الخميس 25 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الطبيب وثقافة الغذاء - بسام جوهر
الساعة 14:22 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



لست طبيباً ولم أدخل مجال الطب ولكن سببان جعلاني أكتب الأسطر ادناه. أولهما أنني قارئ في كل معلومة طبية تقع في يدي باللغتين الانجليزية والعربية. والسبب الثاني هو أنني كنت مريضاً ذات يوم مما جعلني اقرب إلى الاحساس بأعراض المرض وتداعياته ومدى تأثير العقاقير الطبية ووصفها وأعراضها السلبية والايجابية انطلاقا من مبدأ "اسأل مجرّب ولا تسأل طبيب"
 

ما لاحظته أن أكثر الأطباء اليمنيين هم الوحيدون الذين لا يُسدون إلى مرضاهم نصائحا غذائية 100% بما يجعلهم مهتمين بأنظمتهم الغذائية. كل ما يعملونه فقط هو الاكتفاء بكتابة الروشتة وكيفية استخدام كل هذا الكم من العقاقير الطبية. إن سألتهم ستكون حجتهم: لم ندرس مثل هذه المواد (التغذية) في الجامعة. وكأن الأمر عيباً أو مشكلة لو كلّف نفسه عناء البحث. فالبحث مهمته الأولى والأخيرة كونهم أطباء ويتعاملون مباشرة مع أرواح الناس. أما الرتابة وانتظار الخبرة من الأقدار والاكتفاء بما قد أخذوه في دراستهم الجامعية وصنع الحجج فستكون وبالاً على مرضاهم وستضر بسمعتهم الطبية بين أقرانهم.
 

ذات يوم أصيبت ابنتي الكبرى "همس" بـ "سوء التغذية الحاد الوخيم" (وهو مرض ناجم أو ناتج عن نقص عناصر غذائية كالبروتين تساعد الطفل في النمو بشكل سليم )وعرفت ذلك من خلال تشخيص الطبيب والفحوصات ومقارنة ذلك بعمرها ووزنها. وأنا قد كنت أخاله مجرد مرض له علاقة بنمو الأسنان. لكن الطبيب أوضح لي بأن الأسنان لا علاقة لها بالمرض وإنما هذا مرض بكتيري ناتج عن عملية حك الطفل المتكررة لأسنانه. فينتج عن ذلك الاسهال والطرش. سألته بعدها وكيف الحل؟ أريد الحل غذائياً؟ ما الذي أعطيها اياه طالما وهي مصابة بـ سوء التغذية كما تصفه ؟ اكتفى بأن ينصحني بأن أعطيها جرعات من تغذية صناعية؟ لم اكتفي بذلك اقتربت منه وسألته وبصيغة أخرى: ما الأكل الطبيعي الذي يجب عليها اتباعه وبأفضل من التغذية الصناعية (أكياس بلاستيكية تحتوي على نسبة عالية من البروتين) وحينما رآني أكرر الأسئلة ذات الغرض أخبرني أنهم لم يدرسوا التغذية في جامعة صنعاء كإجابة وحيدة مكررة ونصحني بالذهاب إلى مركز "علاج سوء التغذية" في المستشفى الحكومي العام. وكم كنت آمل أن تكون إجابته أن من الضروري إدخال بعض العناصر الأساسية المهمة إلى نظام الطفل الغذائي والتي تتلخص بما يلي:
-الكربوهيدرات
-الفواكه والخضار
-البروتين
- الالبان ومشتقات الحليب التي تحتوي على عناصر غذائية وفيرة.
- كما ومن الضروري شرب الماء وعصائر الفواكه الطبيعية.

 

ومن هنا فلا شك أن الثقافة الغذائية لدى الطبيب أساس لا يمكن اهماله فهي اكتمال المعرفة العلمية الطبية وبالتالي المقدرة على مداواة المرضى وتجنيبهم كثرة الادوية التي قد يكون لها أعراضاً جانبية قاتلة على المدى الطويل مثل مرض الفشل الكلوي. و تجنيبهم الاصابة بأمراض اخرى من أسبابها عدم "الوعي الغذائي" وبهذه الطريقة قد يختصر طريقاً طويلة نحو شفاء مرضاه هذا من جهة. ومن جهة اخرى فإن معرفته بعالم الغذاء ستجعل مرضاه في مأمن من الوقوع في مخاطر قادمة ناتجة عن الافراط في بعض أصناف الغذاء التي قد تصيب المريض في مقتل دون علمه.
 

لا أرمي بجميع الذنب على رأس الطبيب ولا ألومه ولا أتهمه وحده بالمقصّر في هذا الأمر الهام ولكن ومن جهة أخرى يجب على المريض ان يثقّف نفسه ولا ينتظر من الطبيب او الصيدلاني ان يهديانه معلومات على طبق من ذهب. ففضاء الانترنت مفتوح امام من يطلب المعلومة. وهناك كتاب أنصح الجميع بقراءته بعنوان " الغذاء لا الدواء" للطبيب السوري الراحل العظيم / صبري قباني. فيه يجد الطبيب والمريض ضالتهما. فالطبيب سيقلل من كمية العقاقير الطبية في الروشتة وسيرشد المريض الجاهل كيف يتجنب ما يزيد من حدة المرض المصاب به والمريض، من جهته، سيعرف طريقاً آخر نحو الشفاء والوقاية معاً من خلال ثقافة الغذاء.
الحديدة
10/4/2018

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24