الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الطبيب الذي صار تيساً _ نص مسرحي - وجدي الأهدل
الساعة 13:29 (الرأي برس - أدب وثقافة)


 

الشخصيات:
– فضل الفضولي (طبيب) 30 سنة.
– مصطفى (مريض) 36 سنة.
– سيلان (صديق الطبيب)25 سنة.
– جعنان الفجعان (مساعد الطبيب)60 سنة.
– المرأة القبيحة (مريضة) 30 سنة.
– المرأة العجوز (مريضة) 80 سنة.
– الرجل السمين (مريض) 40 سنة.
– ابتهاج (مذيعة تلفزيونية) 36 سنة.
– إسماعيل (مصور تلفزيوني) 45 سنة.
– الرجل الأول (مرسل من المصحة العقلية).
– الرجل الثاني (مرسل من المصحة العقلية).
– الرجل الثالث (مرسل من المصحة العقلية).

تدور أحداث المسرحية في عيادة طبية. في الوسط مكتب الطبيب، وأمامه كرسي. وفي خلفية المكتب لوحة ورقية مكتوب عليها: “عيادة الدكتور فضل الفضولي، بكالوريوس طب عام من جامعة الفقاسة، ماجستير في علاج العنة من جامعة الماخور، ودكتوراه في الختان من جامعة المسلخ).
جهة اليمين ساتر من المُستخدم في عيادات الأطباء، يحجب ما خلفه، وفوق الساتر لوحة ورقية مكتوب عليها: “غرفة العمليات”.
جهة اليسار المدخل، وساتر مكشوف، يحوي طاولة مُثقلة بالقوارير والمرطبانات والأنابيق والأواني من كل شكل ولون وهاون نحاسي كبير، وأعلى الساتر لافتة كُتب عليها: “المعمل”.
يُرفع الستار ويظهر الدكتور فضل بكرشه البارزة لابساً معطف الأطباء الأبيض، وهو يُمسك بمدق الهاون.
– فضل: (يهرس بحقد) خُذ يا خالد.. هذا جزاء نصير الفقراء (يضع في الهاون قطعة لحم حمراء من مرطبان) وأنت يا مهيوب يا مخروب.. من تكون حتى تتكلم عن ميزان العدالة.. تستحق الشنق والله (يهرس بكل قوته) خُذ! (يضع قطعة لحم أخرى) وأنت يا محمد خُذ.. أيها الصعلوك.. تعمل لي نفسك مُصلح اجتماعي.. (يهرس القطعة من جهة لأخرى بضربات متتالية وقد احتدّ وانعقد حاجباه) خُذ.. خُذ.. خُذ.
يدخل المساعد جعنان الذي يرتدي هو الآخر معطفاً طويلاً أبيض.
– جعنان: دكتور فضل.. هل أبدأ بإدخال المرضى؟
– فضل: (يلتفتُ إليه بغضب) يا حمار مليون مرة قلت لك عندما تراني أُعد الخلطة السرية للفحولة لا تقاطعني.
– جعنان: مفهوم.. هل أُدخلهم؟
– فضل: (يتأفف ويضع مدق الهاون على الطاولة) أُف.. أدخلهم.
يدخل شاب يحمل كرتوناً ثقيلاً.
– سيلان: (يتجه إلى المعمل ويضع حمله على الطاولة) السلام عليكم.
– فضل: مش معقول (يفتح ذراعيه ويعانق سيلان) سيلان المطنن في عيادتي.
– سيلان: (يُعانق الطبيب عناقاً حاراً) كيف حالك يا معفن؟
– فضل: الحمدلله.
– سيلان: (يتفحص القوارير والأنابيق) ماذا تفعل؟
– فضل: كما ترى أُحضّر خلطة الفحولة السرية.
– سيلان: يا حقير.. الآن عرفنا سر الانفجار السكاني في اليمن!(يضحكان).
– فضل: هل تريد شيئاً منها؟
– سيلان: أوه لا.. شكراً.. أنا لا أمارس هذه الأمور القذرة، أنا أمارس الحسد فقط (يضحكان) لكن قل لي ما هي مكونات هذه الخلطة؟
– فضل: مكوناتها بسيطة جداً(يرفع قارورة) أوقية ذيل حمار مطحون (يرفع قارورة أخرى) وأوقية ذباب مسلوق (يرفع مرطباناً) وأوقية من روث الماعز (يرفع مرطباناً لون زجاجه أسود) ولسان من ذكر سليم صحيح البنية.
– سيلان: (مُتعجباً) هذه خلطة نارية.. حتى الجن لم تخطر ببالهم (يضحكان).
– فضل: قل لي ما أخبارك يا كلب؟
– سيلان: بصراحة أخباري لا تسر.. أرجوك أنقذني.. أنا في ورطة.
– فضل: يا ساتر.. ماذا حدث؟
– سيلان: (يُخرج من الكرتون قارورة خضراء) ما رأيك في هذا الدواء؟
– فضل: (يأخذ القارورة ويقرأ الملصق) حمباتوس.. آه هذا دواء يوقف نشاط الدماغ ويؤدي أحياناً إلى الغيبوبة.. إنه من الأدوية المُحرمة دولياً.. غالباً ما يُعطى للفئران والضفادع المخصصة للتجارب.
– سيلان: (يُمسك بفضل من كتفيه) أرجوك أضف هذا الدواء في كل وصفة طبية تصرفها لمرضاك.
– فضل: (يضحك) طيب يا سيلان طيب.. قل لي كم اشتريت منه؟
– سيلان: (ينفخ) كمية هائلة.. ثلاثون ألف قارورة.
– فضل: لا تقلق.. خلال ثلاثة أشهر على الأكثر وستنفق الكمية.
– سيلان: (يرفع الكرتون ويناوله لجعنان) شكراً يا أعظم صديق في الدنيا.
– جعنان: بكم نبيع القارورة؟
– سيلان: بثلاثة آلاف.. والأرباح مناصفة بيننا (جعنان يهز رأسه وينصرف) هل أُحضر بقية الكراتين؟
– فضل: طبعاً.. هذا الكرتون سيخلص في ساعة واحدة!
– سيلان: عن إذنك (يُهرول خارجاً).
فضل يمسك المدق ويُعاود الهرس. يدخل المساعد.
– جعنان: يا دكتور فضل المرضى ينتظرون.
– فضل: (يرمي المدق مُتبرماً) اللعنة ألا يمكنهم أن يتناسلوا بعيداً عني! أدخل المريض الأول (المساعد ينصرف. يتجه فضل إلى مكتبه ويقعد، وينشغل بتفحص دواء حمباتوس) إلى متى يا ربي سأظل أعالج هؤلاء البهائم من الضعف الجنسي؟؟ (يضع السماعة الطبية على صدره، ويُنظف منخريه بأصابعه بطريقة مُقرفة، يمسح الأوساخ بسطح المكتب).
تدخل امرأة في الثلاثين من العمر، قبيحة.
– المرأة القبيحة: سلام يا دكتور فضل (تجلس على الكرسي).
– فضل: (ينظر إليها باشمئزاز) لا سلمك الله!
– المرأة القبيحة: أنا يا دكتور متزوجة منذ تسع سنوات ولم أرزق بأطفال.
– فضل: وما هو المطلوب؟
– المرأة القبيحة: أريد أن أُنجب.
– فضل: هل زوجك يُعاشرك؟
– المرأة القبيحة: يومياً!
– فضل: الله! يبدو رجلك هذا صاحب إرادة حديدية.
– المرأة القبيحة: أنت لا تعرفه.. يصلح قائداً للجيش!
– فضل: أكيد.. عشر سنوات من الصمود في هذه الجبهة (يشير إليها) هو أمر عجزت عنه جميع الجيوش العربية في جبهات القتال مع الأعداء!
– المرأة القبيحة: (تتكلم بصوت أجش) زوجي عنيييد.. لا يستسلم ولا يتراجع للخلف أبداً.
– فضل: واضح.. هذا بطل قومي يستحق الاحترام والتبجيل.. وإكراماً لشجاعته في البيت أنا سأعطيك دواءً يجعلك تحبلين من أول غارة جوية!
