الثلاثاء 19 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن .........والقلم
توارى ليظهر في القلوب .... - عبد الرحمن بجاش
الساعة 14:27 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)




في الجانب الايمن من شارع علي عبد المغني الاثير الى النفس والذاكرة , التقينا وجها لوجه , كان كمن يمارس التخفي , اذ جرت العادة ان يسير الناس في الجانب الايسر من الشارع اذا ارادوا الالتقاء بالآخرين , اتحدث عن الوجهة حين تاتي من التحرير . 
_ اهلا بالحبيب ابن الحبيب , مددت يدي , اردف :- اتابع ما تكتب في (( الثورة )) يعجبني ويرفع راسي , خفضت راسي بعض الشيئ امتنانا لكلام حسبته لحظتها من ذهب . 

 

شميز ابيض , وفوطه , وشال على الكتف , والباقي عمر عبد الله الوصابي , او عمر الوصابي , او عبده الوصابي كما اطلق عليه في تعز مدينة البدايات , ايام البوابير ((الدوش)) و((العنترناش)) ...
بعد ذاك اللقاء لم اره مطلقا , لم اسمعه , لكن هيئته اتذكرها مهيبة متواضعة تظهر من على الباب الداخلي لوزارة التربية والتعليم المبنى القديم الاثير ايضا بجانب المتحف الحربي , الذي لا ادري مالذي بقي من اسمه الأن !! . 

 

بين تعز وعدن , لو كان ثمة صناعة سينما أسس لها هنا لكانت ملأت الارض افلاما تحكي نضال الانسان القاهر للطبيعة , ولطريق لم تكن طريقا , بقدر ماكانت معنى كبيرا تتوسطها الراهده , علامة اولى , القاعده علامة اخرى , لم يتبق الآن من الراهده سوى رائحة احمد الجابري , والقاعده لا احد يعرفها , وهي تشيح بوجهها عن الغير , فقد حولوها الى مجرد طريق , ولم تعد النقطة الرابطة بين جزئي القلب مطلعه ومنزله !! . 
 

قال والدي رحمة الله عليه : في شارع 26 سبتمبر بتعز , كنت الملم (( اطماري )) بعد ان قطعت الجواز مهيئا نفسي للاغتراب في الكويت , في وسط الشارع التقيت عمرا والقاضي عبد الجبار , هنا يقصد المجاهد عميد اول اسر تعز نبلا , ملكية للاراضي , ووجها ابيضا لها ..., لمح مابيدي عمر , فاخذه مني ومزقه - لن تسافر- , وبارك ما فعل القاضي عبد الجبار , ولم يصدر عني أي احتجاج , فالاثنين اصحاب فضل ومهابه ......
 

((هما الاثنان فيما بعد اشتريا لي)) : (( بابور عنتر ناش )) قصد يقول (( InternationaI)) , اتذكره , فقد قدمت قبل 26 سبتمبر 62 اخضر المقدمة , وراء السائق آيه لا زلت ارددها : (( ومن يتق الله يجعل مخرجا , ويرزقه من حيث لا يحتسب )) , كان يسوقه عمي عبد الحبيب , يشتغل به عند شركة النصر , فيما بعد ذكرها لي هكذا ...كان ينقل به الاحجار والتراب , والزلط , عندما بنوا الكمب !!! . 
 

عمر عبد الله الوصابي رحلة طويلة, محطاتها البارزة , عدن , تعز , الهند, حيث نال الماجستير , الكويت , صنعاء , حيث كان الرجلين الارياني د. عبد الكريم , ومحمد عبد الوهاب جباري , يعرفان الرجل معرفة حقيقية أي نوع من الرجال هو , الاول اخذه معه الى التربية والتعليم وكيلا في ذروة مجدها , فصار لصيقا بها كالزوج الكاثوليكي , وصف ابراهيم الحمدي رحمه الله تواجد الوصابي ليلا ونهارا : (( لقد تزوجها )) ...
 

كانت الشقيقة الكبرى هي من تختار وزير التربية في هذه البلاد , ولذلك فضحيتها الآخر كان حسين العمري , الذي خرجت من مكتبه بعد حوار طويل للنهضة الكويتيه , وانا اردد : هذا الرجل يملأ مكانه , الضحية الاولى كان الارياني , ومعه خرج عمرا الى الكويتية للتنمية العقاريه . 
 

تمر السنون والاعوام مرهقة متثاقلة بطيئة بليده , يتوفى المولى محمد جباري , فيسقط جزء من الوصابي , يُساء الى الارياني اواخر حياته فيغادر , فيموت الجانب الآخر من الوصابي , اتذكر اللحظة ما قاله لي شيخ مشائخ الصحافه ابن الدحان : ما فيش فائده , ذات مساء في فندق سنان بعصيفرة تعز , قلت : يا عم صالح , اذا ضاقت بك فحسن مرقدك , كانت غرفته ملخبطه الى درجة العبث , ضحك تلك الضحكة التي نعرفها : يا بن بجاش رحلك , قلت لك ما فيش فائده !!!
غرفتي انعكاس للوضع العام . 

 

توارى الوصابي او العم عمر , نسيه الجميع , كتبت عنه , ظللت انتظر علً احدا سينقل اليه , فيتصل , فاساله عن بيته , اين هوفازوره وابلغه بوفاة والدي ولو بعد سنين , فلم اسمعه ابدا .
حتى اذا خضعت لعملية العين , اختفيت اياما , لادري بعدها انه توفي , وانهم عزوا به على استحياء , فلعنت اللحظة التي تخذل الرجال . 
لله الامر من قبل ومن بعد .

23 نوفمبر 2017

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24