الخميس 18 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عبدالله الصبري فنان يقاوم ثقافة الموت بالفن
الساعة 20:33 (الرأي برس - متابعات)

في حفل زفاف الناشط الشبابي أسامة الصبري والذي أقامه في تعز بالتزامن مع احتفالات المدينة بالذكرى السابعة لثورة فبراير، تفاعل الحاضرون بشكل استثنائي مع إحدى أغاني الفنان عبدالله حسن الصبري بالتصفيق والرقص، وارتسمت على وجوههم علامات البهجة والفرح بسماع الأغنية.

كانت الأغنية من الأغاني التي أنتجها زمن الحرب في جبل صبر، وقد غناها الفنان بلحن تراثي بحيث يسهل حفظها وترديدها من قبل الناس وخاصة نساء الجبل اللواتي يترنمن بها خلال ممارستهن لأعمال الفلاحة في الحقول، حيث تتحدث الأغنية عن “نور حسن” وهي أم أحد الشهداء الذين سقطوا خلال مقاومة جماعة الحوثي الانقلابية التي احتلت المنطقة في منتصف يوليو 2015 لتندحر منها بعد شهر من الحرب.

عنوان الأغنية “نور حسن” وهي أم الشهيد معمر عبدالله محمد هزاع والملقب بــ”شامان” وتتحدث عن بطولات الشهيد ومناقبه وشجاعته، بالإضافة إلى تفنيدها للاتهامات التي تسوقها جماعة الحوثي ضد أبناء الشعب لتبرير قتلهم واحتلال مناطقهم، كما تدعو الأغنية أم الشهيد لتفخر بولدها البطل عبر استخدام عدد من الكلمات والأمثال العامية وتوظيفها لخدمة سياقات عزة وعنفوان وفخر الأم التي تفاخر ببطولات ولدها المتجددة عبر التاريخ طالما تتجدد نتائج وحصاد النصر :

يا “نور حسن” يا بسمة المشاقر

قومي ادعسي فوق لقف من يكابر

واتعنتري، قولي لمن يناكر

ابني بطل طول السنين ثائر

 

ثم تنتقل الأغنية لتفنيد ادعاءات الحوثيين الذين قاموا بالتحريض على أبناء الشعب عبر خطاب مذهبي وتكفيري لإباحة الدماء واستحلالها :

يا “نور حسن” يا نجمة الغباشش

يكذب أبوه من قال لنا دواعش

ومن بدينه حلل الفواحش

ومن على المسكين قام طاهش

يقول الفنان عبدالله حسن لــ”المشاهد نت” إن الحرب التي شهدها جبل صبر كان لها تأثيرها على الفن والذي تم تسخيره لخدمة المقاومة، حيث كان بعض الأصدقاء الشعراء يكتبون القصائد ويرسلوها لي لتلحينها بلحن خاص أو بلحن تراثي ومن ثم أغنيها، وهذه الأغاني نالت استحسان الناس نتيجة سهولة وصول الرسائل التي تحملها ولابتعادها أيضا عن الكلمات الصعبة، ومن اعجاب الناس بها باتت تطلب حتى في الأعراس” .

 

ويضيف “حسن” إن القصائد التي غناها للمقاومة بدأت مع وصول الحرب إلى جبل صبر حيث قام الشاعر جميل الرصاص بكتابة قصيدة داخل مترسه، تتغنى القصيدة بقرى صبر وبطولتها في مقاومة الحوثيين وأرسلها لي وغنيتها على لحن معروف للسمة وتم تداول الأغنية من قبل المقاومين ولعبت ما يشبه دور التوجيه المعنوي، وتوالت القصائد بعد ذلك من عدد من الشعراء وقمنا بتلحينها وغناءها ونشرها للتداول، وكان لها حضور كبير بين الناس الذين يرددوها دوما وفي كل المناسبات”.

وقد مثلت الحرب التي تشهدها تعز بيئة خصبة للفنانين والمثقفين لاستخدام سلاح الفن في مواجهة الانقلاب، وإثبات دوره وفاعليته في ايصال الرسائل المراد إيصالها بأسهل الطرق وأسرع وقت وإحداث أكبر أثر، فالفنان إنسان متحرر من الانتماءات الضيقة وله انتماؤه الإنساني الذي يجعله قريبا من الجميع وأكثر تأثيرا من غيره.

ومثلت تجربة الفنان عبدالله حسن تجربة فريدة بحسب حديث أحمد سعيد المليكي لــ”المشاهد نت” وهي تجربة تستحق الوقوف أمامها ودراستها، فاستخدام الكلمات البسيطة والألحان المتداولة والقريبة من البيئة الريفية جعل هذه الأغاني بمثابة وعاء حامل لكل الرسائل التي تريد المقاومة ايصالها، كما أنها ساعدت بالوصول إلى كل فئات المجتمع بما فيها النساء والشيوخ الذين أطربتهم هذه الأغاني وجعلتهم يتداولونها بنوع من الإعجاب”.

ويضيف “المليكي” إن تداول هذه الأغاني في المناسبات الاجتماعية والأعراس سيساعد في توثيقها وحفظها من الاندثار، وكذا التوثيق لمرحلة تاريخية هامة شهدتها المنطقة التي اكتوت بنار الحرب الهمجية التي شنها الانقلابيون، وبلاشك فإنه سيتم تداول هذه الأغاني شفويا لعدد من الأجيال القادمة التي ستسرد قصصا خاصة تتعلق بمناسبة هذه الأغاني”.

وبلاشك فإن الفن سيبقى هو السلاح الأبرز للفنان عبدالله حسن الصبري كما هو في يد عشاق الحياة، والحالمين بقيم السلام، وسيستخدموه في كل مرة لمواجهة آلة القتل وثقافة الموت، وكشاهد على الحرب يحكي للأجيال القادمة عن أحداث حقبة تاريخية سوداء في تاريخ الإنسانية التي مرت من هنا.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24