الاربعاء 24 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
لماذا اعتذر البروفيسور العسلي من "جبال اليمن"
الساعة 23:22 (الرأي برس- متابعات)

قدم البروفيسور/سيف العسلي اعتذارا الى "جبال اليمن" في مقال سابق نشره في فبراير من العام 2016م.

وقدم العسلي في مقاله الذي يعيد "الرأي برس" نشره، نصائح الى اطراف الصراع في اليمن قبل وقوع الفأس في الرأس وحلول الكارثة المؤجلة.

وفيما يلي نص المقال:

 

رسالة اعتذار الى جبال اليمن!

لا يوجد يمني لا يعرف الجبال اليمنية لانها منتشرة في جميع انحاء اليمن. فغالبية اليمنين ولدوا و عاشوا و ماتوا في الجبال او في المناطق القريبة منها. الجبال هي رمز اليمنيين و لذلك فقد سميت هذه الجبال باسماء اليمنيين و سمي اليمنيون بأسمائها.

فللجبال تأثير كبير على حياة اليمنيين و لليمنين تاثير عليها سواء في حالة السلم او في حالة الحرب. فاليمن تقع جغرافيا قريبا من خط الاستواء و بالتالي كان يمكن ان يكون مناخها حرا لولا جبالها التي جعلت منه مناخا معتدلا. اليمن يقع في قريبا من المناطق الجافة و لكن جبالها جعلتها تحصل على مقدار لا باس به من الامطار. جبال اليمن لا تغطيها الغابات و بالتالي لا تخفي جمالها الطبيعي من حيث تنوع الالوان و تشابهها و لا هي جرداء بحيث تتراكم عليها الاتربة و الرمال فتجعلها قبيحة المنظر. جبال اليمن تحتضن بين جناباتها الوديان الخصيبة التي تنتج اجود انواع الثمار. في جبل اليمن الخضرة و الماء و الهواء العليل مع تنوع الالوان و الاشكال الهندسية الفريدة. و لذلك ياتي اليها من يعشق جمال الجبال من جميع انحاء العالم.

و في حالة الحرب فان جبال اليمن تتحول الى ملاجئ طبيعية تمنع اي معتد على اليمن من اخضاعها و اذلال اهلها. فمن يتجول في مناطق اليمن المختلفة فانه ينبهر بكون بيوت اليمنيين تمثل بيوتا جميلة للسكنى في حال السلم و هي نفسها قلاع في حالة الحرب. فقد كانت جبال اليمن على مر الحقب منيعة على غير اليمنين.

فشكرا لك يا جبال اليمن على وفائك الدائم لليمنين. فعلى الرغم من القصف المهول بجميع انواع الاسلحة التي تمارسه قواى الشر في العالم على اليمن و اليمنين فان جبال اليمن قد استوعبته باقل خسائر. فلم يتحول اليمنيون الى لاجين ترمي بهم دول العالم من بلد الى بلد و ينتهي بهم الامر اما في السجون او في ملاجئ اسواء من السجون. لقد ابهر اليمنيون و جبال اليمن العالم على هذا الصمود الاسطوري.

لقد كان هناك تداخلا بين جبال اليمن و سكانه. فالحياة الجبلية هذه و ان كان لها ميزة متعددة كما ذكرنا فان لها متطلباتها الخاصة و التي تحتم على من يسكنها ان يرتقى الى مستوى الجبال. فالتعايش و تنظيم الحياة في ظل ظروف كهذه يتطلب استخدام العقل و المواهب و التسامح و التشاور للتاقلم معها. و قد كان اليمنيون عند هذا المستوى. فمن لم يستطع منهم ان يتاقلم مع هذه المتطلبات فانه كان يهاجر منها الى اماكن منبسطة.

فالصحراء بسيطة في حالة السلم و هي كذلك في حالة الحرب. فالكثبان الرملية ما تلبث ان تتغير و تتبدل في كل ساعة و ربما اقل من ذلك و بالتالي فانها تناسب الكسالى و العاجزين. و في حالة الحرب فانها لا تحمي من يلجوء اليها و بالتالي فانه تولد النفاق و الاذعان و الاستسلام. فمن يسكنها فاما ان يكون طاغية او جبانا و لا يمكن ان يكون وسطا بين ذلك.

