الاربعاء 24 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
جديد الدكتور إبراهيم أبو طالب عن الشعر والغواية مقاربات نقدية من خلال المنهج السيميائي
الساعة 21:49 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

صدر عن النادي الأدبي الثقافي بالحدود الشمالية، بعرعر، ومركز الأدب العربي للنشر والتوزيع بالدمام كتاب الدكتور إبراهيم أبو طالب "غواية الشعر؛ مقاربات سيميائية، ط1، 2021م.
يقع الكتاب في (232 صفحة) من القطع الوسط، أهداه المؤلف "إلى الذين يؤمنون بالشعر، ويتخذون من غوايته سبيلًا للرشاد..."، ومما جاء في مقدمته تحت عنوان "بين يدي المقاربات" قوله: "في ظلِّ المناهج النقدية النصِّيَّة الحديثة بتنوعاتها وتعالقاتها صارت السِّيميائية من أبرز تلك المناهج، ومن أهم تلك المداخل النقدية للوقوف على النَّص الأدبي، وسبر أغواره واستجلاء شَفَراته، لما يتميَّز به من قُدرةٍ على التحليل العِلمي والإجراء المنهجي وفق معطيات الدلالة وآفاق النظر في النص المتعالق في تكامله واكتنازه؛ ابتداءً من عنوانه الخارجي – الكِتابي، والبصري (الغلاف) - مرورًا بعتباته، ونصوصه الموازية، واستهلالاته، وعناوينه الداخلية، وموضوعاته، وصولًا إلى غلافه الأخير بصورِه وألوانه، وما بينهما مما يقدِّم عالمًا شعريًّا متضافرًا، هذا فضلًا عمَّا يتيحه المنهج السِّيميائي من الضَّبط العلمي، والمقياس النَّقدي لدلالات العمل وفضاءاته المختلفة؛ متمثِّلًا في اللغة بوصفها أداةً رئيسةً للبناء الإبداعي، ولما يحيطُ بها من أدواتٍ وعلاماتٍ أخرى، وأيقوناتٍ متداخلة تخدمها وتتكئ عليها منطلقةً منها، ومستعينةً بها لتوسيع الدلالة، وبناء عالمها المتكامل والمتوالد.
ومن هنا تحضرُ الأهميةُ لهذا المنهج، ويعلو الاهتمامُ به في المقاربات النقدية الحديثة كونه أحد المناهج المنضبطة القابلة للرصد والقياس بما يساعد الناقد والقارئ على الوصول – بقدر الممكن - إلى جَذوة النَّص الشعري أو الأدبي عمومًا، وتبيُّن جمالياته، والإحساس بغوايته، والوقوف على مواطن المعنى العميق فيه، والرؤية الإبداعية له.
ومن هنا يأتي هذا الكتابُ الذي يتجلَّى فيه التطبيقُ أكثر من التَّنظير كون التطبيق هو روح التنظير وميدانَه، وهو النَّفخةَ المتجسِّدة التي تبدو كالثَّمرة التي يمكن الإمساك بها، وتتَّضح فيها الرؤى النظرية لهذا المنهج واقعًا وأفقًا، وبعبارة أخرى فإنَّ "التَّطبيقَ تَنظيرٌ مُنجزٌ".
وثمةَ كُتب كثيرة قد أَدلَتْ باجتهاداتها في الجوانب النظرية مُبيِّنةً ومُفصِّلةً للكثير من تاريخ هذا المنهج، ومرجعياته، ومفاهيمه، ورواده من المؤسسين أمثال: "دي سوسير، (ت 1913م)، وبورس، (ت 1914م)" وجهود المدرستين الفرنسية، والأمريكية، وبقية المدارس العالمية المنبثقة عنهما، وكيف غَدت السِّيميائيةُ سيميائياتٍ متعدِّدةً بطرائقِها في فهم الظواهر وتأويلها وتعاملها مع المعنى، وبعلاقاتها بالأسلوبية، والتأويلية، والتَّداولية وغيرها، وكما وقفتْ تلك التَّنظيراتُ - بما فيهِ الكفايةُ - عند رؤاها الفلسفية وأبعادها التطبيقية لتنطلق منها إلى أنواع الإبداع المختلفة السَّردية، والشِّعرية، والمسرحية، وصولًا بها إلى عوالم الإشهار (الإعلان)، والإعلام، والثقافة بآفاقها الواسعة والمتداخلة والمتجدِّدة.
