الاثنين 08 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
أحمد طارش خرصان
سيرة ربع قرن
الساعة 00:13
أحمد طارش خرصان

خمسة وعشرون عاماً هو العمر العلني للتجمع اليمني للإصلاح كحزب سياسي خاض أكثر من ست دورات إنتخابية ، توزعت ما بين برلمانية ورئاسية ومحلية ، كانت كافية - ربما- لإزالة مخاوف ، علقت بتجمع الإصلاح والتي كانت نتاجاً طبيعياً، للحالة التي عاشها تجمع الإصلاح - بقاعدته العريضة والواسعة - أسيراً للمركزية التنظيمية ، وبروز ما يمكن تسميته بديكتاتورية القرار ، والبوليسية المفرطة في سلوكياته وعلاقاته مع مجتمع ، وجد أن التجمع اليمني للإصلاح لا زال يعيش مرحلة السرية ، والتي دائما ما تخلق عدواً إفتراضياً ، لا يستلزم سوى المزيد من الولاء والمنعة التنظيمية ، والطاعة العمياء لكل ما يصدر عن هيئاته القيادية العليا ، وإلباسها القداسة المُوجبة للتنفيذ لا المناقشة وإبداء الرأي. 

لا يهمنا ما كان عليه تجمع الإصلاح البتة ، بقدر ما يدفعنا ذلك إلى التمييز بين زمنين عاشهما التجمع اليمني للإصلاح ، تطور فيهما أداؤه مواكبةً لتتابع الأحداث التي مرتْ بها منطقتنا العربية عامة واليمن خاصة، وأنت تقف مواجهاً تجربة الإصلاح منذو ظهوره وحتى اليوم ، تجد أنك أمام حزبٍ تمكن بدأبٍ من التوغل في الجغرافيا اليمنية، وبمعزل عن علاقته الشائكة بالنظام الحاكم ، والتي كانت - ربما - بحسب تقدير البعض ، علامة فارقة في تأريخه ، توجها بالإنفصال التام عن النظام الحاكم بزعامة صالح في 2011م ، منخرطاً في صفوف المشترك ليكون الدينامو المحرك لهذا المكون المنضوي تحته كل التوجهات المتضادة ، والتي عدها الكثير من المتابعين لجماعات الإسلام السياسي ، تطوراً نوعياً يستوجب الوقوف عند هذه التجربة بكل انجازاتها وإخفاقاتها، منذو تأسيس اللقاء المشترك وحتى اليوم. 

اليوم وبعد مرور ربع قرن على ميلاده ، يلمس المتابع التحول الكبير والتطور في أداء الإصلاح كحزب ، تمكن اليوم من أن يكون حزباً ثوريا بامتياز ، ولعل هوس الحوثيين وصالح في أذية الإصلاح ومحاولة خنقه ، منح الإصلاح مناعةً ضد هذا الصنف من الأذى ، وجعل الإصلاح أشبه بحزب ثوري ويساريٍ ، كتلك الأحزاب والجماعات التحررية في أمريكا الجنوبية ، إعتماداً على حجم الإنتهاك الذي تعرض ويتعرض له الإصلاح وأعضاؤه وأنصاره وناشطوه وقياداته، من قبل آلة العنف الهمجية التابعة لتحالف (صالح /الحوثي) .

لقد أثبت الإصلاح خلال مسيرته التي توجها بثورة فبراير 2011م ، قدرته في تقديم مصلحة البلد على مصالحه الذاتية ، والتعامل مع متغيرات الواقع بوطنيةٍ عالية ، يشهد بذلك موقفه الأخير إبان اجتياح الحوثيين لصنعاء في سبتمبر من العام الماضي ، محنياً رأسه لعاصفة الموت المدفوعة الأجر والمعدة سلفاً ، مؤثراً عدم الدخول في صراع ، كان يدرك أنه المستهدف الوحيد والفريسة الوحيدة ، في مضمار الأحقاد المضادة والثارات العمياء. 

ربما ينفرد الإصلاح عن بقية الأحزاب المعارضة لتحالف الحوثي / صالح ، في الكم الهائل من الإنتهاكات التي طالتْ قياداته وناشطيه وأعضاءه وأنصاره ، ولعل تقارير المنظمات الحقوقية اليمنية والدولية ، تبرز بوضوح حجم الإنتهاكات التي تعرض لها الإصلاح كحزب سياسي ، ما زال الكثير من قياداته وناشطيه رهن الإختطاف في سجون وأماكن ، يرفض الحوثيون وصالح الكشف عن مصيرهم حتى اللحظة .

لقد قدم الإصلاح الكثير من قياداته كثمن لهذا الموقف المقاوم لصلف الحوثيين وأحقادهم ، ولازال يقدم ويبدي إستعداده لتقديم الكثير من التضحيات ، إيماناً بواجبه وانتصاراً لقيم الحرية ، ورفضاً للعودة إلى العبودية تحت أي مسميات أو مرجعيات ، لا تستهدف سوى صناعة ديكتاتوريات قادمة بغيضة ومستهجنة. 

للإصلاح الكثير من المثالب ، لكنها - برأيي - لا تقلل من مكانة وحضور وتواجد هذا الحزب ، وأثره في الساحة السياسية اليمنية. 

للتجمع اليمني للإصلاح التحية ولأعضاءه وأنصاره - بعيداً عن مواقفهم المسيئة - وافر التقدير وأمل التحرر من قبضة العباءات البالية والقداسات القاتلة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24