الخميس 04 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
عبد الكريم المدي
إعلان الحرب ..!
الساعة 19:04
عبد الكريم المدي



لسنا ضد أن تكون عدن ، أو المكلا ، أو تعز ، أو الحديدة عاصمة للجمهورية اليمنية ، فجميعها تستحق أن تكون عاصمة وبدرجة إمتياز ، وخاصة عدن التي تمتلك الكثير من المقومات الفريدة التي تؤهلها لهذه المكانة ولعب الدور  ، ويكفيها الموقع الجغرافي الاستراتيجي، والمدنية اللذين تتميز بهما ، لكن أن يتم إعلانها، رغم رمزيتها وعدم دستوريتها ،  عاصمة من طرف الأخ / عبدربه منصور هادي ، في وقت وظروف بالغة التعقيد والحساسية كهذه التي نعيشها، إنما يعني أمرين وهما، إطالة أمد الأزمة ونقل الصراع وتوسعته لمناطق أكثر ، وإعلان الحرب ، فلا نستبعد أبدا، أن تنفجر مواجهات عنيفة في مأرب التي يوجد فيها أكثر من (30) ألف مقاتل من كل الأطراف والجميع ، طبعاً يعلمون إنهم، ليسوا في نزهة ، وإنما مستعدون للقتال وممسكون على الزناد بإنتظار التوجيهات وساعة الصفر ،ولن يتوقف الأمر عند مأرب فحسب ، بل سيمتد ويشمل شبوة وحضرموت ويتسع للبيضاء ، وما المانع من وصوله بشكل ، أو بآخرلعدن ولحج اللتان صارتا مدججتان بالمسلحين والسلاح وعلى أهبّة الاستعداد للقتال  ..وغير بعيد هناك جمر تحت الرماد ومعركة متوقعة لحد كبير في الضالع كبوابة للحج وعدن وفي المقابل جبهة البيضاء - يافع ستمنّان المعركة عموما بحطب ووقود كثيروكافي..

وفي خضم كل هذا الجنون سيدخل وبصورة مباشرة ومعلنة تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وفروع داعش وبوكو حرام ، وحركة الشباب الصومالية ،وغيرها ، وستستقبل أرض السعيدة وبلد الحكمة ، المراهقين والمراهقات والمجرمين والمجرمات من استراليا وأميركا وكنداء وفرنسا وبريطانيا والنرويج والسويد  والشيشان وحسنوات النمساء وألمانيا والتشيك المسكونات برغبة وخوض تجربة جهاد النكاح وتسجيل ونشر أفلام جزّ الرؤوس وحرق الناس أحياء..

في تقديري إن وضع كهذا لا يحتاج لقرارات وخطوات من هذا النوع ، مهما بدى في ظاهرها على أنها رمزية ، أو مجرد ضغوط تمارس ضد هذا أو ذاك، فحساسية الوضع قد يتم اشعالها بأصغر عود ثقاب ولو كان حتّى مبللاً بالماء ، سواء من قِبل الإعلام ، أو الجماعات المسلحة،  أو القبائل ، أو أصحاب النفوذ والمصالح المتضررة، وعشّاق الفتن ، أو أدوات الخارج الذين ينفّذون أجندته ومصالحه وتدخلاته  وإدارة صراعاته .

هناك تساؤل مهم يطرح نفسه في هذا السياق وهو : هل تعلمون ماذا يعني - مهما بدى رمزياً -  نقل العاصمة بصورة مؤقتة إلى عدن ، أو أي مدينة أخرى، سيما وهناك رغبة إقليمية واضحة ومعها بعض الأطراف الدولية الفاعلة ،التي اعلنت موقفها من دعم هادي وتكلمت كثيراً عن حول هذا الأمر وعن مفردات الشرعية وماشابه ذلك ؟!

هذا الإعلان يعني - رعاكم الله -  إن البنك والصندوق الدوليين والبنوك والصناديق الأقليمية والدولية وكل المعاملات التجارية والمالية والتحويلات ستكون عبر البنك المركزي ( المقرّ الرئيسي - عدن) ويعني - أيضا - إن المساعدات الخاريجة والقروض - إذا كان هناك من يزال مستعدا لتقديم الدعم - سيتم - أيضا - عبر عدن ، وإن الحكومة الشرعية التي تمثّل اليمن وتدير المفاوضات وتعقد الاتفاقيات وتقوم  بالزيارات الخارجية باسم حكومة الجمهورية اليمنية ، أو كما يقولون الدولة الاتحادية ، ستكون من عدن ، ويعني هذا - أيضا - إن قيمة - ما تبقّى من صادرات نفطية وغازية - سيتم توريدها لحساب البنك المركزي اليمني في عدن ، وهذا يعني - أيضا -  إن الإيرادات الضريبية والجمركية والواجبات الزكوية وتحصيل الرسوم من المحافظات التي صارت تعترف بعدن ، كعاصمة وخلونا نكون صرحاء ، المحافظات التي لم تخضع لسلطة " أنصار الله " ستقوم بتوريد كل تحصيلاتها المالية لصالح المالية والبنك المركزي في عدن .

بمعنى أدق وأوضح سيتم عزل المناطق التي تحت سلطة أنصار الله ، بكل ما في الكلمة من معنى ، سيتم عزلها،  سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً ، داخلياً وخارجياً، وبعد أن ينتهي الاحتياطي من البنك المركزي / فرع (صنعاء) توكلوا لكم على الله ، واغسلوا أيديكم من أي دسومة لآخر راتب حصلتم عليه ، ولا تنسوا من أن تحتفظوا لكم ،  للذكرى والتاريخ،  بورقة من فئة الألف الريال ، وتضعونها في برواز وتكتبون عليها كترجمة تعريفية بسيطة :" آخر عملة ورقية من آخر راتب تقاضيته من حكومة  ودولة الجمهورية اليمنية ".. 

أقول الأمر هذا خطير وسيقود لحرب شالمة إذا لم يعِ الجميع أبعاده وما سيقودنا إليه من فتن وصراعات لا آخر لها ، ومواجهات على كافة المستويات ، الجوع كافر والفقر كافر وصراع المصالح كافر والسياسة الإنتهازية  كافرة والجهل بالحقائق وتحديات ومخاطر السياسات الخرقاء وتصفية الحسابات كافرة ..
لا مجال لمزيد من التعنت  والمقامرة باليمنيين ، ولا مجال  للمجازفات.. تعقلوا وقولوا جميعاً ، قولاً وعملاً ،  نعم للحوار والشراكة الوطنية والانتخابات .. ولا ألف ألف مرة للعنف ولغة البنادق والميليشيات والإملاءات الخارجية.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24