السبت 20 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قراءة في في رواية "أحكي ياشهرزاد"
مقاربة تأويلية في العنوان - علي أحمد عبده قاسم
الساعة 12:41 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



عند الحديث عن عالم الروائي فإن ذلك العالم هو سر نجاح أي رواية و رسم فنية الرواية يعودلقدرات الكاتب وذكاء التقاط فكرته وحسن تناولها وطريقة بنائها ولغة خطابها تشويقا وجذبا وتسلسل أحداثها وبناء الشخصيات بتوازن وتنقل مثير وترابط الفكرة مع كل العناصر سيفضي لعمل روائي ناحج 
ولأن رواية " احكي ياشهرزاد" للقاصة الفلسطينية / نسيبة السعدي هي رواية ربما عايشت كتابتها منذ البداية مدة تزيد عن الثلاث سنوات ولم أقرأها كاملة سأكتفي بقراءة عنوانها حتى يتسنى لي قراءة النص كمايجب

 

لايخفى على أحد ماللعنوان من أهمية وما أولاه الدارسون من عناية ودراسة بوصفه لافته تواصلية وإشارات جاذبة وتشويقية للمتلقي وهو دليل على احترافيه الكاتب ويوليه جهدا خاصا ليكون لائقا ومواكبا لمضمون رسالة الخطاب الكلي للنص والعنوان اختزال للمضامين العميقة وأشارات للدلات الداخلية للخطاب والتي يرغب النص والكاتب بتوصليها للمتلقي وللحياة الفكرية عموما فقد جاء العنوان " احكي ياشهرزاد" مكونا من فعل الأمر " أحكي " وجذره اللغوي" حكي" ومصدره " حكاية" 
واحك. فهو حاكٍ والمحكي المفعول به 
والحكاية هي قصة لها قص وخيال وبناء وأحداث ومغزى 
فيكون الفاعل الضمير المتصل الياء معادل رمزي للذات ومعادل رمزي للحرف والسطر والبوح والحكاية وللمرأة عموما واذا كانت الحكاية هنا رمزية وواقعية خيالية فإنها متعالقة بالتناص مع الحكاية الشعبية " ألف ليلة وليلة" 

 

وجاء الأمر " أحكي" فالفاعل مؤنث سواء كانت الذات أو الحروف والسطور والرواية ذاتها والغرض الاستفاضة والاستقصاء لكل مايختلج بالذات فهو ليس بين أثنين بل بين الذات والمتخيل ليكون الخطاب مغيبا للرجل ومغيبا للفرد الإنسان وكأن الإنسان منعدم من الخطاب وغير متواجد في الذات والواقع 
 

واذا كانت المرأة هي الفعل والفاعل فهي الملكة ومملكتها ذاتها وخطابها وبوحها ورسالتها الإنسانية فحضرة الملك الإنسان والذات والمتلقي متلهف للسماع فهو يأذن لها بالبوح على سبيل المجاز فالذات متأدبة في حضرة سلطانها فلن تحكي إلا في الوقت المناسب وحين تأذن ذاتها أو أن الأمر على سبيل أمر الذات فقد فاض الكيل ونفذ الصبر 
 

