماني والعربي، كما يعمل علي كتابة مقدمة لمختارات من الشعر اليمني، حول النص المكتوب في وقت الحرب، وهو جمع وتقديم كل من أحمد العرامي وجلال الأحمدي، ربما يري النور قبل نهاية العام الجاري.
 

قصائد
ولأنّكِ ذاكرتي من الفرح
وحصيلتي من بذخ النّسيان
ولأنّني أحبّكِ
أريدكِ لكلّ الحياري،
لعاملٍ بناء وحيد وأعزل في البرد،
لسائق حافلة عجوز أضاع طريقه في العتمة،
وللعشّاق المخذولين كذلك
أريدكِ حتّي لألم الـ »‬آسف »‬ ووداعا ً»
تماماً
كما أردتكِ ذات مرّةٍ
لنفسي.

>>>
 

لا أعرف ماهو الوقت،
هل عليّ أن أعرف ؟
ما الفرق إن قلت لكِ التقيتكِ الساعة الماضية؟
أو الحديقة الماضية؟
أو الضّحكة الماضية؟
الساعة ستتوقّف
كما أنّ الحديقة ستموت
والضّحكة تنسي.

>>>
 

يجب أن أقول »‬أحبّكِ»
الآن..
لأنّني قليلاً ما أعثر علي الكلمات
في الوقت المناسب.
قليلاً ما أفتح فمي
دون أن يكون ذلك من أجل ..
إطلاق صرخة
أو افتراس ندمٍ.
قليلاً ما أمدّ يدي بسعادةٍ
خارج قانون الغابة.
قليلاً ما أغمض عيني
فأجدني دون قفص في الدّاخل.

منقولة من صحيفة أخبار الأدب المصرية...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24