الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
بين طرقات تعز... حرب أخرى
الساعة 22:03 (الرأي برس _ متابعات)

سواء كنت في العاصمة اليمنية صنعاء، أو في مدينة مأرب، ما أن تفكر بالسفر حتى تبدأ معك رحلة العناء، فهاتين المدينتين، تحولتا خلال سنوات الحرب الأربع إلى قبلة الملايين من اليمنيين، بل أصبحتا المعيار الذي يصنف من خلاله رمزية شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وحركة «أنصار الله». 


ليس أمام المسافر الراغب بزيارة أهله وقضاء اجازة العيد برفقتهم، إلا أن يمضي 20 ساعة من صنعاء الى مدينة التربة في مديرية الشمايتين الواقعة بمحافظة تعز، في رحلة طويلة وممتدة بالخوف والعذاب والتفتيش، خاصة أنه لا تزال أجزاء في المدينة ساحة لمواجهات متقطعة بين «أنصار الله» والقوات الموالية للرئيس هادي. 


التجربة المريرة التي لاقاها ماهر جميل هذا العام، برفقة أسرته كانت كافية لعدم التفكير بالسفر مرة أخرى. ماهر تنقل من العاصمة صنعاء وصولاً إلى مدينة التربة بأربع مركبات، متجاوزاً التحديات الأمنية والتنقل بين مناطق أكثر وعورة. يقول في حديث ، إن «السفر من أصعب القرارات التي يمكن أن يتخذها الشخص، هذا العام قررت السفر مع اسرتي الى مدينة التربة، وللسفر الى هذه المنطقة ينبغي عليك أن تقضي 18 ساعة زمن في الطريق حتى تصل اليها، وسط معانات كثيرة، تبدأ بمشقة الطريق، والنقاط الامنية، والتنقل بأكثر من مركبة». 

سيارات الدفع الرباعي في دمنة خدير
رحلة ماهر الأولى انتهت في منطقة دمنة خدير شرق تعز، عندما وصل الخبر للسائق أن السيول قطعت طرق القبيطة وحيفان، ولا يمكن الوصول الى الصبيحة، فاضطر للجلوس في انتظار سيارة دفع رباعي تستطيع اجتياز وعورة طرقات استثنائية أوجدتها ظروف الحرب، فمنطقة دمنة خدير تعتبر «ترانزيت» سفر للقادمين من صنعاء والحديدة وإب، وباقي المحافظات الأخرى، ليقوم المسافرون بعدها برحلة جديدة أشد صعوبة ومعاناة. 


يضطر المسافر من صنعاء لزيارة عائلته في منطقة سكنه الأصيلة، إلى اللجوء لحل يبدو صعباً، لكنه أفضل مقارنة بنقاط التفتيش في مناطق الصبيحة، وأيضاً السيول التي جرفت وفقاً لمعلومات «العربي» عشرات المسافرين خلال الايام الماضية، هذا الحل يكمن بالعبور من دمنة خدير شرق تعز عبر سلسلة جبلية طويلة ووعرة تتبع مديرية سامع، وصولا الى منطقة النشمة، التابعة لمديرية الشمايتين في مدة زمن تتراوح ما بين 7- 8 ساعات . 


كاميرا الاعلام وقفت ليلاً أمام هذا المشهد، سيارة متعطلة بالمسافرين القادمين من صنعاء في نقيل حورة بمنطقة سامع. هذه المركبة التي يقودها محمد الصبري، وهو سائق يعمل هنا منذ فرضت الحرب أوزارها في مناطق تعز قبل ثلاث سنوات، وأغلقت الطرق والمنافذ الرئيسية. 

الواقع المفروض في نقيل عورة بسامع 
الصبري سائقاً ومهندساً ومرشداً للطريق، إذا تعطلت سيارته يبادر لإصلاحها فورا، ويواصل المسير، قبل ذلك يجري اتصالات هاتفية مع أصدقاء عرفهم في مناطق مختلفة لمعرفة إن كان هناك أمطاراً، او اشتباكات او اي حدث يعيق طريقه، ووفقاً لذلك يقرر العبور من عدمه.


يقول الصبري في حديث الى «العربي»، إن الأمر يلا يعدو عن كونه «واقعاً مفروضاً لا يمكن تغييره، وهذا عملي الذي أشقى به للإنفاق على أسرة كاملة عالقة بذمتي»؛ مضيفاً «لدي ثلاث طرق اعبر منها بالمسافرين، من دمنة خدير نقطة التقاء المسافرين من مناطق مختلفة - الى داخل المدينة ومديريات اخرى بالمحافظة».

فرحة العمر مؤجلة
عصام طربوش هو أحد المسافرين من صنعاء، ركب كل هذه المشقة ليصل إلى مدينة التربة للاحتفال بفرحة عمره التي ينتظرها منذ سنين، أنهكته قساوة ومشقة الطريق، كان من ضمن 16 مسافر يفترشون الطريق في انتظار إصلاح المركبة التي كانت تقلهم، والتي اخذت من ليلهم قرابة ثلاث ساعات، في منطقة جبلية خالية من الخدمات، وبعيدة عن المساكن الحية. يقول طربوش في حديث الى «العربي»: «لولا الحرب ما كنت الآن هنا، كل هذه الصعوبات من أجل عرسي، كيف، وربما أصل إليه او لا أصل»، مضيفاً «كان بإمكاني لولا الحرب الوصول خلال 20 دقيقة من الحوبان شرق مدينة تعز، إلى غرب المدينة، لكن اليوم أحتاج إلى 7 ساعات». 


الحرب ليست أصوات الرصاص والمدافع، ولا الطائرات والقصف الجوي فقط، بل هناك حرب أخرى تلقي بظلالها على اليمنيين يوميا، وهي الطرق البديلة في نطاق المحافظة الواحدة، مثل الطريق بين الضاحية الشرقية والغربية لمدينة تعز، وطريق هيجة العبد التي تصل إلى مركز مديرية الشمايتين، والتي فرضتها أطرف الحرب.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24