الخميس 28 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
التضامن الحقوقي في اليمن ..إنتقاء يفتش في هوية الضحايا.
الساعة 19:27 (الرأي برس_ المشاهد)

كشفت الأحداث الجارية في اليمن حقيقة العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، والمنظمات الحقوقية اليمنية من خلال تبنيها لمواقف تضامن انتقائية إزاء الانتهاكات التي ترتكب بحق المواطنين من هذا الطرف أو ذاك، وتختار أغلب تلك المنظمات، الامتناع عن إظهار أي موقف، أو إظهار مواقف شبه محايدة، تدعو (كل الأطراف) إلى التوقف عن إطلاق النار، أو (دعوة كل الأطراف) للالتزام بالقانون الدولي؛ وهي الدعوات المعتادة في حالة الحروب بين الدول، وفي حالة الحروب القائمة في إطار الدولة الواحدة. فيما يبدي عدد محدود من تلك المنظمات، موقفاً واضحاً تجاه الانتهاكات.


ويرافق الحرب الدائرة في اليمن انتهاكات واسعة من قبل أطراف الحرب وميلشيات تعمل خارج سلطة الحكومة الشرعية، بحق مدنيين وناشطين وحقوقيين وسياسيين في محافظات صنعاء وعدن وتعز والضالع ومارب وحضرموت، ومحافظة الحديدة مؤخرا، مع غياب التضامن الحقوقي الحقيقي مع كل أولئك الضحايا، حيث ظهر مؤخرا أن هناك انتقاء في التضامن مع أولئك الضحايا بمختلف أشكالهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم، في مؤشر يؤكد وجود فرز في العمل الحقوقي ووجود انقسام واضح وأهداف واضحة تقف ورائها سياسيات تابعة للأطراف المتحاربة، أو بعض الأطراف المشاركة في الحرب محليا وإقليميا بحسب حقوقيين.

مفارقات في التضامن مع الضحايا
يستدل الصحفي عبدالعزيز المجيدي ببعض النماذج الحاصلة في انتقاء التضامن مع الضحايا بالقول: “هناك آلاف المختطفين في سجون مليشيا الحوثي وعشرات الصحفيين والناشطين منذ بدء الحرب، تتفاوت حالة التضامن حيال هذه الحالات بحسب اهتمامات وارتباطات هؤلاء المختطفين بالمتضامنين”، والمفارقة بحسب تأكيد المجيدي لـ”المشاهد” أن جماعة الحوثي التي ظلت تقتل، وتختطف الناس طيلة 3 سنوات بمشاركة حليفها في الانقلاب صالح، تحول هذا الأخير وأنصاره إلى ضحايا، عندما تم قتل واختطاف الكثير منهم، مع ذلك فهم لا يشعرون بأي التزام تجاه المختطفين الآخرين الذين شاركوا في التنكيل بهم، ويعتبرون أنصارهم فقط وأسماء محددة هي التي تستحق التضامن والمتابعة كبعض أفراد عائلة صالح، أن هذا النموذج يعطي صورة مكثفة للحالة التي يفتقد فيها النشاط الحقوقي للوازع والالتزام الأخلاقي بالانحياز إلى الحريات وحقوق المضطهدين والتضامن معهم كقيمة بغض النظر عن انتماءاتهم وآرائهم.

    كذلك الأمر بشأن المختطفين في سجون التحالف أو الحكومة الشرعية، فبينما يرتفع الصوت عاليا حيال انتهاكات الحوثيين، وهو أمر مطلوب وواجب اخلاقي، يكاد يسود الصمت حيال انتهاكات مريعة يرتكبها التحالف والقوات الموالية له، كما يحدث مثلا في السجون السرية للإمارات التي كشفت عنها وكالة الاسشوتيد برس “حتى الآن لم نسمع بيانا واحدا أو موقف ادانة مسؤول من الأحزاب والنخب السياسية حيال هذه الجرائم. وهذا يعكس الى أي مدى نحن معطوبون في نواحي كثيرة من التزاماتنا ومسؤولياتنا الاخلاقية والإنسانية” يقول المجيدي.
    تتنوع الانتهاكات بين الاعتقال والتعذيب في سجون سرية تابعة لأطراف مختلفة يتم فيها تعذيب المعتقلين الذين تم اختطافهم من منازلهم ومن شوارع المدن اليمنية والنقاط الأمنية.

