الثلاثاء 23 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عبد السلام رزاز: سنشهد قيام تحالف أوسع من "المشترك"
الساعة 11:49

عبد السلام رزاز، الأمين العام المساعد لحزب "اتحاد القوى الشعبية اليمنية"، ووزير المياه والبيئة السابق في حكومة الوفاق الوطني، وأول مقرر لتكتل أحزاب "اللقاء المشترك"، وناطقه الرسمي منذ إعلانه في2001، حتى عام 2006، وعضو المجلس الأعلى لـ"اللقاء المشترك" حتى اللحظة.


إلى جانب ذلك، فإن السياسي اليمني عضو في المجلس الوطني لقوى ثورة فبراير 2011، وعضو الأمانة العامة للحوار الوطني الذي تبناه "اللقاء المشترك" منذ 2008 وحتى قيام ثورة فبراير 2011، وعضو أيضاً في مؤتمر الحوار الوطني.


وبحكم أن الرجل كان ضمن رجال المرحلة الانتقالية، والذين لعبوا دوراً سياسياً بارزاً، أي أنه ضمن الذين تحملوا مسؤولية المرحلة الانتقالية، التي كان متوقع انتهاؤها بسلام، وبتوافق يجمع كل الأطراف السياسية على طريق واحد، وهو طريق بناء الدولة.


لكن، وبلمحة بصر، تحول مشروع الاتفاق والتوافق إلى حبر على ورق، وذلك بدخول البلاد في حرب غير متوقعة، لم تكن في الحسبان. ومنذ عامين ما تزال الحرب مستمرة، وسط تتبادل الاتهامات من قبل الأطراف بالمسؤولية عن إشعالها.


حرب أوجدت واقعاً مختلفاً، أفرزت انقسامات، وظهرت مواقف عديدة إلى السطح، سواء في إطار المواقف الحزبية، أو المواقف السياسية، العامة أو الشخصية، ويعتبر حزب "اتحاد القوى الشعبية" أحد الأحزاب التي يدور حولها جدل كبير بشأن المواقف، فهناك من احتسبه على جماعة "أنصار الله"، وهناك من ينظر إليه كأحد أطراف "المشترك" المعارض لما جرى في صنعاء؛ نحاول في هذا الحوار أن نضع كل هذه المستجدات أمام الأمين العام المساعد لحزب "اتحاد القوى الشعبية" والوزير السابق في حكومة باسندوة، عبد السلام رزاز، لمعرفة جزء من الصورة، وتقييمه لما دار ويدور وموقف حزبه من ذلك.


عبد السلام رزاز، كسياسي ووزير سابق في حكومة الوفاق الوطني، وأحد قادة المرحلة الانتقالية التي تولى قياداتها الرئيس هادي، ممكن تضعنا في صورة ما جرى وما الذي حصل بصراحة وبشفافية مطلقة؟
المرحلة الانتقالية التي جاءت بالرئيس هادي إلى السلطة هي استمرار لثورة فبراير 2011م، التي انتقلت من العملية الثورية، إلى العملية السياسية، وفقاً للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، وبموجبها أصبح أطراف الصراع (أطراف الثورة السلمية ونظام الحكم السابق)، شركاء في عملية التغيير التي حددت مسارها المبادرة الخليجية. فبدلاً من إسقاط نظام الحكم بالعملية الثورية، جاءت المبادرة الخليجية، باتفاق جميع الأطراف لاستكمال عملية التغيير (إستكمال إسقاط نظام الحكم) ونقل السلطة عبر الآلية السياسية، التي أصبح بموجبها، نظام الحكم شريكاً في التغيير، وهي خطوة إيجابية، انفرد بها اليمنيون، وحازت على إعجاب العالم. ولكن الفرحة لم تكتمل. ما الذي حصل؟ الذي حصل أن مسار العملية السياسية انحرف عن الهدف المحدد له، بدأت تظهر مؤشرات الانحراف على شكل سلوكيات، بعضها يتحمل مسؤوليتها الرئيس هادي، وبعضها يتحملها "المؤتمر الشعبي العام" وحلفائه، وفي مقدمتهم "أنصار الله"، وبعضها يتحملها "اللقاء المشترك". فيما يتعلق بالرئيس هادي، كان المفترض عليه أن يشكل غرفة إدارة مشتركة وشفافة للمرحلة الانتقالية، تضم جميع أطراف العملية السياسية، دون استثناء، ويكون العمل أمام الكاميرات؛ لكنه قصر كثيراً في هذا الموضوع، وذهب لإدارة العملية بالكولسة، واعتمد على كوادر أقل خبرة، وأكثر انشغالاً بالمصالح الشخصية، وبالاستقطابات التي أضرت بالرئيس، وخدمت أطراف لا تريد النجاح للمرحلة الانتقالية، والتفاصيل كثيرة لا يتسع لها المجال هنا، نتركها لفرص قادمة.


