الخميس 18 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
علي الطارق للجنوبيّين: كفى استقواءً بالخارج... والغزاة سيرحلون عاجلاً أم آجلاً
الساعة 20:49 (الرأي برس - عربي )

بعد فترة غياب إعلامي استمرت أكثر من 8 أشهر، وأثيرت حولها الكثير من التساؤلات حول مواقف الرجل، يطل الأكاديمي في جامعة صنعاء، الدكتور علي ، موضحاً تلك الإشكالات، ومحدداً موقفه بشأن القضايا والأزمات التي تعتمل داخل اليمن. ما يزال الطارق الذي شهدت مديرية المعلا في عدن مشاركته في "مليونية" للحراك الجنوبي في 21 مايو 2014، على تأييده عودة الدولة الجنوبية (سابقاً) التي دخلت في وحدة اندماجية مع الشمال عام 1990، إلا أنه لا يجد حرجاً في لوم الجنوبيين على "استبدالهم محتلاً بآخر"، ومن هنا يدعوهم إلى الكف عن "الإستقواء بالخارج". أما شمالاً، فيجاهر الطارق بمساندته أي قوة سياسية أو عسكرية مناهضة لـ"العدوان"، ويعتبر أن الحرب لن تتوقف "ما لم تقتنع السعودية بأنها فشلت في تحقيق أهدافها". إلى تفاصيل الحوار.


من الذي أفشل الهدنة الهشّة للمّرة السادسة، وبدا أكثر تصميماً على مواصلة الحرب؟
قبل البدء بالإجابات، لا بدّ من التنويه بأنّني شمالي أوّلاً وأخيراً، وأن بلدي تتعرّض لعدوان خارجي، أمّا الحروب الداخلية فليست مشكلة، قد نتفاهم في الأخير، ولسنا أوّل دولة ولا آخر دولة نحترب فيما بيننا البين. وعليه، ومن باب أنا وأخي على إبن عمي وأنا وإبن عمي على العدو، فإنّي أعلنها للمرّة الألف، أنّي ضدّ العدوان السعودي ومن تحالف معه على بلدي اليمن. 


بالنسبة للسؤال، يُقصد بالهدنة فترة أو مساحة يتمّ من خلالها تفاهمات - بين الأطراف الرئيسية - بعيداً عن ضجيج وأزيز الطائرات وأصوات المدافع، وتسهيل دخول الإحتياجات الإنسانية عبر المنافذ الجوّية والبرّية والبحرية إلى المناطق الأشدّ ضرراً واحتياجاً لها... إلخ. 


وهذا كلّه لم يحدث مطلقاً، لعدم تنفيذ شروط الهدنة، وبخاصّة أن الطرف الرئيسي في هذه الحرب، وهو النظام السعودي، لم يلتزم لا بطائراته ولا بمن استأجرهم من المرتزقة والعملاء والخونة بوقف العدوان، أو حتّى بفتح المنافذ لوصول الإحتياجات الإنسانية المشار إليها أعلاه، وبالتالي فما علينا إلّا أن ندافع عن أنفسنا؛ هذا من جانب، ومن جانب آخر، لم يشارك الطرف الرئيسي في الحرب بأيّة حوارات أو تفاهمات، ولكن يرسل من استأجرهم من أبناء جلدتنا، الذين ليس لهم لا ناقة ولا جمل، وليس بيدهم أيّ شيء، وهم عبارة عن دُمية بيد الطرف الرئيسي، الذي هو نظام آل سعود. 


وعليه، فإن التصميم على مواصلة الحرب في ظلّ الظروف المشار إليها أعلاه، هو الحلّ الأمثل لمواجهة العدوان، الذي لم يمنحنا أيّة نافذة للحلّ الشامل وهو: إيقاف الحرب وفتح جميع المنافذ، والجلوس لطاولة المفاوضات بين جميع الأطراف، بما فيهم الطرف السعودي.


