السبت 06 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
د/عبدالله أبو الغيث
بين الإصلاح والحوثي والسعودية وإيران
الساعة 16:00
د/عبدالله أبو الغيث



    من سينظر لخطاب (السيد) عبدالملك الحوثي الذي ألقاه يوم أمس من وجهة النظر الحوثية سوف يؤيده في معظم الكلام الذي ورد في حديثه، لكن من سينظر إليه من وجهة النظر المغايرة فسيعارض معظم ما ورد فيه.
 

 خلاصة الخطاب كانت عبارة عن هجوم شديد اللهجة على حزب الإصلاح محلياً، وعلى المملكة العربية السعودية إقليمياً، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية دولياً. وإذا كان بإمكاننا أن نأخذ حديثه عن الإصلاح والسعودية على محمل الجد، فذلك غير ممكن بخصوص حديثه عن أمريكا لمعطيات صارت واضحة أمام الجميع.

   وإذا أخذنا التهم التي وجهها ضد الإصلاح والسعودية من وجهة نظره وردينا عليها من وجهة النظر المغايرة، سوف نصبح أمام علامات استفهام عديدة.

   فهو قد تحدث عن سلطات الدولة اليمنية السابقة له التي باعت اليمن للسعودية بثمن بخس، حيث أن كل ذلك الانبطاح أمام السعودية لم يغدق الرفاهية على الشعب اليمني. لكن الحوثي بالمقابل لم يحدثنا عن نوع الرفاهية التي ستغمر الشعب اليمني جراء تحويل دفة ولاء الدولة اليمنية صوب إيران.

   فالمعروف أن المساهمة الإيرانية في ميزانية الدولة تكاد تنعدم، وكان أنصار إيران يبررون ذلك برفض الحكومات اليمنية السابقة لذلك الدعم خدمة للسعودية، ولا ندري ما الذي يمنع وصول ذلك الدعم الآن وقد صارت خزينة الدولة اليمنية تحت سيطرة حليفها الحوثي، خصوصاً أن ميزانية الدولة اليمنية صارت في أمس الحاجة لمثل ذلك الدعم.

   ورغم رفضنا لممارسة العمالة لأي طرف خارجي كائناً من كان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ألا تظل العمالة مقابل ثمن بخس خير من العمالة بدون مقابل؟!

   وقد وجه الحوثي اتهاماته لبعض القوى السياسية اليمنية بأنها تتصرف مع الملف اليمني خدمة لبعض القوى الخارجية، لكننا لم نحصل منه على رد بخصوص التهم الموجهة لأنصار الله الحوثيين بأنهم يُصَعِدون في الملف اليمني ويتشددون في مواقفهم خدمة لحليفهم الإيراني، بحيث يمنحوه ورقة للضغط على السعودية في الملف السوري.

   وكان غريباً اتهام الحوثي للإصلاح بأنه من يؤجج الورقة الطائفية والمذهبية في اليمن مع أنه قد فاقه في ذلك الجانب، فلم نسمع مثلاً في تاريخ الإصلاح والإخوان أنهم قد فجروا مسجداً أو مدرسة لتحفيض القرآن لمخالفيهم في المذهب، بينما فعل الحوثي كل ذلك، بل وفاق في ذلك حتى القاعدة التي لم نسمح أنها قد مارست في اليمن شيء من ذلك القبيل.

   اتهم الحوثي الإصلاح صراحة وتورية بأنه هو من يعرقل الحوار الدائر بين القوى السياسية، رغم أن الإصلاح كان آخر الأحزاب المنسحبة من ذلك الحوار (التفاوض)، ولولا أن بعض الأحزاب الأخرى قد أحرجته وأعلنت أن انسحابها يأتي رفضاً لاعتقال الحوثي لبعض قادة الإصلاح ربما لم يكن الإصلاح ليفعلها.

   مارس الحوثي في خطابه المشار إليه التهديد المعلن والمبطن لاتخاذ خطوات ضد الإصلاح مازال يؤجل استخدامها حتى اللحظة، علماً بأن كل هذا التركيز الحوثي على الإصلاح يشكل اعترافاً بالقدرات التي يمتلكها الإصلاح وقوة تأثيره، ولولاء ذلك لما أبه الحوثي بما يفعله الإصلاح. وتلك الخطوات التي يهدد بها الحوثي نعتقد بأنها لن تخرج عن ثلاثة إجراءات، إن استبعدنا الصدام العسكري بين الطرفين، بعد أن أحرق الإصلاح هذه الورقة برفضه اللجوء إليها:

   فإما أن يعتقل كل قادة الإصلاح، وهو يدرك جيداً أن خطوة مثل تلك ستجعل السحر ينقلب على الساحر، حيث سيصبح في موجهة قيادات جديدة متحررة من أثقال الحسابات والمخاوف التي تقيد القيادة الحالية وتمنعها من اتخاذ خطوات تصعيدية تناسب القدرات الحقيقية التي يمتلكها الإصلاح.

