الجمعة 19 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قصة
سوق الجمعة - صالح بحرق
الساعة 14:08 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

من كل مكان توافد الناس إلى سوق الجمعة.. حتى أولئك الفقراء ذوي الدخل المحدود. كان همهم الوحيد التقاط المفارقات التي تحصل.. لاينظرون إلا إلى الأسفل.. بحثا عن ورقة نقدية.. أو عيار من الذهب.. فقد على أحدهم..
ولم يكن أمام حمدان إلا أن يخرج من منزله الطيني.. في نهاية تقاطع الشارع.. إلى سوق الجمعة.
 حمدان كان حمالا .. لكنه في السنوات الأخيرة من حياته.. لم يعد يقو على حمل البضائع الثقيلة.. فقد هرم أو شاخ.. ووهن عظمه.
وتوسط  السوق.. ونظر إلى الفاكهة في محل الخضروات.. وكم تمنى أن تكون بيده تلك البطيخة.. ولكن وضعه المالي لايسمح له.. فمر من
 أمام بائع الذرة.. العم يعقوب.. فرآه فقال له: تعال ياحمدان... هناك جونية بسباس خفيفة.. ممكن تجلبها من متجر العم ياسين.؟
 مضى حمدان صوب غايته تلك.. وبصعوبة وضع الجونية على ظهره ..وانطلق بها مسرعا.. وكلما مر من أمام البطيخة.. سال لعابه.. وترنم بتلك الأغنية الشجية: ياراد ياعواد.. إلى أن انهى مهمته.. واستلم اجرته الضئيلة ونحا جانبا يتطلع إلى السوق.
 ووقف أمام بائع الفاكهة.. وعاود النظر بشغف إلى البطيخة . كانت سوق الجمعة تعج بالناس.. وتنبعث منها الراوائح المقززة ..ورائحة الشواء.. وتسمع اصوات الباعة والضوضاء.. لم يعر  البائع حمدان اهتماما.. ظنا منه أنه متسول.. حتى جاءت امرأة بدينة.. واشترت تلك البطيخة التي اختارها ..دفعت النقود.. ووضعتها في حجرها.. ومضت تجتاز الصعيد. 
كان  حمدان واقفا ..لم يستطع الكلام.. كان يود أن يقول.. لا.. اتركيها .. أنها لي.. لكن المرأة اشترت البطيخة وتركته. 
كان حمدان.. دائما.. أو في أغلب الاحيان.. لايتحصل على مايتمناه.. وكان يعزو ذلك إلى اشياء دفينة فيه.. إلى ضعف صنع القرار.. والفشل..بكى في سره طويلا.. ثم عرج على المحال التجارية.. يتلمس رزقه من جديد.. وسوق الجمعة لاتكف عن الحركة..
   ولما وجد  فرجة انسل بخفة سالكا الطريق المتعرجة إلى منزله.. والبطيخة لاتفارق خياله..وتتسع دائرتها.. لتسد عليه أفق الطريق.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24