في بدايات الحرب، وصفت ممارسات "التحالف" بـ"الفجور"، هل ما يزال هذا التوصيف سارياً بالنسبة إليك؟ 
يُقصد بالفجور الإفراط الزائد عن حدّه، ويُقصد به إخراج الغلّ والحقد، وإلصاق جميع الصفات غير الحسنة بالطرف الآخر، ومن ذلك قوله (ص) في صفات المنافق: "إذا خاصم فجر"، وهذا ينطبق على دول العدوان، حيث لم يبقوا مكاناً سواء كان مدنيّاً أو عسكريّاً إلّا وضربوه، والملاحظ والمستغرب أن الأماكن المدنية مثل الجسور والمعاهد والمدارس يتمّ قصفها عدّة مرّات، على الرغم من الإعتذارات المتكرّرة من الناطق العسيري، وترديده أن هناك أخطاء حدثت، وأن أيّة حرب يحدث فيها هوامش أخطاء، إلّا أنّهم يعاودون قصف تلك الأماكن المدنية، وما حدث في الصالة الكبرى بتاريخ 08/10/2016 خير دليل، وهذا ينطبق عليه مفهوم الفجور في الحرب.


ما هو رأيك في ردّة فعل قبائل خولان على قصف العزاء، هناك فريق اعتبر أنّهم جنحوا إلى العقل لوضع حدّ لإراقة دم اليمنيّين، وفريق استنكر بياناتهم وكان ينتظر منهم إعلان الحرب على السعودية؟
آل الرويشان قبيلة من قبائل خولان، وتمّ قصف وقتل ضيوفهم المعزّين في الصالة الكبرى، على الرغم من الإعلان عن إقامة هذا العزاء في وسائل الإعلام، وهي جريمة مع سبق الإصرار والترصّد ومكتملة الأركان والشروط، وهي كذلك جريمة غدر، بل غدر أسود. وعار كبير يلحق بقبيلة خولان عامّة، وآل الرويشان على وجه الخصوص، إن تردّدول في الرد والثأر ممّن غدر بهم وبضيوفهم، وبخاصّة أن الطرف الآخر وهو العدوان أعلن مسؤوليّته. وعليه، فنحن مازلنا منتظرين ردّة الفعل من هذه القبيلة اليمنية (مخلاف خولان)، وكما سمعنا من بعض وسائل الإعلام فإن العدد بلغ 5 آلاف مقاتل من هذا المخلاف، سوف يتوجّهون للجبهات الشمالية للقصاص ممّن غدر بهم وبضيوفهم وللثأر من آل سعود. هناك أصوات رمادية من آل الرويشان، وبخاصّة الوزير السابق، خالد الرويشان، لها رأي خاص - تشكيكي - في بداية الضربة وبخاصّة اليوم الأول، لكن سرعان ما تبيّن له الحقيقة وعاد الى صوابه وحمّل العدوان المسؤولية الكاملة، وقد واجه - ومازال - انتقادات واسعة لموقفه السابق والمتعجّل. 


امتدحت في مقابلة مع قناة "اليمن اليوم" الرئيس السابق، علي صالح، ووصفته بالزعيم، ألا يُعدّ ذلك تبرئة له من كلّ ما ارتكبه خلال سنوات حكمه؟
مقابلتي في قناة "اليمن اليوم" قبل عام كانت حول الحالة النفسية للشعب اليمني والروح المعنوية، وعند سؤالي عن معارضتي للرئيس السابق، علي عبدالله صالح، في ثورة فبراير 2011م، وهل ما زلت معارضاً له، فكان جوابي أنّنا وقفنا ضدّه في وقتها لأّنه لم يقم دولة بمعنى الدولة، على الرغم من حكمه الذي استمرّ 33 عاماً، ولكن موقفه وثباته ضدّ العدوان السعودي شفع له في كلّ أخطائه، أمّا الآن فنحن معه في خندق واحد طالما هو ضدّ العدوان السعودي، ونحن مع كلّ يمني حرّ ضدّ العدوان أيّاً كان جنسه أو منطقته أو مذهبه أو ديانته، طالما هو ضدّ العدوان على بلدنا اليمن. 


