الخميس 25 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
اليوم يومك - عبدالمجيد التركي
الساعة 15:26 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


أن يكون اليوم هو يومك الأخير
هكذا فجأة..
يتصل بك ابن أختك ويقول لك: 
يا خالي افتح نشرة الأخبار،
فأسأله: أي قناة؟
كل القنوات يا خالي..

 

اسمي مكتوب في الشريط الإخباري،
كل المطارات تضع اسمي في قوائم الرحلات كأنني طائرة،
المذيعات يتقاذفن اسمي كتهمة مخلة بالأدب
أو كسجين هارب تعرفه كل سجلات القضاء،
اليوم هو يومك يا خالي.. 
هكذا ظل يردد ابن أختي بخجل جديد عليه..

 

حسناً.. أحتاج بعض الوقت لأودع أخواتي الحبيبات، 
وأصدقائي الذين أشعر اليوم بمدى تفاهتهم،
أحتاج أن أرى أمي للمرة الأخيرة..
المرة الأخيرة موجعة
المرة الأخيرة كأنها المرة الأولى،
لن أخبرها أن اليوم هو يومي
وأن الأربعين عاماً كانت شبيهة بفيلم دون ترجمة
فاجأتني نهايته دون أن أفهم شيئا من أحداثه..

 

اليوم يومك..
تتمنى طوفاناً يبتلع الأرض كي لا يرثها أحدٌ بعدك،
تمشي وتتعثر كأن التراب تحول الى طحالب 
أو أن أطرافك بدأت في الاخضرار والانتفاخ كأفلام المتحولين..
أوه.. الأفلام، اللاب توب.. الموبايل
أحتاج إلى دفنها معي كي لا يرسموا صورتي على مرآة مشروخة..

 

سيدَّعون أشياء مرعبة..
ويلفقون الكثير من المحاسن..
سيقول أحدهم إنه حادثني قبلها بخمس دقائق
وكنت حريصا على الهمزة والنقطة التي أضعها في آخر السطر ويصور محادثتي ليحظى بشرف الحديث الأخير..

 

سيبحث كل صديق عن صورة تجمعنا معا
لينشرها على الفيس بوك..
سيمطرونني بالتعازي والرثاءات الحارة كرغيف مستعجل..
سيقولون إنني تنبأت بموتي
وسيبحثون عن "كتاب الاحتضار"
وسيكذبون بأنني كنت شاعرا كبيرا
وينقبون عن صوري منذ يوم مولدي..
وقبل أن أدخل قبري أسمع صديقا أحمق يسأل من بجواره:
الشريط الأسود.. في يمين الصورة أم في شمالها؟؟

 

لم يعد يهمني شيء..
أحتاج إلى جبل صغير أضعه على قدميَّ المرتعشتين،
أصابعي تتهجأ كل شيء برهبة الاكتشاف الأول
لم أعد قادرا على الكتابة
الحروف تغير مواقعها فيبدو الكيبورد مثل لعبة الأذكياء..

 

احملوني..
انزلوني ببطء 
أحتاج إلى بعض الدلال.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24