الاربعاء 24 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الشاعر المقالح أديباً بحجم وطن
حوار مع الأديب اليمني الكبيرعبدالعزيز المقالح - حاورته انتصار السري
الساعة 14:52 (الرأي برس - أدب وثقافة)




عندما تدخل إلى مكتبه المتواضع يستقبلك بابتسامته البشوشة، يسبقك بالتحية والترحيب حتى و ان كانت تلك زيارتك الأولى له، أنه أب لكل المبدعين ، وهرم من أهرام الأدب والثقافة اليمنية والعربية، يرحب بك دون ضرب مواعيد مسبقة، تجده في مكتبه يوميا يلبي ندا كل طالب علم أو معرفة، يحنوا على كل من وجد فيه بذرة الإبداع.
أنه الإنسان الشاعر المثقل بهموم والوطن المجروح، يحمله بين حنايا ضلوعه وبه يعبق شعرا وحبا.  

 

في حديث ذي شجون يفتح لنا الدكتور عبدالعزيز المقالح قلبه وينثر كلماته على صفحات مجلة “نصوص من خارج اللغة” والتي تحتفل في عددها هذا بالشعر اليمني، فإلى رحاب أديبا الكبير في هذه السطور…
 

 

فاتحة حورانا سيكون مع ديوانك الشعري الجديد والذي سوف يصدر قريبا “كتاب الحرب”، دكتور عبدالعزيز حدثنا عنه؟
مازال هذا الديوان في دور الجمع، وما زلت متردداً في إصداره على أمل أن ينقشع دخان الحروب العربية وتكاد قصائده تكون تسجيلاً لأحداث ووقائع ما تزال كوابيسها تلاحق المواطن في صحوه ومناماته. والحديث عن الحروب مثل الحروب نفسها يجرح الروح، وما يؤسف له حقاً أن الحروب الحديثة وأغلبها أن لم تكن كلها عبثية ولا هدف لها سوى قتل أكبر عدد من البشر والأبرياء منهم خاصة، فضلاً عما تتركه من تصدعات عميقة  في الحياة بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية .
مجلة “نصوص من خارج اللغة” في هذا العدد تحتفل بالشعر اليمني تري ماذا سيقول لنا شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح عن حال الشعر في اليمن خاصة وما تمر به بلادنا في هذه الظروف؟
ربما يكون الشعر في بلادنا هو المعافى الوحيد في مجتمع كل ما فيه مريض، الإنسان والاقتصاد والأمن والثقافة والتعليم ، وماذا يؤمل من واقع تطحنه الحرب وتدمر كل بناه التحتية وما كان قد تحقق للشعب على مدى خمسين عاماً عبر الثورة اليمنية من اصلاحات ومكتسبات. وقد يقول قائل:
ولماذا الشعر وحده لم يشمله المرض ويبدو في تقدير يتمتع بشيء من العافية. وردي على مثل هذا القول أن الشعر فن حر يتغذّى من نبع الألآم ويرفض الصمت ويستعصي على الترويض. وربما وجد نفسه في الأوضاع المتأزمة أكثر انطلاقاً منه في الأوضاع الهادئة والمستقرة.

 

 

دكتور هل يكون الشاعر راضاً عن نفسه وعن ما قدمه خلال مسيرته الأدبية والإبداعية؟
إذا رضي الشاعر الشاب عن نفسه وعما انجزه يكون قد طوى آخر صفحته في مستقبله الشعري، الشاعر الحقيقي لا يعرف الرضا وهو كلما قدّم عملاً ناجحاً طمع إلى تحقيق ما هو أكثر تعبيراً عن أشواقه إلى نجاح أكبر. أنه إنسان قلق شكاك في موهبته وفي قيمة ما ينتجه من إبداعات شعرية ومن إصدارات، أن هذه الحال من المعاناة تشكل الوقود الدائم للشاعرية وتدفع بالشاعر إلى المضي في الكتابة والاستمرار في الإبداع.
 

