الاربعاء 03 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
د/عبدالله أبو الغيث
بعد سنةٍ من حرب اليمن.. هل اقتنعت أطرافها بحتمية السلام؟
الساعة 22:33
د/عبدالله أبو الغيث

في أواخر هذا الشهر (مارس 2016م) ستكتمل سنة وافية على حرب اليمن بشقيها الداخلي والخارجي. وذلك ما جعلنا نطرح السؤال أعلاه في عنوان المقالة.

   والسؤال المذكور لا ينطلق من فراغ، لكنه ينبني على شواهد ملموسة على الأرض هنا أو هناك، لعل أهمها اللقاء الذي تم قبل أيام بين قيادات سعودية وحوثية في مدينة أبها. وذلك بعد أن كان الجانب السعودي يرفض الالتقاء بالحوثيين، ومثله الجانب الحوثي الذي كان يشنع بمن يذهب إلى السعودية من الأطراف اليمنية.

   ولسنا هنا بصدد ترويج مزاعم الانتصار التي حدثت لهذا الطرف أو ذاك جراء ذلك اللقاء كما تحاول الأطراف المختلفة فعل ذلك، وكل منها يريد أن يصور نفسه بأنه الطرف الرابح من تلك الخطوة، وإن كان ذلك من وجهة نظرنا يعد أمراً طبيعياً يمَكّن أطراف الحرب أن تبرر لجمهورها الخطوات التي سيتحتم عليهم عودتها نحو الخلف.

   ونكاد نجزم بأن جميع أطراف هذه الحرب الملعونة قد وصلوا إلى قناعة كاملة – حتى وإن لم يعلنوا ذلك – باستحالة الحسم العسكري لأي من أطرافها.

   فالتحالف الخليجي ومعه هادي وحكومته والعديد من الأطراف اليمنية الأخرى عجزوا عن تحقيق الإدارة الناجحة وتوفير الأمن والخدمات المختلفة في المناطق التي تمكنوا من استعادتها من يد حلف الحوثي وصالح، حتى أنهم لم يستطيعوا فعل ذلك على مستوى مدينة عدن بمساحتها المحدودة، التي اتخذوها عاصمة لهم، وصارت الهجمات اليومية تصل إلى بوابة القصر الرئاسي في المعاشيق.

   إلى جانب الضغوطات الداخلية والخارجية على الدول الخليجية التي تقود قوات التحالف (خصوصا السعودية والإمارات) التي تطالبها بوقف حربها في اليمن، مع ما بدا بينهما من تناقضات جعلت كل منهما يريد أن يكيف الأمور في اليمن لصالحه وصالح الأطراف اليمنية القريبة منه. 

   ومثله حلف الحوثي وصالح الذي سقطت رهاناته على الصمود بعد أن وصلت القوات الموالية لهادي والتحالف الخليجي إلى مشارف صنعاء، وبعد أن أيقنوا بأن مشائخ القبائل المحيطة بصنعاء قد بدأوا بترتيب أوراقهم مع القادمين الجدد، خصوصا بعد تكليف على محسن الأحمر بمنصبه العسكري الجديد من أجل الوصول إلى تلك الغاية.

   ويدرك الحوثي وصالح أكثر من غيرهم بأن أولئك المشائخ دوما يلعبون بالورقة الرابحة، ويناصرون الطرف الغالب من وجهة نظرهم، فذلك ديدنهم عبر التاريخ، وفي يوم ما ردوا على من عاتبهم لكونهم ذهبوا للقتال مع الإدريسي ضد يحيى حميد الدين إمام مذهبهم، فقالوا له: الإمام يحيى إمام المذهب والإدريسي إمام الذهب.

   لذلك يوقن الحوثي وصالح بأن هؤلاء المشائخ الذين كانوا يعولون عليهم سوف يبيعونهم كما باعوا لهم الإصلاح وهادي من قبل، وأنهم سيصنعون للقادم الجديد الكبسة ؛ ربما في نفس أواني الطبخ التي صنعوا بها الكعك لجماعة الحوثي.

   ولعل التصريحات العلنية لبعض القيادات الحوثية الرافضة للمزايدات الإيرانية في اليمن قد جعلتهم يدركون بأن إيران لن تتردد بالتفريط بورقتهم إن حصلت على تنازلات في مناطق أخرى تعتبرها أكثر استراتيجية وحيوية لها، وذلك ربما يجعلهم يفكرون بمصلحتهم ومصلحة أعوانهم وأنصارهم قبل التفكير بمصلحة أي طرف آخر.

   إذا أضفنا لذلك حقيقة أن الأغلبية الساحقة للضحايا الذين تقتلهم أسلحة الأطراف المتحاربة هم من المدنيين المسالمين وليس من أطراف الخصوم، مع ما يمثله استمرار الحرب من انهيارٍ لما تبقى من مؤسسات الدولة اليمنية (المنهارة أصلاً) وإدراكهم بأن ذلك سيصب وبالاً فوق رؤوس الجميع.

   كل ذلك يجعلنا نتفاءل ببوادر قد تكون تختمر هنا وهناك مبشرة بوقف حرب اليمن التي أهلكت الحرث والنسل، بعد أن أدركت أطراف تلك الحرب استحالة الحسم وحتمية خيار السلام، وهو ما كنا ننادي به منذ أن بدأت هذه الحرب، في مقالات كثيرة متوفرة على النت لمن أراد العودة إليها.. ومازلنا وسنظل على ذلك الدرب، لأننا نرفض الدعوات الشبقية لرؤية مناظر الدماء والخراب من أي طرف كانت.

    •    وقفات مع الحرب :
= للمراهنين على إحداث انشقاق في حلف الحوثي وصالح نقول: الحلف بين الطرفين استراتيجيا وليس تكتيكياً، وما يبدو على السطح تبادل أدوار وليس أكثر.. ليفهم ذلك من يسمون أنفسهم ب (المحللين السياسيين والعسكريين).

= للمبشرين بالحسم العسكري لهذا الطرف أو ذاك نقول: الحسم لا يمكن أن يتحقق إلا في تحليلات ما بعد التخزينة، وحتى إن تم فهو فقط سيمهد لدورات صراع جديدة، كما حدث مع غيره من الحسومات المتعجرفة من قبل.. اقرأوا التاريخ.

= للداعين من أجل اقتحام صنعاء وتدميرها انتقاما من الحوثي وصالح على ما فعلوه في مدن أخرى مثل تعز وعدن نقول: صنعاء ليست ملكا للحوثي وصالح وأنصارهما، صنعاء ملكاً لكل أبناء اليمن من المهرة إلى تهامة، فلا يوجد محافظة (وربما مديرية ) في اليمن لا يمتلك بعض أبناؤها منازلا في صنعاء.. فكفوا.

= للراغبين في استمرار حرب اليمن إلى مالا نهاية رغبة باستمرار مكاسبهم الحرام كتجار لتلك الحرب نقول:  (وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) صدق الله العظيم.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24