– المرأة القبيحة: (تبتهج) الله يسرك يا دكتور فضل كما أدخلت السرور إلى قلبي.
– فضل: (يكتب في دفتر ثم يقطع الورقة ويُناولها) وصفتُ لكِ دواءً للعقم.. يمكنكِ شراؤه من الموظف الذي يجلس في الخارج.
– المرأة القبيحة: (تقف) وكيف أستخدم هذا الدواء؟
– فضل: هذا دواء حمباتوس أفضل دواء للعقم توصل إليه العلم، تأخذينه ثلاث مرات في اليوم قبل الأكل، وثلاث مرات بعد الأكل، وزوجك أيضاً عليه استخدامه.. اشتري دزينة لكِ ودزينة لزوجك.. (المرأة القبيحة تخرج) عليها اللعنة كان الأولى أن أصرف لها سُماً لتموت بسرعة!
يدخل مصطفى وهو يرتدي معطفاً صوفياً رثاً يصل طوله إلى ركبتيه، وثوباً قذراً أغبر ناصل اللون، ويضع على عينيه نظارة طبية.
– مصطفى: (يجلس على الكرسي بحذر زائد) مرحباً يا دكتور.
– فضل: (يزن المريض بعينيه، ثم يفتح سجلاً ضخماً ويتأهب للكتابة، يتكلم وهو ممتعض) الاسم؟
– مصطفى: مصطفى.
– فضل: (يُدون بطريقة آلية دون أن يرفع رأسه) العمر؟
– مصطفى: ست وثلاثون سنة من تاريخ الإنتاج المُسجل على غطاء العلبة.
– فضل: (يخز مريضه بسن القلم) يبدو أنك منته منذ مدة طويلة، الدود بالملايين يتناسلون في داخلك!
– مصطفى: كل شيء مغشوش في هذه البلاد.. عندما علّبوني لم يضعوا أية مواد حافظة على الإطلاق.
– فضل: (يرفع صوته وحاجبه الأيسر) الحافظ هو الله.. بالتأكيد أنت وأمثالك من المعلبات المنتهية الصلاحية تتبعون وسائل ماكرة للإفلات من قبضة البلدية.
– مصطفى: بالعكس أنا ذهبت بقدمي إلى مقلب القمامة في الأزرقين وسلمتهم نفسي، ولكنهم (يُشير إلى مقعدته) كشطوا التاريخ القديم ودمغوني بتاريخ جديد.. هل تريد أن تراه؟
– فضل: (مُشمئزاً) لا..(يتكلم وهو مُنكب على التدوين في السجل) عليك أن تكون ممتناً للبلدية.. البلدية أعطتك عمراً جديداً.
– مصطفى: لا أوافقك الرأي يا دكتور.. البلدية تُزيف التواريخ المُسجلة على أردافنا لكي نبقى تحت نعالها مُذلين وخاضعين.
– فضل: (يهب واقفاً لإسكات مريضه وقد انتابه ذعر حقيقي، يُقرّب وجهه ويهمس) انتبه.. (يُشير إلى الباب) مساعدي جعنان يعمل في جهاز الأذن الوطنية.. (يجلس متأهباً للكتابة ويتكلم بصوت قوي) المهنة؟
– مصطفى: أعمل حجراً للمخاط.
– فضل: عفواً لم يسبق لي أن سمعت عن هذه المهنة.
– مصطفى: في كل قرية يمنية يوجد حجر على الطريق كل من جاء أو ذهب يتمخط فيها.
– فضل: (تتلألأ السعادة على وجهه) هذا اختراع وطني عظيم، لم أسمع أبداً أن بريطانيا ذات الخيلاء قد اخترعت شيئاً مماثلاً كهذا.
– مصطفى: صح.. ولأننا نعيش في المدينة، وليس في القرية، فإن الناس قد اتخذوا مني حجراً للمخاط.. (يُمسك منخريه ويسحب) كل من هب ودب يتمخط فيّ.
– فضل: (يهز رأسه عجباً) يا سلام.. أنت فخر الصناعة الوطنية.. آخ ليتني كنت تاجراً.. لكنت صدّرت من عينتك الملايين من أحجار المخاط إلى أوروبا وأمريكا وسوق الملح!
– مصطفى: (يُكلم نفسه) الله ستر ولم تطلع تاجراً.
– فضل: (يكتب ويهمس بصوت واطئ) المهنة حجر نظافة.
– مصطفى: (ينهض مُحتجاً) أنا أرفض هذا التزييف والتملّق الرخيص للبلدية.
– فضل: (يُخرج من درج مكتبه مسدساً، يُعمّره ويُصوبه باتجاه مريضه، يصرخ بحماس) تعيش البلدية.
– مصطفى: (يتهاوى على كرسيه مستسلماً، يرفع قبضته بخور) تعيش.. تعيش.. تعيش.
– فضل: (يُخبئ المسدس، يسحب من درج آخر كيس نايلون أسود، يُخرج منه أغصاناً خضراء ويبدأ في مضغ القات وتكويره) تخزن القات؟
– مصطفى: (يُشيح بوجهه) لا.
– فضل: الآن عرفت لماذا صرت حجراً للمخاط.. أنت عزلت نفسك عن المجتمع اليمني وابتعدت عن عاداتنا وتقاليدنا.. أنت تعيش بيننا ولست معنا.. أنت تنفرد بنفسك ولا تختلط بنا.. الذي سمّاك مصطفى مُخطئ.. أنت إبليس!
– مصطفى: أنتم الأباليس وليس أنا.. كلما فعل واحد منكم فاحشة أو جريمة تنصل منها وادّعى بها عليّ.. تتمخطون قاذوراتكم الأخلاقية فوقي ثم تمضون مقهقهين!
– فضل: (يُربّت على كتف مريضه) اهدأ ولا تتذمر.. (مصطفى يدفع كف الطبيب بكتفه مُتضايقاً) لقد اختارت لك البلدية مهنة رائعة.. والآن دعنا نعود إلى عملنا (ينكب على الورق) لماذا تلبس نظارة؟
– مصطفى: لأنني أعاني من ضعف في البصر.
– فضل: يعني أنت لم ترثها من أبيك وجدك؟
– مصطفى: لا.
– فضل: مع الأسف أنت شخص غير مهتم بتراث الآباء والأجداد.
– مصطفى: ولكن لا أبي ولا جدي ارتديا نظارة!
– فضل: ولماذا لم تفعل مثلهما وتتقبل وضعك؟ ما الذي تريد أن تراه بهذه النظارة (يشير إلى نظارة مريضه) يا غبي؟ ألم يكن من كمال الأخلاق أن تغض بصرك وتمضي في طريقك دون مشاكل؟؟
– مصطفى: يلعن أبوها نظارة (يفقد أعصابه ويُكسّر النظارة) هه.. هه (يضع كِسر النظارة على سطح المكتب).
– فضل: (يبتسم) أحسنت.. (يلُم الكِسر ويضعها في مشمع نايلون شفاف بحرص ويخبئها في درج مكتبه) أنت تحلق لحيتك؟
– مصطفى: (يمسح على ذقنه الحليق) أعتقد أن هذا واضح.
– فضل: هل لديك فتوى شرعية من إمام الجامع في حارتكم تبيح لك حلق لحيتك؟
– مصطفى: (يخرج من جيب معطفه ورقة مطوية، يناولها للطبيب) نعم.
– فضل: (يأخذ الورقة ويفردها، يمر عليها بسرعة ثم يعيدها) تمام.. أنت أيضاً تحلق شنبك.. هل لديك تصريح من وزارة الدفاع؟
– مصطفى: (مُستنكراً) سبحان الله وما دخل وزارة الدفاع بشنبي؟؟
– فضل: يا أخ أنت مواطن، والمواطن كل شعرة فيه ملك للدولة.
– مصطفى: (يائساً من الجدال) خلاص.. أعدك باستخراج تصريح.