   أما إن قرر الحوثي اللجوء للخطوة الثانية، وقام باعتقال كل الإصلاحيين، فهو يعرف بأن سجونه لن تتسع لهم، فأعضاء الإصلاح يفوقون المليون حسب تقديرات خصومهم، وكل عضو يقف من ورائه على الأقل خمسة أشخاص يشكلون أفراد أسرته.. أترك لكم اتمام العملية الحسابية لمعرفة العدد.

   أما الخطوة الثالثة فستتمثل بإعلان حل حزب الإصلاح، ومثل هذه الخطوة سبق وأن لجأ لها نظام السيسي في مصر ضد جماعة الإخوان المسلمين وحزبهم، ورغم وقوف كل مؤسسات الدولة المصرية بقضها وقضيضها من خلفه، ومعها تأييد ودعم إقليمي ودولي يفتقده الحوثي، مع استخدام كل أنواع التنكيل المعروفة ضدهم، إلا أن كل ذلك لم يمنع الإخوان من شل حركة الدولة المصرية بعد مرور قرابة عامين من الانقلاب عليهم. وبالأمس فقط كان الرئيس المصري يجتمع مع الإخوان المنشقين لدراسة الطرق الناجعة لكيفية اتمام المصالحة مع جماعة الإخوان، خصوصاً وقد ازدادت الضغوط الخارجية عليه لإتمام تلك المصالحة.

   إذا الحل يكمن في مصالحة حقيقية كاملة بين جماعة الحوثي وحزب الإصلاح، مصالحة تبتعد عن لغة التخوين والتهديد والوعيد فهي لم تعد مجدية. مع عودة كل الأطراف السياسية اليمنية إلى مائدة الحوار، بشرط أن يبتعد هذا الحوار عن الإملاءات والاستقواء بالقوة، وينتج لنا شراكة حقيقية تستوعب كل ألوان الطيف اليمني.

   خلاصة القول: لنتفق على رفض جميع أنواع العمالة للخارج بكل أشكالها، فلا يوجد عمالة مذمومة وعمالة محمودة. ونرفض جميع أنواع التعصب والمغالاة في تقديس الذات، فكلها مرفوضة مرفوضة مرفوضة.. فليس من الحكمة أن نعيب على الآخرين ما نمارسه نحن.

   مسك الختام: يقول الله سبحانه وتعالي [قل أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم] ويقول [يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون].. ولاحظوا بأن الخطاب في الآية موجه للمؤمنين وليس للعصاة أو الكافرين.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
1
2015/02/27
الورافي
أحسنت في قراءتك لخطاب
أحسنت في قراءتك لخطاب"السيد"كنت موضوعيا أومحايدا لم تؤول مالم يقصده الخطاب،ولم تقول "السيد"مالم يقله،بل جععلت جزءا من الخطاب يحاكم جزئه الآخر . لكن "السيد" لم يكن المعد للخطاب،بل قارئه وهو المتحمل لمسؤلية ما ورد في الخطاب .طبعا الكاتب يعرف أن الخطاب موجها لتعبئة "شقاته"أو مايسمون" ب"مقعيي الشاصات" أما غيرهم في الداخل والخارج فلا يأخذون بما تضمنه الخطاب مأخذ الجد كونه يناقض بعضه البعض،وهذا لايمنع من إستهدفهم من غير"أتباعه" أن يردون عليه بخطابات متلفزة ليردون إليه بضاعته،وأخص بالذكر الرئيس هادي حيث أن مايعاب عليه هو ندرة إطلاع الشعب الذي فوضه بكل مايعيق إيفائه بما فوض من أجله.فالمثل يقول بغياب القط يلعب الفأر.
2
2015/02/27
الورافي
أحسنت في قراءتك لخطاب
أحسنت في قراءتك لخطاب"السيد"كنت موضوعيا أومحايدا لم تؤول مالم يقصده الخطاب،ولم تقول "السيد"مالم يقله،بل جععلت جزءا من الخطاب يحاكم جزئه الآخر . لكن "السيد" لم يكن المعد للخطاب،بل قارئه وهو المتحمل لمسؤلية ما ورد في الخطاب .طبعا الكاتب يعرف أن الخطاب موجها لتعبئة "شقاته"أو مايسمون" ب"مقعيي الشاصات" أما غيرهم في الداخل والخارج فلا يأخذون بما تضمنه الخطاب مأخذ الجد كونه يناقض بعضه البعض،وهذا لايمنع من إستهدفهم من غير"أتباعه" أن يردون عليه بخطابات متلفزة ليردون إليه بضاعته،وأخص بالذكر الرئيس هادي حيث أن مايعاب عليه هو ندرة إطلاع الشعب الذي فوضه بكل مايعيق إيفائه بما فوض من أجله.فالمثل يقول بغياب القط يلعب الفأر.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24