السبت 20 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ماتَ عبدُالعليم - محمد حسين هيثم
الساعة 09:00 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


وعبدالعليم إذا مات
في أيّ وقتٍ
يموتُ بحرفنةٍ
ويموتُ كما يحلمُ الموتُ أو يشتهي الميتون
يموت كثيراً
كثيرا
يفيضُ من الموت
يمتد موتاً
من المهد شرقاً
إلى الغرب من يومه المرتقب
عبدالعليم إذا مات
يرتد منصعقاً
لا يصدق حشد عزاءاته
كان عبد العليم
يصدق ريبته وحدها
كان يتبع خط توجسه
ويذوّب ايامه في الظلال
ويمشي وحيداً
وإن صادفته المدينة في قلبها
ذات وهج؛
زوى وجهه
وانزوى
واحتجب
عبدالعليم إذا مات
ينهض أعداؤه في الكمائن ، ويأتون من
غيبه
كان يحصي المذلات
أعداؤه ثلة :
رجلٌ غامضٌ في الجريدة
والعسكريُّ
وهذا الغراب الذي فوق ناصية البيت
بقّال حارته
بائع اللحم
والعابر المتلفت
وابن المؤجر في أول الشهر
ثم المؤجر في كل رشفة ماء
وذو الراحة المستطيلة
والجار
والمخبر العسلي
وهذا المدير الخشب
عبد العليم الذي مات
منفرداً
ومديداً
كان يحلم أن سوف يحلم :
أن نساء ...
وأن نهودا...
وأن مناطق معشبة بالتوقد
يحلم أن سوف يحلم :
أن ...
وأن...
وتخرج أحلامه في الصباح
وتجلس في الباص
ترسل بعض الدخان هنا أو هناك
ترتاب من حلم جالس وحده قربها
ثم تنزل نحو الوظيفة
أو تتمشى هنالك بين الفتارين
تبتاع أوتكتري وهمها
تنثني في الأزقة
ناشدة لفتة شردت
شرفة أفلتت آهة
وإذا فاجأته امرأة بين أحلامه
امرأة من عقيق ونار
وسارت تضج بكل حنين النساء إلى يومه
كان ينسل في أفقٍ ممعنٍ في الهرب
عبد العليم إذا مات
يجمع كل بنيه الذين سيحلم
أن سوف يأتون من صلبه
بعد موت طويل
كان يجمعهم حول جثمانه
ويوزع ثروته بينهم :
كل موت تكدس
أو كل رعب
وما جمعته يداه من الريب
أوهامه كلها
والتوجس
كوم الهواجس
ثم يموت كما قد تدرب منذ طفولته
هكذا
دونما
ضجةٍ
او
سبب
وعبد العليم عليم بكل أصول الضيافة
حتى إذا مات
يحمل قهوته
ويوزعها بيديه
ويعزي المعزين
ثم يهيئ أكفانه
ويسير مع النعش
في اول الصف
ويمشي ثقيل الصدى
صامتاً
ويحوقل
ويذرف أوقاته كلها
دفقة...دفقة
ثم من فتحة القبر ينزل
معتذراً
أنه يشغل الآخرين بأوهامه
ويسبب للناس هذا التعب.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24