الكثيرون يقولون إن هادي هو من أوصل البلاد إلى هذا المأزق بسبب أدائه في السلطة والإدارة وفشله في لم شمل القوى السياسية وحشد الطاقات لاستقرار البلد، أنت ماذا تقول؟
لا يمكن إعفاء الرئيس هادي من المسؤولية، هو أول من يشار إليه؛ كشريك أساسي في تحمل المسؤولية عن اخفاقات المرحلة الانتقالية، باعتباره رأس السلطة، فالأسلوب الذي أدار به الشراكة ساهم في وجود اختلالات أضرت بالعملية السياسية، وبالشراكة. لقد انفرد بالقرار؛ المشاورات الثنائية الخفية لتصفية حسابات معينة تخدم أطرافاً إقليمية ومحلية على حساب التماسك الداخلي. على سبيل المثال ما حصل في موضوع الأقاليم خارج قاعة مؤتمر الحوار الوطني، دفعت ببعض الشركاء إلى إعلان الرفض لها، وشجع البعض على استغلالها لتفجير الحرب، لا أقصد أن هذا الموضوع هو السبب في تفجير الحرب، ولكن كان يفترض على الرئيس هادي أن يكون مراعياً لحساسية المرحلة الانتقالية، وأن لا يسهم في توسيع الثغرات، التي استغلها البعض للانقلاب على المرحلة الانتقالية، وعلى نتائج مؤتمر الحوار الوطني. أتذكر نصيحة الدكتور ياسين سعيد نعمان للرئيس هادي؛ قال له عبر منشور فيسبوكي تقريباً: "لا تسمح لأي طرف أن ينفرد بك في غرفة القيادة"، وهو تنبيه مهم للرئيس، بأنه أصبح يتصرف في إدارة المرحلة خارج آلية الشراكة، وهذا ما حصل بالفعل، الأمر الذي ساعد على فتح ثغرات خطيرة كان بإمكانه أن يردمها بتعزيز الشراكة والشفافية مع الجميع.


يتهم الرئيس هادي بالتواطؤ في سقوط محافظة عمران، وأن الهدف كان من وراء ذلك إدخال "الحوثيين" إلى صنعاء لضرب "الاخوان المسلمين" (الاصلاح) وعلي محسن وبيت الأحمر، وعلى الطريق خصم الجماعة سابقاً: علي عبد الله صالح والتخلص منه، ما قولك في هكذا طرح؟
فيما يتعلق بسقوط عمران، فالرئيس هادي هو الذي جلب لنفسه التهمة، بتصرفه لحظة سقوطها، وصمته عن تفاصيل ما جرى حتى اللحظة؛ وإلا فالكل يعرف بأن الرئيس هادي لم يكن مسيطراً على الجيش والأمن في اليمن كلها، شمالاً وجنوباً، فما بالك بالعاصمة وما حولها؛ وأنا متأكد بأنه لو كان الجيش يأتمر له لما سمح بسقوط عمران، فهو حاول عبر السياسة أن يستلم عمران، باسم الدولة الضعيفة، الشكلية، وأن لا يسمح بتقدم الحوثي نحو العاصمة، مستنداً إلى الظهر الاقليمي والدولي، لكنه فشل وزاد فوقها تحمل التهمة، بأنه متآمر مع الحوثي، هو ووزير الدفاع محمد ناصر أحمد، وهي تهمة لا زالت لاصقة بهما حتى اللحظة، رغم قناعتي أنهما بعيدان عنها بحكم طبيعة وضع الجيش وقوات الأمن.


