الثلاثاء 23 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن …...والقلم
عزة نفس مذهلة … - عبد الرحمن بجاش
الساعة 13:46 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



الأحد 12 يوليو 2020
 

أظل أراقب ملامح وجهها ، التي تحكي تعب السنين …
وجهها شاحب ،مصفر، فكل الوجع اجتمع على تلك الملامح النبيلة من لحظة خروجها من بطن أمها هناك في الصومال ….
لاتتكلم ، لاتعيرالراحة انتباها ، بل تعمل وتعمل وبلا كلل …
وعند الثالثة عصرا ، تجمع ملابسها وحاجاتها ، وتشير بيدها : أن سأذهب …
أمد يدي بالخمسمائة ريال حق المواصلات ...وأسألها : هل عملتي ماقلت لك ؟ تقول همسا بخجل الكريم:

نعم ، هاتي الكيس سأرى …
حبتين موز ، فتحرق روحي ، كيف ، أمد يدي إلى كيسنا وماتصل إليه يدي اضعه في كيسها : هذا كثير، اقول : لا بل قليل والعيال كثير…
تنزل برأسها إلى الأرض …
أنتظري ، أمد إلى يدها ورقة ألف ريال لاتساوي شيئا : خذي للأولاد أي شيء …
لا ..لا ..لا
وأنا اصر ..
هي تردد لا ...لا ..لا
ياالهي أي عزة نفس وكرامة تسكن هذا الجسد النحيل …
اصر أنا ، تبكي هي : لا ...فاحترم كرامتها ، خجلها ، عزة نفسها القصوى ...عزة الفقيرالكريم …
تردد كلمات الشكر لأني اعدت ورقتي إلى جيبي بخجلي الذي ملأ السماوات والأرض …
وأعود وأسأل نفسي : طيب كيف ؟؟ الخمسمائة الريال توصلها فقط إلى حيث تسكن في بير عبيد …
تصرخ أعماقي وأنا صادق ، ولم تؤلف هذه الأسطر …. فهذه النحيلة التي اتمنى لواستطيع نشر اسمها ..لكنها ستتألم …تعلمني ثلاث مرات في الأسبوع دروسا جديدة في عزة النفس ….
احفظ كرامتها ، اصرخ من اعماقي في وجه كل فاسد حقير يسرق مافي جيوب الناس : تعالوا لتروا عزة نفس الفقير من يحرث الأرض بحثا عن لقمة كريمة ...اصرخ في وجه تجار الحروب ، اصرخ في وجه الشحاتين الرسميين : تعالوا لتروا هذه الفقيرة التي ترفض اضافة حبة موز لأطفالها ، ترفض الألف الريال تضيف لهم أي شيء ...ألف ريال لاتعني شيئا ….
اصرخ في وجه من يأخذ العمولات على حساب الناس ...اصرخ في وجه اصحاب واصحاب واصحاب: سحقا لكم …
اسرع إلى النافذة اتابع خطواتها في الشارع يكاد الهواء يأخذها لخفة جسدها ….
هناك في بير عبيد ينتظرها أطفالها وزوجها المريض …
اختنقت …
لله الأمر من قبل ومن بعد .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24