الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن ........والقلم
علي الابي ... باع صنعاء وهاجر !!! - عبد الرحمن بجاش
الساعة 13:33 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 



لا يزال المشهد ماثلا امام عيني , حيث لا  زلت في مقهاية عبد الله الابي بتعز26  سبتمبر .
كان (( الحشاش )) وهذا لقبه الاثير - رحمه الله – شريكا للابي , في المقهايه , وكانا يمثلان ثنائيا طيبا , كما كانا ثاني اشهر شريكين بعد العم جاود نوري واحمد عبد المجيد , من ظلا شريكين في استوديو جاود واحمد عبد المجيد على بعد خطوات من المقهايه , ظلا شريكين طوال عمريهما , لم يختلفا ابدا , وكان ولديهما عادل جاود وطارق عنواني تلك العلاقة المتميزة التي امتدت الى الاجيال اللاحقه , كان الثنائي الابي كذلك . 

 

توفي الحشاش مبكرا , وما يزال اولاده يعمران المقهايه , وانتقل العم عبد الله الى السوق المركزي الى مقهايه جديدة مايزال معمرا فيها الى اللحظه , هذا اذا لم تكن قذيفة ما قد اجبرته على اغلاقها . 
على الجانب الايسر من الباب الجنوبي للمقهاية القديمة صاحب الخبز , القصير بفوطته الطويله وكوفيته وابتسامته ذات المغزى والتي لا يفهمها الا علي الابي . 

 

(( يا وليد ))  نص خبز , (( يا وليد )) ربع خبز , وانت و(( بيسك )) , وانا آتي بعد العصر و وصاحبي رحمه علي الزعيم نخرج من عند الاستاذ الوصابي نقرأ عنده بعد عصر كل يوم القرآن , ونتعلم الخط والاملاء , في جيبينا معظم الوقت فلوس قليله , فنكيف انفسنا على ما معنا , ربع قرص , نص قرص , قرص كامل , وهنا يكون يوم عيد !!! 
 

علي الابي بكوفيته المشجره , وفوطة تشكوا الهم يوميا من (( الجعث )) وابتسامة  لا تفارقه !!! , اقلاص طالعين , اقلاص نازين , و(( بن يحي )) الطويل عم الابي , يراقب من يتلكأ في شرب الشاي , فتراه يمد يده الى عند لقف احدهم (( هِيا يبني كمل اشرب لك شارب البيض )) عندما يلاحظ كثرة الزبائن , فتسمع الهمهمات احتجاجا من بن يحي , هو لا يهتم , فيصلح مشدته , ويحمل الاقلاص الى ((الرصًه )) امام عبد الله الابي , والحشاش تراه هناك كحامي الحمى من زاويه الى اخرى بفرقة شعره على جنب وابتسامته التي تحمل الف مغزى ومغزى لم يفهمها سوى الراسخين في علم الابتسامه !!! , رحمه الله , نظل نتصايح معه على ماء الحنفيه  خارج المقهايه تحت باب المدرسه !!! , علي كان يتوقف عن الحركه عندما تمر مظاهره او مسيره , فيقف احتراما ويهتف معهم  
 

صعدت الى صنعاء , وذات صباح وانا اوزع الروتي با((لمحروسه )) اللاندروفر , وجدت علي الابي ينتصب امامي (( هيا موهو يبن الشيخ من يلحق الثاني )) : الله يا علي ايش جابك ؟ - تعبت من الشغل عند عبد الله قلت اجي اجرب صنعاء , وظل علي الابي عنوانا لمنتزه التحرير لاشهر ليست بالطويله . 
 

فقد لملم نفسه  وذهب الى عمنا احمد عبد الله رجل الأعمال المعروف صاحب اشهر مستودع (( الشرق الاوسط )) في الستينات والسبعينات , ومنتزه التحرير جرفت السماء حياة من امر بسحقه ذات مساء غيرة ونقمه !!! فمنتزه التحرير تعبيرا كان عن اهم مراحل جديد علي عبد المغني  , فجمع اشتات شجاعته : يا عم احمد انا تعبتوا من طلاع ونزال القلاصات , - طيب مو تشتي يا علي ؟ - اشتي اشتغل بالمشوار , كان شكلا جديدا من اشكال العمل , عمنا احمد وافق , وحددوا المشوار بربع ريال , فاستمر يعمل بالاتفاق , ذات مساء , عاد الى العم احمد بعد ان مر علي : يبن الشيخ تعبتوا , طيب والعمل يا علي ؟ - تعال شجعني , فذهبت معه الى عند عمنا احمد : يا احمد عبد الله ايش رايك ابيع لك صنعاء , عمنا احمد وافق وسط استغرابي , فرحت اضحك في الدرج , لاسمعه يقول لعلي : بكم ؟ - بسبعه ريال !!! . 
 

كان يومها سعر جواز السفر سبعة ريالات , قال عمنا احمد : اكتب يا علي ورقه انك بعتني صنعاء , وهذا ما كان !!! ,فاستلم الثمن , وبعد ايام كان علي الابي يطير فرحا , سيسافر الى السعوديه , و((صنعاء لعمي احمد لهم جني الاثنين)) !!! . 
 

يا علي وحق السياره ؟ - معي من حق الشغل , سافر علي في لحظة دمعت عيني عليه كصاحب , - والله لا اراسلك يبن الشيخ انت صاحبي من تعز . 
ذهب الطيب علي يبحث عن اللقمة الشريفة  , لتمر سنوات , وذات ليلة عيد , وانا اقف امام المخبز في باب اليمن , سمعت من ينادي باسمي لارى يدا تؤشر لي من على تاكسي , اقتربت , - يبن الشيخ انا علي الابي , رُجُعك من السعوديه , جزعت ازورك , شل هديتك , طيب انزل , لا ششوفني عمك احمد وانا قد بعت , وذهب , ولم اره من يومها , كان علي عبد المغني مايزال زاخرا بروح الجديد , يمتد عبر باب اليمن من باب الكبير بشارع 26 سبتمبر بتعز , وثمة خيط من ذهب يربط بين مقهاية الابي , ومنتزه التحرير هنا . 
لله الامر من قبل ومن بعد .

30 سبتمبر  2017

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24