على ذكر ثورة فبراير، من الذي أفشل الثورة من وجهة نظركم، ودفع باتّجاه إعادة إنتاج النظام من جديد؟
شاركنا في ثورة أو أزمة أو أحداث فبراير عام 2011م، وقدّمنا العشرات من المحاضرات والندوات حول الخلل الذي كان ينخر في النظام السابق، وقدّمنا الحلول والمقترحات للشباب لتفادي تلك الأخطاء التي وقع فيها النظام السابق، ولكن مع الأسف الشديد فإن الشباب خدعونا - نعم أقول خدعونا أو خدعنا - ولم يكونوا في مستوى المسؤولية، وكانوا قصّر قصّر عندما كانوا يستشيرون مرجعيّاتهم الحزبية والدينية بعد كلّ مقترح يُقدّم لهم لإنجاح هذه الثورة. وأذكر هنا موقفاً مع قيادة الشباب تمثّل في تقديمنا مقترحاً لإعلان مجلس قيادة للثورة من قبل الشباب، فكان الردّ علينا حاسماً هو (نريد أحزابنا تكون هي الحامل السياسي لنا، أمّا نحن فلا نستطيع القيام بهذا العمل لعدم وجود الخبرة!)، فكان جوابي هو السخرية منهم بقولي (طالما لا تستطيعون القيام بهذه المهمة لماذا خرجتم للساحات، وكان الأولى بكم أن كلّ واحد يمكث عند أمه في البيت طالما هو قاصر وجاهل).

والخلاصة الذي قام بالثورة هم الأحزاب ولا غير الأحزاب، وليس للشباب أيّ دور فيها، والدليل أن الأحزاب هي من أصدرت توجيهاتها للشباب برفع الخيام، وهي من حاورت الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، وهي من وقّعت على المبادرة الخليجية وتقاسمت معه السلطة، وليس للشباب أيّ دور فيها حتّى هذه اللحظة.


موقفك المؤيّد للقضية الجنوبية قبل الحرب هل تغيّر بعدها؟ ولماذا اتّخذت الصمت موقفاً حيال ما شهده الجنوب بداية الحرب وخلالها؟
موقفي من قضية الدولة الجنوبية - وليست القضية الجنوبية - لم ولن يتغيّر، وهذا الموقف مبني على مسلّمات علمية منهجية، وليس موقفاً سياسيّاً أو حزبيّاً أو مناطقيّاً أو جهويّاً أو مذهبيّاً، إنّما هو موقف تمّ تبنّيه بعدما أجريت أبحاث علمية عن اتّجاهات أبناء الجنوب نحو الوحدة، وكانت نتيجة تلك الأبحاث والدراسات تفيد صراحة لا تلميحاً بأن الوحدة انتهت في القلوب والنفوس قبل الأرض والواقع. أمّا حرب ٢٠١٥م، فكان موقفي واضحاً، هو موقف مغاير تماماً لتوجّه - هروب - هادي نحو الجنوب، وقد وجّهت رسالة لهادي أثناء احتجازه بالإنجليزي وبالعربي، ووصلته وقراها تفيد (إذا سهّل أو يسّر الحوثيّون لك الخروج أو الهروب فلا تكن وجهتك للجنوب بل لمكان آخر)، فإن الجنوب عامّة وعدن على وجه الخصوص لم يعد يحتمل أيّة مضاعفات أو مشاكل أو حروب فوق ما هو عليه.


وعندما ذهب هادي للجنوب، أبديت رأيي بأن ذهابه للجنوب هو فكفكة - وهذا تخصّصه - الحراك وخلخلته وتدمير حراكه ونضاله السلمي باستعادة دولته، لأن هادي حتّى لو عيّن عفاريت سليمان ابن داود بالجنوب سيظلّ هادي يمثّل الشرعية اليمنية، ومحافظاً لوحدته بحكم الدستور ومنصبه، بل أنّه ثبّت الوحدة في هذه الفترة أكثر من أيّ وقت مضى، والدليل البيانات الإقليمية والدولية التي تدعمه وتدعم شرعيّته ووحدة أراضي الجمهورية اليمنية! 