– فضل: (يكتب ولا يرفع رأسه) لا ينفع.. سأضع لك إشارة إكس في السجل (مصطفى يُبعد وجهه إلى الجهة الأخرى ويبرطم بكلام غير مسموع) أرى أنك لا تضع خاتماً فضياً في إصبعك.. ألست متزوجاً؟
– مصطفى: لا.
– فضل: إذاً فكيف تُصرّف أمورك؟
– مصطفى: هذا هو الموضوع الذي جئتك من أجله.
– فضل: (يرفع رأسه عن السجل باضطراب) أي موضوع تقصد؟ (مصطفى يقف، يخلع معطفه، ويحسر ثوبه إلى ضلوعه، فيتدلى من أسفل ظهره ذيل أسود لولبي. الطبيب ينهض ويلف حول المكتب، يتفحص الذيل ويفرده، ثم يُعيد طيه ويرجع إلى مكتبه. مصطفى يُرخي ثوبه مُخبئاً ذيله بعناية، ثم يجلس بتؤدة. الطبيب يُخفض رأسه ويُعاود التدوين في السجل) منذ متى ظهر هذا الذيل الُمنفر في صلبك؟
– مصطفى: منذ عودتي إلى البلاد من الخارج.
– فضل: إلى أين سافرت؟ ولأي غرض؟
– مصطفى: سافرت إلى إيطاليا بغرض الدراسة.
– فضل: (يُسند ظهره لمسند الكرسي ويبتسم منتصراً) هه.. مشكلتك واضحة يا لوثة.. لقد ذهبت إلى الخارج للدراسة، ثم عدت خائباً خيبة إبليس من سيدنا إسماعيل في منى، فكان ظهور هذا الذيل القبيح (يشير إلى ظهر مريضه) نتيجة طبيعية لإهمالك وتقصيرك، وتبديدك لأموال الدولة.
– مصطفى: تشخيصك لحالتي المرضية غير صحيح.. لأنني أحرزت نجاحاً باهراً في دراستي، وعدت من إيطاليا وأنا أحمل شهادة دكتوراه في علمي الأطيقا والأستاطيقا.
– فضل: (يهز رأسه بشدة ويحك شعر رأسه بالقلم) لا أفهم معنى ما قلت.
– مصطفى: الأطيقا تعني علم الأخلاق والأستاطيقا تعني علم الجمال.
– فضل: (يسقط القلم من يده مبهوتاً) أوه (يتكلم ببطء عصبي وهو يصرف بأسنانه) يا أم الجن! هل قلت أنك ذهبت إلى آخر الدنيا لتدرس الجمال والأخلاق؟؟(ينهض مُتربصاً، ثم يهدر فجأة بضحكات مجلجلة رنانة) يا الله كم أنت مضحك وغبي وتستحق هذا الذيل الذي يتدلى من خلفك.. هاها (يتجه إلى وسط المسرح وهو يُمسك ببطنه من شدة الضحك، يتشقلب، يتدحرج، يرمي بنفسه هنا وهناك في هستيريا من الضحك الانفجاري، يتكلم بصعوبة من بين ضحكاته) من يسمعك يا أخ يظن أن بلادنا قبيحة وبلا أخلاق.. هاها.
– مصطفى: (يقف ويمشي مُلاحقاً الطبيب) لو سمحت يا دكتور.. لو سمحت.. أنا أريدك أن تعمل لي عملية وتستأصل هذا الذيل.
– فضل: (يتوقف عن الضحك والتدحرج) كم ستدفع؟
– مصطفى: نصف مليون.
– فضل: (يهب واقفاً كالعفريت) ليس أقل من مليون ريال.
– مصطفى: (يتحسس ظهره ويتنهد) موافق.
– فضل: (يتجه إلى مكتبه ويجلس) هل ستدفع نقداً؟
– مصطفى: (يخرج من جيبه دفتر الشيكات والقلم ويكتب) لا.. سأكتب لك شيكاً بالمبلغ (يَقْطَع الشيك) تفضل (يناوله للطبيب الذي يمُد يده ثم يسحبها متردداً) ماذا.. هل غيّرتَ رأيك؟
– فضل: هناك مشكلة قانونية.. نحتاج إلى إفادة من محل كوافير يؤكد أنك إنسان ولست كائناً فضائياً وأنه من المسموح استئصال ذيلك.
– مصطفى: (يُخرج من جيبه ورقة ويفردها) أنا عملتُ حسابي واستخرجت التصريح.
– فضل: (ينظر في الورقة ثم يأخذها ويضعها في درج مكتبه) كل شيء سليم.. سأحتفظ بها عندي.
– مصطفى: (يمد بالشيك للطبيب) هلاّ تفضلت بأخذ الشيك.
– فضل: (لا يستلم الشيك) بقيت مسألة.
– مصطفى: خير.. هل توجد صعوبة في إزالة ذيلي؟
– فضل: لا.. ولكن توجد عقبة صغيرة تتعلق بمساعدي جعنان.
– مصطفى: ما له؟
– فضل: نحتاج أن نغلق فمه.. لقد أخبرتك أين يعمل.
– مصطفى: مفهوم.. أنا سأتولى أمره.. لا تقلق.
– فضل: (يخطف الشيك ويبتسم) تمام.. متى تحب أن نُجري لك العملية؟
– مصطفى: اليوم إذا أمكن.
– فضل: (يهز رأسه) وهو كذلك..(يُنادي بصوت عالٍ) يا جعنان.
يدخل جعنان وملابسه ملطخة بالدم وبيده كيس نايلون.
– جعنان: نعم يا دكتور.
– فضل: جهّز إبرة تخدير وحضّر غرفة العمليات.
– جعنان: حاضر.
– فضل: (يشير إلى الكيس) ماذا تحمل؟
– جعنان: (يقترب من الطبيب ويريه محتويات الكيس) هذه ألسنة مرضانا المتوفين.
– فضل: (يعد الألسنة) هه.. خمسة.. سبعة.. تسعة.. تسعة فقط.. أيها اللص هناك لسان ناقص!
– جعنان: أقسم بالله يا دكتور المريض الخامس أكلت الفأرة لسانه.
– فضل: تكذب يا جعنان.. ولكن لا بأس.. عندما تموت سأقطع لسانك وأعوض ما سرقته مني.. هيا اذهب.
– جعنان: والألسنة.. هل أضعها في الثلاجة؟
– فضل: لا.. ضعها في المعمل(جعنان يسكب الألسنة في المرطبان الأسود ويخرج، الطبيب يخاطب مريضه) أنا أحب أن أهرسها وهي طازجة.
– مصطفى: (يبتلع ريقه فزعاً) ولكن هل هذا الشيء الذي تقوم به قانوني؟
– فضل: (يهز كتفيه) لا.
– مصطفى: سبحان الله فكيف تسمح لنفسك بقطع ألسنة الناس بعد موتهم؟
– فضل: أنت مثالي زيادة عن اللزوم يا أخ طاق طيقا! إذا أنا لم أستفد منها للأغراض الطبية فإن الدود سيأكلها.
– مصطفى: (يفقد أعصابه ويغضب) اسمع يا دكتور فضل.. أنا أريدك أن توقع على تعهد بأنك لن تقطع لساني إذا لا قدر الله وتوفيت في العملية.
– فضل: هذا من حقك (يُناوله ورقة) اكتب التعهد بالصياغة التي تناسبك وأنا سأوقع..(المريض يأخذ الورقة وينهمك في الكتابة، الطبيب يترك مكتبه ويتمشى في مقدمة المسرح وهو يُصفّر لحناً مرحاً، يتكلم مع نفسه) المغفل وكأنه سيقدر أن يُشهر التعهد في وجهي عندما يصير جثة هامدة هاها! (يذهب للمعمل، يهرس الألسنة الجديدة بنشوة).
– مصطفى: (يرفع الورقة) تعال وقّع لو سمحت.
– فضل: (يرمي المدق ويعود للجلوس على مكتبه، يوقع على الورقة) هل اطمأننت الآن؟
– مصطفى: (يدس الورقة في جيبه) طبعاً.
يدخل جعنان وبيده إبرة فيها سائل أسود.
