الخميس 28 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
كلام سياسي | «التحالف» وإغلاق المطارات... بين الحرب و«التمويل»
الساعة 20:40 (الرأي برس - عربي )

«التحالف» قانونياً وأخلاقياً يعلم أنه هو من صنع هذه المأساة وفي اليمن هو من يضاعف حجمها جرّاء تصرّفاته الغريبة

أعلنت الخطوط الجوية اليمنية إلغاء كافة رحلاتها من اليمن وإليه، يوم الخميس الماضي، لعدم الحصول على تصاريح التشغيل لرحلاتها من قبل دول «التحالف العربي»، بحسب تصريح وزعته على وسائل الإعلام المختلفة.


ما يعني بالضرورة مضاعفة معاناة وأوجاع المواطنين الراغبين بالسفر من وإلى الداخل، والذين يعانون بالأصل من صعوبة السفر إما بسبب ندرة الرحلات النابعة أصلاً من العدد القليل للطيران «طائرتان فقط هي التي تسيّر رحلات للشركة اليمنية» أو من صعوبة الحصول على تأشيرات السفر لكل دول العالم من دون استثناء أو بسبب المبالغ الباهظة لأسعار تذاكر السفر الناجمة من مضاعفة التكاليف المالية المختلفة مثل زيادة قيمة التأمين والضرائب المتنوعة أو من الإغلاقات المتكررة للمطارات - على قلتها - بين الحين والآخر، وغيرها من الأسباب القاهرة التي يكابدها الناس منذ ثلاثين شهراً.


يضاف إلى هذه الأسباب مسألة الإغلاق المستمر وغيرالمبرر لمطار صنعاء من قبل دول «التحالف»، فضلاً عن الإغلاق المستمر منذ بداية الحرب في آذار مارس 2015 لمطارات الحديدة وتعز والمكلا وسيئون، وهذا الأخير يفتح حيناً ويغلق أحياناً كثيرة.


وحين نستغرب إغلاق مطار صنعاء، فهذا الاستغراب له ما يبرره، ويبحث له عن إجابات باعتباره تساؤلاً أخلاقياً مشروعاً بذات القدر الذي هو حالة استغراب وحالة استنكار إنساني أيضاً بعيداً عن أية اعتبارات وحسابات سياسية.

وعطفاً على ما تقدم نقول:

لماذا يتم إغلاق مطار لا يستخدمه «الإنقلابيون» كما يحاول «التحالف» أن يبرر؟ فهو مطار لكل المحتاجين من مرضى وجرحى وطلاب دارسين ومغتربين ومضطرين، وهنا يغيب لدى دول «التحالف» (السعودية والإمارات) الجانب الإنساني ناهيك عن الأخلاقي بشكل واضح وجلي ويقدمها على أنها دول لا تأبه للجانب الإنساني بشيء، في بلد مزقته الحرب وأنهكته السياسة ويزيد من حالة التذمّر التي تتملك المجتمع الدولي جرّاء الوضع الإنساني المتدهور، هذا علاوة على سخط المجتمع الدولي من تزايد حالات الاستهداف المستمر للمدنيين جراء القصف الجوي، الذي وضع هذه الدول في دائرة الحرج السياسي.


ثم، طالما أن «التحالف» يتحكّم بالأجواء وبالمطارات التي يستخدمها الطيران المدني المغادر إلى اليمن ومنه، ويتم تفتيش كل طائرة بمطار بيشة السعودي وجيبوتي وغيرها من المطارات التي يتواجد فيها «التحالف» بالمنطقة، فلما التخوّف من بقاء هذا المطار تحت خدمة المحتاجين؟ خصوصاً أنه بالأساس سيستخدمه المواطنون الذين «لا لهم بالعير ولا بالنفير» في هذه الحرب، أما المقاتل «الحوثي» و«الصالحي» فهما لا يريدان أصلاً المغادرة وترك الساحة لسيطرة خصومهما في حرب مستعرة منذ أكثر من عامين ونصف!


يبلغ هذا الاستغراب مبلغه حين يأتي التبرير من قبل بعض المتضررين أنفسهم، وخصوصاً من بعض الجنوبيين الذين يرون أن هذا الإغلاق هو عقاب يستحقه «الحوثيون» وصالح! فهل يستخدم هذا المطار قيادات «حوثية» أو «مؤتمرية» أصلاً حتى نقول إن المتضرّر من إغلاقه هي هذه القيادات؟ وكيف ستغادر هذه القيادات وهي تعرف أن الرحلة ستتجه بها إلى أقرب مطار سعودي وستكون في الأخير بقبضة «التحالف»؟ إلا إذا كان هؤلاء المبررون يرون أن كل شمالي هو «حوثي» و«مؤتمري»، فهذا هو مبلغ آخر من ضحالة التفكير وسوء تقدير الأمور!


ثم، وهو الأهم هنا ونقوله لمن يعتقد أنه بعيد عن شرر المعاناة، فإغلاق مطار صنعاء وحتى الحديدة، لا يحول مطلقاً دون سفر الشماليين وخصوصاً المضطرين من مرضى والجرحى فجزء كبير منهم يلجئون بالتالي الى مطار عدن، فضلاً عن لجوئهم إلى السفر عبر البر منفذ الوديعة، ما يعني أن الطوايير الطويلة على دكة الانتظار في سجلات الرحلات من مطار عدن والقادمة إليه، والذين أغلبهم من الشماليين، ستكون من نسبة المقاعد المخصّصة للمواطن الجنوبي في عدن وباقي المحافظات الجنوبية، سواءً كان مغادراً عدن أو قادماً إليها، فمطارات العالم مكتظة بالمنتظرين لحق العودة.
تعـمّـد إغلاق مطار صنعاء يستهدف به «التحالف» زيادة عدد المسافرين عبر منفذ «الوديعة»

لا يخلو من الصحة قول القائلين أن تعـمّـد إغلاق مطار صنعاء يستهدف به «التحالف» إلى جانب مقاصد التركيع والإذل مقصد آخر يتمثل بتعمد زيادة عدد المسافرين عبر منفذ «الوديعة» الذي تسيطر عليه الشرعية، ممثلة بأولاد المرحوم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، حتى تتضاعف نسبة المسافرين من هذا المنفذ ليكون بالمحصّلة الأخيرة باب رزق طائل ومصدر مالي دسم للجهات التي تسيطر على هذا المنفذ، مما يخفف على «التحالف» عبء التكلفة المالية التي تضخها لرموز الشرعية.


خلاصة القول، ونحن نتحدث عن موضوع مهم شغل ويشغل بال الناس ويكابدونه منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو معاناة تعطيل وتكدير السفر من وإلى الوطن، فقد كان حرياً بـ«التحالف» بدلاً من تعطيل الرحلات - على قلتها وصعوبة الحصول عليها - أن يبحث للناس عن حلّ جرّاء هذه المعانات المستمرة ويمدّ يدّ العون لهم وتذليل مأساتهم.


ولن نذهب بعيداً ونقول أنه لزاماً على «التحالف» قانونياً وأخلاقياً أن يعلم أنه هو من صنع هذه المأساة وهو من يضاعف حجمها جرّاء تصرّفاته الغريبة وعدم اكتراثه لصعوبة أوضاع الناس، فهو المعني الأول بحلّها وهو من ستترتب عليه تبعاتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية والسياسية، وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية بحكم وجوده كسلطة تدير هذه الجغرافيا التي يعيش فيها هؤلاء الضحايا، بصرف النظر عن مشروعية وجوده من عدمها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24