فالحياة الجبلية تتطلب بالضرورة و دوما وجود جبال مبشرية اي هامات تطاولها و ترتقي الى متطلباتها. و هكذا كان تاريخ اليمن و اليمنين. و لكني في الوقت الحاضر مضطر للاعتذر لجبال اليمن الجبلية فقد كانت اقوى من جبال اليمن البشرية. فمن كان يتوقع منهم ان يكون جبالا بشرية اما سكتوا و اما هربوا و اما باعوا انفسهم مقابل فتات من المال او مقابل وعود كاذبة بالسلطة او تعصبوا لاحزابهم و حركاتهم و مناطقهم و مصالحهم الخاصة فقزموا بذلك انفسهم و اليمن.

ولولا ذلك ما تمكن المعتدون من ان يحتلوا اي منطقة من اليمن وما تمكنوا ان يجعلوا اليمنين يقتلون انفسهم و هم يعطونهم الاوامر و السلاح و يحرضونهم على ذلك. لولا ذلك لما تمكن اعداء اليمن من تضليل بعض اليمنين ليخوضوا معاركهم بدلا عنهم او يدافعوا عن مصالح المعتدين بصرامة اكبر من دفاع المعتدين عن انفسهم و يبررون الاعتداء على مصالحهم و مصالح الوطن و بدون حياء او خجل.

انني اناشد جبال اليمن البشرية ان تكون بمستوى الجبال الحجرية على الاقل. و لن يتحقق ذلك الا اذا تخلى اصحاب المشاريع الخاصة عن مشاريعهم و اصحاب الثارات عن ثاراتهم و اصحاب الاحقاد عن احقادهم. و لن يتحقق ذلك الا اذا خرج الصامتون عن صمتهم و صمت من يدافع عن العدوان و تخلى من يتزعمون الاحزاب و الحركات عن احزابهم و عن حركاتهم و تخلى اصحاب المصالح الضيقة عن مصالحهم لصالح الوطن.

اقول بصراحة ان على ريئس المؤتمر ان يستقيل عن رئاسة المؤتمر و ان يمثل الوطن كله لا انصار المؤتمر و ان على قائد انصار الله ان يترك هذه القيادة اذا كان يرغب في قيادة اليمن. اذ انه في ظل هذه الظروف لا يمكن الجمع بين قيادة الوطن و قيادة اي فصيل منه. فاهداف الفصيل لا يمكن ان ترتقي الى اهداف الوطن  فلا يمكن باي حال من الاحوال توحيد هذا الفصيل مع الفصائل الاخرى الا من خلال الاكراه و التضليل و من يكون هذا حاله فانه لا يمكن ان يثمل قمة للوطن بكامله.

و اقول بصراحة ان على بعض قيادات الاحزاب من الصف الاول و الثاني ان تتخلى عن احزابها حتى تتفرغ لقيادة الوطن. اذ انه من ناحية لا يمكن الغاء الاحزاب و التعددية و من ناحية اخرى فان الاحزاب قد فشلت في الاتفاق بينها من اجل الوطن.

لن يخرج الوطن من محنته هذه الا اذا ضحت بعض الاحزاب ببعض قياتها من اجل مصلحة الوطن. هذا التحالف غير الحزبي هو الذي يمكن ان يقود الوطن الى الامام. فان لم يتم تقديم هذه التضحية فان جبال اليمن الصامدة ستحكي للاجيال القادمة كيف تنكر هذا الجيل لها و للتاريخ اليمن و للاجيال القادمة.

ارجو الله ان يهدي هؤلاء الى ادارك ذلك و ان يبادروا الى تلافي ما وقع من قصور فيقذون اليمن و تاريخهم من لعنة الجبال اليمنية و الاجيال القادمة و الله و الملائكة و الناس اجمعين.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24