وبالنسبة لموضوع التآمر، فـ"الإصلاح" وآل الأحمر كانوا أهدافاً واضحة للحوثي وصالح، في إطار تصفية الحسابات، باعتبارهم قوة مهمة شاركت في إسقاط نظام حكم صالح، ولأنهم أصبحوا قوة معيقة أمام تحقيق هدف السيطرة على الحكم بالقوة، من قبل أطراف الثورة المضادة، فالأمر كان محسوماً، سواء تآمر هادي أو لم يتآمر، فكما قلت سابقاً إن الرئيس لم يكن قوياً عسكرياً لكي يكون موضوع اتهام حقيقي، ومع ذلك ربما كان هناك اتفاق معين شارك فيه الإقليم وغيره لتحقيق أهداف محددة. إذا كان الرئيس نفسه أصبح هدفاً بعد اجتياح العاصمة، فهل تآمر على نفسه مثلاً؟! فالتعاطي مع مواضيع بهذا الحجم من خلال الشائعات والتخمينات يعتبر تعسفاً للحقائق، وللتاريخ، وتتويه للعقل والمنطق، في تقديري إن الموقف أكبر من ذلك بكثير، وستظهر الحقائق في يوم ما. لكن أقول إن الرئيس هادي كان بإمكانه أن يمنع ما حصل من خلال الإدارة المشتركة للمرحلة الانتقالية، ومن خلال الشفافية أمام الجمهور، فلو كان استطاع أن يعمل مع الجميع لأصبح الجميع قوته، وحينها لن تستطيع أية قوة التحرك في وجه الجمهور، لكن عندما تم التعامل مع سقوط عمران وكأنه صراع بين أطراف خارج الدولة، هنا سقطت الدولة الشكلية، وانتهى معها ما تبقى من الشراكة السياسية الشكلية، التي كانت قوة للرئيس وقوة للمرحلة الانتقالية، بعد ذلك أصبحت الطريق سالكة أمام تحالف صالح والحوثي، ليس إلى العاصمة فقط، بل إلى عدن، ولولا "التحالف العربي" وقرارات مجلس الأمن، لكان الوضع مختلفاً تماماً.


من أين تبدأ نقطة "الخطأ" برأيك؟ ومن هو السبب؟
نقطة الخطأ تبدأ من الإدارة، يليها برنامج العمل وفريق العمل. فالإدارة كما أشرت في الأسئلة السابقة، كان فيها قصور كبير، وهذا انعكس على البرنامج، الذي هو المبادرة الخليجية، وعلى أداء الفريق الذي يتمثل بالأحزاب السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية، وعلى حكومة الوفاق الوطني التي شاركت فيها كل الأحزاب، ومثلما قلت لك بأن الشراكة لم تكن حاضرة بالمستوى المطلوب في إدارة المرحلة، وهي نقطة ضعف بارزة في المرحلة الإنتقالية. أيضاً الأحزاب وقوى الثورة استرخت وتركت الحكومة تدور في فلك بعيد عن مهام المرحلة، حتى عندما ظهر خلاف بين الحكومة وبين الرئيس هادي، خصوصاً فيما يتعلق بالشراكة في اتخاذ القرارات، تعاملت الأحزاب معه وكأن الأمر لا يعنيها، والأصل أن الأحزاب هي المعنية بإدارة المرحلة مع هادي عبر مؤسسة الحكومة، وعبر الهيئة الاستشارية وغير ذلك، فتحولت أحزاب وقوى الثورة إلى متفرجة، وهذا المناخ استفاد منه تيار "المؤتمر الشعبي العام" المعارض للمرحلة الإنتقالية، وحلفاؤه، وفي مقدمتهم "أنصار الله"، حيث بدأوا بتقديم أنفسهم للشارع كقوى معارضة للحكومة، باستغلالهم الكثير من نقاط الضعف، وكأن حكومة الوفاق جاءت عبر انتخابات تنافسية، تخص "اللقاء المشترك" وقوى الثورة فقط، واستطاع "المؤتمر" من خلال إعلامه أن يسوق هذه الفكرة إلى الشارع، وأعقبها بحلقات من المظاهرات ضد وزراء قوى الثورة فرادى، وضد الحكومة مجتمعة، وكأن "المؤتمر الشعبي العام" ليس شريكاً فيها بالنصف، وليس مسيطراً على السلطات المحلية، وعلى الجيش، والأمن... إلخ، قدم نفسه معارضاً لها، وبدأ بمسلسل إسقاطها إعلامياً ثم جماهيرياً، حتى أحزاب المشترك ساهمت بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تعزيز هذا الموقف. وجاءت الجرعة خاتمة المبررات لإنجاز الانقلاب على ما تبقى من المرحلة الإنتقالية، وعلى مخرجات الحوار الوطني، وهو الهدف الأساسي للثورة المضادة. فحصل ما حصل.


