الخميس 16 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
امرأة المرمر - أحمد السري
الساعة 17:47 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


وأنا أحدق في تنويعات الجبال الشُّم، 
في مكان مجهول الهوية والانتماء 
رأيتها تنحني، ويبتسم لي الصخر والشجر 
حسبتُني ملكاً تحييني الجبال بما استحق
ثمة أجنحة رفرفت حولي
حملتني، ارتفعت في الهواء وبلغت القمة. 
في القمة رأيت تمثال امرأة مرمرياً ينتصب بشموخ،
اقتربت، رأيت عيونا بشرية ترقب وتتحرك
تداعب وتغري 
لا أحد هنا سواي، وامرأة المرمر 
ويحيط بنا ليل قمري آسر
استعادت الجبال قوامها،واستوى الصخر والشجر 
امتدت أمامي قمم كثيرة،  وليس الا أنا وتلك المرأة الحجرية. 
 حجبت سحب كثيفة ضياء القمر
فانبثق نور من عيني المرأة وكل جسدها المرمري
أضاءت في العتمة كأنها كوكب دُرِّي
إنها تذكرني للتو بمن أعرف 
واحدة من لحم ودم
كانت ذات زمان نبضا دافئاً، ثم تاهت في دهاليز الأيام المعتمة. 
لعلها هي هنا وقد تحجرت
لكنها تضيء مع ذلك
تضيء مثل كوكب دُرِّي يستعيد ألق أيام سلفت.  
ومن هناك 
من تلك القمة السامقة 
والضياء يكشف مجاهل كل غيب، 
رأيت الناس
رأيت   الكنوز المخبأة
رأيت خرائط الحرب وسفن التجارة
رأيت الدماء والخراب
رأيت صفحات الأنفس والقلوب 
رأيت النهايات الفاجعة
ورأيت البحر يجف 
وتهاجر حيتانه بحثا عن مياه بلا بشر 
رأيت امرأة المرمر تتوسط قاع البحر الناشف
هناك استحالت إلى فاتنة مغرية
أخذت ترقص بكل فنون الغواية وألقها
تكاثرت حولها العيون في التو واللحظة 
عيون  شرهة تلتهم  الراقصة بشغف واشتهاء
قيعان البحر الساحرة تحولت إلى ساحات بكر للحرب والغواية. 
وفي مثل لمح البصر 
عاد البحر كما كان 
اختفت قمم الجبال 
واختفى الكوكب الدُّري
ووجدتني أنتفض في فراشي
مستعيذا بالله من كل شيطان رجيم. 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24