الثلاثاء 23 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
مأربٌ - طارق السكري
الساعة 11:05 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

مأربٌ 
مُرِّي يديكِ على خطيئاتي
وحيدا
هَا هنا عنك بعيداً
ووحيدا
هَا هنا أعتقلُ الصَّمتَ
كما يعتقلُ الليلُ الوجودا 
حَانقاً من كلِّ بحرٍ أخرسٍ 
لا يُوقد النارَ 
ولا يمشي على الباغي جنودا
حانقاً من كلِّ شِعرٍ أجوفٍ  
لا يطلقُ الشِّعرَ رصاصاً 
لا يُسوِّيهِ رياحاً وخيولاً وأسودا
لم يزل منذ عهودٍ
في سريرٍ خارجيٍّ أبيضٍ  
يرسف بالأغلالِ
مجنوناً 
وَيَسْتَفُّ جمودا .
*
مأربٌ
يا مهرةً عربيَّةً 
يفتتح الصبحُ بِها أوْرَادَهُ 
تخفق فيها للطبيعةِ  
أنْهُرٌ وَمُرُوجُ 
تَرْفُلُ في ثوبِ الشبابْ
يَاويْلهمْ 
كم حسدوكِ !
نَهَبوا كحلكِ 
أنغامكِ .. تِيجانكِ .. ألقابكِ
سرقوا ماءَ العيون 
سرقوا شَعركِ
وَالأسْوِرةَ الَّلألاءَ
نَفْطكِ .. 
سرقوا آيَ الكتابْ 
فتحوا للفرسِ أبواباً عليكِ 
وأرادوا لتنامي 
بين أحضان الملوكِ 
وَيْلهم كمْ خذلوكِ!
*
يَا غيمةً عاطرةً 
تعرفني
تعرفُ مَا اسْمي ؟ 
وَاسمَ أمِّي وَأبي
تفهمني !
حينما أهربُ في الظلِّ بعيداً
عن عيون الناسِ
مقهوراً حزينا
تركب الريحَ الحَرُونا
عَالياً .. من فوق رأسي .. وتُطِلُّ
ترسل الدمعَ على دمعي سخينا 
يَا كلَّ ما في الكلِّ 
مِن صوتٍ حنونٍ لا يُمَلُّ
فوقَ ألوانِ دموعي ها هنا 
مُرِّي يَديكِ 
*
دَوَّى رفاقُ الشِّعرِ في ماليزيا 
غضباً .. رعوداً 
وقياما وقعوداً  
 ‏من كوالا .. 
 ‏من سلَنْجور ..
 ‏ومن تامانَ ..
 ‏من أحياء سيردنجٍ 
 ‏ومن غابات جاهورٍ  
وما في الرُّوحِ مِن سرٍّ إلهيٍّ 
قديمٍ .. قد أهَلُّوا   
ضاق المكانُ بهمْ وَهبُّوا 
جبهةً واحدةً ..
حينما خان أبوكِ 
كيف لم تلتفَّ حَوْلكِ أذرعٌ تحميكِ ؟
أين الوزيرُ أو السّفيرُ ؟ 
وأين أصحابُ المعالي والفخامة ؟ 
أين جبهاتُ القيامة ؟ 
أينَها تعزٌ وإبٌّ وذمارٌ 
أينها البَيْضا وأين الجَوفُ
أين الأقربون ؟ 
أينها أسْدُ المُكلَّا 
أينها عَدنٌ وردفانٌ
ولحْجٌ أينها حيفانُ أين ثِلا 
وأين الفاتحون ؟ 
 ‏كيف لا تنتفضُ الدنيا 
‏على من قتلوكِ ؟ 
*
مأربٌ
هذا المدى الورقيُّ 
مثقوبٌ
وقلبي نازفٌ
يَعكِزُ فوقَ السَّطرِ
لمَّا خذلوكِ 
*
مأربٌ 
يا غيمةً قدسيَّةً
مُرِّي يديكِ
على خطيئاتي وعجْزي 
مرِّي يديكِ
صبابةً
فوق فمي 
عَلَّ فمي يَرْفَضُّ أجفاناً 
ترى الكونَ جميلاً
وأيادٍ غاضباتٍ 
ترفع الشِّعرَ بُنودا

22فبراير2021

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24