السبت 04 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
مات - جلال الاحمدي
الساعة 23:14 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


وكان اسمه عبدالسلام
ومع ذلك مات بقسوة
وأسهل ما في الموت قساوته
بالسرطان نفق 
وهم ينقلون جسده المتهالك، متصلاً بشبكة من خراطيش المحاليل المكلفة
عبر الحدود والمطارات
مستسلما مثل خرقة فوق سرير أبيض
لم يكن له أعداء 
صنع جسده واحداً
عدو الواحد مايجهل 
وعبدالسلام يجهل نفسه
وكان اسمه عبدالسلام
لا مشى على الماء
ولا عرف الظمأ طريقاً إلى أشجاره
يدخن بشراهة 
اف ام أزرق لايت
حين يوصلني بسيارته، يغيب عني للحظات خلف الدخان
وهو يدندن لحناً لأبو بكر سالم
أو يدخل في موال مع جورج وسّوف
يظهر ثم يختفي
كما لو يتدرب على شيء ما
وراق له
وبطريقة ما ظلّت على الدّوام تفوح منه رائحة الأشجار
 شواء شجرة وحيدة من نوعها في بريّة بعيدة، من الدّاخل
بعيدٌ وأسود ودافئ
لكن اسمه كما تعرفون
عبد السّلام
يعبد ما تعبدون 
ليس له أعداء
ويدخن، مدخنة حرفياً 
أثناء سيره في الشارع
خلال توقفه أمام مرآة الحمام للحلاقة
مع أولاده في سفرة الأكل
يدخن ويصمت أكثر ثم يدخن أكثر، أو يصمت
أيّهما أحبّ أكثر
لا يمكنني أن أجزم
ثم أسمع أنّه مات بالسّرطان
مات أكثر من مرة 
وأعادوه بأجهزتهم الحديثة التي تتصل بالكهرباء التي تعمل بالطاقة والتي بدورها تعمل بآليات وأدوات يتحكم بها أشخاص يعملون بالمال
ولهذا السبب على الأرجح نجحوا في إعادته وصفق الجميع لهم
أنا لم أصفق في الوقت الصحيح
عرفت مؤخراً من أمّي 
وصفقتُ لهم لأنّهم أعادوه 
ثم تذكّرت أنني أصفق في زمن غير صالح بالنسبة إلى عبد السلام 
لأن عبد السلام مات
وهو يقدر ألا يفعل
مات مع أشجاره
وجيوش سرطاناته
وسحابته العملاقة 
مات ودفنوه ثم ظهرت السحابة فوق المدينة
تقول أمي
واستمر المطر لعامين 
في البيت وخارج البيت
لم تثمر شجرة 
ولم يغرد طائر
مطر أسود من لحم وحجارة
ثم مع الأيام نسينا
وخرجت أشجار وطيور لا تعرف شيئاً عنه
الحجارة بنينا فيها بيوتا جديدة
واللحم أكلناه.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24