يقول كثيرون إن "اللقاء المشترك" أحد المساهمين فيما وصلت إليه البلاد، وأن هذه الأحزاب اهتمت بالمناصب والحصص ولم تهتم بمشروع الوطن، هل هذا صحيح؟ ما هي المسؤولية التي يتحملها "المشترك" برأيك؟
في المرحلة الإنتقالية الجميع يتحمل المسؤولية، وأحزاب "اللقاء المشترك" جزء من الجميع، من الأخطاء التي ارتكبتها أحزاب "اللقاء المشترك" أنها أكلت المقلب الذي أعده وخطط له "المؤتمر الشعبي العام"، وهو أن الحكومة هي حكومة الثورة، والمؤتمر معارض، لهذه الحكومة، فتقبل المشترك التهمة بدون إدراك لمخاطرها عليه، وعلى المرحلة، بل ساهم بصمته وبانشغاله بالمحاصصة الوظيفية، أسوة بـ"المؤتمر الشعبي العام"، وهي نقطة ضعف خطيرة لأي حزب سياسي يقع فيها، لقد انشغلت أحزاب "المشترك" بهذا الموضوع، ودخلت بخلافات فيما بينها على المستوى الرأسي، والأفقي، ويا ليت كانت لديها خطة لمحاصصة نوعية. صحيح أن هناك كوادر تستحق الإنصاف وظيفياً، نظراً لما تعرضت له من إقصاء في مراحل ما قبل ثورة 2011م، بسبب انتمائها الحزبي، إلا أن الأحزاب لم تلتفت إلى طبيعة المرحلة الإنتقالية وتعقيداتها، واعتقدت أن الملف الوظيفي شكل ضغطاً على الأحزاب جميعها، وعلى الرئيس هادي، ما أدى إلى حالة من الإرباك وتبادل التهم بين الجميع، وأصبح عبئاً على المرحلة برمتها، وهنا تتحمل الأحزاب مسؤولية كبيرة في هذا الموضوع، وفي مقدمتها أحزاب "اللقاء المشترك"، لأن الثورة المضادة وظفت هذا الموضوع بامتياز لصالحها رغم أنها جزء منه.


كيف تنظر إلى قيام "التحالف العربي"؟ وهل تؤيد ما قام ويقوم به؟
أنا شخصياً ضد الحرب الداخلية، والخارجية، في اليمن، هذا موقف مبدئي، فالحرب لا تحل مشكلة، وإنما تضاعفها، كما هو حاصل أمام عيون الجميع. ما الذي استفدناه من الحرب غير الدمار، والتشرد، والقتل، ومزيد من الفقر، والبطالة، والمجاعة، واختفاء خدمات من صحة وكهرباء ومياه، وضعف التعليم، وانقطاع المرتبات، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وزيادة الكراهية، والأحقاد، وغير ذلك؟ "وعاد المراحل طوال". بالنسبة لـ"التحالف العربي" والموقف منه مرتبط بالأسباب التي صنعت هذا التحالف وجلبته إلى اليمن، فـ"التحالف" لم يأت بدون سبب، أو داع، فالبحث في الأسباب يقود إلى النتائج بلا شك. وهذا يجعلك تعود إلى الحلقة الأولى من الحرب، وتداعياتها المحلية، والإقليمية، والدولية. العالم، والإقليم تحديداً، كان راعياً للعملية السياسية في اليمن، بتوافق جميع اليمنيين، ولم نعتبره تدخلاً خارجياً يومها، الإنقلاب على العملية السياسية استدعى تغيير أدوات المساعدة والتدخل، فالرعاة هم أنفسهم في السلم والحرب، فقط تغيرت الأدوات انعكاساً لتغير الأدوات الداخلية. فعندما اختارت أطراف داخلية أسلوب الحرب للإنقضاض على الشرعية، تحرك العالم وفق القرارات الدولية التي نحن جزء منها.


