الجمعة 29 مارس 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الطريق إلى سُقطرى (3) - صلاح بن طوعري
الساعة 19:40 (الرأي برس - أدب وثقافة)


ها نحن في طريق دكسم، نبحث عن مكان نتكئ فيه، لكن المجانين الخمسة (محمد- سعد- عبدالله- علي- أحمد )، كلما توقفنا في مكان ما، حاموا بك حوله سيرا على الأقدام، وما أن تمر العشر دقائق، أصروا على التنقل إلى مكان آخر. 
في الحقيقة كان لهم هم آخر، ولأصارحك القول يا صاحبي، وصفتهم بالمجانين مدحا لا ذما، ويكفي أنهم استطاعوا إبهاجك! 
نترجل الآن للمرة.. "ما الذي يشغلك؟" خاطبتك إذ شدني تجاهلك المريب فجأة! 
تتأبط الصمت، لكن.. آه لفضولي! جرني إلى التلصص على نوتتك، وأنت تدون كاتبا: 
" في دكسم وحتى اللحظة، مررنا بأماكن غاية في الجمال، واستطعتُ أن أصور 
وألامس تلك الأعجوبة المظلية (أعريب/ شجرة دم الأخوين)، التي لا وجود لها في العالم سوى في سوقطرى،  
ولفصوصها الحمراء العديد من الفوائد: ( وقف النزيف عند الولادة/ وقف نزيف الجرح/ علاج للعيون/ تتزين بها النساء/ الخ..)
وألتقطت أيضا صورا أخرى لأشجار عديدة رائعة، 
مثل (رهينه/ الرمان السقطري): تستخدم ثمارها كعلاج للمعدة بعد طحنها، وتشرب مع اللبن. 
وإلى جانبها كان هناك أشجار تحتوي على ثمار تؤكل مثل ( زوريف. - طق. - عبته.- ضاد.). 
وأخبرني الأصدقاء أيضا، أن هناك أشجار أخرى ليس لها استخدامات مثل 
(مطهن- مترر- بتعهن- عوبب- سوهر- مجالهش) 
وتجولنا لبعض الوقت في مكانين، كانا في غاية الروعة، الأول كانت بركة مائية دائرية آسرة، 
وسط أرض خضراء، تحوم حولها أبقار مختلفة الألوان. 
والآخر كانت بركة مائية وآسرة كذلك، لكنها تميزت بكونها: أصغر حجما، مرتفعة، طافحة بالطحالب، 
تحيطها من كل إتجاه صخورا، وتزينها شجرة بمنظرها الأخاذ، اسمها.. " 
فجأة، تلتفت لي قائلا: ماذا كان اسم تلك الشجرة صاحبة الورود الوردية؟ 
"وووه قندهر، انم عمك هك هوه وحان بوق؟ مس شام (تريمو) 
لصما عنك واه تصال إدهن سوى امبعاله." 
ساخرا منك بالسقطرية، ها قد أجابك سعد على اسمها، ، و.. 
أوووه، ها هو يغضب مني، ليعلل ناظرا صوبك بارتباك وخجل: 
"لا تصدقه هو كذاب، بالعكس.. أنا اللي أحبه أكلمه بالسقطرية" 
يضحك الجميع هنا سواه، لأترجم أنا بخبث ما قاله لك: 
" وا عبدة عربي، ايش قلت لك أنا لما كنا هناك؟ اسمها (تريمو) أنا أفدالك كون ركز سوى" 
تقهقه ملء فمك، ثم تقترب لتهمس له: "ما عليك منه، الأمور طيبة." 
أخيرا، قررنا أن نلبث لتناول وجبة الغداء. 
يجلب محمد الكبش، الذي كان في خانة السيارة، تبتسم أنت قائلا بامتنان: 
- مش عارف ايش أقول لكم، بس والله هذا كثير!. 
ثم بعدها مازحا: - مع أن الغنم و الكباش سعرها رخيص عندكم. 
"- لا لا ما فعلنا شيء وعادنا مقصرين والله. بس للمعلومة فقط بالنسبة لأسعار الغنم والكباش ، ماعاده زي أول .. ارتفع عشر أضعاف!."
كان هذا أحمد بصوته الخجول، لأعلق أنا بعده: "وأخيرا نطق الصامت أحمد." 
فضحكت أنت وأحمد والجميع. 
تحرك سعد وأحمد لجلب الحطب، وتولى علي الطبخ جالبا القدر، وما بداخله من أرز وحوائج،
فيما أطاح محمد بالكبش أرضا، وموجها إياه للقبلة، حز سكينه متمتما بالدعاء، وذبح.   
بمساعدة عبدالله، ها قد سلخ محمد الجلد، ثم فصل العظم عن اللحم،
وبطريقة خاصة فريدة، راح يقطع اللحم إلى ثلاث عشرة قطعة، لكل منها اسم خاص بها!. 
أما أنا، لم استطع مقاومة فضولي، في النظر إلى ما كتبته أنت من ملاحظات، لأقهقه ساخرا من خطك مجددا. 
هذه المرة، لم تلق بال لقهقهتي، بل تجاهلت سخريتي،  ولم تكرر إجابتك القاصفة تلك "والله أحسن من خطك" 
يا صاحبي، أدرك أن داخلك يغلي، لكن لا تنظر للأمر هكذا، فكلانا في محل الضيف هنا! 
ثم أن هؤلاء (المجانين الخمسة) لم يستثنوني مثلك كما تظن؛ 
أنا هنا بجانبك تحت ظل شجرة دم الأخوين العريقة، مكلف بملازمتك، 
لمنع أي عمل تعاوني، قد تفكر أو تنوي القيام به!. 
يتبع...

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24