– جعنان: الإبرة جاهزة يا دكتور.
– فضل: (يشير إلى ناحية غرفة العمليات) هيا بنا يا أخ طاق طيقا.
الثلاثة يتجهون إلى غرفة العمليات.
– صوت مصطفى: آآآآه.
يدخل سيلان وهو يحمل عرائس سجائر.
– سيلان: دكتور فضل.. يا دكتور فضل (يتجه إلى المكتب ويضع العرائس) أين أنت يا نذل؟
فضل وجعنان يظهران من غرفة العمليات.
– فضل: (يتجه إلى مكتبه سعيداً وهو يلعب بذيل مريضه المقطوع) مرحباً يا سيلان.. هل أحضرت البضاعة؟
– سيلان: نعم.. ولكنني أريد منك خدمة أخرى.
– فضل: (يُناول الذيل لمساعده) احتفظ به في الثلاجة (المساعد يدس الذيل في جيبه) أنا تحت أمرك يا سيلان.
– سيلان: (يعرض عروسة سجائر) أنا استوردت حاوية كبيرة من هذه السجائر.
– فضل: (يأخذ عروسة السجائر ويقرأ) سجائر الأحوس.. السجائر التي تنقلك إلى الجنة من أول نفس.
– سيلان: أنا في مشكلة يا صديقي.. لا أحد يريد شراء هذه السجائر.. والدائنون يُطالبون بأموالهم (يتظاهر بالبكاء) هل يرضيك أن أدخل السجن؟؟
– فضل: (يُربّت على كتف صديقه) لا عليك.. لن تدخل السجن وصاحبك فضل حي يشم الهواء.. سوف أوصي كل مرضاي بشراء سجائر الأحوس.
– سيلان: (يبتسم) الوصية وحدها لا تكفي، ينبغي أن تضيف سجائر الأحوس إلى الوصفة الطبية التي تصرفها للمرضى.
– فضل: هذا ما أقصده.. لا تقلق.. ستنفد الحاوية في شهر.
– سيلان: (يلم عرائس السجائر ويناولها للمساعد، يخاطبه) سعر الباكت مئة ريال والعروسة كاملة بألف (المساعد يهز رأسه) هل أُحضر بقية الكمية؟
– فضل: يستحسن أن تسرع وتركب بغلة نفاثة!(سيلان يجري خارجاً) جعنان.
– جعنان: نعم.
– فضل: بالنسبة للسجائر نحن سنرفع سعرها قليلاً.. إياك أن يعرف سيلان.
– جعنان: أكيد.
– فضل: (ينظر في ساعته) هيا ادخل المريض التالي.
– جعنان: حاضر(يتجه للخروج).
مصطفى يُطل برأسه من غرفة العمليات خفية.
– فضل: يا جعنان.
– جعنان: (يرجع) نعم يا دكتور.
– فضل: أخرج من الثلاجة قرني تيس وأحضرهما.
– جعنان: لمن؟
– فضل: (يشير جهة غرفة العمليات فيخبئ مصطفى رأسه) سنجري لهذا الفاسد الفكر عملية جراحية ثانية.. سنقطع لسانه ثم نزرع قرني التيس في رأسه.
– جعنان: أمرك يا دكتور(يخرج).
– فضل: (يُكلم نفسه) هذه فضيحة.. رجل من قومنا يتعلم الأخلاق من الأجانب (مصطفى يُبدي رأسه من غرفة العمليات) هذه مهزلة.. نحن الذين علمنا العالم كله مكارم الأخلاق.. وهذا الحيوان يريد أن يُلوثنا بأخلاق مستوردة من الخارج!
يدخل رجل سمين عمره فوق الأربعين عاماً.
– الرجل السمين: صباح الخير.
– فضل: وعليكم السلام.
– الرجل السمين: (يجلس) أنا يا دكتور أعاني من زيادة وزني.. أحس بأوجاع في قلبي.. وأتنفس بصعوبة.
– فضل: (يمد السماعة الطبية من فوق المكتب ويضعها على صدر المريض) آه.. قل آه.
– الرجل السمين: آه.
– فضل: (يجس نبض المريض وينظر في ساعته) هل تدخن؟
– الرجل السمين: لا.
– فضل: كم تأكل في اليوم؟
– الرجل السمين: آكل وجبتين في اليوم!
– فضل: لا أصدق أنك ربّيت هذه الجثة (يشير إلى كرشه) من وجبتين فقط.
– الرجل السمين: لقد عملت المستحيل لتخفيض وزني ولكن بلا فائدة.
– فضل: (يشرع في كتابة الوصفة) عموماً حالتك صعبة وتحتاج إلى علاج مُكثف.. إذا لم تلتزم بالعلاج فإنك لن تعيش أكثر من شهر واحد.
– الرجل السمين: (يهلع) يا دكتور قل كلاماً غير هذا.. أرجوك أنقذني!
– فضل: (يُناوله الوصفة) الدواء الأول حمباتوس اشتر منه عشر دزينات، وكل يوم تشرب قارورة كاملة وعندما تنفد الكمية تعال للمراجعة.
– الرجل السمين: (يشير إلى الوصفة مستنكراً) والدواء الآخر هل هو سجائر آآ ما أعرف ماذا؟؟
– فضل: تبارك الله لأول مرة يتمكن مريض من قراءة خطي! نعم وصفت لك سجائر الأحوس لتخسيس الوزن.. عليك أن تشرب باكت في الصباح وباكت في المساء لمدة عشر سنوات وبعد ذلك عُد للمراجعة.
– الرجل السمين: (مُتشككاً) ولكن هذا أسلوب جديد في العلاج؟؟
– فضل: لا تناقشني يا جاهل.. خذ الأدوية بالكميات التي حددتها لك من مساعدي..(يشير عليه بالانصراف) تفضل (المريض يخرج، فضل يُكلم نفسه) يا له من وقح.. بالكاد تعلم كيف يتهجى الحروف ويريد أن يُشكك في نزاهتي الطبية.. هؤلاء المتعلمون هم أعداء الوطن الحقيقيون.
يدخل جعنان وهو يحمل قرني تيس معقوفين.
– جعنان: دكتور فضل أحضرت المطلوب.
– فضل: ضعهما على طاولة العمليات (المساعد يذهب إلى غرفة العمليات ثم يعود) ادخل المريض التالي.
– جعنان: حاضر (يخرج).
فضل يرفع سماعة الهاتف ويضرب رقماً.
– فضل: آلو.. المصحة العقلية.. أنا الدكتور فضل الفضولي.. عندي هنا حالة خطيرة على المجتمع (يصمت) جنون عنيف (يصمت) أريد أن ترسلوا على وجه السرعة سيارة مع طاقم طبي لاستلام الحالة (يصمت) تعرفون عنوان عيادتي؟ (يضحك) أنا في انتظاركم.. مع السلامة (يضع السماعة).
يدخل جعنان مُسرعاً وهو يكاد يتعثر في مشيه من شدة الاضطراب.
– جعنان: الحق يا دكتور فضل.. الحق.
– فضل: (ينهض) مالك؟
– جعنان: جاء مفتش من وزارة الصحة وهو مُصرّ على فتح الثلاجة.
– فضل: (يسحب مسدسه ويمضي باتجاه الباب وهو يبرطم غاضباً) هذا المشعوذ سأجعله يمضي ما تبقى من حياته كسيحاً.
فضل وجعنان يخرجان. يظهر مصطفى من غرفة العمليات وهو يرتدي الروب الأبيض. يتأكد من خلو الحجرة. يتجه إلى المكتب ويبحث في الأدراج.
– مصطفى: أين خبأ الشيك هذا السفاح (يعثر عليه) آه ها هو (يمزقه ويضع المزق في جيبه) أشك أن هذا المعتوه قد درس الطب (يتجه إلى المعمل ويأخذ المدق) على الأرجح اشترى الشهادة من حانوت جزارة! (تدوي ثلاث طلقات نارية) أوه.. يبدو أن مفتش وزارة الصحة رحمه الله لم ينجح في فتح الثلاجة! (يختبئ في غرفة العمليات).