وماذا عمّا شهده الجنوب من أحداث؟ لماذا صمتم حيالها؟
أنا لم أصمت لأن بداية الحرب كان هناك عدوان وحرب على بلدي اليمن والشمال تحديداً، وكان هناك غزو واحتلال خارجي للجنوب، ولذا من غير المعقول كيمني شمالي أؤيّد تدخّلاً خارجيّاً على بلدي! وكما أخبرتكم سابقاً بأن الجنوب وأهله باعتبارهم أصحاب الحق هم من يحدّدون ويميّزون ويختارون مصلحتهم، أمّا أنا لست جنوبيّاً حتّى أحمل السلاح ضدّ قومي ومع غزاة من الخارج، ولا ملكيّاً أكثر من الملك. أنا مناصر ومؤيّد لإقامة الدولة الجنوبية، التي عشنا وتربّينا تحت ظلّها، وأنّه من غير المقبول أن أحمل السلاح ضدّ قومنا، وأكون في خانة العدوان الخارجي، أمّا أهل الجنوب فلهم الحقّ فيما قرّروه أو اتّخذوه لمساعدتهم في تحرير بلدهم، على شرط أن لا يستبدلوا محتلّاً بدل محتل، لكن إذا رضوا ووافقوا بأن يحتلّهم الخارجي فهذا شأنهم. 


هل فوجئت بقتال الجنوبيّين إلى جانب قوّات "التحالف العربي" ضدّ "أنصار الله" والقوّات المتحالفة معها؟
أنا لم اتفاجأ أبداً بردّة فعل أبناء الجنوب الذين لهم صولات وجولات مع قومنا سواء في حرب 1972م أو 1979م، مع الفارق أن هذه الجولة كان معاهم طيران العدوان، وقوّات غازية من دول العدوان في البر والبحر والجو ووجود ناس مؤمنين بقضيّتهم من الجنوبيين، وليسوا من المؤمنين بشرعية هادي، هذا توصيفي لسرعة حسم المعركة في الجنوب، ولذلك لم نتفاجأ مطلقاً. الطارق: هادي ثبّت الوحدة اليوم أكثر من أي وقت مضى


كيف هي علاقتك اليوم بالقيادات الجنوبية؟
بالنسبة للقيادات الجنوبية التي نعتقد ونؤمن بل ونجزم بأن المفتاح بيدها، هي ممثلة بفخامة الرئيس الشرعي للجنوب، وهو الرئيس علي سالم البيض ،الذي يُعتبر من وجهة نظرنا ونظر الغالبية العظمى من الشعب في الشمال والجنوب، ووفقاً لما هو موجود بالوثائق المحلّية والإقليمية والعربية والإسلامية والدولية بأنّه الرئيس الشرعي للجنوب، والذي وقّع على الوحدة عام 1990 وهو رئيس، وأعلن فكّ الإرتباط عام 1994م وهو رئيس، وعليه سيستمرّ التفريخ من قبل هادي أو دولتنا أو دول العدوان في إيجاد وصنع قيادات جنوبية أخرى غير الرئيس البيض، لتكون أداة ولعبة في أيديهم، بينما الرئيس البيض معروف عنه بصلابة موقفه وثباته على مبدئه الذي لم يتزحزح قيد أنملة عن مطلبه، وهو استعادة الدولة الجنوبية بحدودها قبل 21 مايو 1990م. 


أمّا علاقتي بفخامة الرئيس البيض، فأقولها وبكلّ صراحة وبأمانة أنّني معجب بشخصيّته كرجل صلب بمواقفه الوطنية والقومية، وذلك من خلال دراستي بالنجمة الحمراء أو معاهد الحزب في سبعينيّات القرن الماضي، فقد ألقى علينا عدة محاضرات مع رفقاء دربه (سالمين وفتاح وعنتر ومصلح وشائع وناصر وأخ العرب عوض الحامد)، وكذا دراستنا لسيرة حياته وبخاصّة عندما تولّى جبهة ظفار ووزارة الدفاع، فوجدنا شخصية متّزنة انفعاليّاً، هادئة متسامحة، لديه رؤية أوضحها عام 1992م، وقدّم برنامجه ومشروعه الحضاري للنهوض باليمن الكبير الحضارة والإنسان، ولكن مع الأسف تمّ إجهاض هذا المشروع من قبل قومنا، وتمّ دك الوشاك ما بينه وبين الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، وكان من نتائجها الحرب الكارثية على الجنوب عام 1994م، والخلاصة ليس لي أيّ اتّصال أو تواصل مع فخامة الرئيس الجنوبي، علي سالم البيض. 