فالحرب الداخلية استدعت الخارج، لأن العالم أصبح متشابكاً في المصالح، والاستقرار والأمن العالمي أصبح مشتركاً، والعملية شملت بلداناً كثيرة قبلنا. لا تلتفت إلى الشعارات الكاذبة، وابحث عن الأسباب المنطقية للوصول إلى الحقيقة.


هل أنت مع بقاء هادي في السلطة؟
الرئيس هادي مرتبط بمهام، والمهام مرتبطة بمرحلة، هذه المرحلة لم تستكمل، والحرب أطالتها، وستؤخرها كثيراً إذا لم تتوقف حالاً. فبقاء هادي ليس رغبة، وإنما ضرورة، حتى نستكمل مهمة المرحلة الإنتقالية التي كانت على وشك النهاية، لولا الانقلاب على السلطة، وعلى المرحلة ومهامها. فأمامنا مخرجات الحوار، ومسودة الدستور، والإستفتاء عليها، ثم الدخول في الإنتخابات. ومستقبل الرئيس هادي تقرره الإنتخابات القادمة، وليست الحرب. ومع ذلك، إذا أجمع كل اليمنيين الذين توافقوا على شخص هادي رئيساً للمرحلة الانتقالية، بأن الحل للوضع في اليمن مرهون برحيل هادي، لن نتردد في رفع الشعار، بشرط أن تصب النتيجة لصالح اليمنيين كلهم في قيام دولة للجميع، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، أما رحيل لمجرد أن طرفاً في الحرب يريد ذلك، فلسنا مع الرحيل عبر الانقلاب، وإنما مع الرحيل عبر صناديق الإقتراع.


الكثيرون يعتبرون أن حزب "اتحاد القوي الشعبية" جزء من جماعة "أنصار الله"، هل هذا صحيح؟ وكيف تعلق على مشاركة بعض أعضاء الحزب في "المجلس السياسي" والحكومة المشكلة في صنعاء من قبل الجماعة وحليفها صالح؟
"إتحاد القوى الشعبية" أصدر بياناً توافقياً في بداية الحرب، نص على إدانة الحرب الداخلية والخارجية، ودعا إلى إيقاف الحرب، والعودة إلى العملية السياسية، وهو موقف الكثير من الأحزاب. بمعنى أن الإتحاد كحزب لم يكن جزءاً من تحالف الحوثي، حصل لنا تواصل مع الحوثي مثل بقية الأحزاب، بغرض البحث عن مخرج لإيقاف الحرب، وبقي مجرد تواصل، ومن حق أي حزب أن يتحرك في الإتجاه الذي يراه لحل المشكلة، وسبق للأحزاب أن ذهبت إلى صعدة وإلى مقر الأخ عبد الملك الحوثي، زعيم "أنصار الله"، للبحث عن حلول للأزمة، فـ"المؤتمر"، و"الإصلاح"، و"الإشتراكي"، و"الناصري"، وغيرهم، ووفود رئاسية بعثهم إليه الرئيس هادي، فجميعهم ذهبوا وتواصلوا قبل الحرب، وبعضهم تواصلوا بعد الحرب، حتى الرئيس هادي جرت محاولات معه للتحالف مع الحوثي ضد الآخرين، وقد كانت على وشك، حسب معلوماتي، لكنه كان متردداً حسب المصدر، وهذا شغل السياسة. ولكن "اتحاد القوى الشعبية" لم ينج من الإنقسام، الذي تعرضت له العديد من الأحزاب، بسبب الحرب، وهو انقسام ببعد مذهبي وجغرافي، ويؤسفني قول ذلك، لكن تلك هي الحقيقة التي نعيشها وتعيشها أحزاب أخرى، وأنتم مطلعون على ذلك.


