الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
صيحةٌ بعد القيامَة - حامد جوينة
الساعة 13:19 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


غـادَرتُ مـن غَـدَرَتْ هوى عُشَّاقِـها
غيري ، طَـعينًا مِن هوى خَـفَّـاقِـهـا
وَدَّعــتــها والـلَّـيـلُ يـرحَـلُ تَــارِكـًا
أنْــهــارَ أعــنــابٍ عـلـى إشْـراقِــهـا 
وتـركـتها وحَـمَـلْـتُ رِيـحَـةَ ثَـوبِـها
رُوحـــًـا تُــذَكِّـرُنـي بــهـا وعـنـاقِـها
ومـضـيـتُ ذَبَّـاحًـا بِــروحِ ضَـحِـيّةٍ
وفـــراقُ دَمْـــعِ فـراقِـهـا كـفِـراقِـها
لــم ألْـتَـفتْ لـلـخَلفِ حـتـى لا أرى
کَـفّـًا تُـغالـبُـنـي عـلى ٱسْتنـطاقِـهـا
سـافرتُ بحثًا عـن سـماءِ سَعادتي
ونَـسيتُ أن نُـجـومَـها في سـاقِـها
جُـرحُ الجِـبـالِ يُـقِـلُّـنـي كَـمُـضَيِّفٍ
تَــعِـبٍ يُـمَـثِّلُ في المَضافَـةِ نَـاقِها
عَــرَّيـتُ أقـدامـي هـنـالكَ خـشـيةً
مــن خَفْقِ نـعلٍ جَـلَّ عـن إقْـلاقِها
حــتـى بـلـغـتُ مـديـنـةً مـعـمـورةً
بـخـرابِها الـضَّـحِّاكِ مِــن أشْـداقِـها
لــم يـبـقَ إلا الـصَّمتُ مـن سُـكَّانِها
وبِـضـائـعُ الأشْـلاءِ فــي أسْـواقِـها
أمـشي كـأيِّ مُــهـاجِـرٍ فـي أرضِــه
مــا حـظُّهُ مِـنها سِـوى اسـتِنْشاقِها
مُـتَـسَـكِّعًا كـالـمـوتِ بــيـن بـيـوتِها
وكَـمـا دخــانِ الـحربِ فـي آفـاقِها
بـكـرامـةٍ كَــفَـرتْ بـأمْـعـائـي ومــا
زالـــتْ تُـحَـدّثُـني بـكُـفـرِ طَـلاقِـها
ودفـاتـرٍ يـخـشى أنِـيـنُ قـصـائدي
أن يـقـطَعوا شَـفـتيهِ فـي أوراقِـها
وفُـجـاءَةً مـطرُ الـرَّصاصِ أحَـالَني
خَـشبًا ، فـقطْعُ الـحيِّ من أخْلاقِها
وأشــار لـي حَـرَسُ الـنُّقودِ بـطَلْقَةٍ
لـلـحَـارةِ الـسّـفْلى بــرأسِ زُقَـاقِـها
فـعـبرتُها مُـغْـمىً عـلـيَّ ولــم أفِــقْ
إلا وقــد أصـبـحتُ مــن أجْـواقِـها
فــجــنـائـزٌ مــحــمـولـةٌ وجــنــائـزٌ
تـمـشـي بــأَرمَـاقٍ عــلـى أرمـاقِـهـا
تــقـتـادُنـا جــامــوسـةٌ عــمـيـاءُ لا
نَـدري ولا تَـدري اتِّـجــاهَ مَـسَـاقِـها
وعـلى يـساري كـلْبةٌ تُـثْـنـي عـلـى
أجْـرائِـهـا والـقَـيـدُ فـــي أعـنـاقِـها
وعــلـى يـمَـيـنـي لَــبْــوةٌ أُمَـمَــيَّـةٌ
نـظَرَتْ إلـيَّ فـخِفتُ مـن إشـفاقِها
