الثلاثاء 19 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قضاة اليمن.. ضحايا اللاقانون شمالاً والإنفلات الأمني جنوباً
الساعة 21:05 (الرأي برس _ المشاهد)

أمضى القاضي عبده عبدالله الزُبيدي نحو 455 يوماً في زنازين جماعة الحوثي بصنعاء، دون أدنى اعتبار لمنصبه ومكانته وحصانته القضائية.

لم يرَ الزُبيدي النور طيلة 455 يوماً في قبوٍ داخل مقر الأمن السياسي بصنعاء، ويقول القاضي عبده الزُبيدي : عقب خروجي من مقر عملي ظهر ذلك اليوم بمعية ولدي، تفاجأت باعتراضي من قبل مسلحين مجهولين، تبين لاحقاً أنهم يتبعون الأمن السياسي، اقتادوني لمكانٍ مجهول، قضيت فيه تلك المدة معتقلاً مهاناً.

ما تعرض له الزُبيدي يُصنف بلغة القانون بأنه اعتقالٌ تعسفي، بحسب القاضي، الذي أكد أنه تعرض للتفتيش الشخصي، بطريقةٍ مهينةٍ، كما تعرض منزله للاقتحام من قبل قوات تابعة لجماعة الحوثي، ومصادرة خزنته الشخصية، مشيراً إلى أن كل ذلك يندرج تحت مسمى (إهانة القضاء).

خلال فترة اعتقاله، عانى (القاضي المعذب)، كما وسمه زملاؤه، من التعذيب والاعتداءات الجسدية، وفق ما أدلى به لـ “المشاهد” تحت مبرر اتهامه بدعم التحالف العربي، وبكونه نائباً لرئيس ما يسمى بالمقاومة الشمالية في صنعاء، بحسب اتهامات جماعة الحوثي، وهي التهم التي لم تُثبت.

كان لنادي قضاة اليمن دورٌ لافت في الإفراج عن القاضي المعذب، الزُبيدي، من خلال جهوده القانونية والمدنية، للحد من التعسف بحق هذه الحالة وغيرها من الحالات العديدة من الانتهاكات التي طالت قضاة اليمن.

ولم يقف دور النادي عند هذا الحد من المناصرة والسعي للإفراج عن منتسبي السلك القضائي، بل تعداها لصناعة رأي عام مجتمعي وإقليمي ودولي، لإيقاف الانتهاكات والاعتداءات بحق القضاة ومؤسسات القضاء.

ولتحقيق هذه الغاية، أصدر نادي قضاة اليمن، الثلاثاء، في عدن، تقرير وحدة الحقوق والحريات في النادي، الخاص برصد انتهاكات استقلال القضاء والقضاة في اليمن، للفترة من يناير 2014 وحتى ديسمبر 2017.

التقرير كشف عن انتهاكاتٍ واعتداءاتٍ صادمة، تهدد مؤسسات العدالة في اليمن، كما جعلت حياة عشرات القضاة على المحك.

أشار التقرير إلى أن قاضياً من بين خمسة قضاه يمنيين يتعرض للانتهاك.. وهي نسبة مخيفة، بحسب القائم بأعمال رئيس نادي قضاة اليمن، القاضي الدكتورة رواء مجاهد.

تقول الدكتورة رواء مجاهد لـ “المشاهد”: إن التقرير رصد نحو 471 واقعة انتهاك خلال الفترة الزمنية المحدده، تنوعت ما بين القتل العمد، والشروع في القتل، والإخفاء القسري، والتعذيب، والاختطاف، والتقطع، وانتهاك حرم القضاء بالسلاح، والإيذاء الجسدي للقضاة والتهديد والإخلال بمقام القضاء.

ولم تنس القاضية رواء احمد. الإشارة إلى الانتهاكات المالية والإدارية التي تمارسها مؤسسات رسمية، كمنع ميزانية السلطة القضائية أو التدخل فيها أو تقليصها، وهو تداخل منافٍ لاستقلالية القضاء، حسب وصفها.