التضامن أداة للابتزاز
ويقول المحلل السياسي، والكاتب الصحفي، وضاح الجليل لـ”المشاهد”: “التضامن والأنشطة الحقوقية عموماً؛ تنطوي على مشكلة قديمة في قضايا حقوق الإنسان بشكل أساسي، حيث تستخدم حقوق الإنسان كسلاح وأداة للابتزاز السياسي والاقتصادي أيضا”، مضيفا أن ما يحدث الآن في اليمن نموذج لهذا الابتزاز، إذ يتم تجاهل الكثير من الضحايا والآلاف من الجرائم المرتكبة يوميا بحق السكان المدنيين؛ والتركيز على قضايا بعينها لأن هذه القضايا تمكن أصحاب المنظمات الدولية والقوى الكبرى من ابتزاز أطراف بعينها”.
ويتابع: “مثلا مدينة عدن تعرضت لحرب وحصار استمرا ثلاثة أشهر، وشهدت مأساة انسانية كبيرة لدرجة أن الكثير من المواطنين، وأُسر بكاملها ماتت بداخل منازلها وهي محاصرة بسبب القتال في الشوارع، أو بسبب المجاعة، أو بانتشار الأوبئة وانعدام الرعاية الصحية، هناك أطفال ونساء تم قتلهم قنصا، وكانت مأساة إنسانية كبيرة بسبب انتشار الأمراض والأوبئة في المدينة، لدرجة أن الكثيرين ماتوا في الشوارع، ولم يحدث ضجيج حقوقي محلي أو دولي، والكثير من هذه المنظمات لم تتعاطَ مع المأساة الإنسانية التي حدثت في عدن خلال الثلاثة الأشهر في صيف 2015، إلا بشكل طفيف، أو أنها لم تتعاطَ معها بالمجمل، وكان الحوثيون وقوات علي عبدالله صالح هم المسؤولون عن هذه المأساة”، وهو ما حدث في تعز التي غاب عنها التضامن الحقوقي، رغم تعرضها لمأساة إنسانية أدت إلى انقطاع المياه، وحدوث مجاعة، ونقص كبير للأدوية بسبب الحصار، ناهيك عن قصف الأحياء السكنية وانتشار القناصة الذين يقتلون المواطنين بدون سبب.

افتقاد النخبة لثقافة التضامن
تحولت قضايا حقوق الانسان إلى مناكفات سياسية وهذا أضعف العمل الحقوقي ودور المنظمات الحقوقية والناشطين الحقوقيين وأضعف تأثيرهم في المجتمع عندما يكون تضامنهم قائم على المناكفات وفي نفس الوقت الطرف الذي يكون المنتهك ينتمي اليه يغض هذا التيار الطرف عن الجريمة وهذه أهم سبب في انتقاء التضامن ونشعل والمفترض أن نتعامل مع قضية حقوق الانسان كقضية انسانية وقضية حقوقية لا فرق بين الاشخاص المنتهكين ولا بين الاطراف التي تمارس الانتهاكات بحسب الناشط الحقوقي، عبدالرحمن برمان.


ويعيد المجيدي جذور المشكلة إلى افتقاد النخبة اليمنية لثقافة التضامن ضد الانتهاكات كقيمة بغض النظر عن انتماء الضحايا. تساهم التحيزات في التركيز على انتهاك ما مقابل تجاهل آخر رغم أنه قد يكون ضرره أكثر وجريمته أفدح، مؤكدا أن هذه التحيزات تأخذ صيغا مختلفة، قد تكون سياسية أو ايدلوجية ومؤخرا أخذت ابعادا مناطقية وجهوية، بالإضافة الى العلاقات الشخصية بين المتضامنين والضحايا.. هناك مختطفين في سجون مليشيا الحوثي وآخرون في السجون السرية للإمارات ومناطق سيطرة التحالف والحكومة وتختلف حالة التضامن بالنسبة للنشطاء بحسب الجهة المرتكبة للانتهاك.


 

يجب أن يكون التضامن بحجم الجريمة.
يرى برمان أن هناك أسباب منطقية وأسباب غير منطقية، والأسباب غير المنطقية كما يقول لـ”المشاهد” هي أن التضامن يحدث في كثير من الأحيان، على أساس الانتماء السياسي، وبناء على الانتماء المذهبي، وانتماء طائفي وبناء على انتماء مناطقي وانتماءات حزبية، وهؤلاء المتضامنون يحصرون تضامنهم في اطار انتمائهم الضيق، وفي اطار انتمائهم الحزبي والسياسي”، مضيفا أن التضامن يكون أحيانا بناء على درجة الشخص وشهرة الشخص الأشخاص المشهورين تلاقي الناس والمنظمات عاملين ضجة عليهم بينما الشخص العادي الذي تعرض للانتهاك في نقطة تعرض وشخص تعرض للتعذيب حتى الموت حجم التضامن ضئيلا وقليلا مقارنة مع التضامن الذي تعرض له شخص مشهور مثلا وتعرض للاحتجاز ساعتين تلاقي التضامن عليه فاعل ضجة وتلاقي الدينا مقلوبة، وعندما تجزأ الحقوق وقضية التضامن والدفاع عن حقوق الإنسان يكون له بحجم الاشخاص ومستوياتهم وشهرتهم نحن أمام كارثة حقيقية وعمل حقوقي ينتهك حقوق الإنسان عندما يكون التضامن هكذا يميز بين الناس، ومن الأسباب المنطقية بحسب برمان أنه يكون هناك أحيانا تضامن كبير مع قضية محددة، بينما لا نجد هذا التضامن في قضية أخرى، وهذه أسبابها نحن قد نتقبلها نحن كقانونيون وناشطون حقوقيون، على سبيل المثال أولا حجم الجريمة، أحيانا تكون الجريمة حجمها كبير وأحيان تكون حجمها تؤذي الرأي العام، مثلا القضية التي حصلت بقيام صاحب الدراجة النارية بسرقة الشنطة عليها، كان سبب التضامن الكبير عليها والواسع أولا كانت الجريمة مؤذية للناس وكان هناك توثيق لهذه الحالة الناس شاهدوها وحصل تضامن كبير دفع الاجهزة الامنية للقبض على الجاني.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24