وبسبب هذا الإنقسام تعرض "الاتحاد" لإجراءات من داخله مخالفة للنظام الأساسي، تشبه الإنقلاب على مؤسساته وقياداته الشرعية، بقرار من المجلس الأعلى لـ"الاتحاد"، وتعاون بعض الأخوة في الداخل بنفس دون المؤسسي الوطني، ولقد عبرنا عن موقفنا الرافض لتلك الإجراءات، ولا زلنا نرفضها، وسنقاومها ما استطعنا. أما بالنسبة لمشاركة أشخاص من "الإتحاد" في ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" لتحالف "أنصار الله" وصالح، وأيضاً في حكومة بن حبتور، فهي مشاركة بصفاتهم الشخصية، ولم تكن بقرار من "الاتحاد" كحزب، وقد أعلنا موقفنا الرافض لهذه المشاركة، التي لا تستند إلى تحالفات مع طرف الإنقلاب، بقدر ما تستند إلى علاقات شخصية لأفراد من داخل "الإتحاد"، لأن ذلك يتناقض مع الموقف الرسمي لـ"الإتحاد" من الحرب، وهي علاقات قائمة في تقديري لاعتبارات أو روابط معينة للأشخاص وقد طلب منهم تقديم استقالتهم من الأمانة العامة حسب علمي، لكي لا تحسب مشاركتهم تمثيلاً لـ"الإتحاد"، ويبدو أن بعض أعضاء المجلس الأعلى للإتحاد موافقين على مشاركتهم، ولكن بصفتهم الشخصية تفادياً للحرج ولحسابات معينة.


ما رأيك بالحكومة التي شكلت في صنعاء؟ وما هو تقييمك لأداء حكومة بن دغر؟
الحكومة التي شكلها أطراف الإنقلاب بصنعاء، هي مجرد إضافة متاعب لليمنيين. ما قيمة حكومة لم يعترف بها العالم ولم يعترف بها معظم اليمنيين؟! حكومة 42 وزيراً هي إضافة إلى الأزمة، وليست حلاً لها، ولن تكون حلاً، هذه الحكومة جاءت لتعقيد الحلول وللمساومة على حساب الحلول الحقيقية، كما ورد في الموقف الأممي منها. هذه الحكومة جاءت على أمل أن تحصل على اعتراف من بعض الدول لشرعنة الإنقلاب، وجاءت كإعلان للإنفصال بطريقة غير مباشرة، بعدما يئس أطرافها من تحقيق أي تقدم في اتجاه الجنوب، وجاءت كرفض للدولة الإتحادية وللأقاليم. هذه الحكومة منذ أن تشكلت لم تستطيع أن تبعث برسالة عملية واحدة إلى الداخل قبل الخارج، بأنها قادرة على أن تصبح حكومة حقيقية، ولو على شبر من الأرض التي تقع تحت سيطرت أطرافها. 


أما بالنسبة لحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، فالرجل كان زميلي في حكومة الوفاق، عملنا سوياً لثلاث سنوات، عرفته حصيفاً، ومحاوراً، وصاحب منطق ودراية، ومستوعباً بعمق للأحداث، وشخصية توافقية وإدارية جيدة. وبالنسبة لأداء حكومته فالحكومة لم تستقر لكي نقيم أداءها بشكل موضوعي وعلمي، وبالتأكيد هناك ضعف في الكفاءة لدى بعض وزرائها من خلال معرفتي ببعضهم، ومن خلال تصريحات بعضهم، وفيها أيضاً كفاءات. وفي الأشهر الأخيرة لمسنا من خلال متابعاتنا لحركة رئيس الوزراء بن دغر وتصريحاته في الداخل نتائج رائعة، على الأقل هناك مؤشرات تبعث على التفاؤل؛ لكن ما يبعث على التشاؤم سيل القرارات التي تصدر عن بعض الوزارات، ما يدل على ضعف رؤوسها وعدم قدرتهم على استيعاب مهام المرحلة وحساسية الظرف بدقة، ففي الحروب القرارات لا تصدر إلا للحاجة الملحة وليس للترف ولمضاعفة الأعباء التي يكون ضررها أكثر من نفعها.