كنت توصف بأنّك جنوبي أكثر من الجنوبيّين أنفسهم، وهناك من كان يروّج لأنّك تسعى لامتصاص نقمة وغضب الجنوبيّين على كلّ ما هو شمالي. ما تعليقك؟
الإنسان عندما يؤمن بقضية عادلة مثل المحامي الذي يدافع عن موكله ويتحمس لنجاح قضيته أكثر من موكله مع اختلاف الغاية والوسيلة، ونحن دافعنا وما زلنا ندافع عن الحق وأهله، والجنوب - الأرض والإنسان- مظلوم ويستحق منا الإستمرار، ومع الأسف فهناك من أبناء الجنوب كان وما يزال يناصبنا العداء لهذا الموقف، ونحن نستغرب أشد الإستغراب من هذه الأصوات النشاز، وكان آخرها في مؤتمر بالقاهرة قبل شهرين، حيث فوجئنا أثناء إلقاء كلمتي عن القضية الجنوبية تدخّل أحد أبناء الجنوب معترضاً، ويصفني بالانفصالي والمحرّض، بل قال باللهجة (موش شغلك ولا من اختصاصك الحديث عن الجنوب!)، أمّا من أبناء جلدتنا فقد بالغوا في اتّهامي بسبب وقوفي مع الجنوب الأرض والإنسان، ووصفوني بالعميل أو الأجير لصالح الحراكيّين الانفصاليين... إلخ. أمّا موقفي تجاه القضية الجنوبية بحجّة امتصاص نقمة أبناء الجنوب على كلّ ما هو شمالي، فهذا الكلام مردود على قائله، لسبب بسيط، وهو أننا قمنا بفتح مكتب بعدن لرعاية مصالح أبناء الشمال العمال والبساطين وغيرهم والحفاظ على حقوقهم وممتلكاتهم في عدن تحديداً، وأعلنا ذلك في صحف جنوبية في وقت كان الخوف والصمت سائداً البلاد كلها. 


فضلاً عن الإنتقادات التي كانت توجّه إليك، هل أثّر موقفك من القضية الجنوبية على مسارك الأكاديمي والسياسي؟
هناك أصوات كانت تهاجمنا وبشدّة لموقفنا الذي نؤمن به، وهو مناصرة أبناء الجنوب لاستعادة دولتهم دولة النظام والقانون، وستكون هذه الدولة سنداً لنا بل أنموذجاً لنا، إلا أن قومنا ما زالوا في غيهم، بل تم شتمتا ومحاربتنا في كل شي بسبب موقفنا هذا، والخلاصة محاربتنا في عملنا بجامعة صنعاء، ولم يتم إسناد أي منصب لنا على الرغم من كون درجتنا العلمية الأكاديمية أستاذ دكتور (بروفيسور)، وأصبح من طلبتنا رؤساء أقسام ورؤساء جامعات وعمداء كليات ووزراء وسفراء ومحافظين، اللهم لا حسد الله يفتح عليهم، ولم يتبق لنا سوى وظيفة أستاذ بكلية الآداب قسم علم النفس فقط، ونحن سعداء مع طلبتنا الأعزاء ولله الحمد.


مع ملاحظة مهمة جداً ألا وهي: بأن الجميع في الشمال يعرف جيداً والبعض نتحدّث معه بأن الإخوة في الجنوب قد سيّروا أكثر من 14 مظاهرة مليونية سلمية، تطالب بفك ارتباط سلس ومنظم، وكذا قدموا أكثر من 44 ألفاً ما بين شهيد وجريح وسجين ومفقود ومشرد منذ عام 2007م حتى عام 2016م، ونتساءل معاهم ألا يكفي هذا العدد حتى ينالوا استقلالهم بهدوء وبسلاسة ونظل أخوة متحابين جيران.


هكذا هو منطقنا مع من يشكك في وطنيتنا لبلدنا، وهم لا يعلمون بأن الوطنية تعني إقامة العدل والحب والتسامح والإخاء والتعاون ما بين الإخوة الجيران، أفضل من العداوة والبغضاء والقتل وغيره كما هو حادث الآن.