وباختصار فإنَّ السِّيميائية قد استطاعت أن تتبنَّى مشروعَ عِلمٍ إنسانيٍّ كبيرٍ وطامحٍ، يحتوي حياةَ العلاماتِ داخل الحياة الاجتماعية، ويسعى إلى أن يكونَ لغة إنسانية مشتركة، وسيكون جزءًا من علم النفس العام - كما بشَّرَ بذلك "دي سوسير" في وقتٍ مُبكِّر - وقد خطت السيميائية خطوات ملحوظة، ومتسارعة في هذا السبيل، وتجاوزت تلك النبوءات إلى التطبيق المتشعِّب في شتى المجالات المعرفية والميادين الإنسانية والعلمية.
بين يدي القارئ الكريم خمسةُ أبحاثٍ اتخذتْ من الشِّعر - بنوعيهِ الغنائي والمسرحي - مجالًا لتطبيق المنهج السِّيميائي، وقد نُشِرتْ في صياغاتها الأولى في مجلاتٍ علميةٍ وأكاديميةٍ محكَّمةٍ؛ حيثُ تناولَ البحث الأول: (الحُزن والانبعاث) في الشِّعر السُّعودي المعاصر من خلال ديوان "فينيق الجراح" للشَّاعر محمد عبد الله البارقي أحد الشعراء الشباب في منطقة عسير بالمملكة العربية السعودية.
ووقف البحث الثاني: على رصد "صوت الشِّعر.. صدى الطِّين" قراءة سيميائية في ديوان الشَّاعر سعود بن سليمان اليوسف الموسوم بـ "صوت برائحة الطين" والشاعر صاحب صوت خاصٍّ    – فيما يبدو - يجمعُ بين العمل الشِّعري والتَّخصُّص الأكاديمي.
في حين رصد البحث الثالث: تجربةً يمنيةً لأربعةٍ من الشُّعراءِ والشَّاعرات الشَّباب في المشهد الألفيني الشِّعري في اليَمن تضافرتْ جهودهم على تقديم مشروع مختلف عن قصيدة (التَّعميدة) التي اشتُقَّت تسميتُها من مصطلحي: (التفعيلة، والعمود)، وتنبني على الجمع بينهما في تداخل وتناغم، وقد قام أولئك الشَّبابُ بهذا العمل الجماعي الواعي الذي يقدِّم تجربتَهم بشكلٍ طامحٍ وواضحٍ، وقد سعتِ المقاربةُ إلى بيانِ جهدِهم وطريقتهم من خلال مقاربة العتبات والتشكيل في ديوانهم الموسوم بـ "أَنَاجِيل".
والبحث الرابع: عَالج "سيميائيَّة اللَّون في مسرح صلاح عبد الصبور الشِّعري" وقد كان مقبولًا للنشر في (مجلة دراسات يمنية)، صنعاء، عام 2014م؛ وحالت ظروف اليمن الأخيرة دونَ استمرار المجلَّة، وتوقفت عن الطباعة، لذا يُنشر هنا لأوَّل مرة ضمن هذه الأبحاث، وهو يهتمُّ باللَّون تحديدًا مُتتبِّعًا بأسلوب الإحصاء والمزاوجة مع الأسلوبية وفق المنهج المقترح لبيان دلالات اللون وآفاقه، وكيف وُظِّفَ في نصٍّ مسرحيٍّ شعريٍّ من قِبَل الشَّاعر العربي الكبير صلاح عبد الصبور بما تحمله تجربته من آفاق، ورموز، ودلالات ثريَّة ومتنوعة.
وأما البحث الخامس والأخير: فقد وقفَ عند آخر دواوين الشَّاعر اليمني الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح الصَّادر عام 2018م، عن نادي الباحة الأدبي، وقد عالجت المقاربةُ سيميائيةَ الموضوع من خلال تيماته الكبرى في متواليةٍ دائريَّةٍ تمثَّلتْ في: الزمن والوطن، والوطن والأصدقاء، والأصدقاء والشعر، والشعر والزمن.
وقد كُتِبتْ هذه المقاربات في مراحلَ زمنيةٍ متباعدةٍ نِسبيًّا، وتَطمَعُ اليومَ أن يضمَّها سِمطٌ واحدٌ في هذا الكتاب لتُقدِّم مقارباتها النقدية في استجلاء غواية الشِّعر وعوالمه المدهشة، وقد حاولتْ أن توازنَ بين علميَّة المنهجِ وغايته، ولذَّة الشِّعر وغوايته، وهي معادلةٌ تبدو صَعبةً، ولكن هذا الكتاب يطمحُ إلى تجريب هذه الموازنة، لعلَّها تكون ناجحة.
يذكر أن الدكتور أبو طالب له عدد من الكتب النقدية والإبداعية الشعرية التي تجاوزت (30 إصدارًا حتى الآن)، وهو يعمل أستاذًا مشاركًا للأدب والنقد الحديث بقسم اللغة العربية وآدابها، كلية العلوم الإنسانية بجامعة الملك خالد.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24