يدخل فضل وبيده المسدس، وخلفه جعنان.
– جعنان: ما هذا الذي فعلته يا دكتور.. كيف تطلق النار على مفتش وزارة الصحة.. هذه تعتبر جناية ومن الممكن أن يغلقوا العيادة.
– فضل: هذا المفتش أحمق.. لقد تجاوز حدوده معي (يخبئ المسدس في درج المكتب) من حسن حظه أنني أطلقت بين قدميه ولم أصبه.
– جعنان: إطلاق النار خطأ جسيم.. حتى المرضى هربوا من العيادة.
– فضل: (يمشي جيئة وذهاباً وقد بلغ به التوتر أشده) جني يأخذهم.. غداً سيأتي غيرهم وغيرهم وغيرهم..
– جعنان: (يسعى خلف الطبيب) يا دكتور فضل علينا أن ننقذ الموقف قبل أن يصل المفتش إلى وزارة الصحة ويُقدم الشكوى.
– فضل: دعه يُقدم الشكوى.. وأنا سأريه من أكون.
– جعنان: الموضوع أكبر مما تتصور.. هناك عشرات الشهود.. وهذا المفتش يستطيع أن يتهمك بمحاولة الشروع في القتل (يتوقف فضل عن مشيته العصبية وتبدو عليه الصدمة من فداحة فعله) العقوبة قد تصل إلى السجن خمس سنوات.
– فضل: (يأكل أظافره) والعمل؟
– جعنان: ليس أمامنا سوى أن نسترضيه بمبلغ من المال.
– فضل: كم تقترح أن نعطيه؟
– جعنان: أي مبلغ.. المهم أن نوقفه قبل أن يفعل أي شيء.
– فضل: (يُخرج حلقة مفاتيح من جيبه ويتجه إلى مكتبه) صحيح.. اعرض عليه أي مبلغ يريده..(مصطفى يُطل برأسه من غرفة العمليات، فضل يفتح أحد الأدراج ويضع على سطح المكتب رزم أوراق مالية) خذ هذا المال وحاول مساومته قدر ما تستطيع.
– جعنان: (يدس الرزم في جيوبه) اعتبر الموضوع منتهياً يا دكتور.
– فضل: (يغلق الدرج بالمفتاح) اطلع سيارة أجرة وترصد له في باب الوزارة.
– جعنان: على طول (يمضي باتجاه الباب).
– فضل: وعندما تنتهي اتصل بي وطمئني.
– جعنان: حاضر(يخرج).
– فضل: يا رب من أين جاءتني هذه البلية (ينظر في ساعته) عليّ أن أسرع في إجراء العملية قبل أن يُفيق ذلك الكائن المُلوث من البنج (يخرج مثقاباً من أحد الأدراج) يظن أنه سيتخلص من الذيل ويتساوى معنا.. لا والله (يمضي نحو غرفة العمليات) سأركب له قروناً تجعله عبرة لغيره هاها.. أوه نسيت المسامير(يرجع إلى مكتبه).
مصطفى يظهر من غرفة العمليات وهو يحمل المدق، ينحني فضل ويفتح أحد الأدراج، مصطفى يقترب منه ويضربه بالمدق على رأسه فيسقط مغشياً عليه.
– مصطفى: نوم العافية يا فضل (يأخذ المسامير ويتفحصها) يالك من بخيل.. حتى المسامير مستعملة وصدئة! (يضع المسامير في جيبه، يجر فضل إلى غرفة العمليات، ثم يرجع لأخذ المثقاب) حان وقت العمل يا فضل! (يغيب في غرفة العمليات التي يصدر منها صوت المثقاب).
يدخل سيلان وهو يحمل حقيبة ماكياج.
– سيلان: يا دكتور فضل أنا وصلت (يتجه إلى المكتب، يضع حقيبة الماكياج، يتلفت) أين أنت أيها الجحش الوسيم؟
– مصطفى: (يطل برأسه من غرفة العمليات ووجهه مغطى برقعة قماش بيضاء) الدكتور فضل ذهب إلى وزارة الصحة وسيرجع بعد ساعة.
– سيلان: هاه.. ومن أنت؟
– مصطفى: أنا طبيب متدرب أرسلتني الجامعة.
– سيلان: وماذا تفعل؟
– مصطفى: أُجري عملية جراحية لانتزاع دماغ مريض مصاب بالصرع.
– سيلان: الله يحفظنا (يجلس على كرسي المرضى) تابع عملك، أنا سأنتظره هنا حتى يرجع.
– مصطفى: على راحتك (يغيب في غرفة العمليات، ويتصاعد صوت المثقاب).
– سيلان: (تنتابه قشعريرة) ما هذا الصوت المزعج؟؟ إنه يثير حساسيتي.. يبدو أن هذا المتدرب يفتح جمجمة أحدهم..(يُدوي صوت المثقاب) اللعنة تبدو جمجمة قاسية، أكثر صلابة من قالب الإسمنت!(تزداد حدة صوت المثقاب، فيقوم بسد أذنيه).. عليّ أن أستفيد من الوقت.. سأجري اتصالاً بالتاجر وكيل أدوات التجميل..(يرفع سماعة الهاتف ويتصل) آلو.. الحاج صندوق.. حياكم الله أنا خادمكم الولد سيلان..(يصمت) أنا الآن في عيادة الدكتور فضل الفضولي ومعي عينة من علب الماكياج (يصمت) أنت لا تعرف الدكتور فضل، هذا صاحبي الروح بالروح (يسمع صوت المثقاب، فيسد أذنه الأخرى) أنا سأقنعه أن يصرف علبة ماكياج لكل مريضة تأتيه إلى العيادة (يصمت) لا يا حاج غير معقول أن نصرف علب ماكياج للرجال أيضاً (يرتفع صوت المثقاب) أشرح لي فكرتك وأنا سأقنع صديقي الدكتور فضل (يصمت، يرتفع صوت المثقاب) فكرة جيدة.. أنت حاج عبقري.. ماكينة ألاعيب وحيل.. إمام المسلمين في النصب هاها.. تحياتي (يغلق الخط، ويضع رجلاً على رجل ووجهه يطفح بالسرور، يدندن).
يظهر مصطفى من غرفة العمليات وقد تخلص من ملابسه الرثة واستبدلها بملابس الطبيب فضل وارتدى معطفه الطبي الأبيض، وعلّق على صدره السماعة. يتجه إلى المكتب ويجلس على كرسي فضل.
– مصطفى: مرحباً بك، من الأستاذ؟
– سيلان: (ينظر إليه متفحصاً) أنا سيلان.
– مصطفى: (يصافحه) تشرفنا.. الدكتور فضل حدثني عنك، وقال إنك رجل وطني تساهم في علاج الفقراء من جيبك الخاص.
– سيلان: (يشمخ برأسه) نعم.. نعم.. جزء كبير من ثروتي أنفقته في الأعمال الخيرية.
– مصطفى: (يُربت على خد سيلان) يبان على وجهك أنك رجل من رجال الخير.. الفضيلة تقطر من وجنتيك!
– سيلان: (يهزه الإطراء) وماذا قال عني الدكتور فضل أيضاً؟
– مصطفى: قال إنك تفهم في الطب والصيدلة أفضل من خريجي الكليات المتخصصة.
– سيلان: (يضع رجلاً على رجل) هذا صحيح.. خبرتي التي اكتسبتها من الحياة لا يمكن أن تجدها في أية جامعة.
– مصطفى: (يشير إلى حقيبة الماكياج) أرى أنك أحضرت معك علبة ماكياج.. هل أتيت بها لأغراض استشفائية؟
– سيلان: (يبرق وجهه بالبِشر) أنت متدرب ذكي.. فعلاً أنا والدكتور فضل ننوي إضافة الماكياج إلى الوصفات الطبية لمرضانا.
– مصطفى: مرضاكم! ولكن هل الماكياج مفيد في علاج الأمراض؟
– سيلان: (يتحمس) هذا أسلوب علاجي جديد ومتطور..(يفتح علبة الماكياج) عندما يتبرج المريض أو المريضة فإن هذا يُحسّن حالته النفسية، ويجعله يستجيب بشكل أفضل للأدوية الكيماوية.