وقــطـيـعُ هِـــرَّاتٍ يـسـيـرُ وراءَهـا
لــــم يـعـتـرفْ إلا بــديـنِ لِـحـاقِـها
وغُــيــومُ غِــربـانٍ تَــحـومُ تَـرَقُّـبًـا
لـسُـقوطِـنا بـالـجُوعِ أو بِـخِـنـاقِـها
وعـلـى الـطَّـريقِ عـجـائِـزٌ مُـنـهارَةٌ
مـثـلَ الأمـانيْ فـي قـلوبِ رِفـاقَها
كـانـت تُـغَـنّـي كـالـسِّـلاحِ بـرَعـشَةٍ
"يــا مَــنْ تُـغـازلُكَ الـمَـنَايا لاقِـهـا"
فـافْـرَنْقَعَ الـقـطعانُ عـنِّي قـبلَ أنْ
يـصِلوا الـمَدينةَ عـندَ بـابِ رُواقِـها
وتـراشَـقُوا بـرؤوسِـهم ورؤوسُـهـمْ
فــي الـنـارِ تَـدفَـعُهم إلـى إغْـداقها
وأنـــــا بــقـيـتُ كــلـوحـةٍ أثَــرِيَّــةٍ
تـحـكي لـصورتِها▶مدى أشـواقها
فـمـديـنةُ الـلَّـيـلِ الـمُـؤبَّدِ أطـلَـقَتْ
بــالأمـسِ نـيـرانًـا عــلـى إطـلاقِـها
تـخشى كـمـقـبرةِ الـيَـتـامى يُـتْمَها
وتـخافُ موتَ المَوتِ في أعمـاقِها
فـيـهـا الـصـغـارُ قــذائـفٌ وقـنـابلٌ
مـوقـوتـةٌ والـقَـتـلُ مِــن أرزاقِــهـا
وقِـبـابُـها تَــهـدي لـخـالِـقها الـــذي
لــولاهُ مــا عَـرفَـتْ هُـدى خَـلّاقِـها
وعـبـيـدُهـا تَـبْـتَـزُّ مـــن أحــرارِهـا
بـاسمِ الـسَّما صَكًّا على اسْتِرقَاقِها
وإذا بِِـهِـمْ تَـحـتَ الـمَشَانِـق دُفْـعَـةً
يَـتَـدافـعـونَ لِـيَـظْـفَـروا بـوِثَـاقِـهـا
فـانْـهَـرتُ مـثـلَ بـيـوتِها وتـبـخَّرتْ
روحي ،ومَـن أحـببْتُ مِن أشْواقِها
وسَـمـعـتُها كـجَـزيـرةٍ تَـبـكي ومـا
مِـن باحـثٍ عـنْـها سِــوى سُـرَّاقِـها
شـيئًا فـشيئًا كـلُّ شَـيءٍ غــارَ عـن
عَـيْـني ووَادَعَـني صــدى أبْـواقِـها
وحَـلَمتُ كـالـطَّـفْـرانِ أنَّ فَــراشــةً
في مِـعطفـي مَعَها نـدى تِـريـاقِـها
فَـنهـضتُ مـن تـحتِ الـرُّكامِ مُـبَـلَلًا
بـ "حسَافَة" الأمْـواتِ فـي أنْفـاقِـها
وصرخت "يا أهلَ القيامةِ" صَيْحةً
كـادتْ تُـطيحُ الأرضَ مـن مِعلاقِها
(دولٌ نــمـوتُ بــهـا لـنَـحـيا مَـيْـتةٌ
حـتى تُـريْنا الـعَيشَ في أحداقِها)
إن كـان هـمُّ الـمُـعدِمـينَ وجُـودَنـا
تخليصَ هذي الأرضِ مـن إرهاقِها
فالأرضُ مِـن كُـثْـرِ الـدُّوَارِ تَـقَـيَّأَتْ
بشَـرًا ، أتحمِلُـهُـمْ عـلى إعـتاقِها ؟!

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24