ما هو مستقبل "اللقاء المشترك" الذي كان إلى ما قبل قيام الحرب من من أقوى التحالفات السياسية؟
تجربة "اللقاء المشترك" في اليمن كانت متميزة، على مستوى المنطقة العربية كلها، فهي أول تجربة سياسية فريدة تشكلت في وقت مبكر، وراكمت وعياً سياسياً يمنياً رائعاً، ساعد على تخطي حواجز كثيرة عبر العملية النضالية السلمية. هذه التجربة لا زالت اليمن بحاجتها وسنشهد في المستقبل القريب استئنافاً لها ربما بقوام أوسع من قوام "اللقاء المشترك" السابق، فاليمن بظروفها الحالية أصبحت أكثر حاجة لـ"اللقاء المشترك" بصيغة أحدث وأوسع، فالمهام الوطنية القادمة لن ينهض بها سوى تكتل يشبه "المشترك" حتى قيام الدولة الإتحادية.


كيف تراقب جهود الأمم المتحدة؟ وما رأيك بالخارطة الأممية للحل؟
الأمم المتحدة تبذل جهوداً ممتازة، ولكنها مقيدة بمصالح الدول الكبرى، صاحبة "الڤيتو"، كثير من محاولات الأمم المتحدة في اليمن وغيرها تصطدم بمصالح دولية، وإقليمية، ومحلية، ولهذا غالباً ما تفشل الجهود الأممية، وبحسب تجربتي فإن الأمم المتحدة ترعى الحلول ولا تفرضها، وتساعد على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، كنت عضواً في فريق حوار الموفنبيك بصنعاء، وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، يسمي نفسه "الميسر للحوار"، فكان دوره الإستماع إلى آراء ومقترحات أطراف المشكلة، ويقوم بتلخيصها وفرز نقاط الإتفاق ونقاط الإختلاف، ويرفع تقريره إلى مجلس الأمن للإحاطة، وهكذا. بالنسبة للخارطة الأممية وخارطة كيري وزير الخارجية الأمريكي الأخيرتين تضمنتا جزءاً من الحل وليس كله، وهذا يعني أن الخارطتين تحتاجان إلى مراجعة ومقاربة للحلول الحقيقية، بدليل أن الخارطتين رفضتا من قبل الأطراف اليمنية. في كل الأحوال، المشكلة اليمنية لها بعد إقليمي ودولي، وأي حل لا بد أن يراعي مصالح الإقليم والمجتمع الدولي، ما لم فإن الحلول مهما كانت مثالية ومقبولة لن يكتب لها النجاح.


توقعاتك لمسار الأزمة ومسار الحرب؟ وما هي الحلول من وجهة نظرك؟
الأزمة في اليمن ليست سهلة، لقد أصبحت أكثر تعقيداً بسبب امتداداتها الإقليمية والدولية، وهناك مساومات على ملفات عدة في المنطقة، أي أن كل ملف مرتبط بالآخر، وهذا يعني أن الحرب مستمرة في اليمن طالما سوريا لم تنجح فيها مبادرة وقف إطلاق النار والعودة الى المسار السياسي، فتوقعي ان الحرب ستطول ولابد من تحقيق انتصارات في الجبهات المهمة لتحسين وضع التفاوض القادم، وأعتقد أن الأمور تسير في هذا الإتجاه.


قد يكون من السهل عليك أن تشعل الحرب، ولكن ليس من السهل أن توقفها، فهناك مصالح محلية وإقليمية ودولية مرتبطة بالمشكلة، وبالحل، لا بد من مراعاتها، ومصلحة اليمن هي في قيام دولة لكل مواطنيها، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، دولة تراعي أيضاً مصالح الجيران والمنطقة والعالم، ومن سيدعم هذا الحل سنكون معه. وفي كل الأحوال، لا يمكن يأتي حل للمشكلة اليمنية بالحروب، فالحل ينتظر إيقاف الحرب، وفقاً لقرار مجلس الأمن، والعودة إلى العملية السياسية لاستكمال ما تبقى من مراحلها وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، نحن في اليمن للأسف الشديد توافقنا على الحل ثم رميناه خلف ظهورنا وذهبنا إلى الحرب، ومهما طالت الحرب لا بد من العودة إلى الحل المنجز.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24