في ظل تلك الأحداث التي ذكرتها، هل يمكن القول إن الوحدة انتهت فعلياً؟
الوحدة انتهت بنهاية حرب 94م، والجميع يدرك هذا الأمر وأول من أدرك هذا الأمر هو الفار هادي الذي احتل الجنوب ودخلها بدباباته عسكرياً عام 94م، ثم استلم ملف الجنوب، ولم يحل أية مشكلة، وهذا الموضوع باعترافه واعتراف علي عبد الله صالح، ومعاهم من شرعن - دينياً - لاحتلال الجنوب، حزب "الإصلاح". إذاً، الوحدة انتهت نفسياً وروحياً ومعنوياً لدى الجميع وبخاصة الإخوة أهل الجنوب، وكملت على ما تبقى، إن كان شي بقى في النفس هنّة، حرب 2015م، ولاداعي للتبرير أو المكابرة في هذا الموضوع. ونصيحة للإخوة في الجنوب أن لا يتعدّوا حدود ما قبل 21 مايو 1990م، وأن يكّفوا عن محاربتنا في جبهات تدخل من دخلها خانة (المرتزق الذي يقاتل من أجل الأجر فقط)، ويوقفوا أولادهم عن مقاتلتنا في جبهاتنا الشمالية مع عدونا السعودي أو في جبهاتنا الداخلية الشرقية في مأرب وغيرها أو في جبهاتنا الجنوبية في سناح وكرش ومكيراس، فنحن نخوض حرب أهلية داخلية، ونخوض حرب خارجية، لذا ننصح الأخوة من أبناء الجنوب بهذه المقولة (إذا تضاربت الرباح انتبه على جربتك)، ولا تصدقونا أننا مختلفين اختلافاً كبيراً، وتذكروا أن سكاننا كثير جداً ولدينا مرجعيات سياسية لها القدرة على حشد جماهيرية مليونية، كما حدث في السبعين، ومرجعيات دينية، وحشد مليونيات كما حدث في شارع المطار، يعني (الكثرة غلبت الشجاعة)، يعني اعقلوا وقرّوا في أرضكم فقط يا جنوبيين، ولا تتقدموا خطوة واحدة عن حدودكم، إفهموها كيفما فهمتم وبلاش الإستقواء بالخارج، واعلموا أنهم سيغادرون عاجل أم آجل، ولا تصدّقوا الأحزاب الدينية فما زلتم في نظرهم زنادقة مارقين اشتراكيين شيوعيين، ومازال السكين مخبأ بالمسب.


في معظم منشوراتك ولقاءاتك من الملاحظ أنك تتحاشى ذكر "أنصار الله"، ما هو موقفك من الجماعة؟ 
جماعة الحوثيين كتبت منشوراً عنها وهي ما زالت في صعدة، وقلت بالحرف الواحد (تنبؤات علمية منهجية بدخول الحوثيين صنعاء)، وجبت مبررات علمية منهجية أوضحت فيها سياسة الجماعة، وتناولت شبكات التواصل الإجتماعي هذا المنشور، فمنهم من شكك ومنهم من تأمل، حتى أن قناة "عدن لايف" نشرت هذا المنشور، وأجرت معي مقابلة حول هذا المنشور، وتكررت المقابلة حول هذا المنشور، بعد أن تحقق هذا التنبؤ العلمي. 


الجماعة ليس لي أية علاقة لا معاها ولا ضدها، مع إيماني كما ذكرت في بداية هذه المقابلة بأني أقف إلى جنب أية جماعة أو فرد أو قبيلة أو حزب يقف ضد العدوان السعودي على بلدي اليمن، وإذا تابعت المقابلة في اليمن اليوم الذي ذكرتها في بداية المقابلة، ستجد بأني ذكرتها بقولي (لا علي عبد الله صالح أقام دولة مدنية ولا حتى الحوثيين سيقيمون دولة مدنية)، والسبب لأن الجميع لم يستخدم المنهج العلمي في حل المشكلات واليمن تعتبر مشكلة متحركة، ولابد من حلها بأسلوب علمي فقط.
كيف تنظرون إلى ما سمّيت "مجزرة الإقالات" من السلك التدريسي في جامعة صنعاء التي أقدمت عليها جماعة "أنصار الله" مؤخّراً؟ يقال إنكم أيدتموها باعتبار غالبية من سرحوا يؤيدون "العدوان"؟
حول فصل أو إعفاء أساتذة بجامعة صنعاء، مع الأسف تم هذا الإجراء وأنا كنت بالخارج قبل 3 أو 4 أشهر، وسمعت هذا الخبر فقط على شبكات التواصل الإجتماعي، وعلمت مؤخراً بأنهم فصلوا أساتذة ممن تنطبق عليهم الفصل وفقاً للقانون (غياب لسنوات بدون مبرر أو هاجروا خارج اليمن بصورة غير رسمية أو غادروا اليمن وانضموا للعدوان وأصبحوا لسان حاله على القنوات الإخبارية... إلخ). هذا كلما لديّ عن هذا السؤال. 


