الاثنين 01 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
الربادي مرة أخرى
الساعة 18:36
أحمد طارش خرصان


لقد جنّبَتْنَا الربادي الإهانة بإرادة صلبة ، ربما استقتها من صرامة الثكنات العسكرية والحروب التي خاضتها تحت شعارات وطنية صرفة .

في الربادي يولد المرء مرتين ، ولذا فهي متخمة بترف الحياة ، الحياة المخضبة بالمجد والولاء لوطنٍ ، تدرك ( الربادي ) أنه سرعان ما يخلفها فريسةً لذكرى وجعها وآلامها المتزايدة ، كلما وضع الخراب أوزاره ، وازينتْ الآمال إيذاناً بمجيء صباحٍ ممتلئ بالأحلام .

تقاوم ( الربادي ) رغبات الهزائم والصلف المقدس ،وتدفع عن تأريخها زحف العار بيقين من أدرك أن المرء لا يموت سوى مرة واحدة ، ولذا فهي تواجه موتها بشرف جنديٍ وهب نفسه للقيم العظيمة والمفاهيم الوطنية السامية. 

لا تعرف الربادي سوى الوسطية الوطنية ، فلا غلوّ في نهجها ولا تطرف في سلوكها.
أقف مكسواً بالخجل من أن أضع عينيّ في عيني الإصلاحي البهي أمين الشفق واليساري العتيد يحي ثابت كرفيقي درب وثورة ، لطالما حلمنا جميعاً بدولةٍ ، نجد في كنفها ما افتقدناه طيلة هذا العمر المتسرب ، وهل بإمكان الربادي أن تغفر لوراف ما ترتكبه بحقها اليوم...؟
كيف يمكنني أن أتأمل وجه الشهيدين حمود أبو أصبع ، وعبدالكريم المخلافي
وهما يسقطان دفاعاً عن حلم جيل بكامله. 

لم تخرْ الربادي ولن تخور وستظل عنوانَ حياة جديدةٍ لا تقبل الإنكسار لهمجيات الموت ، وأذناب العصبويات السلالية والمناطقية التافهة ، ولعل الربادي وهي تنطلق للدفاع عن كرامتنا جميعاً ، لا تلتفتُ لسوى الواجب المقدس ، والذي يضع على عاتقها مهمة دفع الموت عن البلد كلّه ، لا عن منطقة أو جماعةٍ بذاتها. 

تمنحني الربادي مواساتها ، وتكاد تهمس في أذنيَّ قائلةً : لا عليك وكأنها تحفظ لمقاومي وراف صنيعهم ، أولئك المقاومون الذين خذلهم حسن ثقتهم وظنهم الذين كان سيئاً ، إلى الحد الذي كان سبباً في خذلانهم وإجبارهم على الإنسحاب من مواقعهم تحت وابل من الرصاص من أكثر من اتجاه ، بما في ذلك المكان الذي تحول إلى منصة لإقتناصهم ، لا ظهراً يقيهم الرصاص والموت .

تحفظ الربادي للضابط / مالك خرصان ورفاقه المقاومين ما قاموا به من صدٍّ لميليشيا الحوثي - رغم إمكاناتهم البسيطة - وحتى انسحابهم ، لكنها لا تجد تفسيراً ولا تتفهم ، كيف استطاع الحوثيون - دون مقاومة - السيطرة على تبة( الدجاج) السنترال حالياً ، وهل بإمكان من أوكل إليه التمركز في هذه المنطقة أن يمنحها تفسيراً لما حدث...؟

مع كل ما سبق تبدو الربادي أكثر تواجداً من ذي قبل ، ولعل الشهداء الذين قدمتهم خلال حروب الوطن الست مع الحوثيين ، سيكونون دافعاً جديداً لها لمواصلة استماتتها ومواجهة الصلف والهمجية بعينين مفتوحتين على جهتين جهة الواقع الذي يحاول الحوثيون صنْعه على جثث وأشلاء اليمنيين
وجهة المستقبل المعشوشب بالحياة التي تروق البمنيين ، وتمنحهم الطمأنينة الحقيقية
بأن ثمة حياة في كل ما يحدث.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24