 

من يتابع ويقرأ دواوين الشاعر المقالح وخاصة التي تحمل عنوان كتاب مثل “كتاب صنعاء”_ “كتاب المدن” –”كتاب الحب” – “كتاب الأم” – “كتاب الاصدقاء” إلى آخر..، يجد أن هناك ثمة مشتركة بينها، أيضاً يجد روح الكاتب تسكن قصائدها، ترى هل ذاتية الشاعر المقالح محفورة في تلك القصائد؟
 
إذا لم تكن روح الشاعر مسكونة في قصائده المحقونة بقطرات من دمه فإنها ستولد ميتة وفاقدة لا بسط مقومات الشعر. وقد حاولت في أعمالي الشعرية بما فيها تلك التي أطلقت عليها تسمية “كتاب” أن أنقل إليها شيئاً يكبر أو يصغر من قلقي وتوتري وصفائي. ولست معيناً بعد ذلك أن تتبع مدى ما أخذت مني وما أخذته منها، فالقصيدة الجيدة هي خلاصة حوار بينها وبين الشاعر.
 

 

من يتابع نتائج جائزة المقالح السنوية سوف يجد أن هناك اسماء لعدد من المبدعين الشباب الذين كان لهم حضور أدبي متميز في اليمن وجميعهم يشيد بأن جائزة المقالح كانت انطلاقة له وتشجيع له، ترى هل كان تشجيع الشباب وتقديمهم هدف من اهداف الجائزة؟ ولماذا حجبت جائزة الرواية والقصة في الأعوام الأخيرة؟
أود أولاً أن أشير إلى أنها جائزة متواضعة جداً، وهدفها كما أشرت أنتِ في سؤالكِ تشجيع المبدعين الشبان، وبعض من حصلوا عليها أثبتوا في السنوات اللاحقة اقتداراً شعرياً لافتاً، ومن هؤلاء على سبيل المثال الشاعرين يحيي الحمادي وزين العابدين الضبيبي.
 

وفيما يتعلق بحجب الجائزة عن الرواية والقصة القصيرة فتسأل عن ذلك لجنة التحكيم التي تقول أنه ما تقدم إليها في هذا المجال لم يكن في المستوى الجدير بنيل الجائزة.
 

 

ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة والخمسين لقيام ثورة 26سبتمبر ماذا تعني هذه الذكرى للشاعر عبدالعزيز المقالح وهو من كان في منبر الإذاعة أيام الثورة؟ حدثنا دكتور عن تلك الذكريات وماذا تعني ثورة 26سبتمبر للشاعر المقالح وكذلك لشعر في اليمن؟
لم يكن اليمنيون إلى وقت قريب يتحدثون عن ثورتهم كذكرى بل كانت عيداً، وكانت وسائل الإعلام المختلفة لا تتحدث عن ذكرى بل عن عيد، وكنت أعتدت وعدد من زملائي فنقول العيد الخامس والخمسين لثورة السادس والعشرين فالثورة بأهدافها وبالأحلام التي بشرت بها ما تزال قائمة ولم تصبح ذكرى بعد. وأمّا عن ذكريات الأيام الخالدة أيام تفجرت فيه أضواء الثورة فيحتاج الحديث إلى وقت أطول ومساحة أوسع.
 

 

لكل مبدع وأديب طقوسه الخاصة عند الكتابة، ترى ماهي طقوس أديب وشاعر اليمن عبدالعزيز المقالح؟
لا طقوس لي على الإطلاق ولا وقت محدداً للكتابة والشعرية منها بوجه خاص فالقصيدة قد تفرض نفسها عليك وأنت في قاعة المحاضرات أو أنت تركب السيارة أو تزاحم الجمهور في أحد أسواق الشعبية. وأسوأ صورة للشاعر أن يجلس على مكتبه وهو ينتظر القصيدة أن تنهمر على الورق المنشور بين يديه.  والأسوأ أن يحاول كتابتها وهي غائبة لا تستجيب، وكثير من الشعراء النظامين هم الذين يكدون عقولهم ويسترجعون محفوظاتهم لعلها تمنحهم شيئاً مما يمكن تسميته بالشعر وهو ليس كذلك.
 

