الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
نبيل القانص.. صوت وطن - إبراهيم طلحة
الساعة 15:11 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

قليلون جدًّا أولئك الذين يقدّمون الكثير لأوطانهم دون انتظار مقابل، ويحبونها بصدقٍ وإخلاص دون كلام فيه تصريح أو تلميح لأدوارهم، ويعملون لأجلها بصمتٍ وقناعة دون أن يتبعوا مواقفهم الوطنية بالمنّ والأذى، ومن هؤلاء القليل نبيل القانص، المذيع والإعلامي النبيل.. أحد أولئك المخلصين لكلمتهم، وأحد أولئك المثقفين الراسخين مهما كان لعاصفات الزمن من ضجيج، بجانب رفاقه نبيل حيدر وعيسى العزب ووليد الحسام وابتسام المتوكل ويحيى الحمادي وجمال أنعم ومحمد القعود وعرفات الرميمة ويحيى اليازلي وزياد السالمي ووفية العمري، ومجموعة من رفاق درب الكلمة الوطنية.
 

لقد أمسك نبيل بالكلمة الفصحى واستمسك بالعروة الوثقى من بوابة الحداثة، ومن نافذة عوالم الاتصال الإعلامي الجديد، وهو يتهادى بين دفّتي ديوان شِعرٍ أو كتاب عشقٍ يحمل حب الوطن عنوانًا.
نبيل القانص إعلامي متّزن، وشاعر جميل.. في مجال الإعلام مهني ناجح، وفي مجال الأدب كاتب قصيدة نثرٍ ناجح.. يكتب القصيدة على منوال من يمتلك أدوات التكتيك والاحتراف المعروفة لدى شريحةٍ من كُتّاب قصيدة النثر العالميين، العرب والأجانب؛ ويعتمد حين يكتب قصائده النثرية على ما يمكن استشفاف أنه محصِّلة مخزون ثقافي أو رصيد علمي أو خلفية معرفية وفرتها له دراسته في قسم اللغة الفرنسية، واشتغالاته في مجالات العمل الإعلامي المختلفة؛ لذا تجده يكتب ويحيط بما يكتب عِلْمًا وإنْ عِلْمًا أوليًّا على الأقلّ، فلا يمتهن اللغة بحُجَّة التمرُّد على قواعدها ولزومياتها، ولا يجهل نحوها وصرفها وجوانب دلالاتها.. إنه يبذل ما في وسعه لإخراج قصيدته التي هو بصددها بأسلوبٍ مبتكر وفكرة غير مسبوقة، وعلى ما تقرأ له في صفحته أو ديوانه أو تستمع إليه في الإذاعة أو التليفزيون تبادله احتمالات المعنى واختلافات التأويل؛ إذ يضع النقاط على الحروف بأقلّ جهدٍ كلاميّ وأفضل نمطٍ تواصلي كتابةً أو نُطقًا.

 

نبيل في أدب النَّثر كاتبُ مواويل يمكن أن يغنِّيها الوجدان حال غياب الموسيقى الخارجية، وما جدوى أن يكون في القصيدة لحنٌ خارجي ولا يكون فيها روح داخلية؟! المعنى العميق للقصيدة موجود في بطن موسيقاها الداخلية، حيث يصبح باستطاعتنا سماع دوّيِّ صوت "كائنات الشوق الآخر" من أقصى اخضلال الأشواك والأشواق.. المعنى لم يعد في بطن الشاعر فحسب،، لقد صار في عقلك وأنت تقرأ وتحاول الاستكشاف، حيث تتعادل بعض عناصر ومكونات موضوعات الجهاز المفاهيمي لتشتمل على ثنائيات تترادف وتتناظر، فقد تشير إلى الحبيبة أو إلى الوطن بوصفه معادلاً قيميًّا لقلب من تحب، وستجد أنَّ حجز مقعدٍ شاغرٍ لك في قلب من تحب هو هدفٌ نبيل، كما يقرّر ذلك شاعرنا النبيل، فقد ورد في إحدى قصائده النثرية الرائعة قوله وهو يضع على بعض الحروف ما يلزمها من النقط:

 

احجز لجرحكِ مقعدًا
في قلبها
واعزف بإحساسٍ فريد
ما يوضحُ أنها خرَجَت
عن النصِّ المُقَيّد في الدفاترِ تَخلطُ المأساة بالملهاةِ
تقرأ راحة الكفِّ التي تعبَت من التلويحِ للمأمولِ
كن جمهورها
وتذوق الأحزان محتسبًا
ومبتسمًا
وصفّق عندما تُرمى برمحٍ
قد تنالُ به الشهادة
أو بسهمٍ طائشٍ تصحو به في الفجر
ممسكةً ببعضِ الخوفِ
والأطيافُ عالقة بعينيها
وشهقتُها صدى.

تلكَ البلاد تخصُّنا بالذِّكْرِ والنّسيان تُخرجُنا حيارى من مآقيها
إذا شَعَرَت بتأنيبِ الضميرِ
تجاه ما يجري
وما تخفيه عن عشاقها الأعداء../ تُدخِلُنا من الأبوابِ
ثم تقول:
أوصيكم بأن تتفرقوا حينًا
إلى أن يكتبَ التاريخُ كذبتَهُ
إلى أن تُعرَفَ الأسبابُ
والأعذارُ..
مشهدُكُم ضبابيٌ
إلى حد الغوايةِ بالهُدى.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24