الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
الإصلاح بين عصابتين
الساعة 21:56
أحمد طارش خرصان

إستمعت لبعض ما قاله شلال شايع مدير عام شرطة عدن حول الأحداث الأخيرة التي طالت التجمع اليمني للإصلاح ، من خلال مداهمة مقراته وإحراقها إضافة إلى إعتقال كوادره في محافظة عدن ، وبدواعٍ أمنية تكاد لا تخلو من هدف نبيل ، ربما تتفق و تجمع عليه كل القوى الفاشية والعصابات المنفلتة ، لتبرير سلوكياتها وانتهاكاتها وممارساتها المتطرفة تجاه معارضيهم ومناوئيهم. 

لم يقدم شلال شايع جديداً في تصريحه المقتضب ، ولم ينجح في تقديم نفسه كرجل دولة ، بالقدر الذي كان نموذجاً مطابقاً لرجل عصابة ، لن نجد فرقاً بينه وبين الحوثيين في الممارسة والإنتهاك ، متى أدركنا أن لا فرق بين ما يتعرض له الإصلاح في الجنوب أو الشمال .

يبدو أن القبح يكمل دورته ويتمدد - بسرعة غير متوقعة - على حساب ما تبقى من مساحات ضيقة للتعايش والتسامح ليشمل البلد برمته ، متجاوزاً كل إمكانية أو أمل بالخروج من هذا العبث الممول ، إختلف منتهجوه في كل شيء واتفقوا في الهدف / الضحية كما تظهره الأحداث المتتابعة من هنا وهناك. 

لم تكن المرة الأولى التي يتعامل فيها شلال شايع ومتطرفوا الحراك الجنوبي مع الإصلاح بتلك الطريقة ، إذ سبق أن تعرضت مقرات الإصلاح سابقاً لمثل تلك الإنتهاكات ولنفس السبب دونما حياء أوخجل أو قدرة على التفريق بين حزب خاض أكثر من ست عمليات انتخابية وبين جماعة ميليشاوية صعدتْ على أكتاف المظلوميات ، وبنهمٍ شديد محكوم بالضغائن والأحقاد تجاه جغرافيا كاملة ، لا ذنب للإصلاح في كونه الحزب الأكثر تمثيلاً للجغرافيا اليمنية ، لتطاله الإنتهاكات والإجراءات الأمنية من قبل الجميع وكأنه الشيطان الذي بمحاربته سنستعيد بلدنا ومؤسساتنا ، ونعالج ما أفسده المغرمون بذواتهم المنتفخة وأحلامهم الصادمة لحركة المعرفة والصيرورة الإجتماعية .

لا أقدم هنا عريضة اتهام لكل من التصقت بهم الهمجية وكانت التعبير الأوضح لكل ما يأتينا منهم ، ولست في مقام الدفاع عن الإصلاح ، إذْ يمتلك الإصلاح القنوات والأدوات القادرة على الدفاع عنه ، كما ولست بصدد تقييم تجربة الإصلاح وتشريح تاريخه السياسي ، والوصول إلى تعميمات قد تفصح وعلى هذا النحو..( كم أن الإصلاح سيء..) ، لكنني هنا أمام همجية مسنودة برغبة - ليست يمنية - وصلف أرعن ، يحاول أن ينصب نفسه حارساً للفضيلة وقائداً وطنياً لا يمكن التشكيك بوطنيته أو النيل من نبل هدفه ، مهما كان الإجراء صادماً ومتجاوزاً حدود البروتوكول واللياقة والأدب لا الدستور والقانون .

يستدعي الحراكيون ضغائن وأحقاد إقليمية لا تنظر لليمن إلّا بالقدر الذي يكون ملبياً لمطالبها ومحافظاً على مصالحها ، والإطمئنان لواقع لن يمثل لهم صداعاً مزمنا على المدى البعيد ، وهو ما تكفل به شلال شايع ودون مساحيق تجميل ، وبيقين من يقدم خدمة وطنية لا هدف لها سوى تنظيف عدن من بؤر وخلايا الإرهاب .

يستسلم شلال شايع لأحلامه وطموحاته كبطل ومناضل شعبي ، ويتماهي مع هذا الحلم إلى الحد الذي معه يستحيل إسترداده أو استرجاعه - بحسب الغفوري - ويتحول وفق هذا الهوس إلى 
ما يشبه المعضلة المستعصية على الحل ، وقد لا نجانب الصواب إذا ما قلنا إن الجنوب عامة سيجد نفسه مكرهاً على مواجهة تلك الذوات المنتفخة وأمجاد السراب الخادعة. 

لم يكن الإصلاح شمالياً ، على اعتبار أن الحراك الجنوبي يظهر عداءه السافر لكل ما هو شمالي ، ولم يكن الإصلاح - برغم اختلافنا معه - أكثر من حزب سياسي يعمل وفق الدستور والقانون والشرعية التي منحت شلال شايع قراراً جمهورياً بتعيينه مديراً عاماً لشرطة عدن ، والذي ان يكون مهما تعاظم نفوذه بمنأى عن ( جرّة قلم ) تلقي به بعيداً ، ليلحق بعيدروس الزبيدي في رحلتهما الطويلة الباحثة عن مجدٍ لن يجيء ودولةٍ ، لن يمنحهم اعتقال كوادر الإصلاح أو إحراق ومداهمة مقراته نصراً ، بقدر ما سيضعهم أمام ردات فعل ، يحاول الإصلاح - حتى الآن - امتصاص غضب قواعده وطمأنتهم أن ما حدث وسيحدث لن يدفع الإصلاح وبقية الأحزاب المنحازة للشرعية ، إلى الإلتفات لهذه الممارسات وإن كانت موجعة ، ويبتعد عن الهدف الجمعي المتمثل باستعادة الدولة ومؤسساتها .

يبدو أن الجنوب لم ينتبه لواقعه بعد ، وسيدرك بعد أن استفحل القبح أنه لم يكن أكثر من جغرافياً تم تسويتها ، كي تؤدي دورها كمنصة لتصويب فوهات الأحقاد والضغائن ليس باتجاه الشمال وكل ما هو شمالي لكن باتجاه الجنوب الجنوب الذي حقق استقلاله - آخر المطاف -بإحراق ومداهمة مقرات الإصلاح واعتقال كوادره وأنصاره.

 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24