 

الدكتور المقالح رغم الحصار الذي منع وصول عدد من الإصدارات الجديدة من الكتب والمجلات إلى اليمن إلا أننا نجده متابعاً جيد ويقرأ كل ما هو جديد من رواية وشعر وكذلك مقالات أدبية حدثنا عن ذلك العالم الذي يعيشه أديبنا القدير؟
لم يعد في أمكان الحصار المضروب على بعض الشعوب أن يؤدي مهمته كاملة، فقد أستطاع العلم الحديث أن يفتح أكثر من وسيلة للتواصل مع العالم. صحيح لقد  غابت عنّا صحف الوطن العربي والعالم، ولم تعد الدوريات الأدبية تأتي إلينا كما كانت قبل الحرب لكننا جميعاً وعن طريق نافذة “الإنترنت” نتابع الاطلاع على بعض الكتب المهمة والمجلات الأدبية التي كانت تملأ المكتبات العامة والخاصة ولا تخلف مواعيدها، ونحن في هذه الحال نعمل بالمثل الشائع من فاته اللحم فما فاته المرق.
 

 

هل صارت الرواية هي ديوان العرب كما يقال حالياً؟ أم أن للشعر مكانته وحضوره؟
لكل فن من الفنون القولية والإبداعية قواعده ومقوماته وحاجة الناس إليه. وبما  أن المذياع لم يحجب ظهوره الصحف، والتلفاز لم يحجب الإذاعة والإنترنت لن يلغي الكتاب فإن الرواية: فن له خصوصيته وله قرّاؤه وكذلك الشعر وهو فن يسكن الوجدان الإنساني منذ أقدم العصور فليس في إمكان أي فن أدبي آخر أن يحل محله أو يلغي حضوره، وهو شقيق الموسيقى ولغة الوجدان. والرهانات العبثية الهادفة إلى التقليل من جيش أدبي لصالح جنس أدبي آخر رهانات طفولية فاشلة وجديرة بالسخرية!
 

 

شهد هذا العام رحيل صديقك شاعر اليمن القدير أحمد قاسم دماج ذلك الإنسان الذي جمعتكم مع بعض مسيرة أدبية حافلة بالعديد من الذكريات، ماذا ترك رحيله من فراغ ووجد؟
أن تقفد صديق عمرك بعد صحبة طالت عشرات السنوات، وتجد نفسك وقد أصبحت وحيداً إلاَّ من الذكريات التي تزيد من مرارة الفقد وشجن الغياب فلابد أن نشعر بأن فراغاً هائلاً يحيط بك من كل الجهات يضاف إلى ذلك الفراغ  الكبير الذي أحدثه غيابه في الساحة الأدبية وبين جيل من الشعراء والأدباء الشبان الذين كانوا يحيطون به ويستمدون من صلابته وقوته القدرة على المقاومة فقد كان يتمتع بشجاعة نادرة وبروح إنسانية في غاية العذوبة والصفاء، لقد فقدناه وخسره الوطن والإبداع.
المتابع للمشهد الأدبي اليمني يجد أن النقد مغيب في الأوساط الأدبية؟ دكتور ما مدى تأثير ذلك على الأديب وخاصة الأديب الشاب الذي هو بحاجة إلى من يقف بجواره ويرشده في أول طريقه الإبداعي؟
يبدو أن النقد بمعناه الإيجابي والطليعي في غياب تام ليس في بلادنا وحدها فحسب وإنما في سائر الأقطار العربية، دون استثناء، فالأوضاع الراهنة وما تكشف عنه من هزائم روحية ومادية كفيلة بأن تفرض حالة من الموت الشامل والتام .
 

منقولة من مجلة "نصوص من خارج اللغة"...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24