فحوارية الفعل مكثفة مضمرة لاسيما والعنوان علامة سيميائية والسيمياء تبحث في عن العلامات العميقة داخل الحياة الإجتماعية سواء الحياة العاطفية أو الإنسانية أو المتوحشة ليحيل الفعل إلى علاقة الرجل بالمرأة وصراعها به والمحيط الإجتماعي والمادي عموما فاحكي فيه من التنفيس وفيه رسم للخيبات والآمال والمطامح والرؤى من الطرف الآخر ومن جنس الأنثى عموما ليكون العنوان اختزال لحكاية حياة المرأة سواء كانت ذاتية أو عاطغية أو إنسانية فالخطاب يحاول في العنوان يؤسس لعلاقة بالرجل وبالحياة بطريقة قيمية مغايرة للواقع المجحف بحيث تتسم بالإنسانية والثقة لاسيما وشهرزاد هي تلك المرأة المنتصرة والتي استطاعت أن تحول الإنسان الوحش القاتل شهريار إلى أب وإنسان فشهرزاد رمز الأنسنة والذكاء وهي تبحث عن الحياة والاستقرار والأمومة 
لذلك ارتباط الحكاية بشهرزاد " ياشهرزاد" أضاف للعنوان هوية وقضية ودلالات فكرية وهموم أنثوية إنسانية سواء من حيث أن النص خصوصية نسوية يعكس هم المرأة وقضاياها في صراعها مع الحياة وآمالها ومن خلال ارتباط العنوان بشهريار فإن العنوان له مستويات رمزية ولعل النص الروائي يتناول قضية الرجل والمرأة من حيث الخيانة والوفاء والحضور والغياب والرحيل والا ستقرار خاصة وشهرزاد التراث استطاعت أن ترسخ في روح شهريار الثقة وتحوله زوجا وأبا ولعل النص في الرواية يرسم دلالة أن شهريار اليوم لم يتغير ومايزال يمارس الذبح والقتل والاستغلال من خلال الغدر والخيانة والاستغلال العاطفي فمتى يتحول إنسانا وشهرزاد تحاول أن تخلق الإنسان والإب وملك القلب والمشاعر فهو الخائن والمتنصل لذلك جاء مغيبا في " احكي ياشهرزاد " فهو الآمر الناهي مهمته الأمر دون يأمر ذاته وبدل على ذلك الأسلوب "أحكي " وليس أهلا للطاعة فتوظيف التراث للترابط والتشابه والاختلاف مابين شهريار الإنسان وشهريار الممعن بالوحشية والخيانة والغدر 

 

فكانت البنية اللغوية " ياشهرزاد' فالأمر عرضه التكليف والإلزام ليحيل النداء للسيطرة وعند النظر إليه من خلال مخاطبة الذات فإن غرضة الاستقصاء والتنفيس والتشويق والإثارة وكأنها تقول. لذاتها " أحكي" فقد حان الوقت ولديك الكثير لذلك فالياء الضمير المتصل الفاعل معادل رمزي للذات ولكل امرأة والحكاية هي حياة المرأة عموما 
 

واذا كان الخطاب في النسيج. السردي جاء بلغة سردية فيها والقصيدة الشعرية والومضة المدهشة فإن الأثر العميق في المتلقي مترسخ وجذاب بتشويق فهو خطاب مختلف كشهرزاد المختلفة عن كل النساء فهي المرأة الذكية والفطنة التي تربعت عزش الملك وأحدثت التغيير وبنت جسور الثقة.. واذا كانت شهرزاد معادل رمزي للكتابة. 
 

والكاتبة معا فإن الخطاب يعكس دلالة النص المختلف والمرأة المختلفة التي تمكنت أن تخلق جديدا وتأتي برؤى بصورة جديدة وقد خلا النص من لغة الجسد المثيرة التي ترسم رغبات جسدية بل جاء برؤى فكرية حياتية بمصداقية وتأثبر عميق 
 

وبالنظر في غلاف الرواية فقد جاء لنافذة مفتوحة في قصر أو بيت فهي إشارة لنوافذ الذات المفتوحة والتي هي نافذة لعالم المرأة وعلامة إشارية لنوافذ شهرزاد وروءآها وفيها اشارات إن الرواية نافذة مفتوحة ليطلع المتلقي والبيت اشارة للعلاقات الاجتماعية والأسرية ولإسرار القصور وجاء كتابة العنوان باللون الأسود لسوداوية الحياة ولليل فلم يظهر صباح الحلم بعد 
 

والعنوان يتعالق مع النص التراثي ليوظف بالقضايا الحديثة خاصة وحكاية ألف ليلة وليلة راسخة في الذاكرة وفيها من المغازي الإجتماعية والإنسانية الكثير فاستغلال التراث ليوظف بالقضايا الحديثة لتكون القضية مترابطة وفيها خصوصية وهوية عربية قد اتخذ الكثير من الكتاب هذا الأسلوب منهجا منهم علي أحمد باكثير ولعل مسرحية شهرزاد لتوفيق الحكيم من أشهر الأعمال المسرحية التي اتخذت ألف ليلة منبعا للتناص الأدبي توظيفا في قضايا جديدة ومعاصرة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24