تحدّثت في أكثر من مناسبة عن صلابة الشعب اليمني وعزيمته للتصدي لـ"العدوان"، بعد مرور أكثر من عام ونيف هل ما زالت الروح المعنوية على قوتها التي تحدثت عنها أم أنه تم إنهاكها؟ خصوصاً أن الأزمة الإقتصادية بلغت مستويات غير مسبوقة، وثمة من يرى أن النقمة على "من استدعوا العدوان" قد تتفجر في أي لحظة؟
مازالت الروح المعنوية مرتفعة جداً جداً لدى الشعب اليمني العطيم، وبخاصة أن العدوان تتكشف أغراضه وأهدافه وأحقاده يوماً بعد آخر على هذا الشعب اليمني، ألا وهو احتلال اليمن وتركيع أهله وسلب سيادته وحريته وكرامته، وليس عودة الفار هادي ولا شرعيته، وهذا الإنكشاف لصورة وجه هذا العدوان القبيح، هو الذي زاد من عزيمة وهمة الشعب اليمني لمواصلة الحرب والتصدي لهذا العدوان بكل الطرق والوسائل. أما بالنسبة لموضوع الراتب، فالجميع منتظر كيف يتصرف الطرفان، وهما من نقل البنك، ومن يمثل سلطة الأمر الواقع، مع ملاحظة بأننا نتوقع أن يُحل هذا الأمر قريباً، ويظل الوضع هو وضع حرب، وفيه يجوز حدوث كل المتغيرات والإحتمالات. 


كمختص في علم النفس، ألا تعتقد أن قدرة المواطن اليمني على التعايش مع وجبات القتل اليومي ستؤدي إلى ارتدادات نفسية خطيرة، ستظهر آثارها قريباً إذا لم نكن نلمسها الآن؟
خصائص وسمات الشخصية اليمنية تتصف بالمرونة أحياناً، وبالجمود والصلابة أحياناً أخرى، شعب تعود على حمل السلاح منذ الصغر وعلى الصبر والجلد وعلى التكيف مع كل الظروف والإحتمالات، كيف لا وهو المذكور في القران الكريم (أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ)، فلا مكان للترف ولا للرفاهية عند هذا الشعب، حتى المغتربون شقاة سواء في الغربة أو عند عودتهم، هكذا نحن وهكذا سنستمر وفقاً لدعوتنا على أنفسنا بالقرآن (ربنا باعد بين أسفارنا)، هذا هو الشعب اليمني، لا خوف عليه مطلقاً حتى لو استمرت الحرب عشرات السنين، وليس عندنا ما نخسره من باب (المفلس من القافلة أمين).


وبالنسبة للآثار النفسية، تظهر دائماً في الشعوب المترفة والمرفهة، عكس الشعب اليمني الذي تكيف من أول يوم للحرب وحتى اللحظة، فقد نسي الكهرباء والغاز والبترول والديزل والدواء، وتكيف مع النار والحطب ووجبات طعامه وطهيها على النار، وتكيف مع الفانوس، وبدأ يتداوى بالطب البديل وبالأعشاب والكمادات، وغيرها...إلخ. 


ما هي الوصفة السحرية التي بإمكانها أن توقف الحرب؟ 
لن توقف الحرب إلّا إذا شعرت السعودية بأنها طرقت جميع الحلول ولم تنجح، وما زالت تراهن على الداخل بانتفاضة، مع ملاحظة أنه، أي الداخل، بدأ يتماسك يوماً بعد آخر نتيجة لكثرة الأخطاء من قبل ما يسمى بالشرعية والتحالف؛ وكذا ما زالت تراهن على أية خلافات مع "أنصار الله" و"المؤتمر" أو تسوية تحفظ للجميع ماء الوجه، وبخاصة السعودية، وفي الأخير قد تموت أو يموت هادي، وانتهى الأمر.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24