– مصطفى: ولكن ألا ترى أن هذا الأسلوب العلاجي قد لا يُناسب الرجال؟
– سيلان: على العكس، الرجال عندما يتبرجون يسمحون للجانب الأنثوي في شخصيتهم بالظهور للعلن، وهذا يُعجّل في شفائهم من الأمراض.
– مصطفى: عظيم.. وهل يمكن أن نبدأ بك؟
– سيلان: (يرجع بجذعه للوراء) ولكنني لست مريضاً.
– مصطفى: أعلم.. ولكنني أريد فقط التأكد من صحة نظريتك فيما يخص تبرج الرجل.. أريد أن أتأكد أن تبرج الرجل مفيد للصحة وليس ضاراً.
– سيلان: (يتنحنح) يا رجل هذه مجرد أصباغ ولن تؤثر مطلقاً على الصحة.
– مصطفى: ما دمت واثقاً من أنها لا تؤثر على الصحة فدعنا نضع القليل منها على بشرتك الناعمة هذه (يقرص خد سيلان) هاها.
– سيلان: (يرفع إصبعه محذراً) القليل فقط.. اتفقنا.
– مصطفى: (يأخذ حقيبة الماكياج ويتفحصها) أنا حريص أكثر منك على التوفير، لأنني بصراحة أفكر في شراء حقيبة الماكياج هذه (يتخذ جلسة مناسبة، ويفتح علبة معجون الكريم ويضع منها على وجه سيلان).
– سيلان: (يستسلم لأنامل مصطفى ويُغمض عينيه) رائع.. ستكون أنت أول زبون يشتري مني هذه البضاعة.
– مصطفى: فاتحة خير إن شاء الله! (يضع له أحمر شفاه، يُلوّن حاجبيه بقلم أصفر، ويُلوّن جفنيه واحد بلون أخضر والآخر بلون وردي، يرسم بفرشة سوداء حدود العين، يُكحله بقلم الكحل، يضع له رموشاً صناعية لعينيه، يضع له بودرة حمراء على خديه، يُضيف اللماع إلى وجهه كله) انتهينا (يأخذ مسافة لينظر إلى سيلان) واو.. تبدو أنثوياً بالفعل.. حتى أنني أخشى على نفسي من الفتنة!
– سيلان: (يضحك بعصبية) حقاً.. هل أبدو مثيراً؟
– مصطفى: أوووه.. أنت أكثر شيء مثير رأيته في حياتي.
– سيلان: (يخجل) أرجوك لا تبالغ!
– مصطفى: (يتفرج عليه من جميع الاتجاهات) والأهم أنني أحس أنك صرت أكثر صحة وحيوية وجمالاً.. اللهم صل على النبي!
– سيلان: (يبتسم ابتسامة واسعة) هل رأيت.. نظريتي العلمية صحيحة وتناسب الجميع.
– مصطفى: (يجلس على كرسي الطبيب فضل) يا الله.. صدقني أنت عالم مجنون.. مجنون تماماً وتستحق جائزة نوبل في الطب.
– سيلان: (يضحك منتشياً) لا تخجلني أرجوك.. هذه مجرد شطحات متواضعة.
– مصطفى: دع التواضع جانباً.. أنت عالم كبير.. آخرون قدموا مساهمات أقل أهمية من مساهمتك ونالوا جائزة نوبل للطب.. صدقني أنت تستحقها أكثر منهم.
– سيلان: (يُصعّر خده) اعرف.. اعرف.. ولكنني لا أهتم بهذه الجوائز.. لأنني متأكد أن العالم عاجلاً أو آجلاً سيقدر جهودي في خدمة العلم.
يدخل ثلاثة رجال يرتدون قمصاناً خضراء، يتجهون صوب مكتب الطبيب.
– الرجل الأول: أين الدكتور فضل؟
– مصطفى: (يقف) نعم.. أي خدمة؟
– الرجل الأول: نحن من المصحة العقلية.. أين الحالة؟
– مصطفى: (يشير بإصبعه إلى سيلان) هاهي أمامكم.
– سيلان: (ينهض وقد ارتسم الفزع على محياه) أنا؟؟ عن أي شيء تتحدثون؟
– مصطفى: إنه يعاني من انفصام في الشخصية.. يتصور نفسه امرأة.
– سيلان: أنا لست أتصور نفسي امرأة.. (يخاطب الرجال الثلاثة) لقد كنا نجرب العلاج بالماكياج؟؟
– مصطفى: إنه يزعم أن وضع أحمر الشفاه للرجال يساعدهم على الشفاء من الأمراض.
– الرجل الأول: (يخاطب سيلان) هل ما يقوله صحيح؟
– سيلان: نعم هذا الكلام صحيح.. وسأثبت ذلك علمياً.
– مصطفى: ما رأيك أليس مجنوناً؟
– الرجل الأول: إنه أجن من جميع المجانين الذين أعرفهم في المصحة! (يشير لرفيقيه) خذوه.
– سيلان: (يهجم عليه الرجلان فيحاول التملص منهما) هيه أنا لست مجنوناً.. اتركوني يا زبالة الأرض (الرجل الأول يرش وجهه بمخدر، تسكن حركته ويغيب عن الوعي، يلبسوه قميص المجانين).
– مصطفى: (يرفع حقيبة الماكياج) ألن يحتاج لحقيبة ماكياجه؟ إنه متعلق بها جداً.
– الرجل الأول: لا.. هذه الأشياء ممنوعة.. سنعلمه في المصحة كيف يسترجل! هيا (الرجال الثلاثة يخرجون وهم يحملون سيلان).
– مصطفى: بارك الله فيكم! (يفرغ محتويات حقيبة الماكياج في أحد الأدراج) والآن بعد أن تخلصنا من سيلان، علينا أن نحصل على مكافأة صغيرة (يخرج حلقة مفاتيح فضل، يجرب عدداً من المفاتيح، ثم يفتح الدرج المقصود) رباه.. ما كل هذه النقود (يملأ حقيبة الماكياج برزم المال) يا لك من نهاب كبير يا دكتور فضل (يُغلق الحقيبة بصعوبة) بهذا المبلغ الدسم أستطيع شراء بيت جميل أعيش فيه بسلام.. وبعد شراء البيت سأنفق ما تبقى للزواج من فتاة أحلامي.. سأتصل بها وأطلب منها أن تحضر إلى هنا (يرفع سماعة الهاتف ويطلب رقماً) آلو قناة اليمن الفضائية.. أرجوك أوصلني بالمذيعة ابتهاج.. قل لها البروفسور مصطفى يريدها (ينشغل بتفتيش الأدراج، يعثر على المسدس، يأخذه ويسحب مشط الذخيرة، يهز رأسه راضياً، يرجع المشط، ويُثبت المسدس بحزامه) أهلاً يا ابتهاج.. سعيد بسماع صوتك.. اسمعي عندي لك سبق صحفي.. سجلي في مفكرتك ما يلي: تمكن الدكتور جعنان الفجعان من إجراء عملية جراحية نادرة، قام بزرع قرني تيس في رأس رجل يعاني من ضعف جنسي مزمن (يصمت) كل هذه الاستفسارات تستطيعين الحصول على إجابات لها من فم الدكتور جعنان الفجعان شخصياً.. تعالي مع طاقم التصوير على وجه السرعة، قبل أن تعرف القنوات الأخرى بالخبر.. سجلي عندك عنوان العيادة (يصدر صوت ثغاء يطغى على صوت مصطفى الذي يُنهي المكالمة).
يظهر فضل من غرفة العمليات وأعلى رأسه قرنان.
– فضل: (يمشي على أربع) ماءءء.. ماءءءء.. ماءءءءء!
– مصطفى: يا إلهي لقد أفقت بسرعة.. حتى المخدر الذي تشتريه يا دكتور فضل مغشوش!
– فضل: (يلف حول نفسه غير مصدق ما آل إليه حاله) ماءءء.. ماءءء.. ماءءء.