وبحسب التقرير،فان 12 قاضياً قتلوا، كانوا هم حصيلة 53 محاولة قتل واغتيال تعرض لها القضاه، وهذه الإحصائية تأكد، أن حياة القضاة ورجال العدالة أصبحت بلا هيبةٍ، وعلى المحك، حد وصف الدكتورة رواء.

إقرأ أيضاً  مزارعو "صبر" لم يفلحوا في الحفاظ على شجرة البن
وتضيف: وقائع التهديد والتعدي على القضاة، كانت هي الأكثر من بين أنواع الانتهاكات الأخرى، حيث سجل التقرير 117 واقعة تهديد وتعدي، يليها وقائع إهانة القضاة في 102 واقعة، فيما تم رصد 47 واقعة تهجم وسطو على المنشآت القضائية، و 29 واقعة عرقلة لقرارات القضاء وتهريب السجناء.

وتصف رئيسة نادي قضاة اليمن وقائع تهريب السجناء، بأنها وسيلة للحيلولة دون تحقيق العدالة، وباتت أداة للنيل من هيبة القضاء.

وتواصل: هناك 60 واقعة اختطاف وإخفاء قسري، وتعذيب، وحجز للحرية، وإهدار الحصانة القضائية، كما احتوى التقرير على 18 واقعة سرقة وابتزاز، وسلب محتويات منازل القضاة.

ولم تغفل القاضية رواء احمد، الإشارة إلى الانتهاكات بحق النساء القاضيات، فقد رصد التقرير ست حالات انتهاك للمرأة القاضية، مؤكدة أن ذلك يندرج تحت ما يُعرف بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.

التقرير حمَّل جماعة الحوثي المسئولية على نحو 43 % من الانتهاكات التي تعرض لها قضاة اليمن، مشيراً إلى أن انتهاكات الجماعة كانت تزداد طيلة سنوات الرصد، حيث بدأت بعشر حوادث في 2014، وبلغت مائة حادثة وواقعة انتهاك في 2017.

في المرتبة الثانية للمنتهكين يأتي المتقاضون، حيث بلغت نسبة الاعتداءات التي قاموا بها بحق القضاة حوالي 15 % من إجمالي الانتهاكات.

وجاءت القوات المسلحة والأمن تالياً بنسبة 12 % من مجموع ألاعتداءات ، ثم المسلحون 11 %، والنافذون 6 %.

والمفارقة الغريبة التي سجلها التقرير، أن هناك انتهاكات طالت القضاة كان المسئول عنها ومُنفذها هم جهاتٌ وأشخاص من داخل السلك القضائي، كما هو حال وزارة العدل بصنعاء، والمسئولة عن 4 % من الاعتداءات، بالإضافة أعوان القضاة والمحامون والذين يُحملهم التقرير المسئولية عن 3 % من الاعتداءات بحق رجال العدالة.

كما أن التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات كان حاضراً، وحمله التقرير المسئولية عن 2 % من الانتهاكات.

التقرير اختتم بعددٍ من التوصيات، كان منها دعوة القضاة إلى اتخاذ إجراءاتٍ قانونية لمجابهة الانتهاكات، كونهم صفوة المجتمع وقدوته؛ لتشجيع المواطنين على انتهاج هذا السبيل.

كما ناشد التقرير رئيس الجمهورية بإخضاع الحكومة وأجهزتها التنفيذية للقضاء، كونه السلطة الأعلى، وتنفيذ توجيهاته بالحفاظ على استقلال القضاء.

ويعيش قضاة اليمن وضعاً مأساوياً، وصل إلى تهديد حياتهم، كما أكدت التوثيقات التي تضمنها التقرير، ويُرجع القضاة السبب إلى أن عملهم في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي يجعلهم يعملون في نطاق بلا قانون.. في المقابل فإن عملهم في عدن والمناطق المحررة يأتي في ظل انفلاتٍ أمني.

وبين كماشة اللاقانون شمالاً، والانفلات الأمني جنوباً تضيع هيبة القضاء، وتتلاشى مكانته، بحسب التقرير.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24