الثلاثاء 23 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
وجوه يمنية يمكنها الابتسام للجداريات
الساعة 21:29 (الرأي برس - المشاهد)

عدا اللون والوجوه والجدران لم يتبق شيء ليقال عن حرب اليمن الموبوءة بالغموض واليأس والألغاز لدرجة أن بعضهم وصفها ساخراً بأنها «شكل من أشكال حوار الحضارات والدموقراطة التي بشر بها قادة الغرب عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2011».


وسط صنعاء المهمومة بالبحث عن لقمة العيش والغاز المنزلي والماء والكهرباء والرواتب، تبتسم وجوه شبان من الجنسين بينهم أطفال وحولهم مارة، وسائقو دراجات فضوليون يتفرجون على أعمال يوم مفتوح للرسم دعا إليه الخميس الماضي رسام الغرافيتي الشاب مراد سبيع.


فلئن فرقت الحرب الناس ومزقت اوصال المجتمع اليمني يبقى الرسم رسالة سلام وتعايش وفق ما يقول سبيع لـ «الحياة»، موضحاً أن «الألوان واللوحات لاتملك القدرة على وقف الحرب واطعام الجوعى، لكنها ربما منحتهم أملا وعبرت عن توقهم للسلام».


مجرد لطخات من اللونين الرمادي والأحمر. هذه هي حال اليمن كما عبرت عنها رسمة للشاب صادق غانم. وفيما استخدم مشاركون الورود والعلم الوطني والطيور للتعبير عن أفكارهم، رسم ذو يزن العلوي كائناً خرافياً يلتهم الزهر والغبار وحمامة السلام، مجسداً بذلك فكرة الحرب بماهي ثقب أسود يلتهم كل شيء.


لكن حرب اليمن التي يقدمها الإعلام ليست هي تلك الحرب التي تأكل بصمت وهدوء حياة أكثر من 20 مليون يمني لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم التالية وفق منظمة الأمم المتحدة التي يتهمها يمنيون بالصمت إزاء ضرب أطراف الصراع مصادر حياة المدنيين ومنها رواتب نحو مليون موظف حكومي يعملون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية.


فبعد أكثر من ثلاث سنوات «لا هي حرب ولا هي سلام أقفلت جميع الأبواب ولم يتبق أمامنا سوى هذا»، يقول محمد بشير (23 سنة) وهو يشير بيده إلى رسوم اليوم المفتوح.
يتحدر بشير من محافظة تعز(265 كم) التي يقول إنه اضطر إلى مغادرتها بسبب القتال الذي نشب عقب اجتياح ميليشيات الحوثيين (حركة أنصارالله) والقوات العسكرية الموالية لحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح المدينة ربيع 2015.
يذكر بشير لـ «الحياة» أنه أوقف دراسته الجامعية للسنة الثالثة ويعمل حاليا في محل لبيع عصير قصب السكر بعد أن دمر القتال المحل التجاري الذي يملكه والده في حي حوض الاشراف، في مدينة تعز التي وأن تحررت جزئياً إلا أنها ما زالت محاصرة من الحوثيين.


والوضع في تعز واحد من النماذج التي يستدل بها القائلون بأن ما يحصل في اليمن مجرد لعبة تستهدف المدنيين الذين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط نظام علي عبدالله صالح.


وكان صالح الذي حكم البلاد 33 عاماً حصل على حصانة من المحاكمة بموجب خطة سلام رعتها الأمم المتحدة، لكنه مالبث أن استدار ليقود مع الحوثيين انقلابا مسلحاً ليعاود «الراقص على رؤوس الثعابين» كما شاع وصفه, ليقتل نهاية العام الماضي على يد حلفائه الحوثيين, بعد أن حققوا هدفهم بالسلطة.


منذ انطلاقة الربيع العربي في 2011 وعلى مدى سنوات الحرب اللاحقة, ظل فن الغرافيتي حاضرا، خصوصا في صنعاء التي حوصرت صيف 2014 من قبل القبائل المحيطة بها بدعوى اسقاط الجرعة (التسمية الشعبية لقرار رفع اسعار المشتقات النفطية) ليتضح لاحقا أن الهدف كان اسقاط الدولة اليمنية وتهيئة نخب حاكمة جديدة تحت ستار الحرب.


ويبقى المؤلم للجياع هو أن «ما يسمى حربا صارت سوقاً للنهب والثراء غير المشروع لأمراء الحرب», وفق ما يقول أحد العابرين، مؤكداً لـ «الحياة» أن مقتل شخص في تظاهرة تجوب شوارع صنعاء للمطالبة بلقمةعيشها أنبل من الشخططة (الرسم) على الجدران. فالرسم عمل الجبناء»، على حد قوله.


وبصرف النظر عن تعدد وجهات النظر بشأن الوسيلة الناجعة للمقاومة، تبقى رسوم الشارع المعلم الوحيد تقريبا لوجود حياة مدنية في عاصمة مدججة بالسلاح و «الزوامل»، وهي أناشيد قبائلية حربية تمجد القتال.


«أن ترسم في صنعاء التي طهرها الحوثيون من وسائل معارضة معناه أنك موجود. فالرسم في هذا الوقت الصعب هو مقاومة لأجل الحياة», يقول سبيع متمسكاً بسبل المقاومة السلمية. ولكن، وبينما كان المشاركون في اليوم المفتوح منشغلين بالرسم وصلت الى المكان سيارة من دون لوحات على متنها مسلحان بلباس مدني ظلا لنحو 10 دقائق يراقبان ما يحصل ثم ذهبا في حال سبيلهما مطمئنين ربما أو غير مدركين تقريباً دلالات الرسم وحيله وأساليبه.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24