– مصطفى: اهدأ يا دكتور فضل.. وتقبّل وضعك الجديد بروح رياضية (يرن الهاتف، يرفع السماعة) آلو.. من معي؟ أين أنت يا دكتور جعنان.. نحن نبحث عنك في كل مكان من الصبح.. من أنا.. ألا تعرفني؟ أنا المخرج التلفزيوني سالم سلّم الله.. تعال بسرعة، المذيعة التلفزيونية المشهورة ابتهاج تريد أن تعمل معك مقابلة تلفزيونية.. كيف يا أخي تسأل عن المناسبة؟؟ بمناسبة نجاحك في زرع قرني تيس لمريض يعاني من الضعف الجنسي.. ماذا تقول؟ لست أنت من قام بالعملية! نحن لا نعرف هذا الشخص الذي ذكرت اسمه.. الإخبارية التي وصلتنا تفيد بأنك أنت من قام بالعملية.. أيها العبقري الخسيس كف عن التذمر ولا تُضيّع على نفسك فرصة الظهور في التلفزيون.. نحن في انتظارك (يُغلق الخط) جيد لقد اصطدته (فضل يحوم حول المكتب مصدراً ثغاءً متواصلاً) ألا تكف عن الإزعاج يا دكتور فضل.. حتى وقد صرت تيساً لا تُغلق فمك.. يا لك من ثرثار!(يحك ذقنه) هه.. لعلك جائع.. وبما أنك قد أصبحت من جنس التيوس فأعتقد أن قائمة طعامك قد اختلفت بعض الشيء (ينتزع من الجدار اللوحة الورقية التي كُتب عليها اسم الدكتور فضل وشهاداته) ما رأيك في أكل الورق؟(يمزق اللوحة ويطعمها للدكتور فضل الذي يلتهمها بنهم) هاها.. تيس مطيع! (يرمي الأوراق في غرفة العمليات، فيجري الدكتور فضل خلفها ويغيب في غرفة العمليات) هيا اذهب بعيداً، فما زال أمامي الكثير من العمل (يرفع سماعة الهاتف ويطلب رقماً) آلو.. الشرطة.. أريد أن أتقدم إليكم ببلاغ..(يصمت) عندي معلومات أن رجلاً أمياً يعمل قاطع سندات في عيادة طبية قد قام بإجراء عملية جراحية غير مشروعة (يصمت) اسمه جعنان الفجعان (يصمت) إذا حضرتم بسرعة فسوف تتمكنون من القبض عليه متلبساً.. العنوان (يُخفض صوته ويُداري فمه بيده) أرجوكم تعالوا بسرعة، جعنان الفجعان إذا اكتشف أنني اتصلت بكم فسوف يقتلني.. لا لا! (يسحب المسدس ويطلق رصاصة قريباً جداً من السماعة) آآآآه (يُنهي المكالمة) عظيم أعتقد أن الحيلة قد انطلت عليهم (يرجع المسدس إلى الدرج).
تدخل امرأة عجوز جاوزت الثمانين عاماً، وتمشي متوكئة على عصا.
– العجوز: يا دكتور.. يا ولدي.. ساعدني.
– مصطفى: من العيون يا خالة (يهب لمساعدة العجوز، يأخذ بيدها ويجلسها على الكرسي).
– العجوز: الله يحفظك يا ولدي.. اسقيني.
– مصطفى: حاضر (يفتح قارورة ماء ويسكب لها في كوب بلاستيكي) تفضلي يا خالة.
– العجوز: (تشرب الماء) الله يسقيك من الجنة، قل آمين.
– مصطفى: آمين.
– العجوز: أنا يا بني أعاني من تورم في قدمي.. لم أعد أستطيع السير عليهما إلا بمشقة.. ومعيشتي تعتمد عليهما.
– مصطفى: (ينهض ويُعاين قدميها ثم يرجع لمكانه) هل أنت راعية غنم؟
– العجوز: ما شاء الله عليك.. كيف عرفت؟
– مصطفى: يا خالة أنتِ بحاجة لفحوصات كثيرة (يفتح الحقيبة) وهذه عيادة صغيرة لا تتوفر فيها الأجهزة الطبية اللازمة (يناولها رزمة نقود) اذهبي إلى مستشفى الحياة القريب من هنا واطلبي منهم أن يُجروا لكِ فحصاً شاملاً.
– العجوز: (تمسك النقود وهي ترتجف) ولمن هذه النقود؟
– مصطفى: إنها لكِ.. المستشفى يحتاج إلى مصاريف كبيرة جداً.
– العجوز: ولكن يا ولدي هذه النقود كثيرة.. عجوز مثلي لا تستحق أن يُصرف عليها هذا المال كله (تبكي).
– مصطفى: (يمسك يدها) يا خالة حياتك مهمة لنا جميعاً.. عندما تكونين بخير فإن الإنسانية كلها ستكون بخير.
– العجوز: (تكفكف دمعها) مضى من عمري ثمانين عاماً ولم أصادف طبيباً طيب القلب مثلك.
– مصطفى: أنا المحظوظ يا خالة لأنني التقيت بك.
– العجوز: (تنهض مستندة على عصاها) بارك الله فيك يا بني.. الله يرزقك من غامض علمه.
– مصطفى: يا خالة عندما تنتهين من الفحوصات ارجعي إلى هنا.. عندي تيس بلدي أريد أن أهديه لكِ.
– العجوز: ولكن هذا كثير يا ولدي.
– مصطفى: إنه مجرد تيس تافه لا قيمة له.. هل تُقسمين أنكِ ستعودين لأخذه؟
– العجوز: من دون يمين سأرجع وآخذه (تخرج وهي تدعو له).
– مصطفى: (يخبئ الحقيبة في أحد الأدراج، ينظر في ساعته) يا ترى من سيصل أولاً.. لنستعد لاستقبالهم..عليّ أولاً أن أخلع هذا المعطف لأبعد نفسي عن الشبهات (يخلع المعطف الأبيض) أوه كدت أنسى التأنق! (يُخرج من أحد الأدراج عطراً ويرش ملابسه ويديه ووجهه).
تدخل شابة جميلة تضع على عينيها نظارة سوداء، وخلفها رجل يحمل كاميرا تلفزيونية ويضع على رأسه قبعة.
– ابتهاج: يا بروفسور.
– مصطفى: (ينهض لاستقبالها) أهلاً يا ابتهاج (يصافحها) مر زمن طويل منذ التقينا آخر مرة!
– ابتهاج: سامحني يا بروفسور.. تعرف ارتباطات العمل في التلفزيون.
– مصطفى: التلفزيون أخذك مني.. آخ .. لو كان التلفزيون رجلاً لقتلته!
– ابتهاج: (تضحك) لا تتوهني.. أين الدكتور جعنان الفجعان؟
– مصطفى: أنا اتصلت به وقال إنه سيحضر بعد قليل(يشير إلى الكرسي) تفضلي اجلسي.
– ابتهاج: (تجلس) وأين الرجل الذي أُجريت له العملية؟
– مصطفى: (يشير إلى غرفة العمليات) موجود في غرفة العمليات.. (يخاطب المصور التلفزيوني) يا ليت يا أستاذ إسماعيل لو تقوم بتصويره (يتجه المصور التلفزيوني إلى غرفة العمليات).
– ابتهاج: (تقف) وأنا أيضاً أريد رؤيته.
– مصطفى: (يُجلسها عنوة على الكرسي) انتظري يا ابتهاج.. أريد أن أكلمك في موضوع مهم.
– ابتهاج: (تضع يدها على خدها) خير يا بروفسور؟
– مصطفى: هل تتزوجينني؟
– ابتهاج: (تصعقها المفاجأة، تقف، تهرب منه) أوه.. لا.. لا أصدق.
– مصطفى: (يتبعها ويواجهها) ابتهاج.. ابتهاج.
– ابتهاج: أخيراً تكلمت يا بروفسور.. ست سنوات وأنا انتظرك!
– مصطفى: (تنفرج أساريره) يعني أنتِ موافقة؟
– ابتهاج: وهل أستطيع أن أرفض شخصاً مثلك.
