الخميس 25 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
في عيد ميلادي الرابع والخمسين.
مازلت أومن مع محمود درويش بأن "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" - مصطفى لغتيري
الساعة 13:34 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



من السهولة بمكان أن أقلد كل الذين مضوا، ومروا خفافا أوثقالا من هنا، أحذو حذوهم، وأدين بدينهم، فأقول متبرما وحانقا بأن لا شيء يستحق الحياة، ثم أتابع السير غير حافل بما وقع أو سيقع، أقولها وأحمل صخرتي وأمضي، لا ألوي على شيء سوى  التقدم حثيثا نحو نهاية، مهما ابتعدت فهي قادمة بلا ريب، فكلما ابتعدنا عن طفولتنا وانطلاقها العفوي، دنونا مجبرين نحو ما نحن ماضون إليه. وإنا له لمنتظرون غير آسفين أبدا، فالحياة لا تقاس بالسنوات وإنما بلحظاتها الفارقة  القوية، التي عشت وأعيش كثيرا منها أو على الأقل  شبيهاتها.
 

نكاية في كل تلك الهواجس وما يتناسل عنها، أقول ملء القلب والأوردة إن في حياتنا- رغم الخسارات المفترضة- ما يستحق الحياة.
يكفيني أن أحمل هذا الجسد معافى كل صباح، وأقصد مقهاي المفضل لأرتشف هناك قهوة بنكهة الصحو والأمل.

 

تكفيني دفقة نسيم عليل أستنشقها في طريقي على مهل، لتحيي في نفسي عشقا تليدا للقصيد، فتربكني الكلمات بحثا عن معنى مخاتل، لا يمنح نفسه عفو الخاطر، وإنما يأتي بعد مجاهدة وكفاح.
تكفيني متعة رواية أشارك كاتبها جموح الخيال بشغف لذيذ وانتشاء لايضاهى. أقرأ سطورها، وكأنني أعايش الشخوص لحظة بلحظة حتى آخر الحبر.

 

تكفيني ابتسامة مشرقة، تطل علي من وراء حجاب، فتضيء سمائي بنورها الملائكي المتجدد، واعدا إياي بلقاء قريب.
تكفيني ضحكة لطيفة تغزو كياني فجأة ودون سابق إنذار، فتحيل حياتي إلى بهجة دائمة.
تكفيني كلمة عتاب أتلقاها من شخص، ما زال يؤمن بإمكانية قطف ثمار شجرة لما نغرس شتلتها بعد.
تكفيني لمسة حانية من زهرة الحياة /حياتي، فيظل شذاها عالقا بالجسد والقلب والذاكرة، خلسة أتلمظه بكثير من الاستمتاع المستحق.

 

تكفيني رفقة مشاكسة، تراودني ذات أصيل جامح عن فرحتي، فتزيدني كل يوم تمسكا بتلابيب الحياة، حتى أرتشف نسغها قطرة قطرة إلى آخر رمق.
تكفيني لحظة مختلسة من الزمن الرتيب، أداعب فيها شجرة هيفاء، نبتت عفو الخاطر  على شاطئ القلب التليد.
تكفيني نظرة من جنات العسل، ذلك الكائن الملائكي، الذي حط الرحال بدنياي فزادها بهاء على بهاء.
تكفيني نظرة من أم وأب وأخت وأبناء، تقول لي بدون كلمات" كم نحن فخورون بك" فيخجلني ذلك البوح المكتوم. ويقيدني بعهد مقدس على مزيد من العطاء حتى آخر نفس.

 

يكفيني رذاذ منعش، يفاجئني ذات مطر خجول، في يوم لا يحفظ العهد ولا الود، فبعد أن وعدنا بصحو متواصل، ها هو فجأة وبتواطؤ مكشوف مع رغبة دفينة ينقض وعده، فتنثال حباته البلورية الشفيفة، تسقي روحي الظمأى حد الارتواء.
تكفيني كلمة طيبة وصادقة.. شاردة تأتي من هنا أوهناك دون ترتيب مسبق، فتفرش في القلب سجادا أحمر للامتنان.

 

تكفيني قلوب صادقة تتحمل لحظات غضب عابرة، قد تهب من الأعماق فلا تبقي ولا تذر، فتعتبرها سمة صفاء ونقاء، لا غل يكمن خلفها.. 
تكفيني الحياة بما لها وما عليها.. بصبر وأناة ألتقط صدفاتها على شاطئ الأمل، فمهما علت أمواج بحره وثارت، فلن أمل من متعة الالتقاط، والاستمتاع برونقها المتجدد.
 أفعل ذلك بكل امتنان لأنني عاهدت نفسي أن أؤمن دوما بأن على هذه الأرض/ أرضنا حقا ما يستحق الحياة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24