الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
عن العرف والدم
الساعة 16:33
أحمد طارش خرصان

قبل عدة أعوام سقط قتيلاً أمام منزله ، بعد أن التقطتْ عيناه ملامح قاتلٍ ، امتهن سفك الدم ومصادرة الأرواح .

أمام أعين القتلة بثيابه التي لم تتجاوز بنطلوناً وقميصاً ، سقط المهندس أجمد الحبيشي رحمه الله ، تاركاً على وجه التراب حكاية مدينةٍ ، ظلت فريسة الإنتهاك والإذلال العنصري المناطقي البغيض .

غادر الشهيد أحمد الحبيشي المهندس والمدني الذي ظل متشحاً بساطته وطيبته ، تاركاً الحياة وصوت الرصاص وهو يخترق جسداً نبت من حلال ، كحكاية مملؤة بعنجهية الإنتقاص والإستهانة بالدماء .

سقط أحمد الحبيشي شهيداً دون أن يمنح أطفاله القبلة الأخيرة ، ودون أن يمنح قاتليه شرف الإنتصار على مدنيته ، ليدعهم هناك ضحايا لخستهم ولؤمهم وتفوقهم المناطقي المنبوذ والمستهجن .

تناقلت المواقع الإخبارية ما قالت عنه بيان قبائل آنس المتضامنة مع المتهم بقتل المهندس أحمد الحبيشي ، وراح البعض يندد بمواقف الشيخ عبدالواحد صلاح محافظ إب تجاه القاتل وليد محسن راجح والمعروف بوليد الآنسي المتهم الرئيس بقتل الشهيد أحمد الحبيشي بهمجية متوارثة وبعنجهية أخدت من الشيطان غروره وطريقته في الإنتصار للذات المنتفخة .

لا زلنا في نظر أولئك مواطني درجة ثالثة ، لا تجد حرجاً في أن تقبل رأس ثور مقابل فقيدها أو زاملاً يمنح المقتول مشاعر الأسى ويصادر من أولياء دمه حقهم في الأخذ بحق فقيدهم وفق الشرع والقانون .
لم يقف أولئك ( مطلقوا البيان ) ولم يصدر عنهم موقفاً مندداً تجاه ما قام به المتهم وليد محسن راجح من إزهاق روح المدنية وقبلة التمدن المهندس أحمد الحبيشي ، وكأن أقدار إب أن تمنح أبناءها لأولئك القتلة مجاناً ، أو أنها صارت من الرخص بحيث لم تعد جديرة بالإلتفات لمواجعها ودماء أبنائها النازفة . 

تود قبائل آنس - بحسب البيان - إبتزاز الشيخ عبدالواحد صلاح ، ووضعه أمام عيب النكوث بالوعد - حين أعطى القاتل ( المتهم بالقتل ) وجهه كما يقولون - وزج به غياهب السجن المركزي ، وكأن الشيخ عبدالواحد صلاح إرتكب جرماً وعيباً أسوداً ، متناسين أن ما يقومون به هو العيب نفسه وقلة المروءة والشهامة .
يحاول المبتزون اللعب على هذا الوتر السائد في العرف القبلي ، وكأن المتهم وليد محسن راجح لم يرتكب جناية أودت بحياة أحد المواطنين ، دون أن يدركوا أن الشيخ عبدالواحد صلاح لا يشبههم في سلوكهم ، وإكباره لحرمة الدماء وفداحة الإسراف في إراقتها ، وهو يدرك أن دم المسلم مقدم على كل الأعراف والعادات والقوانين .

لا أدري كيف يفكر أولئك المتضامنون مع القاتل ، ولا كيف يديرون حماقاتهم بعيداً عن هذا الإستغلال والإبتزاز الرخيص...؟

لا أرى جرماً في ما قام به الشيخ عبدالواحد صلاح منذ البداية حيث تم احتجاز القاتل ( المتهم ) في مبنى المحافظة قياساً على أن الشهيد أحمد الحبيشي لم يفارق الحياة بعد ، وأن تسليم القاتل لنفسه هو البداية للحل، غير أن رصاصات الحقد كانت قد انتزعت روح أحمد الحبيشي ليفارق الحياة ، ملقياً على كاهل الشيخ عبدالواحد صلاح المسؤولية لتسليم القاتل إلى الأجهزة الأمنية المحتصة. 

ربما كان يود أصحاب البيان عقب وفاة الشهيد أحمد الحبيشي في مشفاه ، أن يوجه المحافظ صلاح بإطلاقا المتهم وليد الآنسي ومنحه الحماية الأمنية الكافية للحفاظ على سلامته ، دونما اعتبار لمن سقط قتيلاً. 
لم يقم المحافظ بغير واجبه ، فهو يعرف ما يتوجب عليه القيام به ولا ذنب له في أن يكون صاحب مروءة وشهامة ونبل ومسؤولاً منوطاً به الإنتصار لكل من سفك التفوق المناطقي دمه..

ربما علي أن أقدم الشكر للمحافظ من أهالي الشهيد أحمد الحبيشي رحمه الله ومن أبناء إب، إب التي لم تنسى جريمة الرعوي في مبنى البحث الجنائي بعد، ولن يكون بمقدورها التغافل عن جريمة وليد الآنسي المتهم الرئيس بقتل المهندس أحمد الحبيشي، كما ولن تنسى أن تشد على يد الشيخ صلاح وتذكره بوزنه الإجتماعي وواجبه كرجل مسؤول لا زعيم عصابة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24