– مصطفى: (يُمسك يديها، يدوران فرحين، يُغني) ابتهاج.. أنا ولدتُ من جديد.. أنا رجل سعيد.. وهذا اليوم عيد..
يظهر فضل من غرفة العمليات وهو يمشي على أربع ويُطلق ثُغاءً مزعجاً. يتبعه إسماعيل الذي يُصوره.
– ابتهاج: (تجفل عندما ترى فضل) رباه.. ما هذا المسخ؟؟
– مصطفى: هذا هو المريض الذي أُجريت له عملية زرع القرنين.
– ابتهاج: ولكن لماذا.. لماذا هو يمشي على أربع؟
– مصطفى: هذا شيء مؤقت وسيزول بمرور الأيام.
– ابتهاج: لا أدري.. هل هذا النوع من العمليات الجراحية مأمون صحياً؟
– مصطفى: مأمون جداً.. ويكفي أن المريض قد شُفي من العجز الجنسي وعادت إليه رجولته.
– ابتهاج: (يحوم فضل حول المذيعة التي تقفز وتقف على الكرسي) ولكن هل هذه الناحية في الرجال تستحق كل هذه التضحيات؟
– مصطفى: ياه.. أي رجل في هذا البلد لو خيروه بين فقدان عقله أو رجولته لضحى على الفور بعقله وفضّل الحفاظ على فحولته!
يدخل ثلاثة من رجال الشرطة. أحدهم يحمل رتبة رقيب.
– الرقيب: أين المدعو جعنان الفجعان؟
– مصطفى: جعنان سيحضر بعد قليل.
– ابتهاج: ماذا يجري؟ لماذا حضرت الشرطة؟
– مصطفى: (يخاطب ابتهاج) أنا استدعيتهم.. سأشرح لكِ فيما بعد (يجر فضل ويريه للرقيب) وهذا هو الضحية يا أفندم.
– الرقيب: (يتحسس قرني فضل الذي يُصدر ثغاءً متواصلاً) هذه جريمة شنعاء.. هذا تغيير لخلق الله.. (يغضب بشدة) أين هذا المجرم جعنان؟ أين هو؟
– مصطفى : يا أفندم إذا أنت تريد أن توقع به فأسمع كلامي.
– الرقيب: تكلم.
– مصطفى: توارى أنت ورفيقيك في غرفة العمليات، بينما تقوم الآنسة باستدراجه للاعتراف بجريمته كاملة، وهذا الأستاذ المصور سيتولى تسجيل اعترافاته بالصوت والصورة.
– الرقيب: (يضحك بتشنج) مش معقول (يُصافح مصطفى بحرارة) أكيد حضرتك المحقق شارلوك يغمز (يغمز بعينه) الذي يُعيّرنا به مديرنا كل يوم!
– مصطفى: (يضحك) نعم أنا هو.. والآن تفضلوا واكمنوا لجعنان هناك.
– الرقيب: جميل، فارع.. هيا (يتوارون في غرفة العمليات).
– ابتهاج: لحظة.. أنت مدين لي بشرح مستفيض.
– مصطفى: ثقي فيّ يا ابتهاج.. جعنان هذا شخص يستحق العقاب (يأخذ نظارة ابتهاج ويضعها على عينيه، ويأخذ قبعة إسماعيل ويضعها على رأسه).
– ابتهاج: أرجو ألا أخسر عملي في التلفزيون بسببك!
يدخل جعنان وهو يُصلح هندامه.
– مصطفى: هاهو قد أتى.. اذهبي إليه.
– ابتهاج: (بصوت واطئ) ذكّرني مرة أخرى باسمه.
– مصطفى: جعنان الفجعان.
– ابتهاج: جعنان الفنجان.
– مصطفى: ركّزي.. جعنان الفجعان.
– ابتهاج: فهمت (ترسم ابتسامة مصطنعة وتشير للمصور أن يتبعها) مرحباً بك يا دكتور جعنان الفجعان.
– جعنان: (يتنحنح) نعم أي خدمة؟ (يتقلص وجهه ويختلج عندما تركز عليه الكاميرا).
– ابتهاج: نريد أن نسألك هل أنت الطبيب الجراح الذي أجرى عملية زرع قرنين لمريض يُعاني من عيب في الرجولة؟
– جعنان: (يبلع ريقه ويبدو عليه الارتباك) أ..أ.. أنا.
– ابتهاج: أنت ماذا؟
– جعنان: أنا من أجرى العملية.
– ابتهاج: تقر بذلك وتعترف أمام ملايين المشاهدين الذين يشاهدوننا الآن؟
– جعنان: (ينظر للكاميرا وتطرف عيناه بشدة) نعم.
– ابتهاج: (تشير إلى فضل الذي يمشي على أربع ويثغو) ولكن كيف تفسر المضاعفات التي تعرض لها المريض الذي أجريت له عملية الزرع؟
– جعنان: (يُذعر عندما يرى حالة فضل) يا للمصيبة.. ما هذا.. ماذا جرى عليه؟؟
يبرز رجال الشرطة من غرفة العمليات ويلقون القبض على جعنان.
– الرقيب: لا تحاول الإنكار أيها المجرم (يضع القيود في يديه) لقد وقعت في قبضة العدالة.
– جعنان: هيه لست أنا الفاعل.. هناك خطأ.. أنا لست طبيباً.. أنا مجرد موظف أقطع سندات الدخول لا أكثر.
– الرقيب: وهذه جناية ثانية.. تمارس الطب وأنت لا تحمل شهادة طبية (يجرونه باتجاه الباب) يا ويلك مني.. سأجعلك تتمنى العودة إلى بطن أمك!
– جعنان: اتركوني.. أنا برئ.. أنا برئ (رجال الشرطة يخرجون وهم يسحبونه بكل قوتهم، المصور إسماعيل يجري خلفهم لتصوير الحدث).
– ابتهاج: (تضرب كفها بكف مصطفى) هيه نجحنا.. لقد ساعدتك في القبض عليه فأين مكافأتي؟
– مصطفى: كم تريدين؟ (يتجه إلى المكتب ويخرج الحقيبة من أحد الأدراج) اطلبي أي مبلغ.. أنا لا أمزح (يفتح الحقيبة ويريها النقود).
– ابتهاج: (تضع كفيها على خديها وتصرخ) هاااه! هل هذه نقود.. لا أُصدق.. أهي حقيقية؟؟
– مصطفى: طبعاً حقيقية.. هل أنتِ مشغولة هذا المساء؟
– ابتهاج: بماذا تفكر؟
– مصطفى: أفكر أن نذهب معاً لشراء بيتنا.
– ابتهاج: (تشعر بالدوخة) أشعر وكأن رأسي يدور.
– مصطفى: والمبلغ الذي يتبقى بعد شراء البيت نصرفه على حفل زواجنا.
– ابتهاج: أوه.. سوف يُغمى عليّ من الفرحة!
الدكتور فضل ينطح مصطفى بغضب وثغاؤه يصم الآذان.
– مصطفى: (يتجنب نطحات الدكتور فضل) اخرس أيها التيس الحسود!
تدخل المرأة العجوز وبيدها حبل.
– العجوز: يا دكتور.. لقد عدت بحسب الوعد.. الله يحفظك، أين التيس الذي وعدتني به؟
– مصطفى: (يشير إلى دكتور فضل) هاهو.. خذيه حلال عليك.
– العجوز: (تثبت نظارتها الطبية) أنا بصري لم يعد قوياً.. ولكنه يبدو تيساً كبير الحجم!
مصطفى يحمل حقيبة المال ويشبك ذراعه بذراع ابتهاج ويخرجان.
– العجوز: (تطارد دكتور فضل محاولة وضع الحبل في رقبته) انتظر يا تيسي الحلو.. انتظر يا تيسي الجميل.. مهما تهرب سوف أمسك بك يا ملعون! (دكتور فضل يفر من زاوية لأخرى وهو يثغو بجنون).
ستار

منقولة من صحيفة اليمني الأمريكي 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24